اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• مذكرات مترجم : الحلقات الثامنة والتاسعة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حبيب محمد تقي

 

مذكرات مترجم : ( الحلقة الثامنة ) .

تجربتي مع طالبي اللجوء والمقيمين العراقيين و العرب في مملكة السويد .

 

*( السجون في المملكة السويدية ، (( سجون ، النجوم الخمس ، في الفردوس)) ، ونصيب الجالية العربية من هذه النجوم الفردوسية الخمس ) :

 

ليست فقط بشهاهدتي الشخصية ، والمبنية على مشاهدات و زيارات حية و ميدانية للسجون في المملكة بحكم عملي المهني . بل وبشهادات وبتقارير ووثائق ، جهات الرقابة الدولية ، والمتمثلة بالمنظمات الحقوقية والأنسانية ، الرسمية منها وشبه الرسمية ، سيما منها الخاصة برعاية شؤون المعتقلين والسجناء ، والمتفرعة من مؤسسات هيئة الامم المتحدة ، أو تلك التي تعرف بمنظمات ( المجتمع المدني ) ، والتي لها دور وحضور ، كمراقب ومتابع ، وفي أماكن عديدة ، من كوكبنا . والتي يهمها متابعة وملاحقة ومراقبة ، كل شاردة وواردة تخص حقوق الأنسان في بلدان العالم كافة . وبشهادة هذه المنظمات المحلية والأقليمية والدولية ، ذات العلاقة والصلة ، توكد تقاريرها ومسحها ، ووثائقها ، المعلنة وبشفافية ، على خلو المملكة تماما ، من سجون و سجناء ( الرأي ) ، فلا يوجد في المملكة ، سجونا لسحق هامات المعارضين من ابناؤها . والسجون وجدت وتوجد في المملكة ، كأصلاحيات ومراكز أعادة تأهيل ، تختصر على الخارجون على القوانين والنظم والتشريعات المدنية المعمول بها بدول العالم المتحضر، من مرتكبي الجنايات والجنح المدنية ليس إلا .

 

أما حال السجون في المملكة . حال يحسد عليه من كل سجناء ومعتقلي دول العالم ، شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ، وبلا أستثناء . سجون مثالية ونموذجية بكل ما تحمله ، هاتين الكلمتين من معاني و مدلولات بالغة . وبلا أدنى مبالغة ، سجون ، ليس لها تؤم ، وفي أي بقعة من العالم ( سجون نموذجية و نادرة ) . ومن الأجحاف والتجني أن توصف بالسجون ، بل هية حقاً ، أصلاحيات متخصصة لأعادة وتأهيل المنحرفين والخارجين عن طاعة القوانيين واللوائح المدنية . تجسد بحق وحقيقة ، ترجمة واقعية لمفاهيم آدمية وأنسانية راقية ، تصب في صميم الأصلاح ، والغاية أعادة التأهيل ، لتلك الشريحة التي أجبرتها ظروف قاهرة ما ، على الأنحراف والتصادم مع القوانين المدنية ، المنظمة للمجتمع . وعلى هذا الأساس ، تتعامل معه ، المؤسسات الحكومية المختصة للمملكة على أن السجين ، وأي سجين كائن ما كان ، هو أنسان ، أنساق للخطأ ، بأرتكابه جرماَ ما ، قابل للأصلاح ، لمجرد أعادة تأهيله . وأقسم بقدسية القلم الذي أسطر به تلك المشاهدات الحية والميدانية ، والذي لامكان للنفاق فيه ، أنك أذ ما أستثنيت الأسوار المحيطة ببقعة تلك السجون لتصورت نفسك ، بمنتجع سياحي ( خمس نجوم ) وبأمتياز . ولا أبالغ مطلقاً ، أذ قلت أنها تتجاوز المنتجعات السياحية ، من حيث الغرض والوظيفة التي تقوم وعلى أكمل وجه بها تلك الأصلاحيات ، والتي لاغنى عنها في ظل حاجتنا الماسة ، لتسيد القوانيين والتشريعات العادلة والمنظمة للمجتمع أياً كان ، وعلى أي منظور متوسط أو حتى بعيد .

لا أريد الاسهاب أو الوقوف طويلا ، عند وصف هذه الأصلاحيات النموذجية ومن الداخل ، في المملكة . لأن لب موضوعنا يتمحور ، حول نزلاء هذه الأصلاحيات ، من أبناء الجالية العربية . وعلى هذا الأساس سأختصر قدر المستطاع في وصف مشاهداتي الميدانية والحية لتلك ( السجون ) أو الأصح تلك الأصلاحيات ، ووصفها بأمانة من الداخل .

