اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (291)- اهتمام المثقفين ووسائل الاعلام

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي 

 يوميات حسين الاعظمي (291)

 

اهتمام المثقفين ووسائل الاعلام

بدا لبعض المؤدين المقاميين فجأة، انه عندما اتكلم انا أوغيري خاصة منهم نقاد الموسيقى والاداء المقامي، عن مقومات الاداء الناجح وما يتطلبه من امكانيات فنية من قبل المؤدي زيادة عن الموهبة الصوتية، بدا لهم اننا لا نفقه ما نتحدث به وكأننا لم نطالب بالذي يجب ان يكون. كلا، وارجو المعذرة من زملائي المؤدين المعاصرين، اذ ينبغي عليهم ان يعرفوا ان الاداء الذي يمارسونه نقلا عن الآباء والاجداد اعتمادا على التجربة الامبريقية(هامش1)، هو ليس بالاداء المطلوب من الناحية الفنية، لأن العملية الادائية تستلزم امكانيات اخرى تعتمد على العلمية والتفكير الموسيقي وجماليات التعبير وتصوير المعنى والموهبة الاصيلة وفهم وادراك لديناميكية العمل الفني وبناء العلاقات الداخلية، اضافة الى فهم لمعاني القصيدة المغناة وضبط النطق بها ومخارج الحروف…الخ .

 

لقد اهمل المؤرخون الفنيون واهل المقام العراقي كلهم دراسة وتحليل العمليات الادائية الغنائية لحقبة طويلة من الزمن، اهمالا بالغا وتناولوها بشكل سطحي دون عمق وروية، وظلت وقفا على المؤدين الذين ادوا المقامات العراقية على مدى القرون الماضية والذين اهملوا ايضا جوهر القضية المطلوبة، الا وهي العملية الادائية التي نتحدث عنها الآن في هذه الحلقة والحلقات السابقة..!

 

لقد عبرتْ بعض الآراء التي طرحت في خضم المناقشات الفنية فيما يخص اداء المقامات العراقية واصولها خلال المنبر الاول للمقام العراقي الذي اقامه بيت المقام العراقي عام 1993. حول الموضوع العتيد التقليدي الذي نعني به القديم والجديد، وكذلك عن نهضة جادة اجتاحت النصف الاول من القرن العشرين تدعو الى تطوير سبل اداء المقامات العراقية، متمثلة هذه الآراء في معظمها بسخط التقليديين وعدم ثقتهم بمقاصد العلوم الفولكلورية فيما يخص لغة الاداء المقامي. وفي نفس الوقت لا اود ان يفوتني القول بان هذا يشكل اعترافا مرَّاً، بأن تراثيينا المتخصصين في اداء المقام العراقي ونقاده لم يقدموا الا النزر اليسير في ميدان دراسة وتحليل العملية الادائية التي يجب ان تقوم على المقومات التي مرَّ ذكرها.

اضافة الى ذلك فان موقف معظم المتخصصين في شؤون اداء المقامات العراقية يستند الى التقاليد، وهي بلا شك تقاليد عريقة، والفنان المبدع يحتاج الى الاصل التقليدي دائما عند نتاجه الابداعي، سوى ان المفاهيم والاسس التي نتكلم عنها تتجسد عبر الاداء المقامي المتمكن المستند عليها حسب، في حين يغدو الاداء بائسا دون هذه الاسس..! لذلك فان هذا الاداء المقامي يتطور ليصبح عندئذ مساعدا لنشاط الافكار وحركة المشاعر وتهذيب النفس وتكوين الاراء وتطورها. ان الاداراك العميق من قبل الفنان المؤدي للمقام العراقي او للتراث المديني عموما، باعتباره تراثا متطورا ذا نشاط وحركة لا تعرفان الكلل، مفيد للغاية لكي نحصل في نهاية الامر على فنان مقتدر على الابداع الفعلي في عملية الاداء. ومما يبعث على السرور، بعض الاهتمام المتزايد من قبل اجهزة وسائل الاعلام المختلفةبمستقبل غناء وموسيقى المقام العراقي، فهناك بعض البرامج التلفزيوينة فيما يخص برنامج التراث الموسيقي، والصحافة تنشر البحوث والمقالات والدوائر الرسمية تقيم المؤتمرات والندوات والمحاضرات والمهرجانات.

 

ولكن نعود الى استغرابنا ان البحوث التي قدمت فيها، تفتقد معظمها الى الدقة العلمية في طرح الاراء حول تراثنا الغنائي العريق المقام العراقي..! وما يكتنفه من مناقشات وصراعات فكرية وجمالية بين المحافظين من جهة والمجددين من جهة اخرى. لقد ازفت الساعة التي ينبغي علينا ان نؤسس آرائنا وافكارنا على مفاهيم دقيقة وعلى اسس علمية، محاولين الابتعاد عن الدوران في فلك التجارب الامبريقية التي ما انفكت تنهك مصداقية تأثير غناء وموسيقى المقام العراقي في الجماهير عموما في الوقت الراهن، والتي ما زالت تعيد وتكرر ضاربة عرض الحائط أي تأثير للحضارة التي نعيشها في هذا الزمن السريع.

 

ان العملية الادائية المقامية تعتمد في تحقيقها على موهبة المؤدي الصوتية ان كان مغنيا او الموسيقية ان كان عازفا في الدرجة الاولى ومن ثم افكاره وثقافته الفنية والموسيقية وفهمه لوحدة العمل المطلوب لتحقيق هذه الغاية. وبها ينعكس هذا الاداء الناجح على مستوى فكر وثقافة وموهبة الفنان نفسه. وان الفنان الذي لا يمتلك هذه المقومات الى حد ما، او لا يهتم بهذه المقومات فان اداءه يكون بائس الصور والافكار وجمالية التعبير، شأنه في ذلك شأن الذي يعتمد على احاسيسه العفوية..! لذلك فان دراسة وتحليل اساليب الاداء الغنائية الناجحة لمؤدين ناجحين يفضي بنا الى فهم جديد ودقيق وامين للصور والافكار وجماليات التعبير وهي المفتاح لنتاجات ادائية سليمة. كما قلت ففي الاعوام الاخيرة اكتسب غناء وموسيقى المقام العراقي اهتماما جيدا من قبل وسائل الاعلام. ومن ثم تعدد التجارب وكثافة اقامة الحفلات التي تندرج ضمن محاولة لتحقيق وحدة الشكل والمضمون في ادائه. لأن النقاد والمتتبعين لهذا الشأن وان اختلفوا في الكثير من آرائهم، الا انهم متفقون على تحقيق هذه الغاية، ان ادركت علميا او ادركت حسيا بالفطرة. والتي من شأنها تفيد اغراض المعاصرة وجمالياتها المطلوبة لواقع التعبير الحالي المعاصر. ولكنني بالرغم من كل ذلك اشعر بالقلق حول مصير التطور الادائي للمقام العراقي الذي لا يزال يحتاج الى نهضة تطورية ابداعية جديدة. مع الاعتراف بوجود القلة القليلة من المحاولات الجادة لتنمية الناحية الفــــــــــنية والاستاتيكية للاداء المقامي.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

1 – هامش1: الامبريقية- هي المعرفة المكتسبة عن طريق التوارث العفوي لا عن طريق الدراسة الاكاديمية.

 

اضغط على الرابط

صلاح عبد الغفور مقام عراقي

https://www.youtube.com/watch?v=1jEPs5EhT6I

 

صلاح عبد الغفور شلونك عيني شلونك

https://www.youtube.com/watch?v=0Wb7uNZjcwU

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.