اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعـظمي (7)- زيارة محمد القبانجي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوميات حسين الاعـظمي (7)

 

زيارة محمد القبانجي

      لقد كان عام 1973 وعام 1974، وعلى الاخص عام 1974، كثيفا ومتسارعا في احداثه الفنية بالنسبة لي، فقبل ان ينتهي هذا العام، زارنا الى معهد الدراسات النغمية العراقي، استاذ الجميع مطرب العصور المقامية محمد القبانجي، ليطلع على ما انجزه المعهد خلال السنوات الاربع التي مرت على تأسيسه، باعتبار ان فكرة تاسيس المعهد كانت من بناة افكاره كما مر بنا في حلقة سابقة. فكان يوم الحادي عشر من تشرين الثاني من هذا العام 1974، يوما مشهودا يتذكره الجميع، يوما لاينسى حقا، جاء الاستاذ القبانجي الى المعهد وبصحبته مجموعة من مغني المقام العراقي. وهم شهاب الاعظمي ومجيد رشيد ويونس يوسف وحسن البناء والملا بدر الاعظمي وغيرهم. وكان في استقباله مدير المعهد الدكتور صبحي انور رشيد وبقية الاساتذة، منهم الاستاذ روحي الخماش والاستاذ شعوبي ابراهيم والشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد الذي كان يدرسنا مادة اللغة العربية والاستاذ غانم حداد وغيرهم. كان الترحيب بالضيوف من قبل المدير والاساتذة والطلبة جيدا جدا.

        لقد تم تحضير مكان في صالة المعهد الوسطية الكبيرة نسبيا لجلوس الضيوف، القبانجي مع الزملاء المرافقين ، وكذلك الاساتذة وبقية طلبة المعهد، ثم نودي على بعض الطلبة ممن له صوتا غنائيا كي يقدم احد المقامات العراقية التي تعلمها في المعهد امام الضيوف.

      كان الاستاذ شعوبي ابراهيم عازف الجوزة، والاستاذ روحي الخماش عازف العود، والطالب امجد خضر هندي عازف الايقاع. هم من رافق الطلبة الذين تم اختيارهم للغناء امام الضيوف. حيث غنى اولا الطالب حسين الوردي مقام الحكيمي وهو من طلبة الدورة الثانية، ثم غنى الطالب جودت عبد الستار مقام الاوج وهو من طلبة الدورة الاولى، بعد ذلك غنى الطالب صلاح عبد الغفور مقام البنجكاه وهو من طلبة الدورة الثالثة. واخيرا جيء بي وانا من طلبة الدورة الرابعة، لاجلس امام ملهمي الكبير وباقي الضيوف لاغني مقاما رئيسيا، مقاما يصعب على شاب في عمري ان يغنيه، خاصة امام مطرب الاجيال محمد القبانجي..!  وكان مقام الحجاز ديوان.

ان الحديث عن تفاصيل هذه الليلة التاريخية كثير جدا. ولا يسعني الآن ان اضعها في هذا الحيز الصغير، وقد سبق لي ان تحدثت باسهاب عن هذه الليلة في اكثر من لقاء وحوار تلفزيوني وكذلك في حوارات صحفية.

على كل حال، غنيت مقام الحجاز ديوان بقصيدة جديدة غير مغناة من قبل..! وهي قصيدة للشاعر البهاء زهير، اطلعت عليها في كتاب (المقامات) تأليف استاذي شعوبي ابراهيم، فراقت لي واخترتها كي اغنيها في مقام الحجاز ديوان..! وعندما شرعت بالغناء، كان الجميع ينصت لي وعنصر الدهشة والمفاجأة يغلب عليهم..! كيف يجرء لشاب مثلي ان يغني امام مطرب القرن العشرين مقاما رئيسا كالحجاز ديوان..؟ بل كيف يجرء ان يغنيه بقصيدة جديدة غير القصيدة المغناة في اسطوانة استاذ الجميع محمد القبانجي التي كانت للفاتح النحاس..!؟ والاكثر من كل ذلك، كان اسلوب الغناء قد اختلف تماما على اسلوب مطرب الاجيال القبانجي..!

      هذه الامور وامور اخرى كثيرة لا مجال لذكرها تفصيليا الآن، كانت مثار انتباه ودهشة كل الحاضرين بما فيهم استاذنا القبانجي. واتذكر جيدا عندما وصلت الى غناء قطعة القزاز (جنس بيات) اوقفني الاستاذ القبانجي، وقال لي معلقا.

-    ابني حسين، قطعة القزاز جميلة جدا في مقام الحجاز ديوان، فهي صلب هذا المقام، تربط بين الحجاز وقطعة الصبا الآتية في نهاية المقام. وانا في اسطوانتي لمقام الحجاز ديوان، غنيتها بأكثر من بيت شعري، لانها تتحمل بعض التكرار لجمالها وتعبيرها المؤثر..!

اخيرا اكملت غناء مقام الحجاز ديوان، الذي امتلك نسخة مسجلة له في ذلك اليوم الاثير، وفي نهاية هذه الزيارة التاريخية، قال استاذنا القبانجي كلمته الاثيرة التي كانت منعطفا كبيرا جدا بالنسبة لي، ونقلتني الى آفاق جديدة، خاصة بعد نشر الخبر مع صورة في جريدة الثورة، وهي كبرى صحف العراق، تجمعني باستاذ الجميع محمد القبانجي من وقائع هذه الزيارة الخالدة، وتصريحه التاريخي حيث قال (الطالب حسين امل ومستقبل المقام العراقي، ووصيتي لادارة المعهد والهيئة التدريسية، الاهتمام بهذا الطالب والاخذ بيده الى التعلم والمعرفة في العلوم الموسيقية والمقام العراقي، اتمنى له النجاح ان شاء الله).

      لقد كان الخبر والصورة المنشورة في جريدة الثورة عن هذه الزيارة، قد انتشر بين الجماهير والاوساط الفنية كالنار في الهشيم..! واصبح اسمي يذكر مع الاسماء المعروفة من مغني المقام العراقي، بل كانت هذه الزيارة وتفاصيلها، قد ترتبت عنها امورا ايجابية كثيرة حصلت عليها، وسيأتي تأثيرها تباعا عندما نتحدث عن المنعطفات الاخرى ان شاء الله..

      بعد انتهاء هذه الزيارة التاريخية لاستاذنا القبانجي، عدت الى الاعظمية بمعية الاساتذة الملا بدر الاعظمي والاستاذ شعوبي ابراهيم والمطرب شهاب الاعظمي، وقد قال لي المرحوم شهاب، ابني حسين، جاءني الخبر بالحضور الى المعهد هذا اليوم من قبل الاستاذ القبانجي مع بقية من حضر معي من المقاميين، وعندما التقينا بالاستاذ القبانجي قبل وصولنا الى المعهد، لاننا جئنا سوية بمجموعنا الى المعهد. قال لي الاستاذ القبانجي باعتباري من الاعظمية. لقد سمعت ان طالبا في المعهد يغني في المتحف البغدادي اسمه حسين، وهو من الاعظمية ، ويقال عنه انه جيد عسى ان نسمعه اليوم..! وهكذا كانت هذه الزيارة..

 

نكمل حديثنا في حلقة قادمة ان شاء الله

وللحديث شجون

   

 

صورة 12/ صورة جامعة للاستاذ القبانجي والضيوف واساتذة وطلبة المعهد في نهاية الزيارة

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.