اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عوامل التباين التاريخي بين عالم الجنوب وعالم الشمال اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً// يوسف زرا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

عوامل التباين التاريخي بين عالم الجنوب وعالم الشمال

اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً

يوسف زرا

 

إن التباين والتخلف الحاصل بين التجمعات البشرية من عمق التاريخ. لابد ان تحددها ظروف جغرافية وبيئية عديدة لكل منطقة ترافقها مفاهيم وعقائد كثيرة خاصة بها دون غيرها .

   ولابد من تشخيص هذه الأسباب والعوامل المشار اليها أعلاه وحسب خاصية كل بقعة من الكرة الارضية, وما تركته من الظواهر الايجابية والسلبية على مدى الاجيال والقرون, على الحالات – الاجتماعية والثقافية والاقتصادية: وكما يلي:

أ - خصائص عالم الجنوب تاريخياً .

1-   انتماء غالبية مكوناته الاجتماعية الى اصول حضارية ذات جذور ثقافية – ميثالوجيا – اسطورية – كادب قديم خاص بها دون غيرها, تمتد مابين الالف الثالث – حتى الالف الرابع قبل الميلاد, ضمن منطقة الشرق الاوسط الآسيوية والافريقية – وأهمها تحديداً وحسب مواقعها الجغرافية الحضارية ومنها. بدءاً من الشرق لنصف الكرة الشمالي – وادي الاصفر (الصين) وادي السند (الهند) وادي الرافدين – العراق – دجلة والفرات ثم وادي النيل . الحضارة الفرعونية .

2-   تمسك مكوناته الاجتماعية بالارث التاريخي – الثقافي الديني حصرا بشكل متواصل حد القدسية, وبسبب قيم واعراف اجتماعية خاصة بها, وظهور الطبقة الاقطاعية – كنظام اجتماعي باطريركي – ذات مركزية صارمة غير قابلة تبديلها او نقدها.

3-   انشغال مكوناته الاجتماعية بالصراع الفكري التاريخي مع بعضه بغية التوسع الأفقي أرضاً واسترقاق الانسان كغنائم حرب لاغير.

4-   اعتقاد غالبية القادة لهذه التجمعات الحضارية – ملوك + رجال الدين .بان سلطاتهم المطلقة تفويض من الهتهم دون غيرهم. ولازال هذا النمط سائداً في غالبية الديانات السماوية وغير السماوية الى اليوم في كثير من تجمعاتها ومراكز نفوذها .

5-   الانقسام الطبقي, وبروز النخبة العليا – الاقطلاع (القلة الحاكمة ) إرثا طبقياً اجتماعياً وتاريخياً. بقاء القاعدة الاجتماعية العريضة تبعاً مسلوبة الارادة الى الزمرة المذكورة, كجزء من الارض مملوكة لهم. أي الطبقة الفلاحية والمستخدمة كوقود دائم لتغذية نزاعاتهم وحروبهم المستمرة .

6-   إن ماورد في النقاط اعلاه, كان ولازال يعتبر خاصية نوعية في حياة مجتمعاتهم, مما ادى الى شدة الصراع بين هذه الحضارات, وداخلياً في ما بين مكوناتهم. وخارجيا مع غيرها . 

ورغم ذلك. فانها أعتبرت سبق تاريخي حضاري – اجتماعي – ثقافي – اقتصادي وفكري, قياساً بغيرها من المكونات لشعوب عالم الشمال. حيث ظهرت مدن عديدة عريقة وعواصم مشهورة وذات مكانه مميزة في العالم القديم. منها. بابل في وادي الرافدين. وطيبا ومنفيس في وادي النيل. علاوة على ظهور ملوك وحكام , سنوّا الكثير من القوانين والتشريعات لم ينافسها او يسبقها أي مكون اجتماعي لشعب ما في عالم الشمال. وخاصة في وادي الرافدين , واشهرهم الملك حمورابي, صاحب اعظم مسلة حجرية إحتوت على (282) مادة قانونية , تنظم حياة المجتمع قبل اكثر من ثلاثة آلاف وسبعمائة عام – واعتبرت جامعة القوانين والذي دام حكمه من – 1792 – 1752 ق . م . 

ب – خصائص عالم الشمال تاريخياً .

اُعتبر عالم الشمال – اوربا الحالية – متخلفا عن عالم الجنوب حتى اواسط الرقن السادس عشر الميلادي, وبوادر الثورة الصناعية ثم توالي انفجار ثورات اجتماعية متعددة واشهرها ثورة كرومل في بريطانيا عام 1620 م وثم الثورة الفرنسية – سقوط باستيل – عام 1789 م . ويعزى ذلك الى مايلي : -

1-   بطْ وتأخر انسحاب العصر الجليد المتأخر عنه حتى عام 5000 ق . م . 

