اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (125) - بين الظلم والعدالة خيط رفيع

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (125)

 

بين الظلم والعدالة

خيط رفيع

         لا ادري لماذا تبادر الى ذهني الحديث عن موقفٍ مسؤولٍ ونبيل. كان قد حدث مع اخي وصديقي العزيز د. اياد حسين الحسيني، فور وصول رسالته البهية، التي بشرنا فيها، فوزه بجائزة الشيخ زايد (رحمه الله) الدولية للكتاب. عن كتابه الموسوم (فن التصميم في الفلسفة والنظرية والتطبيق) - بثلاثة اجزاء - وهو فوز كبير بلا ريب، له اكثر من دلالة ايجابية علمية ومعنوية وثقافية وفنية. وقد بادرتُ في لحظتها بإعادة رسالته إليه مباشرة لتهنئته بهذا الانجاز الكبير الذي يفخر به كل عراقي وعربي اصيل..

  

         من ناحية اخرى، يبدو أن إيماني العميق، بقيمة وأهمية الاخلاق الحميدة والمبادئ النبيلة في إنجاز أي عمل إبداعي، أو الفوز بمدالية أو وسام، أو الحصول على جائزة ما. هو السبب الاكثر رجحانا لهذا الايمان ولهذا الفوز. فالاخلاق الحميدة في مقدمة كل شيء، وهي التي تعبر عن القيمة الحقيقية للنجاحات. ولعل جزء كبير في سبب نجاح هذا الرجل الفنان الدكتور اياد الحسيني، كانت أخلاقه الجميلة المهيمنة على تفكيره وخياله وعمله وابداعه وشخصه..!

 

         سمعت عنه الكثير، كفنان ومثقف وإداري ناجح، كذلك كإنسان مهذب  بأخلاق عاليةٍ. كل ذلك دون معرفتي القريبة له ، ثم تشرفتُ بمعرفته شخصيا في وقتٍ متأخرٍ نسبياً..! كان ذلك بعد الاحتلال البغيض لبلدنا العزيز. وبالتالي فإن الصورة التي كنت أحملها عنه جيدة بصورة عامة، فنان تشكيلي شامل ورائع، ومثقف ذو علم ووعي كبيرين، وإداري ناجح، إستطاع أن يقود كلية الفنون الجميلة بنجاح كبير، ويوصل معظم أعمالها الى برِّ الأمان، رغم الظروف القاهرة التي نمر بها خلال الاحتلال البغيض لبلدنا العراق..

 

         أما الفرصة المتأخرة نسبياً، التي تعرفتُ من خلالها على الدكتور اياد الحسيني شخصيا، فقد كانت عندما تصادف أن يكون الدكتور الحسيني عميدا لكلية الفنون الجميلة، وأنا مديرا لمعهد الدراسات الموسيقية، في فترة زمنية كنا جميعا نخوض فيها أصعب ظروف الحياة إبان احتلال بلدنا الغالي العراق عام 2003 .. هذه الفرصة وإن كانت في ظروف قاهرة، إلا أنها قرَّبتْ لي أجمل الصور عن هذا الفنان الكبير. أخلاقه وتواضعه الجم المهيمنان على كل كيانه الشخصي. هذه الاخلاق وهذه الفرصة زودتني بالكثير من المعرفة عن هذا الرجل الفنان الانسان. وبهذه المقومات الشخصية التي يحملها أخي وصديقي العزيز الدكتور اياد الحسيني. بقي ذكره عالقا في مشاعري وفكري حتى يوم الناس هذا. رغم الظروف اللئيمة والخبيثة التي أوجدها الاحتلال والتي عملت على تفريق الاخوة والاهل والاصدقاء والاحبة في ارض الله الواسعة.. 

