اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (345)- قيمة التَّسجيلات الصوتية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (345)

 

قيمة التَّسجيلات الصوتية

      على الرغم من كل النجاحات الفنية التي حقـَّقها وكسبها محمد القبانجي من خلال تسجيلاته الصوتية للمقامات العراقية، فإننا نستطيع القول ان رشيد القندرجي وكل المغنين المعاصرين له، لم يقلِّـلوا من أهمية ما يعني المقام العراقي من فن غنائي وإبداع وتعابير وتفاعل وتصوير وخيال وتأمل في حقيقة الامر، لأن ثقافة حقبتهم الزمنية فرضت عليهم ما أنتجوه من مستوى ثقافي فني، سواء الابداع في الغناء والموسيقى أو بالتفكير، فقد حاولوا الاجتهاد بكل المقومات المتاحة، الى درجة كبيرة بحيث لاحظ النقاد بل حتى الجمهور، جوهر فنونهم الادائية ورصانة طرقهم القديمة، وعليه فإنه بالرغم من قيمة ما أنجزه القبانجي من صور غنائية حالمة، إلا أنه ليس تركيز الفن والتجديد وتكثيفه عنده إبداعاً جذرياً بأي حال من الاحوال، إن ما أنجزه القبانجي تلخيص خاص وتوسيع لأهم المبادىء الفنية للحقبة السابقة من التطور التي زاد عليها بمستوى ثقافة حقبته وإمكانيته الفردية. ولكنه بعمله أو نتاجاته هذه كان يرمز الى نقطة تحول في تاريخ الغناء المقامي، لأن القبانجي أنجز ذلك في نقطة تحول تاريخية كبيرة عمَّت البشرية جميعاً إنسجاماً مع إحتياجات العصر الفعلية. والفكرة القائلة، أن هذا الابداع الفني في الغناء المقامي في هذه الحقبة، وحده يستطيع أن يضمن الاستمرار الصحيح لهذا التراث الغناسيقي، إنما هي فكرة مقنعة جداً..!

 

      إذن، إن ما يهم الغناء المقامي على مدى تاريخه ليس تكرار الاساليب الادائية للمغنين السابقين، بل الإيقاظ الفني والابداعي والفكري والجمالي والذوقي للناس المستمعين من الجماهير، وما يهم ايضاً هو أن نعيش مرَّة اخرى وبصورة أقوى من أي وقت مضى، الدوافع التطورية والابداعية وتهذيب الظواهر المبعثرة والمشتتة والمخلفات الفنية في الفن الغناسيقي التي تحتاج في نقلها الى آفاق جديدة مستنيرة، وعليه فإن للكشف عن هذه الطموحات دوافع حضارية إنسانية، نحو واقع أفضل ثقافةً وعلماً وفنـَّا ً وإبداعاً وتهذيباً. وبذلك فإن الكثير من النقاد والمغنين والجماهير إمتدحوا القبانجي بحماسة فيما قدم وأبدع، تاركاً لنا تسجيلات مقامية بصوته الفذّ، تسجيلات غاية في الرصانة لأنه أخذَ على عاتقه تقديم صورة رائعة عن حياة حقبته الزمنية ضمن إطار فن الغناء المقامي في العراق الحضاري.

 

