كـتـاب ألموقع

دور أوروبا في انجاح الاستفتاء التركي الاخير// يعكوب ابونا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

دور أوروبا في انجاح الاستفتاء التركي الاخير

يعكوب ابونا

 

 جرى اخيرا استفتاء شعبي في تركيا على تغيير النظام البرلماني الى النظام الرئاسي، ليتماشى مع رغبة رجب طيب اردوغان ويحقق اطماعه في رئاسة مطلقة للبلاد...

  رجب طيب أردوغان ولد في 26 فبراير من عام 1954م في حي قاسم باشا أفقر أحياء اسطنبول لأسرة فقيرة من أصول قوقازية،

قال في مناظره تلفزيونية بانه في مرحلتي الابتدائية والاعدادية كنت ابيع البطيخ والسميط كي أسد احتياجاتي المدرسية واساعد والدي الفقير.. هذ الواقع عاشه اردوغان وطبيعي ان يعكس ذلك على نفسيته وسلوكه، ولكي يعوض عقدة الحرمان التي عاشها في طفولته حاول ويحاول امتلاك كل شئ ، فبنى قصرا بالف غرفه وغالبية مقاعده واثاثه من الذهب، يسعى الى الاستحواذ على السلطة كحاكم مطلق بدون منافس (دكتاتور)...؟  كل هذا من اجل ان يعوض ما فاته في طفولته من نقص...

 انتقل اردوغان بعد ذلك إلى مدرسة الإمام خطيب الدينية حتى تخرج من الثانوية بتفوق ألتحق بكلية الاقتصاد والعلوم الادارية في جامعة مرمره،

كان لاعب كرة القدم شبه محترف بين عام 1969 -1982 اي قبل ان يتم انتخابه عمدة بلدية اسطنبول من قبل حزب الرفاه الاسلامي عام 1994 - 1998

بدأ اهتمامه السياسي منذ عام 1969، انضم أردوغان في نهاية السبعينات إلى حزب الخلاص الوطني بقيادة نجم الدين اربكان، وقاد الجناح الشبابي المحلي للحزب، حتى أغلق الحزب عام 1980 جراء انقلاب عسكري في تركيا، وبحلول عام 1983 عادت الحياة الحزبية الى تركيا،

وعاد نشاط اردوغان من خلال نشاط حزب الرفاه خاصة في اسطنبول في 1984 كان رئيس لفرع الحزب الجديد في مسقط رأسه، برز نشاطه في الحزب حتى أصبح رئيس فرع الحزب في اسطنبول عام 1985 وبعدها بعام أصبح عضوا في اللجنة المركزية، دخل حزبه في انتخابات البلدية عام 1989 وقد رشح اردوغان في بلدية باي اوغلو، فخسر تلك الانتخابات، ولكنه فاز بانتخابات عام 1994 وانتخب رئيس بلدية اسطنبول،... فعمل بكل طاقة ونشاط من اجل الارتقاء ببلدية اسطنبول وفعلا استطاع ان يقدم الكثير في عمله، اذ استطاع ان ينتشل البلدية من ديونها التي بلغت ملياري دولار، وحقق أرباح واستثمارات ونمو بلغ 7%، ورفع أجور العمال وقدم لهم الرعايه الصحية والاجتماعية، كل ذلك كان مقبولا ومطلوبا جماهيريا لان شعبه كان يعاني الكثير من العوز والفاقه، وكان بحاجة الى مثل هذه الاصلاحات والخدمات، ولكن ما كان يهدف اليه اردوغان كان ان يثبت وجوده كقائد اسلامي منتظر، كما قال:

((لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد. إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر.. وانا اقول نعم انها في خطر اذا ارادت هذة الامة معادات العلمانية فلن يستطيع احد منعها، وذاك سيتحقق وان التمرد ضد العلمانية سيبدأ.. لان امة الاسلام تنتظر بزوغ الامة التركية الاسلامية.. واستشهد بشعر من ديوان الشاعر التركي الإسلامي ضياء كوكالب فقال الأبيات التالية:

مساجدنا ثكناتنا         

قبابنا خوذاتنا

مآذننا حرابنا                        

والمصلون جنودنا                 

هذا الجيش المقدس يحرس ديننا ..))

