كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (117)- مهرجان ايام الموسيقى العربية لدول المشرق العربي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (117)

 

 (مهرجان ايام الموسيقى العربية لدول المشرق العربي)

شباط 1985

       في شباط من عام 1985 حيث كنت في هذه الاونة مديرا لفرقة التراث الموسيقي العراقي الاولى والثانية التي اسسها المدير العام لدائرتنا الموسيقار الراحل منير بشير كفرقة ظل للفرقة الاولى، وكذلك كنت مدرسا في معهد الدراسات الموسيقية. وما هو معلوم للملأ، بأن طلبة المعهد في الثمانينات كانوا امتدادا لنجاحات طلبة المعهد في السبعينات، فقد اطلق على نجاحات طلبة عقد السبعينات بـ العصر الذهبي للمعهد..! رغم انه العقد الاول منذ تاسيسه عام 1970. ومن ابرز طلبة العقد السبعيني كان حبيب ظاهر العباس وسالم عبد الكريم وداخل احمد ومحمد زكي وصلاح الخطيب وسعد عبد اللطيف وامجد خضر هندي وهيثم شعوبي وسعدي السعدي وصلاح عبد الغفور وحسين الاعظمي ومحمد كمر وسعيد فريح وغيرهم الكثير من الطلبة الذين شغلوا الدورات الاولى لطلبة المعهد. كذلك لو نظرنا الى القيمة الفنية لطلبتنا بالمعهد في الثمانينات فسنرى ان الكثير منهم قد نالوا الاحترام الجماهيري والشهرة الواسعة التي تجاوزت حدود المحلية العراقية..! ولعل اسماء مثل احمد نعمة وعبد الكريم عاشور ووسام ايوب العزاوي وعبد الكريم بنيان ومحمود انور وكاظم الساهر ونصير شمة وفريدة محمد علي وعلي كامل وغيرهم الكثير توحي بالقيمة الفنية الكبيرة لطلبة الثمانينات.

 

على كل حال، في يوم السادس من شباط 1985 غادرت فرقة التراث الموسيقي العراقي الى باريس للمشاركة في مهرجان (ايام الموسيقى العربية لدول المشرق العربي) حيث حدد يوم الثامن من شباط يوما لحفلة العراق. وكذلك الذهاب الى المانيا بعد فرنسا لاقامة مجموعة من الحفلات في بون وميونخ وكولن وفرانكفورت وبرلين، وفي هذه المهمة الفنية كانت فرقتنا الموسيقية التي سترافقني في غناء المقامات العراقية في حفلات هذه الجولة الاوربية، مكونة من خليط فرقتيْ التراث الاولى والثانية. حيث تكونت من العازفين سامي عبد الاحد واحمد هربود وعبد الكريم هربود وعلي اسماعيل جاسم وجبار سلمان وحسن النقيب من الفرقة الاولى. وكان نصير شمة وعلي كامل ووسام العزاوي من الفرقة الثانية..!

 

        يبدو ان جهود عمدة باريس التي كان يرأسها في هذه الفترة الدبلوماسي الشهير جاك شيراك (هامش1)، قد نجحت في اتصالاتها مع سفارتنا بباريس في اقامة امسية عراقية على هامش مهرجان (ايام الموسيقى العربية لدول المشرق العربي) تغطي تكاليفها عمدة باريس. والمثير في الامر ان هذه الحفلة اقيمت في نفس يوم وصولنا الى باريس في السادس من شباط 1985 التي رعاها السيد جاك شيراك عمدة باريس.

 

      ما يهمنا من هذا الامر حاليا، هو ان احد الاخوة الذين يعملون في سفارتنا، الذي ما زلت اذكر اسمه جيدا، هو السيد (ازهر جورج) (هامش2) الذي استطاع ان يسجل الحفلة بالفديو ومن ثم يهديني نسخة من هذه الامسية التي ما زلتُ محتفظا بها حتى اليوم. 

