كـتـاب ألموقع

الامم المتحد بين شرعية الحق وشرعية القوة// د حسين الديك

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. حسين الديك

 

عرض صفحة الكاتب

الامم المتحد بين شرعية الحق وشرعية القوة

د. حسين الديك

ستانفورد – كالفورنيا

 

جاء انشاء هيئة الأمم المتحدة في العام 1945 من قبل المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، وجاء في اهم مقاصدها وفي ديباجة الميثاق حفظ الامن والسلم الدوليين واحترام حقوق الانسان، واستنادا الى كافة المبادئ والاعلانات الصادرة عنها والتي تدعو لقيم الحرية والعدالة والمساواة بين الناس وعدم التمييز على أي أساس كان، جاء هذا في النصوص الصادرة عن تلك المنظمة الدولية و بموافقة الأعضاء بالأغلبية فيها.

 

 ولكن هذا الظاهر والمعلن في الاستناد الى القيم العليا والمبادئ السامية، وفي الأهداف والغايات وعمل المؤسسات التابعة لها، ورغم الإنجازات الكبيرة في المجالات البيئية الاغاثية للمنظمة الا ان هناك جانب اخر مظلم لتلك المنظمة لا يتحدث عنها الناس وقد لا يرونه بالعين المجردة.

 

فقد كانت تلك المنظمة أداة تعبر عن مصالح الدول الكبرى وخاصة الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن، فاحتكار التمثيل الدائم في مجلس الامن للدول الدائمة العضوية الخمس هو احتكار للقرار السياسي العالمي، فلم تكن في يوم من الأيام تعبر هذه المنظمة عن شرعية الحق والعدالة بين البشر في كافة ممارساتها، وهي فقط مؤسسة تخدم مصالح الأقوياء والمنتصرون في الحرب العالمية الثانية ، وليس في شرع اهل الغاب للضعفاء مكان، فلم تكن حيادية يوما ما، ولم تقف الى جانب الحق والعدالة يوما ما، ولكنها تقف الى جانب حقوق الأقوياء والمنتصرون الذين يسخرونها لخدمة غاياتهم واهدافهم الضيقة غير عابثين بحقوق الضعفاء وأصحاب الحق الشرعيين في أي قضية سياسية دولية، ومتى ارادت تلك الدول تستخدم تلك المنظمة وعندما لا تريد تتخلى عنها، وهنا يحضر قول رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر في العام 1982م خلال حرب الفوكلاند بين بريطانيا و الارجنتين حين وجه لها سؤال لما لا تذهب بريطانيا الى الأمم المتحدة لحل المشكلة مع الارجنتين  فأجابت  ان الأمم المتحدة حي فقط للعرب وللضعفاء من امثالهم.

 

ومن هنا ان ارادت تلك الدول العظمى استخدام تلك المنظمة في غاياتها وأهدافها فتستخدمها وبشكل شرعي وفقا لمصالحها، وعندما لا تريد فهي تستخدم القوة العسكرية لتحقيق أهدافها وغاياتها دون أي اكتراث بالأمم المتحدة ومؤسساتها، فهي تستخدم سيف قرارات الأمم المتحدة لنهب خيرات وثروات الدول الضعيفة متى تشاء، وتتخلى عن قرارات الام المتحدة متى تشاء اذا تعارضت مع مصالحها ومصالح حلفائها، ولنا في الموقف الروسي والامريكي من القضايا الدولية الإقليمية خير دليل على ذلك.

 

ومن هنا فانه لا يوجد في عالم اليوم سوى شرعية واحدة وهي شرعية القوة، وما يحكم العلاقات الدولية هو قانون الغاب والبقاء للأقوى، وعندما تحدث كارل ماركس عن القانون وقال ان القانون يصنعه الأقوياء ويطبق على الضعفاء كان محقا في ذلك، فشرعية الأمم المتحدة بعد هذه السنين الطويلة أصبحت على المحك وثقة شعوب العالم بها أصبحت معدومة، فلا شرعية لمبادئ الحق والعدالة والمساواة التي تروج لها، بل ان الشرعية الحقيقية للقوة والاقوياء، فالقانون الدولي يعبر عن مصالح دول كبرى ولا يعبر قيم ومثل واخلاقيات ومبادئ عامة، وصفة الشرعية والامتثال لقرارات تلك المؤسسة الدولية الأممية أصبحت معدومة وغير موجودة وخاصة ممن اسسوا تلك المنظمة فهم اول من اختراق ميثاقها ومبادئها.

 

فالأمر اليوم ليس مفاضلة بين شرعية وأخرى، بل هو امر واقع مؤسسة اممية دولية تستند الى قوة المنتصرون والاقوياء في الحرب العالمية الثانية، ولم يبق أي شيىء من العدالة بان تتحكم تلك الدول بمصير شعوب العالم قاطبة، ومن اعطها هذا الحق؟؟ وكيف تستمر بهذا وبقبول دولي وعالمي؟؟ فهذه الهيئة الأممية الدولية أصبحت اليوم لاتعدوا عن كونها بالونا من الهواء يشغل حيزا كبيرا ولكنه ليس له أي تأثير يذكر.

 

فقد عززت تلك المنظمة الأممية شرعية القوة وقانون الغاب على حساب القيم والمثل والعليا والمبادئ السامية وعلى حساب حقوق الضعفاء والمعذبين في كافة بقاع الأرض، فالشرعية اليوم هي للقوة والبقاء للأقوى، ولا شرعية للحق واصحابه في عالم تسوده شريعة الغاب.