كـتـاب ألموقع

ثلاثية الحبال// د. ميسون حنا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ميسون حنا

 

ثلاثية الحبال

د. ميسون حنا

الأردن

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

1

الحبل

ثمة حبل ملقى على الطريق، نظر اليه الرجل، وقال: الحبل متكور كأفعى،  قالت المرأة: حرره من ثعبانيته. قال الرجل: كيف؟ قالت: غير من وضعه، اجعله انسيابيا، أمسك الرجل الحبل وسحبه فامتد أمامهما، ولكن الثنايا التي تشكلت هنا وهناك جعلته يتشبث بشكله الثعباني مما جعل المرأة تشمئز، بينما ارتأى الرجل أن المعضلة تتفاقم إذ أن الحبل أعلن تمرده، فمهما يحاول الرجل تصحيح وضعه ليكون مستقيما، يستجيب لحظة في يد الرجل، وما أن يفلته حتى يعود إلى ثعبانيته. صرخ الرجل: هذا الحبل مدسوس علينا، قالت المرأة: خيانة. قال الرجل: أرفض تسلل الأفاعي إلى حينا، وأمسك بالحبل وألقاه بعزم بعيدا، وعندما غاب عن أنظارهما تنهدا بارتياح، وقبل أن يغادرا المكان إلى منزلهما كانت الصرخات والاحتجاجات تتوالى من الحي المجاور. تبادلا النظرات بقلق. أما الحبل الثعباني فقد ألقاه أحد الناس من الحي المجاور إلى حي آخر، وهكذا أخذ الحبل يقذف من حي إلى حي، وعمت الفوضى جميع الأحياء، والحبل يتثنى ويزداد تشبثا بثعبانيته والأهم من ذلك أنه أصبح يعتقد أن له حق المكوث في كل من الأحياء التي تنقل بينها، فهي جميعها بيئة صالحة ليعيش ويتثنى.

 

2

الفخ

قالت الطفلة عندما رأت حبلا ملقى على الطريق لعلي آخذ هذا الحبل وأعطيه لأبي ليصنع لي أرجوحة ترفعني إلى النجوم، هناك نجمة كبيرة تتلألأ في السماء، طالما حلمت أن أمسك بها. تناولت الحبل ومضت، لكن الحبل كان مع كل خطوة من خطوات الصغيرة يتلوى ويتشابك، أخيرا وجدت الصغيرة نفسها داخل شرنقة من نسيج الحبل، أرادت أن تحرر ذاتها لم تستطع، ولم تستطع كذلك أن تواصل طريقها إلى بيتها، وعبثا حاول أبوها والجيران كافة تخليصها من الأسر. أخيرا قال أحدهم: دعونا نقص الحبل ونحرر الصغيرة، وتناول سكينا واقترب من الحبل، فح الحبل في وجه الرجل، وتوعد بقتل الصغيرة لو حاول جرحه، تبين للناس أن هذا الحبل ما هو إلا حنش خبيث، وأدركوا ان الصغيرة هالكة لا محالة، صرخ الأب: ابنتي... حث الآخرون حامل السكين كي يفعل شيئا، وقال آخر لنشعل النار، صرخ الأب: ستحترق ابنتي... أخيرا قر قرارهم أن يهاجموا الحنش جميعهم مهما كانت النتائج، وانقضوا على الحنش الذي تحول إلى أحناش صغيرة متناثرة، وأدركوا الصغيرة في اللحظة الأخيرة، لكن الصغيرة بعد نجاتها لم تعد قادرة أن تحلم بأرجوحة بعد اليوم، لن تستطيع ذلك والأحناش المقتطعة من جسد الحنش الأب حولها في كل مكان

 

3

الحبال

نظر الرجل حوله، وقع بصره إلى حبل ملقى، تناوله وقال: أربط فيه أمتعتي، وفعل ذلك بمهارة ودقة ومضى، وعندما وصل إلى البقعة المرجوة ارتأى أن يرتاح قليلا، أنزل أمتعته ونظر حوله يستطلع المكان، إذ بحبال متناثرة هنا وهناك تعجب الرجل وقال: لعل هنا في هذا المكان تصنع الحبال، وضع أمتعته وهم بالجلوس، لكن الحبال بدأت تزحف نحوه، أصابه رعب... تراجع للخلف، الحبال واصلت زحفها، أدرك أن لا نجاة له، قال في سره، ربما أحمل أمتعتي وأعود، نظر إذ بالحبل الذي كان مربوطا بإحكام حول أمتعته قد تفكك هو الآخر وانضم إلى مجموعة الحبال الزاحفة، وجد أمتعته مبعثرة، أدرك أنه إذا أراد أن يحقق الهدف المرجو عليه أن يتغلغل بين الحبال، وهكذا وجد نفسه اقتيد إلى قلب معركة لا بد من ولوجها، كانت الحبال مسعورة تسعّر الرجل كذلك وانغمس في القتال، التفت الحبال حوله ... وجد نفسه فجأة أمام الحبل الأعظم الذي فح في وجه الرجل متهما إياه بالتسلل المريب إلى بلاد الأفاعي. قال الرجل: كذبت يا هذا هذه ليست بلاد الأفاعي. صرخ الحبل الأعظم: بل هي بلادها بعد أن زحفت إليها من كل صوب وتجمعت على أرضها وما أراك أيها المغرور إلاّ وقعت في المحظور، نظر الرجل إليه مندهشا وقال: كنت أحلم باقتحام المجهول لأجد نفسي مقحما بمعركة تقشعر لها الأبدان. صرخ الحبل الآعظم: كف عن الثرثرة ليس بي من الحلم حتى أستمع إليك، وانقض نحوه، فتراجع الرجل إلى الخلف ثم تسلل منسحبا من بين تعرجات الأفاعي تاركا متاعه يتقاذفونه بينهم، هرب ولكنه كان يدرك في قرارة نفسه أن انسحابه مؤقت، وأدرك أيضا أن ثمة مجهول آخر ينتظر ولكي تفتح مغاليقه عليه أن يخطط للمواجهة...

 

*****

د ميسون حنا / الأردن

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.