اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• اسقوط النظام في العراق !! ام سقوط دولة العراق !!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف اسحق زرا

 

اسقوط النظام في العراق !! ام سقوط دولة العراق !!

 

      قبل ان نخوض في صلب الموضوع  ،  لابد ان نعرف الدولة ونقول انها تلك المؤسسة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية القائمة  تأريخيا على بقعة جغرافية معلومة الحدود لتجمع بشري معـين وفق خصائص زمانية ومكانية واضحة.

 

                 ولا بد ان يسأل سائل كيف ولدت الدولة ؟

 

وفي هذه الحالة , نرى , انه لايمكن  عـزل الموضوع عن اول نظام طبقي ظهر في المجتمع الانساني  بمقومات واعراف وقيم خاصة ,  والذي سعى الانسان في اقامته  كضرورة حياتية حتمية بمقدمات مؤسسة اجتماعية اقتصادية قبل كل شيء  ,  تخضع مباشرة الى سلطة مركزية تتمثل بأفراد او بعائلة معينة  , وتتحكم بها وفق ما يحقق استمرار النفوذ المباشر ووحدة المؤسسة  بادارة مطلقة على تلك المجموعة البشرية  كمالك  لها والارض القائمة عليها معا, دون ان يكون هناك أي مفهوم ولو بدائي لحقوق انسانية  بابسط  مظاهرها الاجتماعية والاقتصادية  والفكرية , خارج رؤية السلطة السائدة وراثيا للبنية التحتية لهذا التجمع والذي غالبيته من الاقـنان والعـبيد كطبقة مملوكة مع الارض  , عليها تنفيذ الامر والقيام بالواجب من دون أي اعتراض , ومن هنا بدأت ولادة الكيان الاداري والاجتماعي والسياسي للدولة بمركزية صارمة وبوحدة ادارية واجتماعية مغـلقة مستثمرة مع الارض الانسان  ,  وكان هذا المخاض النواة الاولى لدولة النظام الطبقي الاقطاعي البدائي .

 

              وبمرور الزمن , وعامل التطوروالتفاعل القاعدي ادى ذلك الى ظهور شرائح من ابنية التحتية ذات تخصص مهني وحرفي استثمر لسد الحاجات البدائية الاستهلاكية , لهذا التجمع والطبقة الحاكمة والتي بسبب تلك العوامل ادى الى نموها وسعة حجمها ونفوذها ايضا .

 

      وفي هذه المرحلة , لابد للنظام القائم ان يبدأ بشرع وسن مجموعة قوانين يحق له بمقـتضاها شرعية سلطـته ويمنح بعض الامتيازات لباقي التجمع وفق الانقسام الجزئي الحاصل في البنبة التحتية وظهور تلك الشرائح وتطورها جزئيا من السلطة القائمة دون ان تخل لوحدة الكيان الاداري والاجتماعي القائم .

 

         هكذا ظهرت الدولة بوحدة ادارية اجتماعية اقتصادية متماسكة وامتدت عبر التأريخ البشري بظهور دول بمفاهيم قومية ودينية الوريثة الطبيعية لدولة الاقطاع .  .   وما ظهور حضارات واتساع رقعة السلطة وزوالها الا  ظاهرة طبيعية في مسيرة المجتمع الانساني واسباب ذلك ظهور الانقسام العميق في مصالح الفـئات الحاكمة والمحكومة وتوالي الثورات والحروب وادى هذا التفاعل الى زوال انظمة طبقية كليا او جزئيا في غالبية الاقاليم والقارات للعالم القديم وظهور انظمة جديدة بمفاهيم طبقية او عقائدية جديدة كسمة لتلك العصور وان كان السائد المفهوم الاداري والفكري والسياسي والاجتماعي ذات الصفة الطبقية لنفس النظام الاقطاعي القديم ولكن بمفاهيم جديدة تلائم وميزة العصر الى حد ما .

 

             وما سقوط مجموعة حضارات  ،  ومنها حضارة الفراعنة في مصر والحضارة الاشورية في شمال العراق في عام 612 ق . م والبابلية في وسط وجنوب العراق في 529 ق . م الا زوال نظام الحكم الطبقي ودولته بالمفهوم الاداري والسياسي وان بقي الجانب الاجتماعي ومؤسساته قائمة نسبيا لان الجماعات التي استلمت الحكم سواء كانت من نفس الدولة والمجتمع ام من المحتلين ،  لم يكن سهلا  عليها  الاستغـناء عن تلك المؤسسات ولحاجتها اليها ولان تركيبها السياسي والاجتماعي لم يكن بعيدا عن سابقتها . 

