كـتـاب ألموقع

• حاميها… حراميها!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جاسم الحلفي

حاميها حراميها!

 

كشفت التحقيقات التي أعلن عنها المسؤولون الامنيون العراقيون في مؤتمراتهم الصحفية مؤخرا، ان اغلب قادة التنظيمات الإرهابية في العراق، سبق وأن تم اعتقالهم لفترات تراوحت بين ستة أشهر الى ثلاث سنوات، بمن فيهم "ابو عمر البغدادي" و"ابو أيوب المصري"، و"مناف الراوي".

 

والملفت في الأمر هو عدم متابعة هذه الظاهرة الغريبة وكشف ملابساتها، كما يجب،  من قبل وسائل الإعلام، حيث لم تتناولها بالشكل المناسب، رغم طابعها الفضائحي الذي لا ينبغي غض الطرف عنه. ويبدو ان درجة الثقة في هذه المعلومات، كبيرة جدا، بحيث لم يجرؤ قادة قوات الاحتلال في العراق من تكذيبها. لذا لا يمكن تصور إطلاق سراح هؤلاء الإرهابيين دون قصد، او لأخطاء فنية بحت وقع فيها المحققون. وبالتالي هي ليست استجابة من قوات الاحتلال الى الدعوات المطالبة بإطلاق سراح " الأبرياء"، فبينهم، كما اثبت التحقيق، من تم اعتقاله بالجرم المشهود، واغلبهم من جنسيات عربية مختلفة، يحملون وثائق مزورة، ودخلوا العراق بطرق غير شرعية.  من هنا لم تعد ذريعة عدم تمكن القوات الأمريكية من التفريق بين العراقي وغيره، مقنعة. فاللهجة العراقية، كغيرها من اللهجات العربية، لها إيقاعها، وموسيقاها، ومفرداتها، وهناك حروف خاصة لا يستطيع احد من العرب نطقها مثل العراقيين. لذا فمن السهولة بمكان تمييز العراقي من غيره عبر لهجته، واكتشاف ذلك لا يتطلب قدرات كبيرة. وبالتالي ستبقى علامات استفهام كثيرة تدور حول قضية إطلاق سراح أولئك الإرهابيين دون تسفيرهم الى بلدانهم!

 

 حين اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية، كانت ميليشيات" الكتائب اللبنانية "، تميز  الفلسطيني عن اللبناني بسهولة عبر لهجته، رغم طول فترة تواجد الفلسطينيين في لبنان منذ عام 1948، 1967 وتقارب اللهجتين. فباختلاف نطق كلمة البندورة، وتعني الطماطم، يتم إلقاء القبض على الفلسطيني، حيث ينطقها "بنـْدورة" بينما ينطقها اللبناني "بـَنـَدوره"  فكيف يمكن ان يخفي الجزائري والتونسي واليماني والمصري والأردني، لهجته؟ 

 

اذ استبعدنا نظرية المؤامرة وكذلك جميع التحليلات والتصريحات التي أكدت ان احد أهداف احتلال العراق هو جعله "مغناطيس" لجذب الإرهابيين ومقاتلتهم داخل العراق بعيدا عن أسوار واشنطن، كذلك جعل العراق ساحة للصراع الإقليمي. واذا صرفنا النظر عن العوامل المُسببة للاحتلال الأمريكي للعراق وتشابك ملفاته السياسية والجيو- إستراتيجية، فإنه لا يمكن استبعاد المصالح الأمريكية في العراق (التي لا تنسجم بالضرورة مع مصالح الشعب العراقي) التي جعلت العراق حقل تجارب.

 

يخطئ بعض العراقيين حينما يرهنون تحقيق الأمن والسلام بغيرهم. فذلك لن يتحقق إلا بالإرادة الوطنية التي تضع نصب أعينها إستراتيجية وطنية تعتمد منظومة من الإجراءات الاقتصادية – الاجتماعية – السياسية – الثقافية – الأمنية، يكون فيها المواطن لاعبا أساسيا، شرط تأمين مشاركته الحقيقية واحترامها، وتوفير وسائل عيشه الكريم وكل ما يحفظ له كرامته الإنسانية.