اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الصحافة الشيوعية.. احتفالية الضمير الحي للوطن والناس// أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

الموقع الفرعي للكاتب

الصحافة الشيوعية..

احتفالية الضمير الحي للوطن والناس

أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

 

منذ الولادة الأولى في 31 تموز 1935، تمسّكت صحافةُ الحزب الشيوعي بقضايا الوطن والناس. فعالجت دائماً، همومَهم ومشكلاتِهم بأدواتٍ احترافية، تبنَّت الفكرَ التنويري. ولقد عبّرت صحفُ كفاح الشعب واتحاد الشعب وطريق الشعب عن أصواتِ الناس الذين لم يجدوا منفذاً يعبِّرُ عن مطالبهم وآمالهم؛ وحافظت على نهجها، انسجاماً مع المبادئ والأفكار التي احتكمت إليها.

ولابد هنا، من توكيد حقيقة أنّ ذياك التعبير عن أصوات الفقراء والمحرومين والكسبة والفلاحين والعمال كان عاملَ إنضاجٍ لما تبناه الصوت الرسمي الذي وقف خلف إصدار تلك الصحف.. وعلى الرغم من التطابق بين ما خاضته قوى اليسار من نضالاتٍ عنيدة مكينة وتطلعات الشعب وفئاته العريضة إلا أنّ تقديمَ صوت الناس وأشكال تعبيراتهم المطلبية والسياسية بقي هو الوجود البنيوي لتلك الصحافة بالإشارة تحديداً هنا وبتميّز واضح إلى صحافة الحزب الشيوعي من بين صحف اليسار ومدرستها.

ومن هنا جاء الانتشار الجماهيري من جهة والتمسك الشعبي بصحافة اليسار التي امتدَّ عمرها ووجودها على الرغم من المطاردات البوليسية وأعمال البلطجة والإجرام بحق العاملين فيها وعلى الرغم من جرائم الحصار وظواهر الضغوط المادية وغيرها تلك التي عصفت بكثير من الصحف التي وُجِدت بحقبة الثمانين عاماً من الألم والأمل.

إنّ صحف اليسار وفي طليعتها صحف الحزب الشيوعي تنطلق من مهمة التعبير عن حركة اليسار الديموقراطي ومواقفها التي ترتبط بعلاقات وطنية وأممية، حركية وأخرى رسمية فرضتها ظروف مراحل مختلفة حفلت بصراعات عميقة الغور، لكنها بجميع تلك الظروف لم تسمح لأشكال العلاقات والتحالفات ومحدداتها أنْ تقفَ بوجه كونها صحافة الناس والحامل لآمال تحررهم الوطني والاجتماعي..

وهكذا احتفظت بجسورٍ متينة بينها وبين جمهورها على الرغم مما طرأ على ذاك الجمهور من تبدلات في مطالبه الآنية والبعيدة عبر مختلف المراحل كل بخصوصيته، وعلى الرغم من التبدلات التي حملتها كل مرحلة مما فرضته تحولات النظم السياسية المتعاقبة. واحتفظ الجمهور للصحافة الشيوعية والعاملين فيها بقدسيةٍ تنبع من الضمير الوطني الحي بجوهره الإنساني الصادق. وتغنى الفن والناس بـ(أبو جريدة)؛ كونه يمثل طريق الحلم المجتمعي الواقعي الذي يستنيرون به وكون تلك الجريدة هي الصورة الأبهى للجواهر المتلألئة التي كانت مرآةً لأنفسهم، وهي الصورة المثلى لما يفارق التشوهات ليلج عالم الأمل ملتحماً بحلمِ أن يحقق ذاك الأمل والهدف المنشود يوماً.

ولكنّ القضية لم تقف عند تلك الرومانسية الثورية وعالم الحلم فيها بل امتدت دائما نحو واقعٍ يدركون أنه لم يقرأه باكتمالٍ ونضجٍ وبكل تفاصيله الحقة ولا بحلولِ معضلاتِهِ إلا صحافةُ اليسار. الأمر الذي ظل يربط بين الجمهور وتلك الصحافة ومبدعيها ومنتجي مفرداتها.

ومما عوّدتنا صحف اليسار عليه سنوياً، هو ارتباط احتفالها باستكتاب الأقلام والخبرات والعقول العلمية الوطنية، بشأن تجاريبها وتفاصيل الهفوات والثغرات مثلما الإشادة بالإيجابي وبالمنجز الثرّ. وتلكم تبقى علامة مميزة ترتبط بصحافة اليسار بعامة وصحافة الحزب الشيوعي وأولها اليوم طريق الشعب التي تعدّ الصحيفة الأمّ التي تحتضن تجاريب العقود الثمانية لتصبها في مسيرة قابلة تتفتح بآفاق ونتائج مهمة مؤملة.

