اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• عفوا ايها الاحبة .. هل أغير كنيستي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

آشور سمسون

 

 للذهاب الى صفحة الكاتب

عفوا ايها الاحبة .. هل أغير كنيستي

 

رأي بقلم : آشور سمسون ــ الدانمارك

 

نشأ الايمان والدين عند الانسان من بداية خليقيته، وتعددت مظاهرهما وتاثيراتهما على مر العصور والازمان.

اكتب رأي شخصي عن موضوع المسيحية والكنيسة عند شعبي وامتي لما لهما اثر كبير في وجود هذه الامة ها منذ ان اتخذها شعبنا له كديانة وايمان منذ ما يقارب الالفي عام وسوف يستمر دورها حسب اعتقادي لالاف سنين اخرى.

 

لست فقيها وضليعا في اللاهوت لكي اتناول موضوع الكنيسة من بابها الروحي واللاهوتي بل اتناول الموضوع من وجهة نظر فرد من هذا الشعب والكنيسة، الفاعل والمتفاعل والمتلقي لنتاج هذه الكنيسة، وانطلق من موقع الفرد الاكثر (خطيئة) ولكن في ذات الوقت مؤمن بحرية الكلمة والتأمل والحلم والتمني بالافضل والاجمل لكنيستي وشعبي.

 

سوف اردد في مقالي كلمة كنيستي واقصد بها كنيستي المشرقية بكل تسمياتها وتفرعاتها لاني أومن، قبل ان يعمل فيها معاول الانسان الشيطان في التقسيم، بانها كنيسة واحدة في الهوية والانتماء للشعب الواحد والامة الواحدة، كنيسة واحدة في المنبع والجذور والطقوس والموروث الشعبي، كنيسة واحدة  في التحديات والمصير.

 

سوف اردد ايضا كلمة كاهني واقصد بها رجل الدين من مرتبة القسيس والخوري ونيافة الاسقف والمطران والمطرابوليط حتى غبطة وقداسة الكاردينال والبطريرك لما لهذه المراتب مسؤوليات كبيرة ومباشرة في واقع شعبنا وامتنا.

 

هل أغير كنيستي  

هل أغير كنيستي لأن فيها من لا يفقه معنى انها كنيسة مشرقية بتراثها وخزينها وفلسفتها، نبعت من واقع شعبنا وامتنا، فرسالة يسوع المسيح لم تستطع ان تحتل قلوب الناس وتصبح عقيدتهم الا بعد ان استطاعت ان تستوعب عادات وتراث وتقاليد هذا الشعب وهذه الامة. فطقوس الكنيسة المشرقية وفلسفتها وطريقة ممارسة اعيادها هي نابعة من الخزين الحضاري والتاريخي لشعبنا قبل المسيحية بالاف السنين. كنيستي اخذت رسالة يسوع المسيح الروحية لتجسدها على الارض بلباس حضارة وتراث وتاريخ ارض الرافدين. ومن هذه الارض انطلقت هذه الكنيسة لتبشر بالرسالة وتصل الى اقاصي العالم.

 

هل أغير كنيستي المشرقية التي استطاعت ان تعطي ليسوعي المسيح هوية شعبي وامتي، لانها تنطق بلغة شعبي وامتي، وحافظت على هذه اللغة من الضياع ومن ثم حافظت على هوية شعبي، فهل نفرط بهذه اللغة المقدسة ونستبدلها بلغات اخرى.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف كم هي عريقة في ايمانها وثقافتها وعلومها وفكرها. فالخزين الحضاري لكنيسة المشرق يعرفها العالم المتحضر، يغترف منها العلوم واللاهوت والحكمة والحياة ولكن للاسف نجهلها نحن شعب كنيسة المشرق ولا ندرك قيمتها.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من يريد ان تكون عتيقة  تعرض في متاحف التاريخ. ومن يرضى ان تكون بالية متحجرة في طقوسها وتعاليمها وقوانينها. لا يريد لها ان تكون مؤسسة روحية حية، لها عناصر ايمانية جوهرية قادرة على التفاعل والتأثر والتأثير، لها عناصر البقاء والديمومة والاستمرار والتطور مع الزمن والظرف والمكان.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يستطيع ان يطور طقوسها الى فعاليات روحية جميلة بايحاءتها وحركتها، بمعاني صورها وموسيقيتها وترانيم اناشيدها، جميلة في معانيها الواضحة المصاغة بلغة شعبها والمتطورة الى لهجة سلسة بسيطة وسائغة يفهمها ويشارك ويتفاعل معها الجميع.

