اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• نحن... مساجين لوحات سلفادور دالي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

احسان جواد كاظم

مقالات اخرى للكاتب

نحن... مساجين لوحات سلفادور دالي

 

متناقضات حياتنا اليومية في العراق تتجاوز في غرابتها لوحات دالي السريالية بعناصرها ومفرداتها المتعددة غير المترابطة والمتناقضة والتي تدخلك محاولة تفسيرها في متاهات فكرية تخرج على اية منطقية او منهجية معروفة... ولاشك ان عجائبية وضعنا تكمن في غرائبية سياسيينا. فبعد ان تخلصنا من وجوه عابسة بافواه معوجة افقدتنا القدرة على النوم... اصبحنا نرى اليوم وجوها تعلوها ابتسامات صفر مرائية لم نرها حتى في الكوابيس.

 

تبهرنا عبقرية التنويع في مكونات لوحات سلفادور دالي الفنية رغم سرياليتها, بقدر ما يصدمنا فقدان سياسيونا الموهبة في ترتيب مفردات الصورة

 العامة وفوضوية اجراءاتهم في وطن ثري بما يخزن تحت ارضه من كنوز وبمن يمشي على ارضه من علماء وفنانين وشعراء وكادحين من مبدعي اللحظة العادية والانجاز الخالد.

 

لقد كان اقامة المحتل الامريكي دولة هشة بهذا الشكل على انقاض نظام دكتاتوري دموي, دولة غير قادرة, موحدة كانت او مجزأة  حتى على حماية مصالحه في المنطقة لأول مرة في تاريخ الاحتلالات, والذي كان احد تجليات وضعنا العراقي غرابة, ثم تركه فريسه سهلة لميليشيات الاحزاب الدينية والقومية لتعيث فسادا  في كل مرافق الحياة المختلفة, وتقتيلا وتهميشا للمواطن, حيث قامت وتقوم بأكبر عملية سرقة في التاريخ لثروات شعب مغلوب على امره كشعبنا العراقي. فبعد سيطرتها على مقدرات البلاد وموانئها ونقاطها الحدودية, شرعت بتهريب علني واسع, وتحت سمع وبصر العالم وبدون حياء, للنفط ولما تبقى من مصانع بعد تفكيكها الى دول الجوار لصالح احزابها وقياداتها ومرجعياتها ولتمويل عملياتها الجهادية ضد المواطنين. لابل وصلت حدود صلفها حد تسليب ناقلات وزارة التجارة التي تحمل مفردات البطاقة التموينية المخصصة لذوي الدخل المحدود ثم طرحها في الاسواق لبيعها باسعار باهضة رغم دمغة " مخصصة للبطاقة التموينية" مترافقة بعمى مطبق لأجهزة الرقابة الحكومية.

 

والحاقا لما لهذه الميليشيات من دور نافذ وانحسار ظاهر للجهاز الامني الحكومي في السنوات الفائتة, فرضت منظمة القاعدة الارهابية والميليشيات الشيعية وعصابات الجريمة المسلحة والشركات الامنية الاجنبية وحمايات المسؤولين سيطرتها الامنية في مناطق وخرقتها في مناطق اخرى حسبما تتطلبه حاجات صراع المصالح بين متحاصصي السلطة.

 

ومن المفارقات التي نشهدها اليوم رغم تنامي قدرات الاجهزة الامنية والجيش وتطور اداءها, حضور قادة عسكريين استعراضات شبه عسكرية لميليشيات, يمنع الدستور تشكيلها ,سامت المواطنين عذابا, في تملق وضيع لقادة هذه الميليشيات المنغمسين في تحاصص الغنائم, على حساب المواطن البسيط.

ومن رئيس جمهورية يرفض توقيع احكاما قضائية بحق مؤنفلي شعبه بالسلاح الكيمياوي ومفجري الاسواق الشعبية ومدارس الاطفال ومرتكبي الترويع الطائفي وجزاري الذبح على الهوية لأنه يحترم حقوق الانسان !!!

 

المتحاصصون... بوهيميون حتى في نزعاتهم الايمانية, فرغم تمسكهم بالعروة الوثقى فان ارفع وسام للكذب تتزين به صدورهم... فالتنصل عن وعودهم والتصاعد المخيف للاختلاسات وهروب مرتكبيها من اعوانهم وشيوع الفساد المالي والاداري بين كبار موظفي الدولة التابعين لاحزابهم وتهريبهم الى الخارج وسعيهم المشين للعفو عن مزوري الوثائق الرسمية المتعينين من قبلهم على مبدأ المحسوبية والمنسوبية ومعايير الانتماء الحزبي البعثية السابقة, والذين استلموا رواتبا  لايستحقونها هي من حقوق اليتامى والارامل والفقراء, كل ذلك هو من مفارقات وضعنا المبهم الذي نحياه.

 

ومواطننا الذي يشهد فشل المستأثرين بالسلطة المروع والازمة السياسية المتصاعدة وصراعهم المستميت على الامتيازات والتسلط, لاسيما معاركهم الكلامية التي تصل حد التهديد بكشف المستور من سرقات  وممارسات غرمائهم السياسيين, بقيت حسرة في قلبه, من عدم تنفيذ هؤلاء لتهديداتهم, .واصبح واثقا من اشتراكهم جميعا في صنع معاناته وآلامه

 

وفي ظل ما يحدث من عجز المحاصصة كنظام حكم وانسداد الآفاق امامها لابل تحولها الى عقبة كأداء امام اي تقدم في العملية السياسية, تصر القوى المتسلطة المتصارعة على التمسك بنهجها وتقود البلاد الى منعطفات خطرة  قد تجعل مصير الوطن على كف عفريت. وتصم اذانها عن الدعوات لأجراء مؤتمر وطني عام لأعادة النظر بنهج المحاصصة ودراسة بدائلها وسبل الخروج من الازمة.

 

انا شخصيا ارى , ان حصر الحوار في اطار القوى المتحاصصة سوف لن يفض الى نتيجة, كما ان هذه القوى لن ترضى بمشاركة قوى من خارج اطرها لما يشكله ذلك من فضح لاتفاقاتها المشبوهة في سرقة المواطن العراقي وهضم حقوقه وخدمة مصالحها الفئوية الضيقة, لذا فان اسقاط نهج المحاصصة البغيض سيصنعه ربيع عراقي قادم لامحالة وسيحطم قضبانها الصدأة.

 

رسم سلفادور دالي لوحاته بالوان زاهية , بينما هم يرسمون صورة قاتمة لعراق النور.

  لاريب بان اللوحة الاحلى سيرسمها شعبنا قريبا.

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.