 

بدءاً بمواقع تلك السجون ، فأول ما يدهشك ، في تلك الصروح المشيدة بأتقان متناهي ، المواقع الطبيعية الساحرة والخلابة التي أختيرت لتلك الأصلاحيات ، من خضرة الطبيعة الزاهية ومياه البحيرات العذبة و المنسابة والمحيطة بهدوء حولها ، وبالوجوه والمظهرالحسن ، للكفاءات من العاملين في داخل تلك الأصلاحيات ، سواء من نساء أورجال . مروراً بالبناء المعماري والهندسي لتك الأصلاحيات والتي تتميز بالحداثة والعصرنة ، والأدامة والصيانة ، والتي تنم وتدل على مبلغ الأهتمام الكبير والرعاية الفائقة بها كمؤسسات حيوية ، لا غنى عنها في المجتمع السوي . وكما ذكرت ذلك في موضع سابق ( لولا الأسوار المحيطة بها ، لما أستدليت عليها كسجون أصلاحية ) . وحتى تلك الأسوار ، تفنن المهندسون والفنييون في تشيدها ، إذ تعتمد على نظام الأتمتة في فتحها وأغلاقها وحراستها. فليست بحاجة لأدوات الرعب المعمول بها حتى يومنا هذا في معظم سجون ومعتقلات دول العالم ، من كلاب بوليسية للحراسة ولا أبراج مراقبة مدججة بقاذفات الرعب والموت . والزائر لتلك الأصلاحيات يفتش آلياً عبر الممرات المغناطيسية ،المعمول بمثيلاتها في المطارات الدولية . وتتميز مساحة الأصلاحية بكبر فضاءاتها ، التي تتسع لمرافق عديددة في داخلها . بدءاً بالأبنية السكنية بطابقين أوثلاث والمقسمة الى مجموعة غرف ( تعرف بالزنزانة ) ، يبلغ عددها حوالي ، من مئتين الى ثلثمائة زنزانة . وكل زنزانة معدة لنزيل واحد . فلكل نزيل غرفته الخاصة به ، وتلك الزنزانات مكيفة ، صيفاً وشتاءاً ، ومجهزة ( بتواليت ومغسلة ) ، وتلفاز بالأضافة الى خزان ملابس . وفي العادة يتوسط مبنى الأصلاحية ، قاعة واسعة الى حد ما ، وهو المطعم الذي يتجمع فيه النزلاء كافة ، لتناول وجباتهم الرئيسية الثلاث . بالأضافة الى وجود قاعات معدة كورش للعمل وللتدريب المهني ومجهزة بألآت ومعدات غاية في الحداثة والتطور . أيضاً تحتوي الأصلاحيات تلك ، على صالات شتائية مغلقة ، لممارسة مختلف الأنشطة الرياضية ، هذا بالأضافة الى الملاعب الصيفية المفتوحة لنفس الغرض . ولا تخلوا هذه الأصلاحيات مطلقاً ، من وجود قاعة خاصة للكتب والمجلات والجرائد ، على أختلاف لغات نزلاء تلك الأصلاحيات ، بما في ذلك كتب ومجلات وجرائد باللغة العربية ، وللنزيل الحق في الحصول على أي كتاب أو مجلة او جريدة يشاء ، وحتى في حال عدم توفر هذا الكتاب أو ذاك في مكتبة الأصلاحية ، يتم أستعارتة للنزيل ، من خلال حجزه من مكتبات من خارج الأصلاحية ، بغية توفيره للنزيل هذا أو ذاك . كما تتوفر الفرصة لنزلاء الأصلاحية ، وخصوصاً الشباب منهم ، في إستغلال تلك القاعات والمجهزة بأحدث تقنيات الأنترنيت ، لأستكمال دراستهم الثانوية أو الجامعية عبر المراسلة من خلال ، تقنيات الأنترنيت المتوفر والمتاحة في قاعات المطالعة ، في هذه الأصلاحية أو تلك . والى جانب المكتبة ، الملحقة بالأصلاحية ، هناك قاعة أضافية مخصصة ، للقاءات والأجتماعات الموسعة وللمحاضرات والندوات ، وتستخدم أيضا من قبل بعض القساوسة وآئمة المساجد الذين يزورون تلك الأصلاحيات ويلتقون بنزلاءها وبأنتظام ، لتلبية أحتياجاتهم الدينية والروحية . أو اللقاء بوفود وممثلي الجمعيات والمنظمات التي تعني بشؤون المساجين . للأطلاع على أحوالهم وللأستماع الى معاناتهم . وأضافة لتلك القاعات ، هناك غرف أكبر حجما مرفقة بالأصلاحية بعضها يتسع لعائلة من طفلين ، وهي معدة لأستقبال الزوار ، الذين يودون الأنفراد بسجينهم وتبادل الحديث معه ، دون تطفل من أحد ، ودون وجود لأجهزت رقابة أو تصنت . وفي بعض تلك الغرف تتوفر فيها اللعاب للهو الأطفال الزائرون لأحد ذويهم في الأصلاحية . كما تتوفر في الأصلاحية وبشكل دائم عيادة طبية مؤلفة من معاون طبيب وأخصائي أجتماعي ونفساني ، زد على زيارة الطبيب في مواعيد منتظمة للعيادة الدائمة في الأصلاحية ، وهذه العيادة تقدم كل أشكال الرعاية الصحية ، سواء العضوية منها أو النفسية وبما فيها الرعاية بالأسنان . وعند الحاجة لأجراء عملية جراحية لنزيل ما في الأصلاحية . لاتتأخر عيادة السجن في تحويل الحالة بشكل طبيعي الى المستشفيات المختصة ، لأجراء ما يلزم مجاناً وعلى حساب مصلحة التأمين الصحي والأجتماعي ، التابعة للدولة ، بغض النظر عن صغر أو سعة أو تكلفة التدخل الجراحي لهذا السجين أو ذاك .

