كـتـاب ألموقع

• ياشباب العراق .. لابد لليل ان ينجلي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

عماد خليل بِله

مساهمات اخرى للكاتب

     ياشباب العراق .. لابد لليل ان ينجلي

 

احدثت ثورة الياسمين الشعبية في تونس وانتفاضة شعب مصر المتواصلة احياء ثقة بقدرةالشعوب على تحقيق التغيير في السلطة ان ارادت واستجاب القدر، بعد ان خسر المد الثوري لدى الشعوب حرارته نتيجة اضطهاد وقمع متواصلين بغير هوادة من قبل الانظمة التي ادعت الوطنية والتي تشكلت بعد مرحلة الاستعمار المباشر، ومن مهازل التأريخ ان تنتهي هذه الانظمة في احضان الاستعمار الحديث دون حياء لتتقاسم السلطة مع طفيلي الاقتصاد الوطني والراكبون على احتياجات شعوبهم وهي التي تاجرت بشعارات الوطنية. لقد بينت ثورة تونس وانتفاضة مصر ان الشعوب مهما طال خداعها من قبل المتسلطين عليها باسم الوطن او باسم الله لابد من لحظة انفجار تقبر صروح الطغاة. لقد فضل بن علي الهروب كجرذ مذعور على ان يسفك دماء ابناء شعبه، وهي حسنة تحسب له ،فرغم كل مايوصف به من دكتاتورية وقمع وسرقة مورست خلال سنين حكمه لم يجرؤ على اقامة مذبحة لأبناء تونس لأنه لايحمل فكرة وطن تشيده الجماجم والدم، في حين صارع حسني مبارك ايامه الاخيرة باحثا عن طريقة خروج تحفظ ما وجهه وتبعد عنه وعن عائلته المحاكمة بعد ان قيدت يده ومنع من اجراء مجزرة على طريقة صدام حسين عام 1991 .

 

ان تغيير في العراق لاقامة نظام متحضر معقد لارتباطه باوضاع الانظمة في الدول المجاورة وخاصة ايران التي لها التأثير الاقوى في الساحة العراقية ، وعليه طالما بقي النظام الايراني بوضعه الحالي تبقى عملية تحقيق الهدف الديمقراطي العراقي بمواجهة خطر الاجهاض، لكن هذا لايمنع فرص النجاح، وكما يحدت انتفاضة المصريين امريكا يمكن لمنتفضين عراقيين تحييد كليهما.

 

ما الذي يمكن ان نحققه من التظاهر لتغيير الوضع الفوضوي القائم ؟

ان التظاهر المنسق المتواصل الواضح الاهداف وبطليعتها الهدف الرئيس دون التشتت بقائمة طويلة من مطالب هي تحصيل حاصل للتغيير يمكنه ان يقطع الطريق على المشروع الامريكي لأقامة نظام فاسد يشبه النظام المصري الذي يحتضر الذي وضعت لبناته المؤسِسَة منذ السادات وترسخ وتعفن في ظل مبارك، ولأجل هذا ومنذ اسقاط الصنم تعمل الادارة الامريكية في العراق على خلق طبقة طفيلية محلية ذيلية تماثل ما ظهر في مصر من القطط السمان مشكلة من رؤساء جمهورية ورؤساء وزارات ووزراء ونواب ومستشارين وتابعيهم عبر منحهم رواتب فاحشة تستنزف ثروات العراقيين وامتيازات ظالمة للشعب، لتكون الديمقراطية التي يحاولون ترسيخها في العراق ليست بأفضل من ديمقراطية حسني مبارك الانتخابية وامثاله ، والتي لم تمنع السلطة من استعمال القمع والقتل لمواجهة الاحتجاج السلمي كما حدث اخيرا في الحمزة الشرقي وما حدث قبله في البصرة ردا على تظاهرة المطالبة بتوفيرالكهرباء. مايحدث الان في مصر يثبت ان الشارع اكثر قدرة على تحديد شرعية الحكومة والبرلمان من انتخابات مزورة. وبالتظاهر الصامد والهادف يمكن ارضاخ امريكا وبالتالي تابعيها المحليين على التراجع عن مخططهم بتحويل العراق الى مصر حسني مبارك والاقرار بحق الشعب العراقي بالديمقراطية والاصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