 

 هل أغير كنيستي لان فيها من لا يستطيع ان يدرك بأن الانسان فيها هو الغاية والهدف. الانسان الذي اختار يسوعنا المسيح الصلب من اجله.  الطقوس والصلاة والاناشيد هي من اجل خلاص الانسان الذي يحبه الله. من اجل سعادة الانسان على هذه الارض الطيبة اولا ومن ثم سعادته الابدية في الدنيا (السماوية)، لذا يريد ان يشارك في الطقوس بشوق ومتعة ونشوة روحية. فالكنيسة لم تعد بيت الفريضة والضريبة والعبء الروحي والجسدي، بيت العقاب وتأنيب الضمير، بيت الخنوع والخضوع، بيت التأديب والترهيب بالنار وبئس الجحيم. بل الكنيسة تصبح محطة الانسان الروحية التي ينشدها دائما لكي ينمي في نفسه الهناء والسعادة والقوة والايمان لكي يستطيع ان يواجه مصاعب الدنيا المادية وتحدياتها وشقاءها.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يسره ان تكون مستقلة في هويتها ووجودها وقرارها. ان يكون قرارها قرار شعبها وانسانها وارضها ووطنها. ان تكون مؤسسة حيوية لها تفاعلها الايجابي وتكيفها مع الظروف والاحوال التي يعيشها شعبها. لا ترضى الرضوخ والخضوع لاحكام وقرارت لا تخدم مصالح شعبها وارضها ووطنها. فكنيستي كانت من الحكمة والصبر والايمان والقوة التي جعلها ان تستمر وتبقى رغم المأسي والمذابح والمجازر والاضطهاد، واليوم تستطيع ان تمتلك من الحكمة والايمان والقوة والاهم من ذلك الخبرة والتجربة في البقاء والاستمرار والوجود.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من يخاف ان تمتلك الكنيسة قدرة التعامل مع فن الممكنات السياسية دون ان تتجاوز حدودها الروحية. ان تكون واضحة في حدود ممارساتها وفعالياتها وصلاحياتها. مؤسسة روحية حية وفاعلة في حياة انساننا اليومية. لها مواقفها الايجابية والمبدأية من قضية بقاء شعبها وصيانة هويته وثقافته ووجوده على ارضه التاريخية. كنيستي لا يجب ان تكون مؤسسة جامدة تعني بشؤون تخدير الانسان بأفيون (خلاص الذات ونيل ملكوت السماء الابدية ) من خلال مواقف الانعزال السلبي واللامبالاة بما يجري لانساننا وشعبنا ووطننا، بل كنيستي لها الدور الرئيسي في تقوية ذات الانسان لمواجهة صعوبات واقعه وتغييره نحو الافضل.

 

كاهني محترم

هل أغير كنيستي لان فيها من نسى ان كاهن كنيسة المشرق حمل صليب يسوع المسيح على ظهره وسار حافي القدمين وبرداء رث فقير فوصل الى الاقاصي ليبشر برسالة وحضارة انسانية لا تريد للبشرية الا الخير والامن والسلام.

كاهن كنيسة المشرق لم يكترث بوخز اشواك الطريق ووعورة جباله ووديانه وهضابه الغائرة، سلك الطريق الذي كان محفوفا بالمخاطر والهلاك. كان صليبه وايمانه العميق اقوى من اي سلاح لدرء الاخطار.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف ان كاهني اليوم محترم حين يحمل هو ايضا صليب الالام على ظهره لا يكترث بقيض وحرارة الصيف او برودة الشتاء القارس، لا يهمه على اي فراش يرقد واي مكان يبيت، لا يهمه اي طريق او وسيلة يسلك للوصول الى الرعية، المهم محبة اللقاء ومتعة الحوار لانه الايمان بوعد الله بان يكون ايضا حاضرا في المكان. لا يهمه اي مأكل او شراب يقدم له، فحوار الايمان والسلوى مع الانسان هي له الارتواء والارضاء والنشوان.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يفهم بان كاهني محترم حينما يستطيع ان يمثل شخصية المسيح على الارض، المسيح الذي لم يعتكف ويعزل نفسه في صومعة اوقلعة حصينة او قصر كبير. مسيح البشرى والفرح يعاشر الرعية في افراحهم ومسراتهم. مسيح الالام والمعاناة، خير مواسي ومعزي للحزانى والبائسيين والمرضى والمقهورين، باقي صامد وصابر معهم في الدار يطيب الجراح ويُهدأ من خوفهم وقلقهم، يجوع يصوم ويشقى مع الجياع المنكوبين والشقاة. انه الراعي الامين الذي لا يترك (خرافه) عرضة للذئاب المفترسة. انه حقا صورة المسيح على الارض.

