اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• عندما قتل الحرس القومي عفلقا شر قتلة !-//- احسان جواد كاظم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

عندما قتل الحرس القومي عفلقا شر قتلة !

احسان جواد كاظم

الذكرى الخمسون لأنقلاب 8 شباط الفاشي واختطاف البعثيون للسلطة عام 1963 مناسبة لأستعادة ذكريات تلك الفترة الأليمة على قلوب العراقيين. لقد كان الحقد الاسود يغلي في قلوب قطعان الحرس القومي ضد كل هو وطني وديمقراطي في الجمهورية الفتية. ولا زالت عالقة في ذاكرتي ( رغم صغر سني حينها –5 سنوات ) احداثا, عايشت بعضها وبعضها الآخر نقل لي من أصدقاء عايشوا تلك الحقبة السوداء من حكم البعث وتاريخ العراق.

لقد انتقم البعثيون أشد انتقام من شعبنا الذي ابغضه ورفضه, لحظة امساكهم بالسلطة, وقد تمثل انتقامهم بحمامات دم شملت مدن وقرى وقصبات العراق كلها.

لابد من ان أبدأ سرد ذكرياتي من فترة ما قبل الانقلاب التي اتسمت بصراع سياسي محتدم بين القوى الديمقراطية المدافعة عن الجمهورية الفتية وبين قوى الردة من اقطاع ورجال دين رجعيين وقوميين مهووسين اضافة الى اعضاء حلف السنتو وبالأخص بريطانيا وامريكا.

الحادثة التالية ذكرها لي صديق كان شاهد عيان لها, وكانت بعد محاولة البعثيين الفاشلة لأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم وتصاعد الغضب الشعبي ضدهم, قال: كان احدهم ماشيا في شارع الكفاح وسط بغداد, عندما تفاجأ بهجوم مباغت من لص ليخطف ساعته من معصمه... سرعة بديهيته جعلته يصرخ: اكمشوه عفلقي ! فتراكض الناس على السارق وحاصروه, فوقف النشّال مصعوقا, رافعا يديه, وماسكا الساعة المسروقة في يده وهو يتوسل الجمهور :" والله مو عفلقي... دخيلكم, آني نشّال".

لقد كانت سمعة عفالقة البعث في الحضيض حتى نشّال وضيع لايقبل بوضعه في خانتهم.

الحادثة الثانية عايشتها بنفسي. بسبب تفاقم الاوضاع في بغداد في أوج انفلات عقال اجرام قطعان الحرس القومي فيها, قرر والدي نقلنا الى بيت جدي في النجف . لا أدري , ربما كانت حكومة الانقلاب قد فرضت منع التجول في المدينة بسبب المقاومة الشعبية البطولية للانقلابيين, يومها لم يذهب احدا من الكبار الى اعمالهم, لكن تبقى لحارات النجف ودوالينها( أزقتها) عوالمها الخاصة, المنعزلة والتي تختلف عما يحدث في مركز المدينة وشوارعها العامة. كنت مع ابن الجيران مهدي نلعب في الدولان عندما تفاجأنا بشلة من الحرس القومي بنظراتهم الحاقدة وشواربهم الكثة وهم يحملون رشاشاتهم في مستوى الخصر( عرفت لاحقا بانها رشاشات بور سعيد المصرية ), صرخوا علينا فتجمدنا رعبا! وامرونا بأرشادهم الى دارنا. بيت صديقي مهدي كان هو الأقرب, فدخلوه ونحن ورائهم لنرى ما يحدث. كانت لديهم قائمة باسماء شيوعيين لألقاء القبض عليهم, وبعدما فتشوا الدار ولم يجدوا شيئا سوى صور لأخت مهدي المرحومة مائدة قيمر الكعبي مع صديقاتها النجفيات, وبدأوا يحققون معها عن أسمائهن, حتى وقعت بين ايديهم صورة اختي الكبرى رضية الناشطة في رابطة المرأة العراقية, وانا واقف اشاهد ما يدور... سألوها: أليست هذه رضية الموسوي؟ قالت: لا, انها رضية, ثم ذكرت اسما آخر... وقفت متسمرا وغمرتني الدهشة ولم أنبس بحرف.

عندما خرجوا, طرت راكضا الى بيت جدي لأقص عليهم ما حدث.

من ظواهر تلك الفترة التي اثرت فيّ كثيرا وبقيت محفورة في ذاكرتي, هي مشاعر حب واحترام الناس البسطاء للشيوعيين. فمما هو معروف ودارج, قيام الناس والنساء خاصة في ليلة القدر في رمضان ( صادف حدوث الانقلاب البعثي في 14 رمضان حسب التاريخ الهجري) ب ( قرايات ) لقراءة القرآن والأدعية, وكان بيت جدي مركزا لتجمع نساء الطرف وكانت جدتي مواظبة على عملها سنويا. كان يسمح لنا , نحن الاولاد بالحضور في هذه القرايات لصغر سننا. في تلك الاوقات العصيبة كن النسوة يفضفضن عما في قلوبهن من مكنونات ويتناقلن اخبار واسماء بنات وابناء النجف من الشيوعيين والديمقراطيين الذين اعتقلوا او الذين اعدموا على ايدي الانقلابيين, واتذكر لحد اليوم حديثهن عن احدى فضائع العفالقة الفاشست الجبانة بصب الاسمنت على احد الشيوعيين وهو حي, كما يتحدثن باعجاب عن بطولات سطرها ابناء المدينة في مقاومة الانقلابيين.

كانت قلوبهن مع الشيوعيين, يشيدن بأخلاقهم وصدقهم ودفاعهم عن المظلومين... اتذكر جيدا كيف كان نشيج بعضهن الحار يتصاعد عندما يصل الدعاء الى: اللهم ارجع كل غريب الى وطنه.

اللهم فك قيد كل اسير.

بعدها يتحول الدعاء لنصرة الشيوعيين على اعدائهم والدعاء على البعثيين بالموت وسكنى جهنم آبدين, متجاهلات فتاوى مرجعية النجف الدينية: الشيوعية كفر والحاد!

مما يندرج في خانة المضحك المبكي,قصة عفلق,وهو ما نقله لي ابن مدينة الديوانية صديقي العزيز الشهيد عادل تركي, الذي استشهد في غياهب الأمن العامة بعد اعتقاله عام 1979, قال: كان أهالي الديوانية قد اطلقوا اسم عفلق على احد كلاب حيّهم السائبة وكان مسعورا... يطارده الصغاربالحجارة وينهره الكبار عند اول نباح له وكان كأي كلب سائب مقيما في مزبلة الحي. تعود هذا الكلب المسكين على اسمه الجديد واخذ يستجيب لنداءات البعض لأعطائه كسرة خبز يابس او عظام هازا ذيله طربا, واصبح القائد المؤسس ميشيل عفلق موضع تندر واحتقار متجسدا في جسد الكلب عفلق.

حتى بعدما استتب الامر للبعثيين في المدينة, بقي الناس في الديوانية ينادونه بهذا الاسم الذي عرفه, بحكم العادة تارة او العناد تارة اخرى, رغم صنوف العذاب التي مارسوها ضد المواطنين لثنيهم عن مناداة الكلب بأسم قائدهم, حتى صدر الامر بقتل عفلق رميا بالرصاص, فكانت مفارز الحرس القومي تجوب المزابل بحثا عنه حتى ظفروا به وقتلوه شر قتلة.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.