اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (100)- مفارقة سفراتي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (100)

 

مفارقة سفراتي

       قضيت سنوات الدراسة الابتدائية دون ان اسافر في اي واحدة من السفرات الطلابية المدرسية..!؟ والسبب هو المرحومة والدتي التي لا يطمئن قلبها وانا مسافر في مكان ما مع تلاميذ المدرسة بعيدا عنها..! وعليه لم تكن لي اي تجربة في السفرات الطلابية طيلة الدراسة الابتدائية. وتركيزي على هذه المرحلة من الدراسة، لانها اقدم المراحل الحياتية التي يمكن من خلالها ان يستهل الانسان حياته مختلطا بالآخرين بصورة مباشرة، والعلم في الصغر كالنقش على الحجر. فرسوخ هذه الذكريات من هكذا مراحل، يكون عميقا جدا في الذاكرة ولا يمحى بسهولة ابدا..! وتكررت هذه الحالة في عدم خوضي تجربة السفرات الطلابية في كل المراحل الدراسية التي تلت المرحلة الابتدائية..! وبقيت هذه القضية مؤثرة في نفسي وذاكرتي وذهني حتى يوم الناس هذا..! كل تلاميذ السفرات من زملائي عندما يعودون من سفرتهم المدرسية، يتحدثون بها اياما في سرور وفرح بعد عودتهم الى دوام المدرسة، فضلا عن الصور التذكارية وتناول تفاصيل ما جرى لكل تلميذ من التلاميذ في سفرته التي عاد منها. وانا مستمع منصت لما يقولون ويعبرون عن ابتهاجهم في ساعات السفرة المدرسية.

 

      بعد كل سنين الدراسة التي مرت وفي كل مراحلها، لم اذق طعم سفرة واحدة ابدا كما قلت..! ومن الطريف ذكره . عندما شاركت في اول سفرة طلابية لي، حيث كانت مع سفرة معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1981، وكانت الى المصيف السياحي في مدينة الحبانية، ولكن هذه السفرة تختلف كثيرا عن السفرات الطلابية الاخرى السابقة التي اتحدث عنها في حلقتنا هذه، ففي هذه السفرة  كنت معيدا مدرسا في المعهد ولم اكن طالبا، وفيها كنت متزوجا ولي ابنتي البكر في شهورها الاولى (وديان) ، ومع ذلك لم نتمتع حتى في هذه السفرة ، التي بتنا فيها ليلة في مدينة الحبانية، لاننا نسينا قنينة حليب طفلتنا في البيت ولم نجلبها معنا..! ولم نستطع الحصول على اي قنينة اخرى، وعليه لم يتسنى لنا السهر مع المدرسين والطلبة في مطعم الحبانية، تلك السهرة التي ظل يتحدث عنها الطلبة والاساتذة زمنا طويلا..! ولم نستطع مشاركتهم في استمتاعهم بهذه السفرة، التي كانت الاولى بالنسبة لي مع الطلبة، حتى لو كنت فيها معيدا في المعهد وليس طالبا..! 

 

      على كل حال، ربنا العظيم سبحانه وتعالى، له شأن رباني، عوضني به اعظم تعويض..! تعويض ما لم يكن في الحسبان، فقد سخر لي ربي العظيم، الشخصية النادرة الموسيقار منير بشير، الذي اكتشفني وقدمني الى العالم، بل فتح لي العالم على مصراعيه، محطما كل الابواب التي كانت موصدة في وجه العراقيين، وغير مجرى حياتي كلها..! معلنا للعالم وناشرا تراثنا الغنائي والموسيقي في كل بقاع الدنيا..! فكانت سفراتي الفنية على مستوىً عالٍ من الرفعة والفن والثقافة، وقد تجاوزت الحد المعقول في كثرتها وكثافتها في بلدان كانت حلم اي انسان عراقي ان يصلها، وكانت سفرتي الاولى هي اول الغيث واخره قطر..! الى ايطاليا وتونس، التي لم استطع حتى الان وصف مشاعري فيها وانا اخرج من بلدي لاول مرة الى بلدان اخرى..! ثم تلتها سفرات كثيرة جدا بحيث صعب عليّ عدها واحصاؤها..! لكل اوربا وامريكا واليابان واستراليا وامريكا الجنوبية وغيرها الكثير..! وقد توزعت هذه السفرات في كل القارات. فضلا عن تكرار الكثير من السفرات الى نفس الدول التي زرتها فنيا سابقا ولاكثر من مرة، بل مرات عديدة لكثرة من الدول. حتى بلغ عدد الدول التي زرتها حتى اليوم، يزيد عن سبعين بلدا..! ما عدا تكرار الزيارات الى نفس الدول لمرات عديدة، والابهى من كل ذلك، ان سفراتي الفنية كلها كانت ذات منحى ثقافي، وليس من اجل الترفيه او التطريب او الاستهلاك او حفلات المطاعم وغيرها، وانما على مستوى المهرجانات الثقافية الفنية الدولية المنتشرة في بقاع العالم على اعلى المستويات. كل ذلك بفضل ما علمنا اياه استاذنا الراحل الموسيقار منير بشير رحمه الله تعالى. الذي وضع وخط لنا اسسا ومنهجا ثقافيا اخلاقيا فنيا، نحترم فيه جمهورنا وفننا وانفسنا، كي نرسل رسالتنا الانسانية والغنائية والموسيقية الى الناس جميعا بكل احترام وتقدير، ليحترمنا الجمهور بالمقابل في اقل تقدير..! فتجربة استاذنا منير بشير، اعطتنا المقاييس الصحيحة للتعبير عن الفن الراقي والاخلاق السامية والثقافة المعاصرة..!

      هكذا كانت المفارقة الكبيرة التي حُـرمتُ منها في طفولتي واستمتعتُ بها في حياتي..! وهكذا عوضني ربي العظيم اعظم تعويض، وجعلني اشاهد ما لم يكن في الاحلام الا في قصص الف ليلة وليلة..! فكم من الملاحظات، وكم من المشاهدات، خلال سفرات لاتعد ولا تحصى والحمد لله على نعمه حمدا كثيرا.

وللذكرى أثر عميق

 

اضغط على الرابط

مقام الجبوري من منقبة نبوية د. حسين الاعظمي 1975

https://www.youtube.com/watch?v=KITYL11RCro

منقول من موقع المدرسة البغدادية والنغم الاصيل عن طريق الاستاذ سلام العامري مع الشكر الجزيل.

 

 

حسين الاعظمي مع زوجته وابنته البكر وديان في الحبانية عام 1981 خلال سفرة المعهد الطلابية

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.