 

        إستلمتُ إدارة معهد الدراسات الموسيقية في العام الدراسي (2003- 2004) وحال تخرج دورة هذا العام. وهي أول دورة خلال وجودي كمدير للمعهد. جاءني جمع من طلبتنا المتخرجين لهذا العام يشكون متألمين وقد بدا واضحا عليهم التأثر والأسى بسبب رفض قسم الفنون الموسيقية في كلية الفنون الجميلة قبولهم في القسم، وللسنة الثانية على التوالي..!!! فضلا عن سنوات اخرى مضت تعثر فيها قبول طلبتنا في قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة. حتى اصبحت هذه الحالة، حالة مستديمة ومزمنة تتكرر بين سنة واخرى حسب الجهود التي ينجح بعضها ويفشل بعضها الآخر، منذ ان أسس هذا القسم في كلية الفنون الجميلة عام 1987..!! ولهذا الموضوع بالذات قصة طويلة أسردها في مناسبة اخرى إن شاء الله وقدَّر..

 

        اخواتي اخوتي الاعزاء

        للظلم ثلاثة انواع. أولها ظلم الانسان لله عز وجل..! وذلك بالكفر والشرك والنفاق وإنكار نعمته. قــال تعالى (ان الشركَ لظلمٌ عظيم)– سورة لقمان الآية  13

 

       والنوع الثاني .. ظلم الانسان للناس. وقوله تعالى (انما السبيلُ على الذين يَظلمون الناسَ ويبغونَ في الارض بغير الحق) – سورة الشورى الآية  42 –

        اما النوع الثالث، فهو ظلم الانسان لنفسه. قال تعالى (فمنهم ظالمٌ لنفسهِ) – سورة فاطر لآية  32 –

         حكايتنا في هذه السطور تتصل بالنوع الثــــــاني من الظلم. ظلم الانسان للناس. ظلم إدارة قسم الفنون الموسيقية في كلية الفنون الجميلة، لطلبة معهد الدراسات الموسيقية ولسنوات كثيرة..!!! تأملوا اخوتي القراء الافاضل..! كم من طالب خلال سنوات كثيرة مضت، تحطمت آماله ومستقبله وطموحاته جرَّاء هذه المظلمات التي لم يستطع أحد أن يردعها..!

عزاؤنا بهذين البيتين اللذين يصوران جانبا من ظلم الانسان لأخيه الانسان ..!

 

       (لا تظلمنَّ اذا ما كنتَ مقــتدرا  /   فالظــــلمُ آخرهُ يأتيكَ بالندمِ

       تنامُ عيناكَ والمظــلومُ منتبهٌ  /  يدعو عليكَ وعينُ اللهِ لمْ تنمِ)

 

        على كل حال. بسبب معرفتي الدقيقة بتاريخ واسباب هذا الظلم والرفض الخاطئ والمجحف بحق طلبتنا في معهد الدراسات الموسيقية. وقناعتي الاكيدة بأحقية قبولهم في قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة. عقدت العزم على محاولة حل هــــــــــذه القضية بصورة نهائية، ما دمت قد استلمت ادارة المعهد هذه المرة..!

        في صباح اليوم التالي، حملتُ أوراقي الرسمية والقانونية، القديمة والجديدة، وتوجهتُ الى كلية الفنون الجميلة القريبة من معهدنا بحي الوزيرية من قضاء الاعظمية. التي كان عميدها في هذه الفترة فناننا الكبير الدكتور اياد حسين الحسيني. الذي استقبلني استقبالا جميلا اكثر مما كنت اتوقعه. وتبادلنا أحاديث مختلفة وكأننا يعرف أحدنا الآخر منذ زمن طويل..! حتى شعرتُ باللحظة المناسبة لطرح الموضوع الذي جئتُ من أجله. فشرحتُ له الحالة بدقة ووضوح كبيرين، من جذورها الاولى عندما كنت انا واخي الفنان محمد حسين قمر اول الطلبة المقبولين من معهد الدراسات الموسيقية قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة، بعد انتصاف الثمانينات من القرن العشرين، حتى السنوات الاخيرة.. الامر الذي أثار استغراب ودهشة السيد العميد الدكتور اياد الحسيني، من الظلم الواقع على هؤلاء الطلبة وزملائهم السابقين، الذين عانوا نفس الظلم والاجحاف من قسم الفنون الموسيقية في كلية الفنون الجميلة..! وقد بدتْ على ملامح وجهه القناعة التامة بما شرحته ووضحته له، واضعا أمامه كل الامور القانونية التي لا تقبل الجدل والنقاش، مما حدا بهذا الرجل العادل، إلا أن يضع حدا لهذا الاجحاف والظلم..! مؤكدا تعاونه لحل هذه القضية بصورة نهائية. طالبا مني إرسال طلبة هذا العام، بل وحتى طلبة العام الماضي ممن بقي دون كلية او من يرغب العودة الى قسم الفنون الموسيقية في كلية الفنون الجميلة، لاجل قبولهم في القسم الموسيقي..! شاكرا لي هذا التوضيح الدقيق لمظالم كثيرة كانت تقع بحق طلبة معهد الدراسات الموسيقية بصورة خاصة، منذ اول دورات قسم الفنون الموسيقية في كلية الفنون الجميلة ببغداد، منتصف الثمانينات من القرن العشرين.. !! نتيجة أمزجه خاصة لأفراد قدِّر لهم ان يمسكوا بمقاليد ادارة هذا القسم الحيوي..