 

      وإذا تجاوزنا التأريخ القديم, وانتقلنا إلى المعاصر منه, أي إلى ما بعد ظهور الدولة الحديثة, وخاصة بعد انفجار الثورة الصناعية في أوربا في القرن السابع عشر الميلادي وظهور طبقات اجتماعية جديدة وبصراع طبقي أكثر حدة وتفاعلا بين مالك وسائل الإنتاج وبين الفئة العريضة من المنتجين وبأعلى امتيازا اجتماعية واقتصادية ووظيفية للطبقة الأولى الحاكمة وبأقل امتيازا للطبقة المنتجة  ,   وان تحرر الإنسان من الأرض وأصبح إلى نسبة معينة مستغلها ومالكها, إلا إن هذه الفئة ظلت تراوح في مكانها متخلفة عن غيرها اجتماعيا وفكريا.

 

      وما تمخض عن هذا التطور الجديد ووصول حدته بين الطبقة العليا المستغـلة والطبقة السفلى المستغَـلة واستقطاب ذلك بانفجار ثورة 14 تموز 1789 في فرنسا وسقوط النظام الملكي بآخرهم لويس السادس عشر وبطانته المتمثلة بطبقة النبلاء والاشراف وحصلت اعمال بشكل فوضوي لم تشهد اوربا مثيلا لها مما ادى الى اصابة او تـلف غالبية المؤسسات الدستورية العامة القائمة عبر التأريخ سواء بتـلف جزئي او كلي ,  فان ذلك اعتبر سقوط النظام الملكي ودولته معا , لان النظام الجديد اقام الدولة الجديدة }    الجمهوري { بمؤسسات جديدة لم تكن موجودة في النظام السابق وهذه ظاهرة طبيعية في عملية انتهاء دورة طبقة حاكمة ونظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وقيام او ظهور طبقة جديدة بمفاهيم اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة .

 

      وكذلك ما آلت اليه الحرب العالمية الاولى بسقوط الامبراطورية العثمانية وظهور على انقاضها جغرافيا مجموعة كبيرة من الدول والدويلات بانظمة مختلفة غالبيتها ملكية او امارات صغيرة تنتمي في بنيانها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الى نظام اقطاعي ذي  قوانين وانظمة اكثر انعـتاقا وتطورا من سابقته وهو ما فرضته تعـميم المدنية وتطور وسائل النقل والمواصلات  ووسائل الاعلان المقروءة  والمسموعة  ،  الا انها اعتبرت انظمة وطنية بحكامها وأكثر تفدمية من النظام السابق العثماني المتشدد  دينيا  . 

 

          في هذه الحالة نعود اهمية النظام الحاكم والدولة , ففي هذه الحالة زالت الدولة على امتدادها الجغرافي غير الشرعي وزالت غالبية انظمتها أي البنية التحتية التي كانت من خلالها تحكم الشعوب وبدأت بتأسيس مؤسسات جديدة ذات صفات وطنية كالتعليم والتربية والقضاء واجهزة الداخلية الخدمية والامنية والعسكرية الدفاعية وغيرها وبتوجيه مركزي اداري وسياسي جديد ،  تأريخيا وللأكثر حداثة  لمثل هذه الظواهر المتكررة عبر الاحداث والصراعات الدامية بين الشعوب  وما حصل خلال وبعد الحرب العالمية الثانية من سقوط النظام النازي والفاشي في كل من المانيا الهتلرية وايطاليا الموسولينية, كان سقوط الدولة ومؤسساتها كليا وظهور مجموعة دول بانظمة سياسية واقتصادية وأجتماعية جديدة وبنية تحتية اكثر نضوجا وكان ذلك ظهور الدولة الاشتراكية بقيادة الطبقة العاملة في اوربا الشرقية وغيرها .

 

      واذا ما نظرنا الى حدث اخر من هذا القبيل والذي هز العالم برمته ودرسنا اسبابه وهو تفكك الدولة السوفياتية الجبارة والتي كثيرا ما يعزى الى اسباب داخلية وخارجية  , ومهما كان السبب نرى ان ما آل اليه هذا التفكك لم يـؤد  الى سقوط كيان الدولة ومؤسساتها التأريخية والتي كانت الدولة السوفياتية بنظامها الاشتراكي سورا لجميعها وليس لاغـيا لوجودها التأريخي ولأن المجتمع ككل ظل ملتزما بوطنيته وضرورة المحافظة على كل ما هو قائم من المؤسسات بكامل هياكلها  . 

 

            وان كان التحول من الوحدة الرمزية لنظام اقتصادي واجتماعي وسياسي  {الأشتراكي } الى دول مستقلة نسبيا دون ان عن تعاونها مع بعضها في جميع المجالات . ان الطبقات او الفئات الحاكمة لم تـفـقد ارضيتها السياسية داخل المجتمع وان كان للقوى الخارجية الدور الاعلامي الكبير والتجسس الاكبر في عملية تخريب هذا الكيان وتفككه  ،  الا ان الوعي الوطني حال دون انهيار الدولة ومؤسساتها التأريخية , ولم تمض  ايام او اسابيع وعادت الامور الى الاستقرار دون ان تحدث الفوضى كما حدث في غالب مثيالاتها المذكورة سابقا ولاحقا كما سنرى .