 

هل أغير كنيستي لان هناك من لا يعرف ان كاهني محترم حين يملك حكمة الحيات وليس خبثها، لا تجد في قريحته لدغة الحقد والضغينة والكراهية. لا يوجد في قاموسه كلمة البغض ومرادفاتها. انها شخصية الحمام الوديع التي يؤنس بها الناس ويحترمها ليس لانها ترتدي جبة القداسة، بل لانها تحاول قدر استطاعتها البشرية ان تجسد على الارض كمال يسوع الانسان.  

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بأن كاهني محترم حين يكون مصفر من كل الامراض الاجتماعية القاتلة، فالعشائرية عنده مقيتة الى حد الغثيان. المحسوبية والمنسوبية أفة يحاربها بضرواة، الانتهازية ومغازلة الكبار بسبب السلطة، الشهرة او الغنى والمال هي من الممنوعات وخطوط حمراء في قاموس حياته ومواقفه. عائلة كاهني وعشيرته وحسبه ونسبه وماله وغناه هو شعبه ورعيته وارضه وكنيسته وايمانه وانسانيته.  

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بان كاهني محترم عندما تكون شخصية واعية، دائما تراها ساعية الى صقل ذاتها بالمعرفة وبحار العلوم والفلسفة. واهم فلسفة عندها هي فلسفة الحياة الذي يغترف منها الخبرة والحكمة والتجربة من خلال تفاعله واحتكاكه ومعايشته اليومية للناس والمجتمع. ثم عقيدة وفقه ولاهوت المسيحية والكنيسة المشرقية منقور في الفكر والكيان ويجري في العروق والوجدان. شخصية تهتم بالاطلاع على فلسفات وديانات وتاريخ كل الازمان والعصور. حتى الماركسية والوجودية والاسلام والبوذية وشفرة دافنشي واخرون ليست عنده من المحرمات والممنوعات، لانه يمتلك القدرة على التعامل مع المختلف والمغاير واللامعقول. فلما الخوف والتردد والارتباك من الأخر الموجود.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بان كاهني محترم في الكنيسة، عندما يفلح من على المذبح المقدس ان يقرب الرعية الى الله. كرازته جميلة فيها الزبدة وخلاصة الحكمة، السلاسة في الصورة والتعبير، المتعة في الاستماع والتأمل والتفكير. الكتاب المقدس والصليب في يده يثير البشرى والفرح والامل في النفوس، يعود الفرد الى داره وروحه غامرة بالهدوء الروحي والاطمئنان وحب الانسان والحياة على الارض الطيبة التي خلقها له الله ليسعد فيها ويعيش الحب والسلام والامان.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بان كاهني محترم في الكنيسة حين يجعل الرعية (الخاطئة) لا تحس بان الصليب في يده هو سيف بتار يقطع الاوصال من رعب وهلع وخوف من جحيم دانتي وجهنم النار.  بل يذكرالرعية دائما بأن خطاياهم مغفورة بدم يسوع المسيح، فالمسيحية والكنيسة هي بيت الله المليئ بالمحبة والبهجة والسرور، وليست مكان للجلد والرجم والامتهان ودق اعناق البشر (المحكومة) بالخطيئة.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بان كاهني محترم حين لا ينشد السلطة والجبروت مقابل حضور الرعية (بخطياها) للاعتراف ونيل الغفران. كاهني هو اول الراكعين امام الله طالبا الغفران لنفسه ولرعيته، فهو الحاضر الدائم ليكون اول الخاطئين والساعين للغفران. كيف نستطيع ان لا نحب ونحترم مثل هذا الانسان المتواضع البسيط ، وفي القلب عملاق يرتقي علو المكان.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بان كاهني محترم حين يعي مسؤوليته ودوره المهم في المجتمع دون غرور او رغبة امتلاك سلطة الحاكم العليم في كل الامور، واعظ في كل مكان واوقات، الأمر والناهي في امور الدنيا والاخرة. كاهني واعي بحدود صلاحياته الكهنوتية في حدود ادارته وليس اكثر. اما تواجده في امور الدنيا والمجتمع يكون زاهي عندما يستطيع ان يخلع عنه رداء الكهنوت الرسمي ليصبح اخ واب وصديق وجيران. يستمع اكثر مما يريد إسماعه، يتعظ اكثر مما يوعظ، يأنس في جلساته مع الكهولة وحديث الذكريات وايام الخوالي، أخذ العبر ودروس غنية والخبرة في الحياة.  يحاور الشبيبة بروحيتهم، يصغي الى نظرتهم لتحديات عصرهم وزمانهم ومحاولة فهم خياراتهم لمسارات مختلفة لخوض تجاربهم في الحياة والتي قد احيانا يشوب فيها مظاهر تكون ضمن مفاهيم الكبار علامات للتسرع،العبثية، التطرف،الارتجالية والجسارة الشبابية الطبيعية. والكاهن الواعي هو الذي يستطيع ان يتفهم ويستوعب تطلعات وطاقة الشباب ويتفاعل معها بايجابية لكي تخوض الشبيبة تجاربها بأقل الخسائر لتمر بسلام الى مرحلة النضوج والالتزام.