 

  بسبب ذلك اتهُم أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية وتم اقالته من منصبه واحيل الى القضاء فحكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر،... 

بعد خروجه من السجن بأشهر قليلة قامت المحكمة الدستورية عام 1999 بحل حزب الفضيلة الذي قام بديلا عن حزب الرفاه فانقسم الحزب إلى قسمين قسم المحافظين وقسم الشباب المجددين بقيادة رجب طيب اردوغان وعبد الله جول واسسوا حزب التنمية والعدالة عام 2001، فأعلن أن حزبه سيحافظ على اسس النظام الجمهوري الذي ارسى قواعده كمال اتاتورك باقامة مجتمع متحضر ومعاصر ولكن قال اردوغان ان ذلك يكون في اطار القيم الاسلامية التي يؤمن بها 99% من الشعب التركي، واكد على عدم الدخول في محاكات مع القوات المسلحة... صحيح لم يدخل بمحاكات مع الجيش ولكن عرف كيف يلوي ذراع هذا الجيش ويحيده عن طريقه ويحقق اهدافه بمنأئ عن تدخل الجيش؟؟ 

في عام 2002 دخل حزبه الانتخابات التشريعية وفاز ب 363 نائبا مشكلا الاغلبية الساحقة،

لم يستطع أردوغان من ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه، فشكل عبد الله جول الحكومة، ولكن اردوغان تمكن في مارس 2003 من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط تبعات الحكم عنه،

  خلال فترة حكمه استطاع ان يقدم الكثير للشعب التركي على الصعيدين الداخلي والخارجي اذ فتح حدود تركيا مع الدول العربية بدون تاشيره، وفتح الابواب التجارية والاقتصادية والمالية والسياسية مع الدول العالمية واصبحت اسطنبول عاصمة الثقافة الاوروبية لعام 2009 كما سمح باستعمال اللغة الكردية واعاد اسماء القرى والمدن الكردية .... وكان ذلك مدخلا لاحتواء الاكراد الى جانبه،

 

  في عام 2010 حاز على جائزة القذافي لحقوق الإنسان خلال الحفل الذي نظمته مؤسسة القذافي العالمية لحقوق الإنسان،....  

  كما نال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام

منحته السعودية جائزة خدمة الاسلام  في عام 2010

 وقال عبد الله العثيمين الأمين العام للجائزة إن لجنة الاختيار لجائزة خدمة الاسلام، منحته هذه الجائزة كونه حقق انجازات رائدة وطنيا واسلاميا وعالميا، كما منحته شهادة دكتوراة فخرية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة في مجال خدمة الإسلام بتاريخ 1431/3/ 23 هجرية.

في 15 يوليو 2016 قامت مجموعة من العسكريين من الجيش التركي بمحاولة انقلابية ولكن تم افشالها بوقوف الشعب بوجهها فتم القاء القبض على مجموعة كبيرة من العسكريين بتهمة الانقلاب

بلغ اكثر من 6000 جنرال وضابط والاف من رتب عسكرية مختلفه وبهذا استطاع ان يكسر شوكه العسكر ويحد من نفوذه بما كان يسمونه حماية والدفاع عن الدستور العلماني، كما تم اقالة والقاء القبض على اكثر من 3000 قاضي بما فيهم من قضاة المحكمة الدستورية، والالاف من المدنيين،...

