اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (342)- بين ثقافة الذاكرة وثقافة العقل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (342)

 

بين ثقافة الذاكرة وثقافة العقل

          إن التوازن بين ثقافة الذاكرة وثقافة العقل،يعني أن العقل أو الفكر هنا قد تدخَّلا في بناء النتاجات الفنية التراثية التي تحرَّرت من الأسر والقيد الذي فرضته الذاكرة العفوية والفطرة طيلة قرون عديدة مضت..!أو طيلة التاريخ الموغل بالقدم..! بل واصبح الحوار بين القديم والحديث محاولة لفك القيود والانماط الجاهزة، وخلق دينامك جديد للعمل الفني ليبدأ منعطف جديد في الحداثة.

 

         لقد تحتـَّم على القبانجي حين إستعد لغناء المقامات العراقية، أن يواجه حالتين مختلفتين أو مشكلة مزدوجة..! فهو من ناحية وريث المؤدين التقليديين الذين يؤكدون في ادائهم على الناحية الاصولية والقواعدية التقليدية لشكل المقام العراقي، وتطبيق اداء المسارات اللحنية ذات التعابير البيئية الصرفة، والحكم السائد على جودة الاداء في تذوقها وسماعها بهذا المنحى الكلاسيكي الصارم. وهو من ناحية اخرى يعيش السمات الجديدة التي إمتازت بها هذه الحقبة الزمنية بالنظرة الجديدة الى التراث عموماً، والثورة على الاصول التقليدية الصارمة وزعزعتها..! فبالنسبة للحالة الاولى، فإن المؤدين قد ركــَّزوا جلّ اهتمامهم بالالتزام بالمحلية والدفاع عن الثقافة التقليدية للذاكرة الموروثة المنقولة من الآباء والأجداد نصّاً. فكان على القبانجي وهو رائد الفئة الثانية، أزاء هذه الذروة الكلاسيكية الاصولية أن يؤكِّد دوماً ومن خلال أدائه التعبيري الجديد، أن التراث البيئي أصبح لا يكفي وحده لتكوين فن أدائي تراثي معاصر، ولا يكفي وحده أيضاً لخلق مؤدٍّ أو ناقد بالمعنى المعاصر، نسبة للظروف الثقافية الجديدة التي أتاحت وسائل تعبيرية متعددة في شتى المجالات في هذه الحقبة الزمنية من بداية القرن العشرين الذي أُصطلح على تسميته بعصر السرعة.

 

         إن الاداء الجديد للمقامات العراقية قد أكد الآن انه خبرة إنسانية فطرية وعقلية، وهو كذلك فعلا ً..! أو هكذا كان الاحساس عند استاذنا القبانجي على الاقل، هذه الخبرة يتوصل إليها من هم أدق إحساسا من الآخرين بالحياة. ما هي الحياة..!؟ كيف نفهمها ونكتشف أسرارها..!؟ إن الثقافة في الحقيقة هي ثقافة انسانية واحدة. لابد اذن ان يصدر الاداء من هذه الحياة ليعبـِّر عنها، وهذه الثقافة وهذه التجربة يتعرَّف عليها المؤدي ويحاول معرفة سرّها فيحس بهذا الغموض لينتقل ذلك الى المتلقي الذي يشاركه في ذلك فتهتز مشاعره ويتلذذ بسماعه. ومن الطبيعي ان هذه الخبرة أو الثقافة التي تصدر عن الاداء الغنائي عموماً للجمهور المتلقي لا تعلو على الحياة التي يعيشها أو يعانيها المؤدي المبدع، بل تمتزج وتتآلف عناصرها بها، من خلال أُسلوب تعبيري لا يمكن ترجمته الى لغة من اللغات..! ويمكننا أن نلاحظ َهذه التطلعات الادائية في هذه المقامات العراقية التي غناها القبانجي مطلع حياته الفنية، كمقام الشرقي دوكاه(سلًّمه بيات حسيني) حيث يُغنيه بمطلع هذا الزهيري للحاج زاير الدويج.

(يا ناعس الطرف حظ الجــالسك يا عون

والناس بهـــــــــواك سكره لا تظـــن يا عود)

 

      ويتجسد ذلك عندما نستمع إلى مقام الراشدي(سلَّمه بين جهاركاه والرست) بزهيري لعبد الله الفرج وهذا مطلعه.

(يا من بحسنه بكه كــــــــــل عــــالم داري

ادعيت دمع البيابي على الوجــن داري)

 

       او تستمع إلى مقام المدمي(سلَّمه حجاز) ولاحظ عزيزي القارئ والمستمع تعابير الحزن التي يتصف بها هذا المقام، ولكنه حزناً شجيّاً مُتأمِّلاً وهذا مطلع الزهيري.

(يا صاح ربعيجفــــوني اوزودوا وني

علعودروحي عكبهم ما طرب وني)

وهذه المقامات العراقية من المقامات التي لفتت إليها الانظار، والتي ظهر على منوالها العديد من المقامات المسجلة بصوت محمد القبانجي واتباع طريقته في هذه الفترة من بداية القرن العشرين، فقد برزت فيها بوضوح الناحية البنائية في حبكة المسارات اللحنية للمقامات العراقية. وهذا ايضا مقام الحسيني بهذه القصيدة ومطلعها.

(طلتَ ياليلُ ولم تبدِ صــــــباحا / وعلى الآفاق أسدلـــــتَ الجناحا)

       وفي مقام آخر نلاحظ هذه التطلعات ايضا، بمقام الحكيمي(سلَّمه هزام) بزهيري لعبد الله الفرج وهذا المطلع.

(ياقلب خــــــــــــــــلّي بنيران التجـــــافي ذاك

وبسيف هجره قطع منه الــوريد او ذاك)

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

محمد القبانجي مقام الشرقي دوكاه

https://www.youtube.com/watch?v=X-2afiHhSrU

 

محمد القبانجي مقام الراشدي

https://www.youtube.com/watch?v=WuFY7_F9-9o

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.