 

      في امسية عمدة باريس يوم 6/2/1985، طلب مني عازف العود نصير شمة بالحاح شديد ومكرر، ان يعزف ولو لخمس دقائق منفردا، وهو الذي لم يكن قد جرب العزف المنفرد بعد، على الاقل على المستوى الاعلامي..! وفي الحقيقة كنت اخشى ان يعرف بعدئذ استاذنا منير بشير الذي اتوقع منه عدم الرضا. ونتيجة لهذا الالحاح من قبل نصير شمة، فكّـرتُ في اعطاء فرصة مماثلة لكل من عازف السنطور وسام العزاوي وعازف القانون علي كامل بالعزف المنفرد فضلا عن السماح لنصير ان يعزف هو الاخر خمسة دقائق مماثلة الذي كان شعر رأسه ما يزال – نكرو - لجعل فكرة السماح لنصير بالعزف المنفرد عامة للاخرين من زملائه، ولعدم اتاحة فرصة عتب المدير العام منير بشير لهذا التصرف من قبلي. وهكذا تم الامر وعزف كل من الثلاثة العازفين عزفا منفردا امده خمس دقائق لكل واحد منهم. ونظرا لارتياح الجميع لهذا الحل، طلبوا مني اعادة هذا المنهاج في الحفلات القادمة في فرنسا والمانيا، وافقت على طلبهم وكررتُ المنهاج في كل الحفلات التي تلت ذلك، سواء في حفلة المهرجان بالمونبليه في فرنسا يوم 8/2/1985 او في باقي حفلات المدن الالمانية. وعليه يكون نصير شمة قد عزف منفردا بصورة رسمية لاول مرة في حياته في باريس وعلى مسرح المدينة الكبير – تياترو دولافيل – يوم 6/2/1985..!

 

      بعد عشر سنوات من تاريخ زيارتنا الى فرنسا والمانيا، اي في عام 1995، استضفتُ نصير شمة في الملتقى الثقافي الاسبوعي الذي كنت اعقده في بيتي مستمرا بجلساته منذ عام 1993 حتى عام 2003، حيث تحدث نصير شمة عن تجربته الانفرادية في العزف على آلة العود، وفي نهاية حديثه اهديتُ له نسخة مصورة من حفلتنا في عمدة باريس التي كنتُ فيها قد سمحت لنصير بالعزف المنفرد لاول مرة في حياته، قائلا له، لكي لا تنسى هذا التاريخ، اهديك هذا التسجيل المصور لحفلتنا في تياترو دولافيل قبل عشر سنوات مضت..   

 

وللتاريخ اثر عميق

 

هوامش

هامش1 : جاك شيراك، رئيس وزراء فرنسا اواخر السبعينات، ثم عمدة باريس اواسط الثمانينات، واخيرا اصبح رئيسا لفرنسا اواخر التسعينات من القرن العشرين.

 

هامش2 : ازهر جورج: التقيت به مصادفة بعد اكثر من ربع قرن (شهر ايلول 2010) في بروكسل العاصمة البلجيكية، وكان جالسا بجانبي في دعوة عشاء مع مجموعة من الاصدقاء، فسألني صديقي الغالي كنعان عزيز الجالس بقربي. هل تعرف شخصا اسمه ازهر جورج.؟ فاجبته مباشرة دون تردد، نعم اعرفه جيدا، انه صديق تعرفت عليه في باريس عام 1985. واذا باخي كنعان يقول لي مبتسما. انه الجالس بجانبك..! فكانت مفاجئة لي حقا حيث اخذ منا الحديث طويلا عن ذكريات حفلة عمدة باريس في 6/2/1985، وعن شريط الفديو الذي اهداني اياه الذي يحتوي على تلك الامسية التي بقيت عالقة في اذهاننا حتى اليوم، وما زلت الى الان متواصلا مع اخي وصديقي العزيز ازهر جورج.