 

أما العاملون في هذه الأصلاحيات فهم أناس على درجة عالية من الخبرة والكفاءة ومعظمهم يتمتع بحسن السيرة والسلوك والأستقامة . وغالبيتهم أعدوا لهذا العمل بعد المرور ، بعدد غير قليل من الدورات التعليمية والتدريبية ، قبل وبعد أعتمادهم الوظيفي . وغالبيتهم تلقى دروساً مستفيضة بحقوق الأنسان السجين ما لهو وما عليه . ولم تسجل أي حالة خرق ولو واحدة بحق العاملين في هذه السجون .

 

التتمة في الحلقة التاسعة ، والتي ستكرس حول طبيعة السجناء أنفسهم في هذه الأصلاحيات ، سيما منهم أبناء الجالية العربية .

 

٢٨ / ٦ / ٢٠١٠

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مذكرات مترجم : ( الحلقة التاسعة ) .

تجربتي مع طالبي اللجوء والمقيمين العراقيين و العرب في مملكة السويد .

 

( الأسباب والبواعث التي ساقت البعض ، من أبناء الجالية العربية ، الى سجون المملكة السويدية ) :

 

للأجرام وبكل أشكاله وألوانه و أوزانه وأحجامه ، والذي تتصدى له القوانين ، الرادعة ، المدنية ، والوضعية ، والمعمول بها ، في غالبية دول العالم ، بما فيها المملكة السويدية ، أسباب وبواعث محركة ، تدفع الجاني هذا أو ذاك الى الأقدام عليه وأرتكابه ، سواء بأرادة كاملة منه أو تحت تأثير ظروف ضاغطة تدفعه وبقوة للأنسياق وراءه . وتلك البواعث والأسباب الضاغطة و الدافعة ، لأرتكاب الجرم هذا أو ذاك ، تتفاوت وتختلف بأختلاف و تنوع مرتكبي الجرم أنفسهم . وبعض من هذه الأسباب المحفزة لسلوك الجرم ، مردها ، عوامل أجتماعية بحتة ، تتصل بالفقر المادي والروحي والموروث الثقافي والتربوي والنفسي للجاني . ومنها مرده الى عوامل وأسباب سياسية . فالتناقضات التي تحدث داخل المجتمع ، وأي مجتمع كان ، أقطاعياً كان ، أو رأسمالياً خالصاً ، أو البين بين ، سواء كان هذا المجتمع ، هجيني مزدوج ، بين الأقطاعية والرأسمالية ، أو الرأسمالية والأشتراكية . ففي خضم تناقضات التطور، في تلك المجتمعات ، تقود و تفضي ، الى أشكال من الصراعات صعودا ونزولاً ، فتتجسد الجريمة فيها ، كتعبيرا عن ردت فعل لجانب ، من جوانب هذا الصراع الناشئ ، كحتمية قدرية ، بسبب من سنن وأفرازات هذا التطور ، المدفوع الثمن وللأسف، ( بعرق وبدم الضحايا من بني البشر ) . فالأجرام ، أياً كان ، لايتصل بأي حال من الأحوال بعوامل الوراثة الجينية ، كما يزعم البعض من المتعنصرين ومنظريهم . فالجرم لايولد مع ولادة الأنسان ، بل هو جنوح ومسلك أجتماعي منحرف و مكتسب ، وهو أيضاً قابل للعدوى ، لذا ينبغي التصدي له ، والتعامل معه كحالة مرضية سرطانية أجتماعية قابلة للتعاطي معها وعلاجها ، على مراحل . لذلك وجدت السجون ، لتكون جزء من هذا العلاج . وهذا الجزء من العلاج ليس ذي قيمة وفاعلية ، إذ بقيت السجون ، مجرد أماكن لحجر الحرية الشخصية للجنات . ولتفعيل دور تلك السجون الحيوي في معالجة الجريمة ، يتطلب الأمر ، أن تلعب تلك السجون دور أصلاح الجاني وأعادة تأهيله الى مجتمعه ، و بممارسة حياته الطبيعية والسوية فيه .