ومن أجل ذلك نتطلع معاً وسوياً إلى مزيد دراسة احترافية مهنية تبدأ من تفاصيل اختيار خط الكتابة والقراءة مروراً بأشكال الصفحات وهويتها الإخراجية وتوازن المواد بكل صفحة وبعموم العدد الواحد وعلى مدار أيام الأسبوع ونسبها في الأداء العام و لاتنتهي بطبيعة العبارة والفقرات مثلما على سبيل المثال الصيغة التي تلائم ذهنية القارئ ولا تنهكه ولا تستنزفه بفذلكات لغوية معقدة ومثلما أيضا بدء الجملة بالفعل توكيدا لتمسك بالحركة وتعبيراً عن دلالة التغيير المنشودة وأن تمتلك الفقرة بداية بفعل كلي تأتي أفعال الفقرة لتوضح مكونات تعاقب الحدث وأفعاله التي يتضمنها فعل البداية.. ولربما كان اختيار العنوانات الرئيسة لكل صفحة وطابع صياغة الخبر وتحليله فرصة لتجسيد مدرسة الصحف الشيوعية، الأمر الذي يتطلب عدم تكرار نشر أخبار تلتزم بسياسات الجهات الإعلامية ووكالات الأنباء وفلسفاتها التي طالما ضحت بما يريده الناس لمصلحة ما يريده أصحاب تلك الوكالات.. وهكذا فإن صحافة اليسار تضع استراتيجيتها في إطار بنيوي بكل تفاصيل منجزها فينعكس الأمر بالأداء المهني ويستجيب للجهد الأشمل بمستهدفاته التي تلبي حاجات الناس الروحية ومطالبهم وتطلعاتهم.

ومما نتطلع إليه؛ يتمثل في مزيد من الاتجاه نحو الملفات اليومية والأسبوعية والشهرية وتلك التي تتبنى صحافة تفاعلية تعيش معالم التغيرات التكنولوجية الأحدث مما أحدث تغييرات بنيوية في الأداء وبات يجابه محاولات الوكالات الكبرى الإبقاء على سطوتها الشمولية بكل ما فيها من قيود واشتراطات فوقية قسرية. لكن الصحافة الشيوعية تبقى المَنْفذ الأبرز تقدماً لتجميع الجهود الشعبية وصبها في بوتقة هادرة عالية الصوت...

إنّ أسئلة الحياة هي أسئلة صحافة اليسار وبطليعتها الصحافة الشيوعية ولهذا فإنَّ العناية بصياغة إجابتها ووضعها في منهج العمل وبرامجه هو الجوهر المؤمل منها. وفي ضوء هذا المحدّد يلزم الاتجاه نحو قراءة طابع الأسئلة الرئيسة للمرحلة وهوية ما يحتاجه العراقي وإجراء الاستفتاءات الدورية المستمرة الأسبوعية والشهرية والفصلية والسنوية التي تقرأ موقع المنجز عند جمهور الصحافة اليسارية وموقعها تجاه الآخر مع الانتباه على الفروق في الإمكانات المادية والعمل قدر المتاح على تطوير تلك الإمكانات وتنويع مصادرها وعلى تجاوز آثار تحديدها قدرات الفعل..

وعلى سبيل المثال يمكن الاستفادة من جهود المنظمات المحلية وعناصرها الفاعلة في شبكة مراسلين ميدانيين مع دورات عمل سريعة وأخرى تطويرية.. فضلا عن اعتماد المراسلين الناشطين والمبادرين في الجهد الصحفي مع أقصى استفادة من العمل الصحفي التفاعلي بالاستفادة من موقع ألكتروني مستقل وفاعل للصحافة اليسارية.. بوجود إدارة محترفة بالخصوص..

إنّ جملة تلك التصورات المقترحة تبقى مفردة معروفة لدى إدارة صحافة اليسار لأنها تظل الأقرب في إصغائها لأنين الناس ومواجعهم من آلامهم معبرة بذلك الفعل عن أبعد آمالهم وأعمقها إقامة في الأنفس والضمائر الحية..

تحية لشهداء صحافة الوطن والناس، تحية لتضحيات صحافة اليسار وصحفييها.. تحية لموزعيها وناقليها إلى أبعد قرائها.. وتحية لقراء صحف اليسار وأولئك الذين مازالوا يحملون عميق التقدير لمنجزها لإدراكهم معنى وجود صحافة معبرة عن حقوق الناس وحرياتهم وحاملة لرايات حرية التعبير وتجسيد قدرة السلطة الرابعة على ممارسة مهامها النوعية بسلامة ونضج وحيوية.. وكل عام وأنتم الأبهى وشموسكم الأكثر سطوعاً...

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.