كـتـاب ألموقع

• بين حانه و مانه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جاسم الحلفي

بين حانه و مانه

 

تأتي محاولات القوى المتنفذة، الرامية الى إيهام الرأي العام العراقي، عبر اختصار المشاكل التي تواجه الشعب العراقي، والتحديات التي تعترض استقرار العراق، بقضية الأحقية في تسنم منصب رئيس الوزراء. تأتي هذه المحاولات في نفس السياق الذي تم فيه تحويل هدف الانتخابات الأخيرة، من نشر الوعي عبر اختيار أفضليات البرامج الواقعية التي تستجيب الى ما يصبو إليه المواطن من امن واستقرار وخدمات واحتياجات حياتيه ومستلزمات معيشية الى صراع على كرسي رئيس الوزراء.

 

 وهكذا يدور الصراع اليوم على السلطة والنفوذ، في وقت تزاد فيه معاناة المواطنين من اشتداد الأزمة ومخاطرها التي تنذر بما هو أسوء، دون ان يشعر المتنفذون بواجبهم تجاه ناخبيهم الذين صوتوا من اجل رؤية حلول سريعة لمعاناتهم. بينما تعبث القوى الإرهابية في الأمن، وهي تنفذ عمليات نوعية وصلت الى المعامل وعمالها، وهذا اخطر ما وصلت إليه، لغاية هذه اللحظة، ولا تعرف الحكومة، الأهداف الجديدة التي تنوي قوى الإرهاب تنفيذها. كذلك فتح المجال للقوى الدولية والإقليمية للتدخل في شؤون البلد الداخلية والعبث بمصالحه، دون رادع او اعتبارات.

 

ان المحاولات التي تهدف الى صرف اهتمام المواطنين عن أسباب الأزمة الحقيقية،  واختزالها الى صراع على منصب رئيس الوزراء، رغم أهمية هذا الموقع، هو محاولة لتغييب إرادة الناس ومشاركتهم في التأثير على مجريات الأمور، التي لا يمكن رؤية أفق لها، دون تأمين مشاركة فعالة من المواطنين أنفسهم في الشؤون العامة. فيما يشكل الالتفاف على قوت الشعب و تقليص مفردات البطاقة التموينية التي مازال المواطن يشكو من عدم وصولها إليه، ورداءة موادها، هذا إضافة الى نقص الخدمات ومنها تلوث مياه الشرب، وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي الى البيوت في ظل حر لاهب لا يطاق. ان تلك المحاولات لن تمر بسهولة، كما الوعود التي مرت سابقا، حيث صورت للمواطن بانه سيحصل على مردود، ملموس، مباشرة حال انتهاء الانتخابات.

 

الغريب في الأمر هو السرعة الفائقة التي ينتج فيها السياسيون أسباب جديدة لتأزم الوضع أكثر فأكثر، تصاحبها قدرة كبيرة على إيجاد مبررات تخفي أدوارهم في تفعيل عوامل الأزمة، وعجزهم عن إيجاد حلول لها. وها هم قد وجدوا أخيرا سببا آخر لإشغال المواطنين وإلهائهم، وذلك في الحديث عن اللقاء المرتقب بين السيدين المالكي وعلاوي، وتصوير هذا اللقاء وكأنه طوق النجاة الوحيد، المرتقب، الذي سينقذنا من الوضع الذي أوصلونا إليه.

 

ان حرف أنظار المواطنين وإلهائهم بأسباب ثانوية وعدم طرح أسباب الأزمة الحقيقية بوضوح وتسمية مسببيها، وتحميلهم المسؤوليات عن استعصاء الحالة التي يمر بها بلدنا، هو أسلوب لن يكتب له النجاح، فالشعب الذي أريد له ان يضيع بين "حانه ومانه" سرعان ما سيتعرف على مسببي معاناته وله معهم وقفه جدية.