 

لقد قاد صمود ومواصلة الانتفاضة وتحمل القائمين عليها للضغط والاعتداء والقتل الى اجبار الادارة الامريكية بالذات وتبعها الاتحاد الاوربي الى اتخاذ مواقف لصالح شعب مصر عمليا، وكل منا تابع انتقال المواقف خلال ايام فمن طلب الاصلاح في ظل مبارك الى المطالبة برحيله "الان" كما قالها الرئيس الامريكي بصيغة الامر، واقامة حكومة انتقالية. موقف تغير خلال خمسة ايام. اذن نجح صمود المنتفضين في تحقيق الخطوة الاولى بتغيير الموقف الامريكي نسبيا وهذا ضروري لمنع اجراء مذبحة للمتظاهرين ، وتم ذلك بعد الاعتداء عليهم من قبل بلطجية السلطة وافراد الامن والشرطة بلباس مدني يوم الاربعاء الدامي، ومن الواضح ان الموقف الذي تتخذه امريكا واوربا في دعم مطالب اية انتفاضة شعبية تطرح مطالب شرعية يأتي نتاج لدور وسائل الاعلام وخاصة الفضائيات بنقلها الحي للاحداث اذ لاتستطع امريكا واوربا السكوت على ممارسات قمعية مفضوحة وهي التي تتحدث بدون توقف عن حقوق الانسان، فضغطت على نظام حسني مبارك لمنع القمع ، فبعد ان ندد الرئيس اوباما بالعنف والقتل اسرع رئيس الوزراء المصري المعين الى الاعتذار عن اعمال الاعتداء وانكار علاقة حكومته بالمهاجمين، وفي اليوم التالي توقف العدوان وانخفض لاقل درجة ولجأت السلطة الى تسيير مظاهرات مؤيدة لها، مايعني ان حماية تحرك مشابه في العراق بحاجة الى تغطية اعلامية تضع الادارة الامريكية في موقف يمنع تكرار مذابح الانتفاضة الشعبانية 1991.

 

فالادارة الامريكية تحسب حسابا هاما للرأي العام العالمي الذي تشكله وسائل الاعلام بمتابعتهاالتحرك وكشف جرائم السلطة امام العالم . وقفت امريكا مجبرة الى جانب الانتفاضة رغم خشيتها من ان رحيل مبارك يؤدي الى انهيار سياساتها بالمنطقة، وربما تفكر في جعل العراق بديلا لمصر لو بينت الاحداث اللاحقة قيام نظام لاينسجم كفاية مع الاستراتيجية الامريكية، وهنا تكمن مأساة اخرى وجديدة للعراقيين اذ ان امريكا لاتتعظ من دروس التاريخ، وبدلا من ان تساعد على قيام نظام ديمقراطي حقيقي ومجتمع مدني يقترب من الانظمة المدنية الغربية مع خصوصيته لا يستبعد ان تسرع في استكمال حلقات النظام الطفيلي في العراق وبصيغة الديمقراطية الجوفاء التي لم يحصل العراقيون منها الا على انتخابات مزيفة ، وبالتاكيد يتحمل العراقيون ذاتهم مسؤولية كبيرة على سوء اختيارهم، ويتحمل سياسيو السلطة بمختلف نماذجهم مسؤولية تاريخية في مواصلة افقار الشعب واذلاله.

 

لكنا رأينا الادارة الامريكية غير مستعدة بعد اليوم لمواجهة شعب متضامن، ويمكن بصمود التظاهرات ووضوح اهدافها افهام امريكا ان ليس هناك عداءا بين شعبي العراق والولايات المتحدة الامريكية. ياشباب العراق ... يا اهل العراق.. لسنا بحاجة لانتظار ثلاثين سنة اخرى من الفقر والكفر لنتحرك. لنتحرك الان ونكنس كل من سرق حقوقنا كشعب له حق بالحياة الكريمة. لنستعيد حقوقنا.