كـتـاب ألموقع
الشجرة: قصة قصيرة// د. ميسون حنا
- المجموعة: ميسون حنا
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 15 آذار/مارس 2020 10:11
- كتب بواسطة: د. ميسون حنا
- الزيارات: 1861
د. ميسون حنا
الشجرة: قصة قصيرة
د. ميسون حنا
الأردن
1 رقص
الشجرة تتمايل بفعل الريح، نظر الجميع بإعجاب . قال أحدهم : الرياح تداعب الأغصان برشاقة لا مثيل لها . أقبلت راقصة من وسط الحشد ، وأخذت تتلوى وتتمايل بفن بديع . تحولت الأنظار إليها .
قالت الشجرة: تتحداني ؟!
قالت الراقصة: أبدا ... إنما الموسيقى التي تعزفها الريح تطربني وتفعل فعلها السحري ، فأتحرك دون إرادتي .
ابتسمت الشجرة بصمت وواصلت الرقص .
قال رجل للشجرة : وما يحركك أنت غير ضربات الريح ؟
قالت الشجرة : الريح لا تضرب أيها الجاهل ، إنها ترقص ، فتصيبني العدوى .
وبسرعة عجيبة تفشى الوباء ، وأخذ الحشد يتمايل ويتراقص ، وموسيقى الريح تتصاعد وتتصاعد ، ويتصاعد الرقص . رقصت الناس حدّ الإعياء . وأخيرا سقطوا على الأرض دون حراك ، بقيت الشجرة تتمايل وتنظر إليهم من عل وتضحك .
2 الريح
فكرت الشجرة في نفسها وقالت : أكل الدهر علي وشرب ، ولم أعد شابة ، والريح لا تفتأ تحثني بنغماتها لألج الحلبة ، وأُبدع بالرقص ، وما عدت قادرة عليه كما كنت أفعل فيما مضى ، الرفق ... الرفق ... قالت الريح
: هذا الأنين الذي أسمعه له نكهة الألم الممزوجة باليأس والندم ، لا تبتئسي أيتها الشجرة ، الريح تحمل بين ثنايا ألحانها آلامك كما حملت فرحك فيما مضى .
قالت الشجرة : حسبك أيتها الريح ، إرحلي ، شبابك الدائم يثير نقمتي .
قالت الريح: قوة كامنة في أعماقي تشدني إليك بالذات ، دعيني أحملك ، لتكن حركاتك انسيابية بين ضلوعي وثناياي .
وبدأت الريح ترقص وتداعب أغصان الشجرة العابسة ، واستمرت بحركاتها الرقيقة تتغلغل بين الأغصان ، وعندما رأت ابتسامة تتسلل إلى ثغر الشجرة ، ابتسمت هي الأخرى ، وانسحبت بهدوء .
أما الشجرة ففي غمرة اندماجها بالريح أدركت أن أنينها يحمل بين طياته الأمل ، وأصبحت تنتظر الريح كل يوم ليندمجا معا ، والمدهش أن الريح أصبحت تشعر بكيانها مكتملا أثناء رحلة الإندماج مما جعلها تتفانى في عملها لتكون دائمة التجدد ، وأدركت أن شبابها الدائم مصدره شجرة ذاوية .
*****
المتواجون الان
860 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع