خدر خلات بحزاني

         راتب واحد لبرلماني متقاعد = رواتب 4 سنوات لأحدهم

 جمعتني الصدفة مع احد الزملاء الإعلاميين الذين يعملون في البرلمان العراقي، وبعد التحية والسلام، قال لي إن اسمي كان ضمن لائحة تم إعدادها للرد عليهم وعلى كتاباتهم الخاصة ضد الرواتب والتخصيصات التي يتقاضاها (باشوات واغوات) العراق الجديد.. وابلغني الزميل انه تم غض النظر عن الموضوع فيما بعد، كي لا تصيب الشهرة الكتاب المشمولين بردود إعلام مجلس النواب..

وذات مرة اتصلت لاول مرة باحد النواب من اجل اعداد تقرير صحفي، وعندما ذكرت له اسمي، قال: اهاااااا انت معروف عدنا ودائما تكتب ضدنا..!!

المهم، ان الذي جعلني اعود لموضوع الإخوة النواب هو اكثر من سبب، اولا هو ان (تلث ترباعهم) خسروا الانتخابات، وهذا يفضح مستوى شعبيتهم، رغم انهم لا يتحملون كامل المسؤولية عن ذلك، بل ان الاحزاب والكتل التي استغلت نظام القائمة المغلقة، الذي يذكرنا بالدوائر المعتمة وانقطاع الكهرباء المستمر الذي لم يناقشه النواب (السابقون) مثلما كانوا يناقشون مستحقاتهم وهم فرحون وجذلون وكأنهم صنعوا صاروخ او مركبة الفضاء دسكفري..

السبب الاخر هو ان الباشوات والخواتين من النواب والنائبات يروجون معاملات تقاعدهم ـ هن، وسيتقاضى كل منهم ـ منهن، سبعة ملايين دينار عراقي شهريا، مع "جوازات سفر دبلوماسية لهم ولأزواجهم وأولادهم اثناء الدورة التشريعية، و(8) سنوات بعد انتهاء الدورة التشريعية"..

هكذا وبكل بساطة سيتقاضى النائب المتقاعد راتبا واحدا يضاهي 4 سنوات من مجموع الراتب التقاعدي لجاري، الرجل العسكري (نائب عريف) الذي له خدمة اكثر من 30 سنة، اقول ان راتبا واحدا لنائب واحد ولشهر واحد يضاهي رواتب 4 سنوات لعسكري متقاعد قضى نصف عمره في العسكرية بعيدا عن اي انتماء سياسي..

وللعلم الراتب التقاعدي للنواب المتقاعدين يبلغ مليار و 400 مليون دينار شهريا..

لن اقول بالعافية لهم ابدا، ليس لانهم لا يستحقون هذه الرواتب، فهذا لا شك فيه، بل اقول ان راتب تقاعدي لنائب واحد ولشهر واحد يكفي النواب المتقاعدين الخاسرين جميعا، وهو زائد عليهم، قياسا لما جمعوه طوال 4 سنوات عندما كان الراتب الشهري لاي منهم 22 مليون دينار لا اكثر ولا اقل..!

كما انني لا اعرف الغاية من جوازات السفر الدبلوماسية الممنوحة للنواب ولمدة 8 سنوات، وهل هي للاستجمام والاستحمام، ام هي لزيارة دول الجهل والتخلف وتطوير اداء برلماناتها وزيادة ميزانية نوابها؟؟

بالمناسبة، منذ اكثر من 20 سنة كنت اعرف ان اللصوص نوعان، لصوص خارجون عن القانون، ولصوص يعملون في حماية و كنف القانون..

لكن يبدو ان هناك اناس يشرّعون القوانين، ويشرعنون نهبهم للاموال، ويمدون جسور الهرب بـ (دبلوماسية) الجوازات مع حريمهم واولادهم.. وهؤلاء لم يكن ليخطروا على بالي ذات يوم..!!

للسادة النواب المبجلون، ولحريمهم المصونات، كل الاحترام والتقدير، ولهم السفر والتمتع ورؤية ما لا نراه الا في الاحلام او في التلفزيون..

اما نحن (فالله معنا).. و لنا البكاء واللطم والعويل والارامل واليتامى والمفخخات واللاصقات والناسفات وكاتمات الاصوات، والبطالة وسوء الخدمات.. حتى الممات..

اخيرا اقول، ينبغي الكف عن جلد الذات، والكف على ان نكون قدريون اكثر من اللازم..

 بل ينبغي ان ندعو نواب البرلمان القادم الى ان تخصص اولى جلساتهم للعمل على تقليص امتيازات (اسلافهم النواب) بنسبة 50% حتى يوفروا سنويا مبلغا قدره 8 مليارات و 600 مليون دينار للخزينة العراقية، كي لا نشعر اننا شاركنا بالجريمة من خلال التصويت الى نواب يسكتون عن قول الحق..