 

         واذا جئنا بالتسلسل التأريخي كنموذج لهذه الاحداث , وما وقع في عراقنا بعد انهيار حكم حزب البعث وحاكمه وحاشيته المستبدة بمقدرات الشعب ولمدة قاربت الاربعة عقود من التنكيل والقمع الوحشي والابادة الجماعية لأية قوة وطنية معارضة , مما سهل له خلو السلحة السياسية وظهور اشكال واشكال من الفرق والعصابات الارهابية وادت الى تحطيم معنوية مجمل الشعب ونزوح ما لايقل  من بين 20 الى 25 % من تعداد الشعب البالغ قرابة خمسة وعشرون مليون نسمة , وخاصة من قواه العـلمية والعـملية النشطة  وخروجها وتشتتها عبر القارات الثلاث اوربا وامريكا واستراليا طلبا للأمن وخلاصا من قسوة التعامل وبحثا عن العمل لكسب ابسط لقمة للعيش وكلهم امل بالعودة الى ارض الوطن بعد زوال النظام وسقوطه كليا .

 

      علما بان الدول الغربية وغي مقـدمتها الولايات المتحدة الاميركية كان لها اليد الاطول في خلق النظام نظريا ونصب هذا الحاكم وزمرتة على العراق وامتداد حكمه قرابة الاربعة عقود من السنين وتحت سمعهم ومرآهم بكل جرائمه وحروبه البشعة في المنطقة , واستفحال حالة الفقر والجهل والمرض بين ابناء الشعب المغلوب على امره ،  وما فرز من ذلك وكانه فقد الثـقة بنفسه بتغـير النظام , لهجرة كافة القيادات  للحركة السياسية الوطنية بمختلف  اتجاهاتها الى خارج الوطن او من بقيت  منزوية هنا وهناك مشلولة القدرة في تنظيم وتحريك الجماهير بالقدرة الممكنة لتبديل النظام .

 

   وهـذا  أدى الى الرضوخ والقبول بأي طريقة للخلاص من النظام وجهازه القمعي  ،  وهذا ما حصل فعلا واحتل العراق من قبل قوات أمريكية وإنكليزية خلال اقل من الشهر الواحد وبحرب ضروس وانهار النظام وسقطت دولته وجميع مؤسساته للبنية النحتية وكلفت الوطن من الضحايا المادية والبشرية ما لم يشهده التأريخ في اية بقعة من الارض وما رافقها من اعمال الفوضى والدمار في كل مرافق الحياة , وبما وقع من النهب والسلب والحرق والقتل للابرياء على يد عصابات النظام السابق وبشكل توجيه مركزي مسبق للاحداث . 

 

            ولم يكن لأي قوى سياسية وطنية امكانية وضع حد لهذه الاعمال البشعة واسبابها معـلومة وهي غياب تنظيم قوى المعارضة وغياب قيادتها داخليا  , ثم اسقاط الروح الوطنية الجماعية من ارض الواقع بسبب الارهاب المفروض على كل الشعب , وقيام نظام الحكم بغسل الادمغة لاكثر من جيلين من المراهقين وزجهم في كل صوب وحدب كجهاز قاتل بلا رحمة وشفقة ثم ما رافق ايام الحرب وما بعدها ولحد هذا اليوم من تسهيلات قوات التحالف للعصابات المذكورة  بمجمل ما حصل وما يحصل يوميا من اعمال التخريب والقتل والسلب وفقدان الامن كليا وسيادة شريعة الغاب على ارض الواقع سيما في بغداد العاصمة . 

 

       وسبب اخر وهو المهم  , اعاقة حكومة وطنية قادرة على السيطرة والتحكم بزمام الامور , وفي نظرنا بأن قوات التحالف لها النظرة البعيدة من مصلحة الشعب بالدرجة الاولى وليست مهتمة بقيام حكم وطني شرعي ودستور دائم يمثل كافة الاتجاهات السياسية المعارضة للنظام السابق وتحقق من بقاء الوضع وكما هو  وهي المستفيد الاول حاليا ومستقبلا وبحسابات خاصة , لتكون بديلا عن الكل شعـبا وارضا , هي الحاكم وهي الدولة ، الا ان الشعب العراقي لا يمكن ان يرضى بغير قيام نظام ديمقراطي تعددي وتقدمي ولا يمكن ان ينسى جسام تضجياته البشرية طيلة العقود السود من السنين الماضية .

 

           وفي محصلة هذا البحث الا يمكننا الاستنتاج , ان حركة المجتمع عبر التأريخ تؤشر اكثر من مرة سقوط انظمة سياسية ومعها الدولة التاريخية بسبب حدة التفاعل والصراع العنيف في عمق المسيرة ومنها ما هو واضح على ارض الوطن بسقوط نظام الحكم ودولته القمعية . ولا بد للشعب والتأريخ ان يبني من جديد ما يلائم ميزة العصر وحاجة الانسان لنظام يتمتع الكل فيه بحقوق وواجبات متساوية وكاملة دون تميــيـز  او تفريق بسبب القومية او الدين او العنصر والمذهب وغيرها . 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.