   يترتب على الغناء المقامي إذن، أن يثبت وجوده بالوسائل الفنية والثقافية والجمالية والذوقية بواسطة فنانيه المغنين والموسيقيين، ليؤكد بالظروف الزمنية التي إستمرت بالتطور خلال القرن العشرين، بأن كل ما يعني المقام العراقي وثقافته الادائية وموسيقاه التقليدية قد أصابه الكثير من التحسُّن من خلال تحسُّن هذه الظروف خاصة في العقود الاخيرة من القرن العشرين، فالأولون قد عانوا الكثير من بؤس الظروف الاقتصادية القاسية التي لم تساعدهم بالنهوض بواقع الغناء المقامي في نواحيه الفنية الى المستوى المطلوب، ولكن هذه المعاناة إستمرت بالاضمحلال نسبياً وبصورة تدريجية نظراً لتحسُّن هذه الظروف ولو بصورة بطيئة، وأعتقد ان العامل الاقتصادي وتطوره كان مهماً جداً، أو منعطفاً في هذا الصدد، الذي وصل ذروته بعد عام 1972 عند إعلان العراق قراره التاريخي بتأميم نفطه وسيطرته على كل موارده النفطية..! ومن الواضح ان إستجابات الفنانين المعاصرين يمكن لها أن تصبح بسهولة نقطة تحول اخرى لمسيرة الغناء المقامي وتاريخه الطويل، في ظل هذا الاستقلال الاقتصادي الذي تمتع به العراق بعد تأميمه لنفطه مطلع السبعينات. هنا نستطيع أن نرى تفاعلاً مجسَّداً تجسيداً جيداً، فالمغني المقامي أو الفنان عموماً تصدر عنه ردود فعل إيجابية بوعي فني تلقائي تجاه ظروف بلده العراق، وهو يتعلم من ردود الافعال هذه بسرعة ودقة ملحوظتين وحسب إمكانيته في الاستيعاب في توطيد وإثبات تطور الثقافة الغنائية للمقام العراقي من خلال إهتمام وسائل الاعلام السمعية والمرئية في حقبة أواخر القرن العشرين وبصورة مستمرة.

 

      إن لهذه الملاحظات أهمية كبيرة في فهم الاداء المقامي خلال مئة عام الماضية من تاريخه، وهي أعوام القرن العشرين، فمن الحالات المميـَّزة للمغنين الكبار خلال هذه الحقبة حقاً، هو إدراكهم الحسَّاس بصورة غير إعتيادية لردود الافعال العفوية والعقلية للتحولات والتغيـُّرات التي حدثت خلال (حقبة التحول) في العقود الاولى من القرن العشرين، كانت فيها هذه التحولات والتغيـُّرات عظيمة الشأن، إذ أبرزت عبقريتهم في السرعة النادرة للتفاعل الايجابي مع ظروف حياة هذه الحقبة في تاريخ المقام العراقي، وقد إستطاع المُغنّون المقاميون المُبدعون بصورة عامة أن يعمـِّموا هذه العلاقة بين هذا المزاج والذوق والجمال الذي إمتلكوه ومجرى الاحداث المتغيـِّرة والمتطوِّرة خلال حقبتهم على وجه الخصوص، وكانت هذه القدرة على الادراك والتعميم أساس ما يدعوه النقاد والمتخصصون المقاميون والمغنّون عادة بـ التفاعل مع الناس- مع الاحداث - مع الحياة برمَّـتها..!

 

       إن هذه الاحداث والتفاعلات بصورة عامة، تتجاوز الى حد ما أُفق مؤسسي طرق الحداثة الغنائية للمقام العراقي، إذ لم يكن المقصود من هذه الحالة لدى معظمهم إلا تصوير التركيب العام للتفاعل، ولكن بالرغم من أن كل المغنين المبدعين والجيدين بصورة عامة، كان المغنون المقاميون قد أدوا أدوارهم بوعي جيد سواء كان هذا الوعي عفوياً تلقائياً أم وعياً عقلياً فكرياً، لأن هذا الدور كان أشبه بالخطة او النظام الدقيق في محتوى نتاجاتهم من المقامات العراقية بهذه العفوية اللصيقة بالحياة والقدرة على التعميم..! وبالتأكيد إن هذه مهمة المغني الواعي أن يصوِّر هذا التفاعل المحسوس إنسجاماً مع ظروف التطور والتجديد ومواكبة الحياة بصورة عامة. وهي إحدى أقوى مظاهر القدرة والقوة الشخصية لدى المغنين الناجحين.

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

يوسف حريش مقام الاوج

https://www.youtube.com/watch?v=qnq1fQyUFjg

 

يوسف عمر مقام النهاوند

https://www.youtube.com/watch?v=sBgkRlGvX6I

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.