2-   عدم انتماء مكوناته الاجتماعية الى أية اصول تاريخية ذات جذورحضارية قديمة

3-   الاضطراب الفكري – الثقافي الديني الاجتماعي. بعد ظهور النظام الاقطاعي البدائي القبلي فيه. بدون إرث ثقافي ميثالوجي – اسطوري – قياساً لعالم الجنوب.

4-   افتقاره لثروات طبيعية وعدم تقدم صناعته الاولية - العدد اليدوية المنزلية, والمستخدمة في زراعة الارض والورش المهنية الخاصة بذلك وتاخره اقتصادياً

5-   استقطاب وتمركز السلطة بيد – طبقة النبلاء والاشراف – حتى سقوط روما عام 1550 م على يد البرابرة والشماليين. وتقلص نفوذ هذه الشريحة والكنيسة معاً , وزوالهما بعد الثورة الفرنسية عام 1789 م .

6-   انشغال الحضارة اليونانية (الاغريق / 600 ق. م) المنسوبة الى عالم الشمال بالكثير من المفاهيم الفلسفية قرون عديدة, حول لغة المنطق وتصور العقل, وظهور عدة مدارس ومنها, الرواقية والسفطسائية وغيرها. مما أدى الى تخلفها اجتماعياً وسياسياً بالدرجة الاولى .

7-   إن ما ورد في الفقرة (2) . كان أحد الاسباب التي أدت الى عدم ارتباط عالم الشمال بأي إرث تاريخي ذات أدب – اسطوري – مما جعله لا ارادياً سرعة تخلصه من غالبية الموروثات الاجتماعية والعقادية لعالم الجنوب ذي حضارات مختلفة, وتحرره المبكر من النظام القبلي الاقطاعي المغلق, رغم وجود الحضارة الرومانية التي استمرت قرابة 2300 عام . أي من عام (750 ) ق. م . لغاية (1550) ب. م . والتي تميزت عن غيرها من الحضارات القديمة لمعاصرتها عصرين متقاطعين وهما, عصر عبادة الطبيعة والاسلاف والذي دام (1150) عاماً . أي من عام 750 ق . م . حتى عام 400 م . وثم عصر سلطة الكنيسة الكاثوليكية حتى عام (1550) م. وان كانت كامتداد لسلطة طبقة النبلاء والاشراف لروما . ولكن إقتصرت هذه الفترة المسماة بـ ( القرون المظلمة ). ولمدة (1200) عاماً. حتى إنبثقت داخليا فيها عدة حركات دينية اصلاحية , ثورات اجتماعية سياسية. ومنها . حركة الباطريرك القسطنتية – نستورس – عام 433 م . وثم حركة . يعقوب البرادعي عام 543 م الذي ولد في مدينة تل موزل القريبة من المدينة الرها وتوفي عام 578 م . ثم الحركة الاصلاحية للراهب الالماني – مارتن لوثر – في عام ( 1517 ) بسبب معارضته لحملة ( سكوك الغفران ) من قبل البابا ( بطرس الخامس ) . ثم ثورة كرومل في بريطانيا عام 1620 م ضد الملكية واخيراً الثورة الفرنسية – سقوط باستيل – عام 1789 . أي عصر انفتاح باب اوربا العلمي والسياسي على مصراعيه وغيره .

ج – إن التطور الحاصل في مجتمع عالم الشمال (الاوروبي) عامة في القرن التاسع عشر خاصة, بظهور الطبقة العاملة –ناتج الثورة الصناعية وتصاعد نموها الاجتماعي والسياسي بشكل ملحوظ. وتمكنها في اكثر من بقعة جغرافية. كدول كبيرة مساحة وتعدد سكانها, ومنها روسيا الاتحادية. واندلاع الثورة فيها عام 1917 وسقوط نظامها القيصري الوراثي. وثم الصين عام 1949 وتولي الطبقة العاملة وحليفها الطبقة الفلاحية السلطة فيهما واقامة نظام اقتصادي غير راسمالي. مما حفز النظام الراسمالي العالمي في كل من اوربا الوسطى والغربية – المانيا– ايطاليا . فرنسا – بريطانيا .ودولة الولايات المتحدة الامريكية التي تأسست عام 1667 كأمتداد سياسي واقتصادي لنظام اوربا المذكور. وظهورها في اواسط القرن الماضي كاقوى دولة اقتصاديا وعسكريا بعد اليابان والمانيا خاصة. وثم امتداد النظام الجديد الاشتراكي بقيادة الدولة السوفياتية التي تأسست عام 1921 الى غالبية دول اوربا الشرقية وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945. مما أدى بدء ظهور نزاعات جانبية ضمن جغرافية دولها. كثورات لحركات يسارية هنا وهناك معارضة للانظمة السائدة فيها .

