كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (352)- كلاسيكية المقامات العراقية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (352)

 

كلاسيكية المقامات العراقية

يعيش الانسان في حياته العادية ارهاصات وهواجس طبيعية عديدة حد التناقض والصراع..! ميول انسانية تجنح نحو الالتزام والتمسك بالماضي والتراث والموروث مهما كانت التاثيرات. ميول انسانية اخرى تجنح نحو التجديد والتطوير(هامش1) وبناء اصالة(هامش2) ومستقبل جديد رغم رتابة الحياة احيانا. ميول اخرى مختلفة لدى الانسان في ذوقه وجمالياته وتفكيره واهوائه يمتلكها غالبا بالفطرة. هواجس واهواء غريزية طبيعية. ومن خلال كل ذلك تنشأ الدراما في الحياة، بالدفاع عن هذه الميول والاهواء والهواجس الخاصة بكل انسان، دون تاثير حازم وحاسم للثقافة والمعلومات والتجربة المكتسبة من الحياة..!

 

ان الميل نحو التحديد الفني الصارم للاتجاهات الذوقية والجمالية للانواع الفنية والغناسيقية كمحك لتوضيح سير الدراما الموجودة دائما بين التقليديين والتجديديين على مدى العصور، تعد حالة طبيعية للمفهوم الحياتي للانسان، ونحن مدينون بالعرفان لهذه الحالة، لهذه الدراما الفنية لانها تجعلنا في النتيجة نكتشف اشياء جديدة في كل الاحوال..!

 

عندما يبلغ الميل العارم للاتجاه الجمالي الادائي للمدرسة الجماعية او الطريقة الانفرادية للمغني او الاسلوب الغنائي للمدرسة او الطريقة على حد سواء، ذروته من الكمال والنضوج. حينها تسمى هذه المرحلة الاستاتيكية (هامش3)–الجمالية -  بالمرحلة الكلاسيكية، وهذه الميول الجمالية في مثل هذه المرحلة من النضوج والاكتمال، هي ما نسميها بالكلاسيكية.

 

الكلاسيكية اذن تعني في احد اهم معانيها انها ذروة الكمال والنضوج في الشكل والمضمون في اسلوب لغة اداء المدرسة الادائية الجماعية او الطريقة الانفرادية نسبة لمضمون كل منهما. اننا نتحدث الآن بصورة وصفية، وليس بتقدير سلبي او ايجابي للظاهرة الجمالية واتجاهات التيارات الذوقية في سير تعريفها.

 

لكن قضيتنا في هذا الموضوع قد تشهد ناحية مغايرة على وجه الدقة مع التحرر الذي امتاز بالتطلعات الجديدة نحو التغير والتطوير في اساليب غناء المقامات العراقية الذي وصل الى ذروة كلاسيكيتهِ في حقبة اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين. وقد نتج عن ذلك تطلعات رومانسية وانفلات من قيود الكلاسيكية في العقود الاولى من القرن العشرين(حقبة التحول) بعد ان وصل الشكل والمضمون لغناء المقام العراقي الى حد التخمة في نضوجه واستقراره..! هي ثورة اذن(هامش4)..! ثورة ضد الطابع السائد للتقاليد الغنائية المقامية الكلاسيكية في شكلها ومضمونها. انطلقت بدايتها عشية ظهور المطرب المقامي الثائر والقائد المتمرد محمد القبانجي، الذي اسس طريقته الغنائية (الطريقة القبانجية) التي امتازت باتجاهاتها الجمالية التجديدية في تمردها وخروجها لاول مرة عن طوق المحلية والمألوف. خاصة وانها عاصرت المد الصناعي والتطورات التكنولوجية التي عمّت البشرية بصورة عامة في حقبة ظهوره الفني في العقود الاولى من القرن العشرين.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

طه غريب مقام الصبا

https://www.youtube.com/watch?v=VQ7A650DISs

 

هوامش

1 – هامش1:التطور: Evolution نمو تدريجي يؤدي الى تحولات منظمة ومتلاحقة تمر بمراحل مختلفة ترتبط فيها كل مرحلة لاحقة بالمرحلة السابقة كتطور الافكار والاخلاق والعادات...الخ.

2 – هامش2: الاصالة:Originality القدرة على الابداع والابتكار في انتاج ادوات او مخترعات او اعمال فنية او ادبية. ومن زاوية اخرى، هي امتياز الشيء او الشخص على غيره بصفات جديدة صادرة عنه.

3 – هامش3: الاستاتيكية: علم الجمال Aesthetics علم يبحث في جوهر الفن واشكاله وعلاقته بالواقع وفي  طريقة الابداع الفني وتعابيرها الجمالية.

4 – هامش4: الثورة: Revolution عملية تغيير جذري وشمولي وحاسم للاوضاع السابقة.