 

وبناءا على هذا الأدراك ، و الفهم الصحيحين ، والمطلوبيين ، للدور الحيوي والمهم للسجون ، في معالجة ظاهرة الجريمة المتنامية والحد منها قدر المستطاع ، شيد ساسة المملكة الغيورون سجونهم ، و وضعوا نصب أعينهم ، تلك الأهداف والمقاصد ، السامية والنبيلة المشار إليها أعلاه ، قولاً وأفعال . على النقيض تماماً ، من ما جرى ويجري في السجون المخزية لساستنا العرب ، والدور الدوني الذي تضطلع به . في حجر الحريات ليس إلا ، دون أدنى أكتراث أو مراعات ، لأفكار وتطبيقات أعادة التأهيل والأصلاح المطلوبين أنسانيا ، وليس أعلامياً زائفاً، لهذه الشريحة ، وهذه الشريحة الضحية لأقدارها والمنحرفة أجتماعياً بالتحديد .

 

وبالأستنادا الى أحتكاكي ، بهذه الشريحة من سجناء الجالية العربية ، في سجون المملكة ، والأطلاع على تفاصيل دقيقة ، تخص سلوكهم الذي ساقهم الى أرتكاب الجرم ، وبالرجوع الى تعاملي مع الشرائح الأوسع خارج نطاق ، أسوار تلك السجون من أبناء نفس الجالية . وأطلاعي على ظروفها ، الخاصة والعامة و طرق وأساليب حياتها ومناحي تفكيرها ورؤاها . أستناداً الى كل هذه المعطيات ، الملم بها عن خبرة عملية وميدانية مع أبناء جلدتي على أختلافهم وتنوعهم . وجدت أن أسباب وبواعث مسلكياتهم المنحرفة ، والتي ساقتهم سوقاً الى زنزانات الأصلاحية ، هي ذاتها التي أوضحتها في مقدمة هذه الحلقة من مذكراتي . دوافعها ومحركها ، تصادم أجتماعي مئة بالمئة ، ناتجة عن خلل ، أفقدهم التوازن ، وأطاح بهم . والخلل هذا ، يكمن في أوضاعهم المادية ، والروحية ، والثقافية ، والتربوية . وبسبب من قصور هذه الشريحة وعجزها عن أنتاج وأبتداع مسالك راكزة وسديدة توجه بوصلة حياتها ، وتمضي بها ، وهية متصالحة مع النفس ومع الأخرين ، بغية الوصل الى بر الأمان ، وبأقل الخسائر الممكنة ، في رحلة العمر الحلوة والمرة و القصيرة على وجه الأرض . وأضيف على ما ذكر ، من أسباب ، قادة هذه الشريحة الى السقوط في براثن الأنحراف ، أنها هاجرت الى المملكة ، وهي تتسلح باليسير القليل ، من زاد الثقافة والعلم والمعرفة بديناها ودنياها القليل القليل القليل . وللأسف هم نفسهم ( أي تلك الشريحة من أبناء جلدتي ) ، التي تلعن ليل نهار عتمة المهجر ، بدل من أضائت شمعة فيه .

للموضوع تتمة لاحقة في الحلقة العاشرة من سلسلة هذه المذكرات .

١ / ٧ / ٢٠١٠

حبيب محمد تقي

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.