كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعـظمي (141)- رؤية منير العصرية / جزء 7

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعـظمي

 

يوميات حسين الاعـظمي (141)

 

 (يمكن لجميع الاخوة والاصدقاء مناقشة الموضوع والتعليق او التعقيب عليه)

رؤية منير العصرية / جزء 7

      قبل ان نبدأ بتكملة الحديث لموضوعنا في الحلقة السابقة المرقمة (140) ارجو ان تطلعوا على الحلقات السابقة من موسوعتنا من التي لها علاقة مباشرة بموضوعنا.

      فمن خلال تجوال الموسيقار الراحل منير بشير المستمر بين الحفلات والاماسي الطلابية وشتى المستويات الاخرى، وهو يكتشف بالتدريج وبمرور الزمن ما يريد من مواهب الواحدة تلو الاخرى، بحيث بدأ نشاطه الفني فعلياً انطلاقا من موقعه الاداري كمستشار فني في وزارة الثقافة والاعلام (هامش1)، اي بما يعادل مدير عام. وقبل تاسيس الدائرة رسميا، باختياره لبعض الفنانين المعروفين او من المواهب الجديدة مع القديمة، للمشاركات الخارجية، وكان ذلك منذ اواخر عام 1972 او اوائل عام 1973. ومن هذه المشاركات كانت الى النمسا ولبنان وغيرهما.

       لاداعي للاطالة في هذا الجانب من الحديث، فقد سبق لي ان ادليت به في مضمون الحلقات المشار اليها في بداية حلقتنا هذه. وافضِّل الان الحديث عن العلاقة الحقيقية التي كان فيها الموسيقار منير بشير يتعامل بها معنا كفنانين واداريين على حدٍ سواء في عموم دائرتنا الموسيقية وتوابعها. التي نجح فيها نجاحا منقطع النظير في تسيير امور الدائرة..! وسار بالجميع الى برّ الامان. حيث قاد الموسيقار منير بشير دائرته باسلوب حِرَفي واحترافي مثير للغاية، وقدر تعلق الامر بالموظفين بشتى اعمالهم، فانه كان أباً للجميع، لا يرغب في معاقبة اي موظف، ويتحمل بالمقابل مساوئنا العفوية، التي مهما كانت نسبة عفويتها، فان اي مدير عام غير منير بشير لا يرضى بها ابدا، ولا يمكن ان يتحملها او يصبر عليها..! انه أب للجميع فعلا. فلم يكن انسانا سلطويا، ولكنه كان مركزيا في عمله، فوزنه الفني كبير، ونفوذه الاداري كبير ايضا، وشهرته كبيرة في العالم، ومع ذلك كان يتعامل بسهولة ومحبة وود مع كل اتباع دائرته الفنية، ويعطي ما ممكن ان يعطيه من تجربة وخبرة فنية وغير فنية الى الاخرين. لا اعتقد ان هناك مدير عام في عموم دوائر الدولة العراقية قد تعامل بمثل ما تعامل به منير بشير مع موظفيه وتابعيه. وانا هنا لا اقصد الطيبة والنزاهة وغير ذلك من امور اخرى. بل اقصد الاسلوب التربوي والحكمة والصبر الذي تحمله كي نفهم ما يريد التعبير عنه، لانه مدرك باننا وبالتاكيد اقل خبرة وتجربة لفهم الكثير من الامور التي كان على دراية بها، واصراره المثير في هذا الصبر والتأني والتحمل حتى ندرك اخيرا ما يقصده، فالفارق الحضاري بيننا وبينه كبير..! فجوة عصرية كبيرة تفصلنا، فكان يعمل على ردمها..! وربما اختصر القول، بانه شخصية عالمية، ونحن اشخاص محليون..! ولا اعتقد اني أُلامُ من قبل الاخرين على ما قلته للوزير السيد حامد يوسف حمادي في احدى مقابلاتي له عندما اصبحتُ متقاعدا، وهو يطلب مني ان اعمل في دائرتي السابقة– دائرة الفنون الموسيقية– على العقد طبعا. اذ قلت له بصراحة. باني لا استطيع ان اعمل مع اي مدير عام اخر بعد منير بشير..! لانهم جميعا مدراء محليون..! يغارون منك ويحسدوك ويحاربوك ويبعدوك ويسرقوك..! وكل هذه المخلفات من المحتمل ان تواجهها مع اقراننا المحليين..! في حين انني عشت كل سنين عمري الوظيفي مع منير بشير، وهو رجل مسيحي وانا مسلم، وغير ذلك مما موجود من الاقليات والاديان الاخرى في فرقتنا الموسيقية، ولم نشعر لحظة واحدة ان مديرنا يفكر في هكذا امور ابدا. فهو الذي اكتشفنا، وهو الذي طوّرنا، وهو الذي فتح العالم امامنا، وهو الذي علمنا الكثير من مقومات تجربته وخبرته الفنية العالمية التي لا يمكن ان نحصل عليها من غير منير بشير. وبالتالي فان منير بشير يرى ان موظفيه جميعا اناس مهمون بالنسبة له ولعمله الفني والاداري، لانه اختارهم بنفسه..! هكذا ارى الامور في حقيقتها، لانني الموظف الوحيد على الملاك الدائم، الذي عاش مع منير بشير منذ مجيئه حتى وفاته، اي كل السنوات التي عاشها منير بشير بعد عودته الى بلده العراق مطلع السبعينات دون انقطاع حتى وفاته عام 1997، فقد كنت في زيارته ببيته بعمّان في اسبوعه الاخير قبل مغادرته الى هنكاريا ليموت هناك، وكان معي في هذه الزيارة كل من اخي وحبيبي المرحوم سامي عبد الاحد، وعازف الناي الفنان عبد السميع عبد الحق اطال الله في عمره.

      اعتقد ان استاذنا الموسيقار منير بشير وهو في بداية تجربته الجديدة في بلده العراق بعد عودته من الغربة، كان قد اكتشف كنزا كبيرا جدا وهو يفكر ويفتش ويتجول للبحث عن سبل عمله القادم الجديد في تجربته الجديدة..! وهذا الاكتشاف كان فعلا العامود الاساسي لنجاح كل تجربته الادارية والفنية التي عاشها بعد عودته..!

      اكتفي الى هنا من الحديث عن رؤية منير العصرية في حلقتها السابعة، ونكمله في الحلقة الثامنة ان شاء الله.

وللحديث شجون

 

 اضغط على الرابط

منير بشير مع الايقاعات العراقية

https://www.youtube.com/watch?v=lB7swpexKeA

 

هوامش

هامش1 : نظرا لدعوة الحكومة العراقية لمنير بشير بالعودة الى بلده العراق لقيادة الموسيقى فيه ، موعودا من قبلها بانشاء دائرة موسيقية جديدة يقود من خلالها موسيقى البلد ، فاعطي في البداية درجة وظيفية بعنوان – مستشار فني – وخصصت له غرفتان فقط في وزارة الثقافة والاعلام الكائنة في احد اركان ساحة التحرير الشهيرة في الباب الشرقي . غرفة له والاخرى للسكرتيرة نجوى . وبذلك تكون هذه السكرتيرة اول من عمل معه اداريا ..! وتحت الاسم المؤقت (دائرة المستشار الفني) وبعد حين واستقرار الامور العملية . تم توسيع افق الدائرة وتغيير اسمها الى (دائرة الفنون الموسيقية) وتاسيسها رسميا عام 1975 .