كـتـاب ألموقع

مفارقة تفرض موقفا صعبا (3): بحضور غبطة البطيرك بولص شيخو// سعيد شامايا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعيد شامايا

 

عرض صفحة الكاتب 

مفارقة تفرض موقفا صعبا (3)

بحضور غبطة البطيرك بولص شيخو1959

سعيد شامايا

 

تصاعد النشاط الاجتماعي والسياسي والثقافي بعد ثورة تموز المجيدة المباركة، ومنها الافكار اليسارية في القوش كون البلدة مسيحية لها ماض مشرف في مجال تاريخها الديني/ القومي والاجتماعي، لكنها لم تحظ بالرعاية المطلوبة كحق وطني، وكان نشاط ابنائها منهم النشاط المرافق للنشر بلغة جريئة والوفود الى جهات مسؤولة من اجل الاصلاح وتعبيد الطرق ورعاية المدارس والصحة، لفت انتباه بعض الرافضين للنشاط السياسي والمتسترين باسم الدين، رافقه ظهور الصراع (الصراع بين العلم والدين) استغلته جهات ضد الشيوعية والبسته إياهم حتى للمثقفين غير المنتمين الذين نشطوا بالمناسبات وفي ترويج المطالب باعتبارهم رغم نشاطهم أنهم يحملون افكار ملحدة، وكان يؤيد المحاربة هذه رجال الدين، ولكن من جهة اخرى دأب المثقفون في عملهم وسلوكهم لتخفيف هذا الصراع خصوصا رجال التعليم وحققوا نتائج باهرة في مدارسهم مقارنة بمدارس عموم لواء الموصل.

 

في 1959 زار القوش غبطة البطيرك مار بولص شيخو وهي بلدته، وله فيها سمعة طيبة جدأ بسمو أخلاقه وشجاعته في الدفاع عن كنيسته وعن ابنائها وحرصه على حسن قيادته لكنيسته، واستقبلته القوش بترحاب فائق، وزارته الهيئات التعليمية، منها هيئة مدرستنا العزة ورجوناه أن يزورنا ليبارك مدرستنا ووعدنا خيرا، كنا مهيئين لاستقباله بجلسة تريحه، بعد أن تجول معجبا بما وجد من نظافة وتنظيم وزينة الجدران والصفوف بوسائل الايضاح والخرائط المرسومة باتقان وفن، جلس شاكرا ومهنئا الجهود المبذولة، خصوصا للنتائج الجيدة التي حققتها المدارس في الامتحانات العامة لكنه توقف قليلا ثم قال: ابنائي القوش أمانة في اعناقكم ليس في مجال واجباتكم فقط وإنما رعاية القوش ووحدة ابنائها وتشجيع وصيانة تقاليدها الحسنة المرموقة في كل قرانا وفي بلداتنا خصوصا الادارية منها قيادة الكنيسة لمراحل طويلة، ورعاية اخوتها من الكنائس الاخرى في الملمات، والمهم ايضا رعاية العاملين المنتجين وتشجيعهم خصوصا الفلاحين المجدين في عملهم، القوش فقيرة لولا ارضها الزراعية، فواجب صيانتها واستثمارها بشكل جيد واجب علينا، ذلك لا يتحقق إلا بوجود اليد الفلاحية المجدة دوما، أما أن يرمي رب العائلة باولاده جميعا في المدارس ليواصلوا دراستهم حتى الدراسات العليا ومنها في الخارج، معنى ذلك اننا خسرنا العائلة وحصتها من الارض التي يرعاها وتلك خسارة لاتعوض، لا اقصد حرمانهم من التعليم،  ليتعلم لمرحلة ابتدائية او موسطة ويصبح واعيا ومن ثم يختار الاب وحسب القابليات عددا من اولاده للاستمرار في الدراسة ويبقى معه من يساعده في فلاحة ارضه، صمت قليلا خمنتُ شخصيا انه يطلب رأينا، رفعت يدي مستأذنا، فقال مصوبا نطرة قاسية نحوي مما زرع ارباكا فيّ قائلا هات ما عندك.

 

 قلتٌ: تأيدا لما تفضلت به ممكن سيدنا أن نضيف أن الدراسات العليا قد تكون مكملة لجهود الفلاح فيختص البعض بالدراسات الزراعية منهم المهندس الزراعي،  مثلا دراستي في دار المعلمين الريفية درسنا عن الارض واصلاحها وتسميدها ومواسمها لزراعة لمختلف المنتوجات بل ودرسنا الصناعة النباتية لمنتوجات زراعية كالالبان والمربيات والمعلبات، وهذا تطور حضاري. هنا صرخ منفعلا بوجهي: والان ،،،ا ين انت من الارض؟ أنا واثق ان الافكار البعيدة عنا تأخذكم بعيدا، هل أنت مثل اخيك يوسف الشماس المواضب في كنيسته؟ أنا على علم أن بعض العوائل صارت لا تستطيع انتاج ارضها فراحت تجلب عمالا من الايزديين، إن استمرت الحال هكذا ستصبح ارضنا بيد الاغراب! (ايضا صارخا) وهذا كفر... قال المدير: ما طرحته سيدنا أمانة في اعناقنا وما وجدته على الجدران من عمل سعيد وكثرا ما نكون سوية نسمع القداس..... (قاطعه) نصيحتي لكم كاولادي وأنا قدرت جهودكم ولكن أُنبهكم حرصا لافكاركم تجاه كنيستكم، وغادر بينما راح زملائي يعاتبون (ما معناه) شحجاك ياسعيد!.

 

المفارقة القادمة في 1947

سعيد شامايا   31/5/2020