سعى نظام الراسمالي العالمي بقيادة امريكا بدء تطويق النظام الجديد وفرض نوع من الحصار الاقتصادي عليه. إضافة الى عوامل اخرى مخابراتية وداخلية ساعدت على سرعة انهيار المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتي بعد (74) عاماً من ظهوره. وما تخلل من فترة الحرب الباردة بين النظامين منذ عام 1947 حتى عام 1991 . ورغم ذلك. فان سرعة الحوادث السياسية المتعاقبة خلال القرن العشرين من حدوث حربين عالميتين في عالم الشمال – حصرأ اوربا وآسيا –فان المجتمع لم يتأثر سلبياً بها. بل استعاد العالم المذكور عافيته على اختلاف الدول الراسمالية والاشتراكية سابقاً. بل واكب التقدم في كافة مجالات الحياة والى اليوم بوتيرة تنافسية .

على عكس عالم الجنوب. الذي يظل يراوح في موقعه دون أية علامات للتقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي تذكر .

د – ولابد ان نقول. رغم التقهقر الكبير الذي حلَّ في القارة الاوربية خلال القرن العشرين, باعتبارها رائدة العالم الشمالي. وخاصة بعد تمتع الولايات المتحدة الامريكية بمركز القطب الاوحد بعد عام 1991 في الساحة الدولية , رغم بقاء فرنسا كدولة كبيرة في اوربا كمعارضة لطغيان النفوذ الامريكي على القارة المذكورة وحلف الناتو العسكري . تؤازرها المانيا الاتحادية. في الكثير من المواقف الخاصة بالسياسة الدولية ومسالة انفراد امريكا في إملاء ماتريده على جميع اعضاء مجلس الامن وهيئة الامم المتحدة وفق مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مجتمعة مما يؤدي الى شعور معظم دول اوربا الغربية والوسطى, وحتى في فلك سياستها من الدول النامية في آسيا بالدرجة الاولى ومنها , يابان – كوريا الجنوبية – ماليزيا وغيرها بانها مهمشة أو شبه مقصي دورها في الساحة الدولية , وفي المنظمتين المذكورتين ومن هذا المنطلق, عمدت امريكا حصرا وخلال العقدين الاخيرين لتلعب دور البوليس الدولي  المباشر في فرض استراتيجيتها على منطقة الشرق الاوسط والعربية خاصة بالتدخل العسكري المباشر تارة, أو بخلق نزاعات اقليمية داخلية عبر تحريك العوامل التاريخية المترسبة فيه من الخلافات الدينية والمذهبية والقومية . مما ساعد ذلك التنوع المتشابك والمتداخل لمكونات شعوب المنطقة, على تشجيع التيارات الدينية المتطرفة وباسماء مفبركة وقريبة من التعاطف والتفاعل الكبير للبنية الاجتماعية العريضة والعناصر البسيطة فيها, علاوة على الدعم المباشر وغير محدود المادي والمالي والعسكري لدول الخليج العربي (غالبية المذهب السني) لمنظمات , القاعدة – الأقدم – وداعش – جبهة النصرة – جيش الاسلام – الى جانب دعمها اللوجستي العسكري وبدء هذه المنظمات بالصول والجول في ميادين المنطقة – سوريا – المحور الاول – العراق, ليبيا, يمن, افغانستان. عبر كل من دولة تركيا الحليف الصغير لامريكاوسياستها التوسعية في المنطقة وغيرها من الدول الداعمة والراعية للارهاب الدولي المنظم.

وكان من جراء كل هذا المخطط الاجرامي, سقوط مفهوم الوطن والمواطنة لدى جميع مكونات الشعوب المذكورة, وبدء الهجرة الجماعية وبوتيرة عالية, ومن جميع طبقاتها وباتجاه القارة الاوربية. أو كجسر رئيسي اولاً , ثم املاً باستقرارها في كل من المانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واليونان, عدى دول حول بحر البلطيق وغيرها عبوراً الى الولايات المتحدة الامريكية وكندا. او بواسطة منظمات دولية إنسانية متعددة لمخطط دولي غربي خاص بتصفية غالبية الأقليات الدينية – الاثنية – والقومية – تحديداًمن عراق – سوريا – لبنان حصراً. واخيراً . يبقى عالم الشمال هو المعول عليه لغالبية الشعوب الكرة الارضية أكثر نشاطاً, وصاحب القرار الرئيسي في بناء انظمة اقتصاديةواجتماعية اكثر تطوراً وخدمة للانسانية سواء كانت بالمفهوم الراسمالي لبعضها او الاشتراكي لغيرها والى أمد بعيد ومتصارعة فيما بينها على ارض الواثع, دون أن يتمكن أي سياسي تحديد فيما إذا سيؤدي هذا الصراع الى حرب كونية ثالثة أم الى حالة اضطرارية مفروضة على الجميع بحالة لا سلم ولا حرب عقوداً من السنين استهلاكاً للاعلام والزمن الضائع. وجعل مصير البشرية على كفة عفريت ومستقبل مجهول لا غير .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.