  

      وهكذا أعاد هذا الرجل الفنان الانسان. الدكتور اياد الحسيني عميد كلية الفنون الجميلة. حقوقا كانت مسلوبة لطلبتنا في هذه السنة والسنة الماضية. مع الشعور بالأسى والحزن من جريمة ضياع حقوق طلبة سابقين رفض قبولهم في السنوات الماضية، حيث ظلموا ظلما كبيرا بعد ان اغتيلت رغباتهم وطموحاتهم وضاعت منهم فرصة العمر في تحديد مستقبل حياتهم الموسيقية..

        هكذا تخلد المواقف النبيلة، وتذكر بكل احترام وتقدير، وهكذا يخلد اصحابها المقتدرون. وهكذا تكون الاخلاق والعدالة ، الورقة الرابحة لكل عمل غيور، وكل انجاز وكل فوز مبين. فما بين الانسان الظالم والانسان العادل، خيط رفيع. يمكن له ان يكون ظالما او عادلا في لحظة حياة او موت آنية للضمير..

        هنيئا لك يا اخي الفنان والانسان العادل، وصديقي العتيد صاحب  الضمير الحي على الدوام د. اياد حسين الحسيني، فوزك الكبير بجائزة الشيخ زايد. وانك والله تستحقها استحقاقا كبيرا، وهنيئا لعائلتك واهلك واصدقائك المحبين. وهنيئا لكل العراقيين والعرب. ودمت فنانا وانسانا معلما للاجيال فناً ومعرفةً وعلماً واخلاقاً. وما علينا إلا أن نستمد كل قوانا من قدوتنا العليا في قول الله عز وجل لنبيه المرسل في محكم كتابه المبين (وانك لعلى خلق عظيم).. 

حسين الاعـظمي / عمان 3/2/2010

 

         هذا وكان اخي وصديقي الدكتور اياد الحسيني، قد ارسل لي الرسالة ادناه حال قراءته للموضوع مبديا شكره وتاكيده للحادثة التي امسى فيها طالب معهد الدراسات الموسيقية منذ هذا التاريخ يُـقبلُ في قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة دون عناء او قلق واضطراب من اي ظلم جديد. وهذه هي رسالته..

 

المبدع الكبير الاستاذ حسين الاعظمي حفظكم الله

        بسرور كبير تذكرت الموقف الذي كتبتَ عنه في قبول خريجي معهد الدراسات الموسيقية، ويكفي ذكركم ذلك، ليدل على نبلكم وكرمكم واصلكم الطيب ، حيث انني لم أؤدي الا واجبي بما يرضي الله. ولا اقولها ادعاءا معاذ الله، الا ان هناك الكثير من المواقف المشابهة اعاننا الله على اتخاذ القرار بما يرضيه ولإحقاق  حقوق الناس فيها، رغم ان قلة من المتجاوزين كان لا يعجبهم العدل والانصاف..

     احمد الله ان يكون مبدعي العراق بهذا النبل والكرم..

اعيد لك المقال الذي كتبته بعد استبدال الصور بصور اكثر وضوحا. تقبل محبتي واعتزازي.

اخوكم / اياد  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.