اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعـظمي (31)- حسين الاعـظمي عام 1969

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 يوميات حسين الاعـظمي (31)

 

لمتابعة الحلقات السابقة على الرابط

http://www.tellskuf.com/index.php/authors/206-adami.html

 

 

الاعظمي في عام 1969

 

 حسين الاعـظمي عام 1969

        لهذه الصورة، علاقة بمرحلة المراهقة التي مررت بها في الستينات من القرن العشرين، فقد تم إلتقاطها في ستوديو حنان الكائن في رأس الحواش بالاعظمية .. وذلك في عام 1969 .. أي أن عمري كان قد ناهز السبعة عشر عاماً.. ورغم حداثة سني، فقد كنت أعي منذ أن بدأ إهتمامي العفوي بشؤون الغناء والموسيقى في بواكير حياتي، بأن الاعلام الفني أو الاعلام بصورة عامة، كان ضعيفاً في بلدي العراق، بحيث أن أكبر شخصية في العراق قد لا يعرفها أحد خارج حدود الوطن، في حين أن أي فنان أو شخصية ما عربية، نجدها مشهورة عندنا، مهما كانت قيمتها ، وعلى الأخص من الفنانين المبتذلين من مغني ومغنيات الليل والمجون والتخدير ، بل في بعض الاحيان مفروضة علينا، وذلك أشبه بالاستعمار الثقافي غير المنظور أو الملموس.. وقد كنتُ أشعر بهذا الذل الاعلامي الذي يلاقيه مشاهيرنا، وأشعر كذلك ، أن خضوعاً جماهيرياً عفوياً جاهلاً في الاعجاب بالنتاجات غير العراقية في بلدي العراق موجود بقوة، دون إعارة الاهتمام الذي يستحقه النتاج الفني أو غير الفني للشخصية العراقية بشتى المجالات، وكنتُ أشعر على هذا الاساس، أن الغالبية من الجماهير في العراق بل وحتى في بعض الدول العربية، هم أسرى هذه الجماليات وهذا الزخ الاعلامي المركز على نتاج معين من النتاجات العربية دون غيره، حتى وصل الامر الى العمل المقصود في حجب النتاجات العراقية أو ربما محاربتها محاربة تنافسية غير شريفة، وهي أيضا محاربة موجودة حتى لبعض النتاجات الفنية لفناني بعض الدول العربية ومحاربتها كذلك .. وتعامل منتسبوا الفن الغناسيقي على وجه الخصوص، المهيمنون على مقاليد الاعلام الفني والتسويق في البلاد العربية فيما بينهم مثلما يتنافس ويتآمر السياسيون فيما بينهم أيضاً، التي يصل الامر فيها حتى الاجرام من أجل الهيمنة والسيطرة والوصول الى السلطة بصورة إحترافية مهما كلف الامر وبأي وسيلة كانت..! وعليه فقد كنتُ أمتعض كثيراً حينما أرى وأشعر بهذه الظواهر الثقافية المهيمنة على إرادة ذوق وجماليات المواطن العربي وبصورة تكاد تكون قسرية..! الأمر الذي أدى الى ولادة شعور قوي جداً في داخلي لتحدي هذه الظواهر ، ولم أستطع التفكير باحتمال تـَقَبــُّـلـِها أبداً، وظل هذا الشعور في التنامي زمنا طويلا..

 

         على كل حال، قد أكون مخطئاً أو مصيباً في توجهي أو تفكيري الذوقي والجمالي وأنا في مرحلة المراهقة التي كانت من نتائجها، تشجيعي، بل تعصبي لأي نتاج عراقي مهما كانت قيمته الفنية، وأعتقد أنها في الحقيقة كانت ردود أفعال للواقع الذي كنت أحسه، وليس هو تعصب بمعنى التعصب الجاهل للأمور .. بل كنت فيما أعتقد، في ثورة عارمة وتحدي لهذه التوجهات الجمالية المهيمنة والمزيفة، ورافضاً جداً أن أكون أحد أسراها وخاضعاً لها..

 

           على الاجمال، كان تذوقي وتفكيري وتجربتي حسب حداثة عمري في الستينات، على هذا المنوال.. الأمر الذي يمكنني فيه أن أعترف الآن بأن هذه الفترة من مراهقتي وتطلعاتي الجمالية والفكرية والتذوقية لم تزل بعض آثارها موجودة فيَّ حتى هذا اليوم، فالوضع ما زال نفسه وان يكن بصور مغايرة..

 

          في خضم هذه الجماليات والافكار والتوجهات الذوقية، حفظت الكثير من الاغاني العراقية على وجه التخصيص، فضلاً عن حفظ أغاني كثيرة أخرى لمغنين عرب ، وكنت في هذه المرحلة أقلد الكثير من مغنين أو قراء تلاوة قرآنية أو معلقين أو مذيعين أو كل ما كنت أسمعه من أصوات مختلفة في كل مجال من المجالات، ولعلني من الجدير بي أن أذكـِّر القارئ الكريم بأن عقد الخمسينات والستينات من القرن العشرين قد شهد ذروة شموخ وازدهار الاغنية البغدادية في العراق، والمثال النادر والقاطع على صحة هذا القول هو ظهور فنان القرن العشرين ناظم الغزالي الذي غزا الذوق العربي وحطم كل الحدود والحواجز التي كانت موصدة في وجه الفنان العراقي للانتشار في أرجاء الوطن العربي، ولسان حاله يقول.. إنه إبداع المقام العراقي.. إنه إبداع محمد القبانجي.. إنه إبداع ناظم الغزالي.. إنه الفن العراقي بروحه وكيانه .. أعيدوا النظر في فنــِّكم أيها الفنانون..!!

 

           والانجاز الأكبر من كل ذلك، هو أن ناظم الغزالي، كان قد إنتشر إنتشاراً عظيماً لم يسبق له مثيل، في كل أرجاء الوطن العربي الكبير ، بالغناء والتعابير المحلية العراقية، دون أن يتعكز على أي غناء وتعابير اخرى من خارج حدود الوطن.. وذلك هو القيمة الحقيقية للشهرة والنجاح والفوز العظيم..

       يبدو أنني أطلت الحديث عن هذا الموضوع الصغير – حكاية هذه الصورة – فحكاية الصورة المرفقة بهذه الحلقة ، هي أنني شاهدت مرَّة وأنا أتصفح بعض صور الفنانين العراقيين التي كانت تباع في المحلات والاسواق وعلى الارصفة، صورة للفنان الكبير فاروق هلال، الذي كان يتمتع بشهرة طاغية في العراق خلال الستينات باغانيه العاطفية، وطبيعي كنت حافظاً لكثير من أغانيه الجميلة ، منها مثلاً أغنية - سوف تمضين – للشاعر الاعلامي ابراهيم الزبيدي و- ياعيني على رقة حبيبي - وغيرهما، وقد أعجبتني الصورة من حيث جلسته، أو أعجبني  المصور الفوتغرافي الذي إلتقطها له، فما كان مني إلا أن اشتريها واقتنيها ضمن مكتبتي الخاصة الفتية، ولم اكتفي بذلك ، فقد ذهبتُ الى الاستوديو القريب من بيتنا – ستوديو حنان – الواقع عند رأس الحواش ، وأخذت صورة كهربائية محاولاً فيها  تقليد جلسة الفنان فاروق هلال أمام كاميرا التصوير .. فكانت هذه الصورة المؤرخة عام 1969 ..

 

 

وللذكرى شجون

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.