اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (341)- الاصلاح الادائي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (341)

 

الاصلاح الادائي

         بلا ريب ان الفطرة التجديدية والابداع والمنحى العفوي الذي يمتلكه القبانجي نحو الاصلاح الادائي للمقام العراقي، تتجلى آثاره في تسجيلاته المقامية التي سجلها على أجهزة إسطوانات الحاكي المتاحة حتى ذلك الوقت، ومحاولة إقامة التوازن والترابط بين الفن المقامي والمجتمع المتلقي لهذه الاداءات التراثية في الغناء والموسيقى، منها مثلاً مقام الخنبات (سلَّمه وإستقراره بيات مع جنس النهاوند) بالقصيدة الصوفية لشاعر الصوفيين عمر ابن الفارض ومطلع القصيدة المغناة فيه.

 

(شربنا على ذكــر الحبيب مدامةً / سكرنا بها من قبـل ان يخلق الكرمُ)(هامش1)

 

        وهذا مقام آخر حيث نلاحظ فيه الصدق والانفعال الحقيقي وتماسك العلاقات البنائية لمواد المقام العراقي الذي يغنيه القبانجي بهذا الزهيري (هامش2) إستجابة لهاجسه الوطني في موقعة فاجعة جسر الشهداء الشهيرة، (بعد أن سارت جموع من الطلاب على هذا الجسر عام 1948 بمظاهرة صاخبة ينادون بإسقاط "معاهدة بيفن/ صالح جبر" وقد فتح أعوان الاستعمار النار على هؤلاء المتظاهرين العُزَّل، فسقط عدد كبير من الشهداء والشهيدات، وفي خضم هذه المشاعر الوطنية، تفاعل القبانجي مع هذه المشاهد التي شملت الجماهير الساخطة واحتجاجاتها وما أعقبها من تأَزّم، إضطرَّ الوصي على عرش العراق أن يقيل وزارة صالح جبر)(هامش3) ليُغنّي القبانجي هذا الزهيري المؤثر.

 

خذ من دروس الزمن، درس الزمن يجري

واحفظ حقوق الوطن، حــق الوطـن يجري

واللي انكتب بالسمـــــا فـي ارضــنا يجري

 

                     سم المنايا ابفم ارجــــــــــــــــــالنا شاهد

                     يا عدل سجل إبتاريخ الظلــــــــــــم شاهد

                     يا دكة الجسر كـوني للوطـــــــــــن شاهد

 

دم العــروبة إبشرف ويه النهـــــــر يجري

 

        ونلاحظ مرَّة اخرى التوازن والترابط الذي يبغيه القبانجي بين الفن المقامي والمجتمع المتلقي. في مقامه الشهير – مقام الابراهيمي (سلَّمه بيات) - حيث يغنيه بزهيري لعبد الله الفرج وهذا مطلعه.

 

غر تصانيف غنج مــــــــــا رون إسمعن

ليلي بالاسحار نغـــــــمات الوتر إسمـعن

 

        وهكذا الامر في مقامات اخرى كمقام الحليلاوي ومقام الحديدي ومقامات غيرها.

 

      كذلك تتجلَّى هذه الآثار بينه وبين عمله الادائي  ذاته والموضوع. وبالرغم من هذا التجديد وهذه الروح التي بدأت تنطلق نحو آفاق فكرية جديدة اخرى سواء في فنون الموسيقى أو في باقي الفنون أو حتى في الاختصاصات العلمية الاخرى، في هذه الحقبة التي ظهر فيها القبانجي وباقي رُوّاد الاختصاصات الاخرى، التي كان هذا الاتجاه التطوري سمة من سمات هذه الحقبة الزمنية، فقد كان مطربنا الكبير رائداً من روادها الاصيلين ومبشراً بمستقبل أمين.

         إن كلمات قليلة قد توضح لنا ما حدث أول مرَّة في هذه الحقبة، إذ تجلَّت في الدعوة الى نوع من التوازن بين ثقافة الذاكرة التراثية العفوية وثقافة الذاكرة العقلية..!

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

القبانجي مقام الابراهيمي

https://www.youtube.com/watch?v=Ef7aNAN44co

 

محمد القبانجي مقام الحليلاوي

https://www.youtube.com/watch?v=7lzbXvNB59Y

 

محمد القبانجي صلي وسلم بالحرم

https://www.youtube.com/watch?v=guQTJSGNJes

 

هوامش

1 – هامش1: هذه القصيدة مبنية على مبدأ الصوفية، يذكرون في عباراتهم الخمرة باسمائها واوصافها، ويريدون ما افاض الله على البابهم من المعرفة او الشوق والمحبة له تعالى، ويريدون بالحبيب ذات الخالق جل وعلا، لأنه تعالى احب ان يعرف فخلق، والخلق منه ناشئ عن المحبة، فهو الحبيب وهو المحبوب.

2 – هامش2: الزهيري. نوع من انواع الشعر الشعبي، يتكون من سبعة اشطر، الاشطر الثلاثة الاولى تنتهي بكلمة هي بمثابة القافية متفقة في اللفظ ومختلفة في المعنى، والاشطر الثلاثة الثانية تنتهي بكلمة اخرى جديدة متفقة في اللفظ ومختلفة في المعنى ايضا، والشطر السابع ينتهي بنفس كلمة الاشطر الثلاثة الاولى وبمعنى جديد.

3 – هامش3: من كتاب(الالوسي، جمال الدين، بغداد في الشعر العربي، مط المجمع العلمي العراقي، بغداد 1987)

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.