كـتـاب ألموقع

التشكيك بالانتفاضة ليس وجهة نظر بل إهانة لدماء الناس!// علاء اللامي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

علاء اللامي

 

عرض صفحة الكاتب

التشكيك بالانتفاضة ليس وجهة نظر بل إهانة لدماء الناس!

علاء اللامي

كاتب عراقي

 

لا أعتقد أن هناك ثورة أو انتفاضة في التاريخ ظلمت كما ظلمت انتفاضة تشرين العراقية الباسلة، وافتريَ عليها وأسيءَ إلى شهدائها الأماجد، فقد انهالت عليها الاتهامات والتشويهات والتشبيهات البشعة منذ أول يوم لها وحتى الآن، ليس من أعدائها الطبيعيين من رجال النظام وأحزابه مليشياته والمنتفعين من فتاته فحسب بل أيضا من أناس كنا نظنهم الأقرب إليها.

 

ولقد كان على المنتفضين أن يقاتلوا على عدة جبهات: ضد القوات القمعية والقناصين، وضد التشويهات والظلم الذي صبته أجهزة الإعلام والمخابرات العراقية الرسمية والإيرانية ووسائل الإعلام الممولة من إيران، وأيضا من كتاب كانوا يصَنفون كتقدميين ومعادين للمحاصة الطائفية الرجعية والتبعية للغرب الإمبريالي، ولكنَّ رفض المنتفضين للنظام وحماته الأميركيين والإيرانيين خدش "تقدميتهم" فسارعوا الى الاصطفاف مع وسائل الإعلام التابعة والذيلية وأصبحت مهمتهم الدفاع عن إيران ظالمة أو مظلومة وليس عن الشعب العراق الذي يقمع بدموية ندر مثيلها أمام أنظارهم وأنظار العالم المتفرج كله.

 

لهذا أيضا، كان على الانتفاضة أن تقدم الدليل تلو الدليل على انها انتفاضة شعبية أصيلة وسلمية ومعادية للنظام الطائفي ولجميع الدول التي أنجبته وحمته وفي مقدمتها أميركا عدوة الشعوب ولإيران التي تهيمن عليه وتقدم مصالحها على مصالح الشعب العراقي بغباء واستهتار وأنانية طائفية وقومية بشعة! إن انتفاضة تشرين سيسجلها التاريخ كمأثرة بطولية لا سابقة لها ببسالة وشجاعة ووعي من قاموا بها وبشعاراتهم الكبيرة والعميقة، وأيضا بكونها الأغلى ثمنا من الناحية الإنسانية بعد ارتقاء أكثر من ثلاثمائة شهيد وسقوط أكثر من عشرة آلاف جريح وبكونها الضحية الأكثر تعرضا للظلم والتشويه والافتراء والطعن في الظهر! كل هذه الدماء التي سالت والتي تسيل وهناك من يواصل الإمساك بعدسة شرلوك هولمز المكبرة وينبش في الجراح وسط تصفيق صفيق من ذوي المخصصات والرواتب والامتيازات المهددة بالزوال بسقوط النظام؟!

*كل هذه الدماء التي سالت وعبثا بحثوا ويبحثون عن شعار واحد او هتاف واحدة يمكن تفسيره على أنه لمصلحة أميركا او إسرائيل أو السعودية بل أن الأمثلة على ما هو نقيض ذلك كثيرة جدا!

*كل هذه الدماء التي سالت وهم يبحثون عبثا عن إشارة واحدة منها أو من متظاهر بارز واحد فيها على التطبيع أو المداهنة للكيان الصهيوني ولم يجدوا شيئا!

*كل هذه الدماء التي سالت وهم يبحثون عبثا عن إشارة تمجيد واحدة لنظام البعث الصدامي والتبشير به وبرموزه وشعاراته فلم يجدوا، فلا صورة واحدة للدكتاتور المعدوم رُفعت في تظاهرة، ولا علم نظامه القديم لوح به أحد المتظاهرين داخل العراق، ولم يهتف باسمه او اسم حزبه أحد، على العكس من ذلك رأينا وقرأنا اللافتات العملاقة على المطعم التركي وساحة الحبوبي في الناصرية وهي تقول له ولنظامه ولأميركا ومعها إيران لا وألف لا!

