كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعـظمي (18)- محيط الاساتذة / ج1

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 يوميات حسين الاعـظمي (18)

 

لمتابعة الحلقات السابقة على الرابط

http://www.tellskuf.com/index.php/authors/206-adami.html

 

محيط الاساتذة / ج1

      منذ ان انتميتُ الى معهد الدراسات النغمية العراقي، كطالب فيه لدراسة الموسيقى بصورتها العامة، وغناء وموسيقى المقام العراقي آلات فرقة الجالغي البغدادي (1) ، بدأت فرصة اخرى جديدة بالنسبة لي، كانت اولها الدراسة الموسيقية ومجموعة من الدروس الاخرى التي تساعد على تقوية اسس الطالب الموسيقي ثقافيا وعلميا وفنيا ، لأكون اول مطرب للمقام العراقي تتاح له مثل هذه الفرصة النادرة..! ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، اعيش وسط هذا المحيط  والواقع المتزايد في النمو والتطلعات الطامحة الى التقدم والتطور والمزيد من الانجازات. خاصة وان بلدنا العزيز قد بدأ يعيش منذ مطلع العقد السبعيني بواقع اقتصادي ينمو رويدا رويدا من خلال تاميم كل شركات النفط الوطنية فيه عام 1972..! الامر الذي ادى الى نمو كل او معظم مرافق الدولة زمنذاك ومنها الجانب الفني والموسيقي.

      لم يكتفِ المعهد بأساتذته العراقيين، بل استعان بأساتذة آخرين قدموا من دول عربية وغرب آسيوية واجانب..! شاركوا زملائهم العراقيين في التدريس. فجيء باساتذة من تونس بالاستاذ صلاح المانع في تدريس آلة الناي. وفي تدريس آلة القانون والصولفيج والاملاء الموسيقي بالاستاذ النوري الرباعي (2) ، فضلا عن الدكتور محمد خماخم الذي درسنا النظريات الموسيقية مع دروس اخرى.

      ومن جانب آخر، تم استقدام استاذين مهمين من تاجكستان السوفيتية، لتدريس الآلتين المهمتين لفرقة الجالغي البغدادي- الجوزة والسنطور- انطلاقا من ان المعهد اسس وتخصص بغناء وموسيقى المقام العراقي وآلتيْ فرقة الجالغي البغدادي (الجوزة والسنطور). وهما إلماز عبد الله ايف على آلة السنطور، ورحمانوف على آلة الجوزة. وكان هناك عازفا اوربيا من هنكاريا على آلة السنطور يدعى سيناتشي، مارس التدريس لفترة وجيزة في المعهد على هذه الآلة.

      ان هذا الواقع العلمي والثقافي والفني الذي خيم على اجواء المعهد، لا يعني ابدا عدم كفاءة المدرسين العراقيين..! بل العكس تماما. حيث كان اساتذتنا العراقيون من خيرة الاساتذة وفي كل انواع الدروس، ولكن يبدو ان الاحتكاك والاطلاع على طرق واساليب التدريس والمعلومات من خارج بلدنا، كان مطلبا مهما بادرت به دائرة الفنون الموسيقية التي يتبع لها المعهد اداريا في وزارة الثقافة والاعلام.

      هذا الواقع العلمي والفني الذي ساد اجواء المعهد في السبعينات، حتى في السنوات الاولى من عقد الثمانينات. تكون آلتيْ فرقة الجالغي البغدادي– الجوزة والسنطور– قد انتقلتا انتقالة فنية وعلمية جوهرية عميقة من حيث امكانيتهما الآلية وتطور طرق العزف عليهما..! بحيث يمكننا القول ونحن مطمئنون، الى ان تاسيس المعهد كان على الاقل بالنسبة لهاتين الآلتين، انعطافة جوهرية كبيرة ما بعدها انعطافة..! وعليه يمكننا ان نتحدث عن هاتين الآلتين، الجوزة والسنطور، ما كانت عليه قبل تاسيس المعهد، وما اصبحت عليه بعد تاسيس المعهد..! وهكذا يكون معهد الدراسات النغمية العراقي واحد من اعظم الانجازات الفنية والعلمية على مدى التاريخ الفني والموسيقي في بلدنا الغالي..! 

والى حلقة الجزء الثاني من هذا الحديث ان شاء الله

وللذكريات شجون

 

  1- الجالغي البغدادي : لقد تعارف الناس على تسمية الفرقة الموسيقية الصغيرة التي ترافق غناء المقام العراقي بـ (جالغي بغداد) وكلمة جالغي تركية الأصل ترجع إلى التعبير المركب من (جالغي طقميسي) الذي يعني جماعة الملاهي ، وتتألف آلات الجالغي البغدادي من :  السنطور  والجوزة والطبلة والرق .

  2- النوري الرباعي :  لم اكن منتبها ابدا ، الى ان المطرب التونسي الشهير هذا اليوم ، صابر الرباعي هو ابن استاذنا في المعهد النوري الرباعي ..! الذي كان يأتِ به مع ابنائه الاخرين الى المعهد وهم صغارا ، ونحن كطلاب نداعبهم ، وعليه اميل ايضا ، الى احتمال ان يكون صابر قد ولد في بغداد خلال تواجد عائلته فيها ابان تدريس والده في معهدنا ..! ومصدر هذه المعلومة ، من احد تلامذتنا القدامى في المعهد الذي يقيم الان في كندا – وائل محمود - عند زيارته الى الاردن قبل اشهر من الان وذكرني بهذا الموضوع ..

 

صورة 1 / او عازفين لآلتيْ الجوزة والسنطور بعد رحيل عازفيها مطلع الخمسينات ، الحاج هاشم الرجب وشعوبي ابراهيم