  من هذه المعطيات والطريقة التي تمت بها تنفيذ هذه المحاوله الانقلابية وضعت جملة علامات الاستفهام على الباعث الدافع لها فكانت موضع تساؤل وشك وريبه، وصلت قناعة البعض ومنهم الاتحاد الاوروبي بانها لم تكن محاولة انقلاب كما هو معروف عن هذه المحاولات، بل كانت وسيله تبرير لاردوغان وعملية  تصفية والتخلص من كل منافسيه ومن يقف في طريق طموحاته من الاسلاميين والعسكريين والقضاة واي كان، فكان درسا للشعب عليه ان يستوعبه؟؟؟ ويفسح الطريق امام اردوغان لتحقيق اهدافه واطماعه لحكم البلاد بقبضة من حديد بدون معارض ...

  وبعد ان تتحق له كل ذلك لم يبق امامه الا ان يشرع اجراءاته هذه دستوريا وقانونيا، فذهب الى تعديل الدستور لكي يلغى النظام البرلماني ويؤسس له النظام الرئاسي الذي يمنح له كل الصلاحيات الدستورية والقانونية المطلوبه لحكم فردي دكتاتوري ويستطيع من خلاله ان يحقق اطماحه واهدافه وحلمه الانكشاري في بناء امبراطورية اسلامية على غرار الامبراطورية العثمانية سيئة الصيت، بمعنى اخر ينشأ داعش جديد،؟؟؟...

  فحدد موعد للاستفتاء على هذه التعديلات الدستورية التي اعتبرت انقلابا على الديمقراطية والحريات العامة والخاصة، فما كان من الدول الاوروبية الا ان تندد بهذه الاجراءات وتستنكر التعديلات المزمع احداثها واجراؤها بالدستور بتغيير النظام البرلماني الى نظام رئاسي،...

 هذا التوجه الاوروبي بطبيعة الحال مقبول وفق معطيات الفكر والعقلية الاوروبية  المتفتحه والواعيه في الدفاع عن الديمقراطيات الناشئة وحقوق الانسان والوقوف بوجه الدكتاتورية والتفرد بالحكم.. ولكن للاسف الذي لا يعرفونه الاوربيين بان توجههم هذا وتفكيرهم لايمكن ان يفهمه العقل الاسلامي مطلقا لان هذا العقل  بالعكس مجبول على كره الاخرين والحقد عليهم وخاصة دول الكفار كما يحلو لهم ان يسمونهم، فان هذه العقول المريضه تعتقد وتفسر بان وقوف الغرب الكافر بوجه رئيس حكومة او دول اسلامية يعني ان هذا الرئيس وطني ومسلم حقيقي يدافع عن الاسلام وحقوق شعبه لذلك ان اوروبا تقف ضده، بمعنى ان النتائج ستكون عكسية بمجملها، فان وقف الغرب الى جانب اي سلطة او حكومه عربية او اسلامية فهذه رسالة يقراها شعبهم على انها حكومة عميلة للغرب الكافر، لذلك يستوجب الوقوف ضدها ومحاربتها، واما ان كان الغرب ضد حكومة او رئيس عربي او مسلم فهذه قرينه على ان هذا الرئيس يحارب الكفار والغرب وملتزم بدين الله وسنة رسوله والا لما كان الغرب ضده ويحاربه، وهكذا كان موقف اوروربا من حيث تدري اولا تدري انها قدمت خدمة مجانية كبيرة لاردوغان بان جعلت الشعب التركي يقف معه ويصوت بنعم لانهم يعتقدون بان اردوغان لو لم يكن وطني وقومي واسلامي لما وقف الغرب ضده. لذلك قادة اوروبا الشعب التركي لانجاح مخطط اردوغان بالغاء النظام البرلماني وابداله بنظام رئاسي ليتسنى له ان يتمتع بصلاحيات دستورية رئاسية مطلقه لا يستطيع احد الوقوف بوجهه..؟؟..

  فهل كانت اوروبا فعلا تعي ذلك وتعرفه؟؟؟ اما انها تقصدت فعلتها لكي تجر اردوغان الى مصير الدكتاتوريين المحتوم، كل الاحتمالات وارده وكل الاجتهادات مقبوله ولكن تبقى مصلحة صانعي القرار فوق كل اعتبار..

يعكوب ابونا  ....... 19 / 4 /2017