كـتـاب ألموقع

يوميات نصراوي: الرقابة على الثقافة.. هي تدمير لكل القيم الثقافية// نبيل عودة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 نبيل عودة

 

الموقع الفرعي للكاتب

يوميات نصراوي: الرقابة على الثقافة..

هي تدمير لكل القيم الثقافية، الأخلاقية والاعلامية

نبيل عودة

كاتب فلسطيني

 

فولتير: إني اختلف معك في كل كلمة تقولها، لكني سأدافع حتى الموت عن حقك في ان تقول ما تريد.

 

استلم المرحوم أحمد سعد رئاسة تحرير "الاتحاد"* بعد استقالة سالم جبران في اواسط سنوات الألفين من القرن الماضي. كنت نشيطا مع الجبهة الديموقراطية (من تنظيمات أقامها الحزب الشيوعي)، وانشر اسبوعيا مقالا سياسيا وأنشر مقالا او مقالين ثقافيين أحيانا في الصفحة الثقافة يوم الثلاثاء وصفحة يوم الجمعة ..

لسبب لا افهمه توقفت فجأة الاتحاد عن نشر نصوصي الأدبية .. كنت قد أرسلت مراجعة نقدية لديوان "انا هو الشاهد" للشاعر الشيوعي حسين مهنا. مضت أسابيع وشهر وشهرين ولم ينشر المقال .. رغم المراجعات والوعد بالنشر .. نُشرت مراجعات أخرى عن نفس الديوان لكتاب آخرين وكانت بمستوى سطحي جدا. اتصلت مع حسين مهنا وأرسلت له المقال. شكرني بقوله أنها أفضل مراجعة نقدية تكتب عن ديوانه وانه اتصل مع محرر الاتحاد وطلب نشر المادة في عدد يوم جمعة التالي(آنذاك).

ولم تنشر المادة.

 

كنت اكتب خلال تلك الفترة مقالا سياسيا أسبوعيا وينشر. ليس سرا ان نبيل عودة كان الأكثر نشاطا ونشرا في الصفحة الأدبية يوم الثلاثاء والملحق الأدبي يوم الجمعة. لم افهم سبب مقاطعتي الثقافية في "الاتحاد".

 

تحدثت مع رئيس التحرير المرحوم احمد سعد عن مقاطعة الاتحاد الثقافية لمقالاتي .. قال انه ينشر لي كل أسبوع. شعرت بأنه يهرب من موضوع مقاطعتي في الصفحة الثقافية. قلت أني أشكره ولكني استغرب مقاطعتي في الصفحات الأدبية. قال انها ليست بمسؤوليته (؟؟!!) ووجهني للمحرر الثقافي.

 

تحدثت مع "المحرر الثقافي". كان رده سخيفا وصبيانيا وغبيا وبلا ذرة احترام لنفسه. قال ما معناه:" ان مقالاتي الأدبية لا تلائم بالضبط صفحات الاتحاد الأدبية ..". قبل ان يشرح نظريته الثقافية كمحرر أدبي، بلا عقل أدبي .. أغلقت خط التلفون و"أغلقت" علاقتي مع "الاتحاد".

حولت المادة النقدية عن ديوان الشاعر الشيوعي حسين مهنا، من صحيفة الاتحاد الشيوعية الى صحيفة العين المستقلة ونشرت المادة هناك.

 

فيما بعد عرفت ان كاتبا "كبيرا جدا جدا جدا"، "طلب" عدم نشر مقالاتي .. وهذا ما أخبرني به سالم جبران حين كان محررا لجريدة العين النصراوية، اتصل معي وقال ان لديه معلومات مؤكدة من زميل له في "الاتحاد"، بأن أحد كتابهم "العظماء" تضايق من نشاط نبيل عودة الثقافي الواسع في "الاتحاد"، وهدد كما يبدو بالمقاطعة، فخاف "الحزب الثوري" من فقدان "كاتب كبير" ففرض الحظر على نشر المواد الثقافية للكاتب نبيل عودة في الصفحات الأدبية في الاتحاد. وواصلت الاتحاد نشر مقالاتي السياسية، حتى قررت ان انهي هذه العلاقة المريضة بعد حديثي مع المحرر اللاثقافي. انتقلت للنشر في صحيفة "العين"، وهي صحيفة أسبوعية تصدر في مدينة الناصرة، اليوم مجرد وريقة بلا قيمة، بعد فترة قصيرة جدا استلم سالم جبران رئاسة تحرير صحيفة "الأهالي" التي صدرت مرتين ثم ثلاث مرات كل أسبوع، وانتقلت للعمل في "الأهالي" نائبا لرئيس التحرير سالم جبران.

 

 اتصل "كاتب كبير" بسالم جبران لنشر كتاباته المختلفة في "الأهالي" لكنه طلب من سالم جبران ان لا يكون لنبيل عودة علاقة بنشر ما يكتب، سالم رفض طلبه مؤكدا ان نبيل عودة هو نائب رئيس التحرير لكل ما يخص العمل في الجريدة. بذلك ظلت الأهالي بدون "عبقريات" الكاتب الكبير.

 

هناك حادثة اخرى .. كنا على موعد في التلفزيون الاسرائيلي للمشاركة ببرنامج ثقافي كان يقدمه المرحوم الناقد والمحاضر الجامعي د. حبيب بولس. عادة كنا نسافر قبل يوم الى تل ابيب وننام في أحد الفنادق، كان موعدنا ان نلتقي في مقر صحيفة "الاتحاد" في حيفا، ومنها نركب سيارة التاكسي، صعدنا للسيارة، جاء "كاتب كبير" نظر للسيارة دون ان يلقي التحية، وابتعد بطريقة مثيرة للشك. لم اعرف سبب ذلك، بعد سنوات طويلة أخبرني د. بولس بأن السبب ان "الكاتب الكبير" يرفض ان يشارك ببرنامج ثقافي مع "ولد" هو نبيل عودة!!

 

يبدو ان هذه الحالة الثقافية المريضة، والغرور الشخصي المريض تتواصل حتى يومنا... اذ قبل فترة قصيرة جدا اسقط موقع ألكتروني مادة نقدية عن رواية للكاتب الكبير لم يعجبه، كما يبدو .. عدم التمجيد بروايته واغراقه بهالات القدسية الكاذبة .. قرأت صفحتين من الرواية وجدت اسلوبها مملا ولا يثير دهشة القارئ فطويت  الكتاب الى غير رجعة.

*******

*صحيفة يومية يصدرها الحزب الشيوعي الاسرائيلي من ابرز محرريها، اميل حبيبي، اميل توما وسالم جبران، لعبت دورا هاما في الحفاظ على الشخصية واللغة الوطنية للشعب الفلسطيني الباقي في وطنه بمواجهة سياسة التجهيل والعدمية القومية، فقدت اليوم مميزاتها ومكانتها.