اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

إيقاعات مختلفة!// يوسف أبو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

الموقع الفرعي للكاتب

إيقاعات مختلفة!

يوسف أبو الفوز

 

لم تكن ثورة 14 تموز 1958 حدثا عاديا في العراق والمنطقة. كانت حدثا ذا إيقاع مختلف عما سبقه من هبات الشعب العراقي، وهو ما لم  ينتظره المستعمر الأنكليزي واذنابه من حكام محليين. حدث جلل جاء نتيجة التناقض المستمر ولعقود بين مصالح الحكام ومصالح الشعب الذي انهكه الجهل والفقر والمرض، مراكماً الغضب الشعبي، الذي طالما تصاعد في انتفاضات وتظاهرات قادتها ودعت اليها الطلائع الثورية، لكن سياسة القمع وتغيب الرأي، كبحت وقمعت ذلك باساليب بوليسية، مما دفع بالقوى الوطنية والثورية للبحث عن اساليب نضالية اخرى اجدى وأنفع. فكانت "جبهة الاتحاد الوطني" لتوحيد القوى الوطنية، وكان "تنظيم الضباط الاحرار" لتعمل القوات المسلحة في مصلحة الشعب. وفي يوم اثنين مقدس وبهيّ ، جاءت الشرارة التي احرقت السهل كله، والبيان رقم واحد من القوات المسلحة الوطنية، حيث اندلع بركان غضب الشعب العراقي. تفجر طوفان الشعب الذي اكتسح البناء القديم، وبدأ المخلصون العمل الجاد لتأسيس بناء جديد ، يحفظ الكرامة للجميع  ويبني لهم وطنا حرا.

كانت ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ايقاعا لم ينتظره رجل العرش البريطاني في بغداد، رئيس الوزراء "نوري السعيد" (1888 ـ 1958)  الذي كان يعتقد ان "دار السيد مأمونة" ! . وكان قادة "حلف بغداد" يعتقدون ان انزال الاف من الجيوش وبعض مئات من الاليات الحربية  في لبنان والاردن ستردع رجال الثورة المقدامين، لكنهم نسوا اصدقاء الثورة، فكانت المناورات السوفياتية قرب الحدود التركية والرد السوفياتي الحاسم، اذ اصدر بيانا يوم 18 تموز 1958 طالب بوقف التدخل العسكري وهدد بأنه لن يبقى مكتوف الايدي .

الاتحادات والنقابات وقفت صفا واحدا تصون الثورة، ولتقدم في السنوات القليلة من حياة الجمهورية، ايقاعا خاصا من المنجزات لم تشهده المنطقة: اعلان الجمهورية والدستور العراقي المؤقت.. قانون الاصلاح الزراعي.. قانون الاحوال الشخصية.. الخروج من حلف بغداد.. الخروج من منطقة الاسترايني.. معركة النفط مع الشركات الاحتكارية .. انجازات في الحقل الأجتماعي والثقافي .. وكثير اخر 

وربما، مما يلفت النظر ويبقى عالقا في الذاكرة هو قراران صدرا عن ثورة الرابع عشر من تموز لهما ايقاعان مختلفان تماما. قراران يتعلقان بمصير رجلين جمعتهما مقاعد الدراسة، ولكنهما كان متناقضين في ايقاع حياتيهما ومصيريهما.

الرجل الاول هو يوسف سلمان يوسف (1901 ـ 1949) الذي عرف عالميا باسم "فهد" جمعته مقاعد الدراسة الابتدائية مع ابن ملاكين. سيرهما وكتب التاريخ تقول لنا انهما لم يختلطا كثيرا. كان ايقاع حياتهما له ايقاع مختلف تماما. لم تمر عقود طويلة الا وارتبط مصيرهما بشكل مباشر، وكأن لا فكاك منه.  ففي الوقت الذي صار اسم "فهد" يتردد في انحاء البلاد سرا وعلانية على لسان المناضلين والوطنين وكادحي العراق كرمز ثوري لاجل بناء عالم جديد، كان اسم الرجل الثاني لعنة على الثوريين فهو بهجة العطية (1900 ـ 1959)، المدير العام للتحقيقات الجنائية، وهو ما يوازي "مديرية الامن العامة" في زمن النظام البعثي الدكتاتوري المقبور، في المهام والأساليب في قمع ابناء الشعب. أكمل العطية دراسته في ثانوية الشرطة في البصرة، وتدرج في مناصبه حتى تم تعيينه مديرا للامن العامة مسؤولا عن ملاحقة الشيوعيين.

 وسرعان ما التقى الزميلان ثانية !

 كان فهد المناضل الاسطورة في اغلال سلطة الاحتكارات، وكان العطية، حامل  لقب "باشا" بأرادة ملكية من الملك فيصل الاول (1883 - 1933) ، جلادا يقوم بدوره ببراعة ليفخر أمام اسياده بقدراته للقضاء على الشيوعية وقياداتها. أستشهد فهد ببطولة، مثيرا الاعجاب لدى من عرفه بصلابته وقوة حجته، ومطلقا صحيته التي ما زلت تدوّي عبر التأريخ في الافئدة والضمائر: "الشيوعية أقوى من الموت واعلى من أعواد المشانق".

وجاءت ثورة 14 تموز، غضب الشعب، الذي أراد اعادة الحياة لنصابها الطبيعي، وايقاعها السليم .  من قرارات ثورة الرابع عشر من تموز كان ثمة قراران بايقاعين مختلفين تماما :

القرار الاول: في 24/2/1959 حيث اصدرت حكومة الثورة حكما برد الاعتبار لفهد ورفيقيه اللذين اعدما معه، حازم ـ زكي بسيم ( 1913ـ 1949)  وصارم ـ حسين الشيخ محمد الشبيبي (1917 ـ 1949) ، واعتبار الاعمال التي حوكموا بسببها من أعمال الكفاح الوطني التي تسـتأهل التقدير واعتبارهم "شهداء الشعب ".

القرار الثاني: محاكمة واعدام بهجة العطية كجلاد ومجرم في 20 أيلول 1959!

 

 * طريق الشعب العدد 231 ليوم الاثنين 13 تموز‏ 2015/ مساهمة في الملف الخاص عن ثورة 14 تموز

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.