 

هل أغير كنيستي لان فيها من لا يعرف بان كاهني محترم عندما استطاع ان يبني الكنيسة اولا في قلب الرعية قبل ان يبني الكنيسة في البناء والعمران. بناء الكنيسة ليست عند كاهني سباق ومبارزة مع الاخرين للظهور والشهرة الشخصية على حساب ثقل واعباء يحمله على الرعية والناس. كاهني يؤمن ايمانا واعيا بأن الكنيسة لم تعد فقط جدران ومكان لتمارس الناس فريضة العبادة والصلاة. بل الكنيسة يجب ان تكون اليوم كيان حي في فكر انساننا يحقق من خلالها احساسه بالوجود والهوية الثقافية والانسانية لمجتمعه وشعبه وامته.

 

نعم .. ممكن .. ولكن

في الاخير اقول نعم قد تكون كنيستي اليوم متواضعة في امكانياتها، قدراتها، نتاجها، مكانتها وتأثيرها في الشؤون المحلية والعالمية. قد تكون كنيستي اليوم صغيرة في حجمها ومدارسها ومؤسساتها وماليتها. ممكن كنيستي اليوم ينقصها الادارة المؤسساتية الحديثة المواكبة لمتطورات العصر والعولمة والتكنولوجيا. ممكن كنيستي اليوم قد اصابها نوع من وهن الايمان الروحي بالرسالة اليسوعية المسيحانية.

 

ولكن هل يبرر كل هذا ان أغير كنيستي. كلا ايها الاحبة لا اجد مبرر ان اغير كنيستي باخرى مسيحها لا ينطق لغتي ولا يعرف اهمية وقيمة موروث شعبي في حياتي اليومية. كيف ارضى بعد الفي عام من التعامل مع يسوع شعبي ان ارضى بمن يريد ان يعرفني اليوم من يكون المسيح. كيف ارضى لنفسي ان اقول لشهداء كنيستي بأن شهادتكم هي غباء وهباء وسراب وهم الذين تركوا لنا بشهادتهم خزين من العلوم والمعارف والحكمة.      

كلنا يعرف ما فعلته سياسة التبشير بشعبنا وامتنا ودروسها البليغة قد تعلمناها ونحاول جاهدين حتى ان نتجاوز سلبياتها الى مرحلة التعامل الايجابي مع التعددية الكنسية بشكل يخدم قضيتنا المصيرية. واليوم نملك من الوعي ما يدفعنا للعمل من اجل ان يكون للكنيسة دور ايجابي في حياتنا اليومية وذلك من خلال تطويرها واعلاء شأنها بالعمل والنقد الجريئ البناء لها. وأول خطوة للبناء هي بناء الانسان الواعي في شعبنا. عندها نضمن بان يكون لشعبنا كهنة واعية وكنيسة متقدمة.   

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.          

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.