 

لقد أثبتت انتفاضة تشرين المجيدة وبعد مرور أكثر من أربعين يوم على انطلاقتها في مطلع تشرين الأول، وانتقالها من موجتها الأولى التي أغرق بدماء مجازر أيام الستة برصاص القنص، وصولا إلى ذروة موجتها الثانية، أنها أشرف وأنبل انتفاضة في تاريخ العراق كله، وهي لا تقل شأنا عن ثورة العشرين ضد الاستعمار البريطاني من حيث جوهرها ومظاهرها، وطوال هذه الأيام البطولية لم يقدم جيش المشككين والمشنعين والمتهِمين ضدها وضد أبطالها أي دليل ملموس يستحق النقاش بدءا من تخرصات قيس الخزعلي وقصة الانقلاب العسكري الأميركي المزعوم بعد تظاهرات تآمرية متفق على موعدها، مرورا بقصة الاتفاق الصيني الذي أغضب أميركا فقررت إسقاط عبد المهدي "بثورة ملونة" يقوم بها جواسيسها العراقيون، وليس انتهاء بالفيديوات والصور المفبركة أو القديمة المحدثة حول نسخة عراقية من الربيع العربي و"المنفذة بحرفية عالية ما يثبت أن صانعيها هم عملاء للسي آي أي" !!

اليوم، من حق الذين واللواتي  دافعوا عن الانتفاضة وأهل الانتفاضة أن يفخروا بدفاعهم، ويجب على السادرين في أوهامهم وتخيلاتهم واتهاماتهم أن يفيقوا ويخجلوا من أنفسهم، ويعتذروا لشعبهم وشهدائه، ويكفوا عن هذا اللعب المسيء فالأمر خرج من اطار الاخلاف في وجهات النظر ودخل في مداخل السوء والإهانة المباشرة لتضحيات الناس وآلامهم، ولم يعد تفسير الشكوك والتشنيعات والاتهامات بعد كل الذي حدث على أنه نابع من حرص على الانتفاضة ومستقبلها فالفرق كبير بين من يتسقط العثرات بهدف الإدانة أونفي سلمية التظاهرات وبين الحريص الذي يؤيد الانتفاضة وأهدافها في الاستقلال وطرد الاحتلال الأميركي وإنهاء الهيمنة الإيرانية ولكنه يشير بشجاعة الى مواطن الخطأ والزلات والتجاوزات التي تحدث في السياق العام!

 

وحتى إذا وقع ما لم يكن في الحسبان، وغُدر بالانتفاضة وانتهت إلى انقلاب أميركي عسكري أو مدني - يتمناه المشككون الانتهازيون، وجرذان الحكم في المنطقة الخضراء من أعماق قلوبهم-  رغم عدم وجود  أية إشارات عليه مهما كانت صغيرة، أقول حتى إذا وقع هذا المستحيل فلا يحق للمشككين والاتهامين الفخر والتبجح بأنهم سبق وأن حذروا او اتهموا، فها قد مرت أكثر من أربعين يوما والانتفاضة الباسلة في مواقعها الوطنية الاستقلالية المعادي للاحتلال الأميركي والهيمنة الإيرانية وحكم المليشيات والقناصة الدموي، وحتى لو وقع هذا الاحتمال غير المعقول اليوم فالمعركة لن تنتهي وستواجه الانتفاضة الانقلابيين عملاء أميركا وسنكون معها ضدهم ... وسيبقى المشككون يلوكون الكلام القديم والمتعفن ذاته! 

 

وعلى هذا، وكفعل وفاء صغير من شخصي البسيط لشهداء انتفاضة تشرين - الذين يتناساهم جميع المشككين والمشوهين والمشنعين فلا يذكرونهم أبدا أو يبدون تعاطفهم حولهم -سأقطع علاقتي الصداقية الحقيقية أو الافتراضية بأي شخص سيواصل هذا التهريج المعادي للانتفاضة وأبطالها وأهدافها الاستقلالية ويشنع عليها ويثبط عزائم الناس وسأفضحه وأتعامل معه كما أتعامل مع أي كاتب مليشياوي صريح أو نفعي يقتات على فتات الأحزاب والمليشيات الطائفية ولن يشرفني البتة أن يبقى اسمه على قائمة أصدقاء صفحي بعد الآن.

 

*الصورة موجهة - خصوصا-  لمن يواصلون التشكيك والتشنيع على الانتفاضة والمنتفضين واتهامهم "بالعمالة لأميركا وإسرائيل والسعودية"، وفيها يظهر آخر موقف دعم أميركي طازج - صدر يوم أمس - لنظام المحاصصة الطائفية وحكومة عبد المهدي على لسان وزير خارجية أميركا بومبيو وقد نشره عبد المهدي على صفحته الرسمية.

 

#لاللاحتلال_الأميركي_لاللهيمنة_الإيرانية

#لاحل _إلابحلها