اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

لماذا لم يسامح الله أبوينا آدم وحواء على خطيئتهما؟// مارتن كورش تمرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 مارتن كورش تمرس

 

عرض صفحة الكاتب

لماذا لم يسامح الله أبوينا آدم وحواء على خطيئتهما؟

مارتن كورش تمرس

محامي وقاص

 

قد نسأل أنفسنا نحن الذين نعيش في زمن النعمة التي بها ننال النجاة من عقوبة الناموس، سؤالاً مغزاه: لماذا لم يسامح الله أبوينا آدم وحواء على ما إقترفا من معصية؟ بعد أن خلق الله آدم (وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.)"سفر التكوين2: 7". ثم هيأ الله لأبونا آدم (وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.) "تكوين2: 8". كل ما أراده أبونا آدم قد هيأه الله له، ولكي يرتب له حياته وضع له ناموس للحياة وفق (مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ.) "سفر التكوين2: 16و 17".

 

ما الذي جعل أبوينا ينصاعان لكلام الحية وينسيا أمر الله خالقهما؟ أسئلة عديدة تدور في أفكارنا ولا نكلف أنفسنا ونقرأ الكتاب المقدس (كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،)"2تيموثاوس3: 16".

 

لكي نستوعب عدم مسامحة الله لأبوينا خطيأتهما علينا أن نعرف أنه لم يكن قد حان بعدُ زمن النعمة الذي جاء بعد صلب المسيح "له كل المجد" عندئذ نقدر أن نفهم بأن العلاقة بين الله الخالق وبين أبوينا كانت تشريعية، موثقة بتوصيات وآوامر وفق عهد مذيل بشرط جزائي من أجل حماية حق الحياة التي أعطاها الله بصفته هو الخالق (لأنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: « خَالِقُ السَّمَاوَاتِ هُوَ اللهُ. مُصَوِّرُ الأَرْضِ وَصَانِعُهَا. هُوَ قَرَّرَهَا. لَمْ يَخْلُقْهَا بَاطِلاً. لِلسَّكَنِ صَوَّرَهَا. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ.)"إشعياء45: 18" قد هيأ جنة عدن ليعيش فيها أبونا آدم وفق شروط واضحة لا لبس عليها معطاة من الله دون إستغلال لمحبته. وافق أبونا آدم فرحاً بعطية الله ليبدأ حياة نقية في تفاصيلها، كيف لا وهي في الجنة. أراد الله أن ينصاع آدم لأوامره وتعليماته.

 

نظر الخالق إلى مخلوقه فوجده وحيداً! لذلك لم يتركه الخالق أن يعيش في وحدة التي ستؤول إلى الألم والتقوقع والحزن (وقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ.)"سفر التكوين2: 18".... فكان قرين آدم (وبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ.)"سفر التكوين2: 22".

 

دخل أبونا آدم الحياة الزوجية التي غدت موثقة بعهد شرعه الخالق للعروسين الذين صنعهما بيديه الكريمتين والمباركتين. أراد لهما حياة مقدسة لكنهما لم ينصاعا لأمر الله فسقط آدم بخطيئته ليخسر بركة الله.

 

نجد في عقوبة الله لمخلوقيه عقوبة لم تخلو من العدل (تطبيق العقوبة بحقهما مع خلوِّها من الموت) أن الخالق لم يفتك بأبوينا الخاطئين، بدل أن يعاقبهما عقاباً صارماً أخرجهما إلى خارج الجنة؛ والرحمة (هيأ الله مجيء إبنه الوحيد). (لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ.)"إشعياء9: 6"". (هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.)"متى1: 23". (لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.)"يوحنا3: 16". لم يتركهما الله أو يترك ذريتهما جيلا بعد جيل وقد هيأ قدوم إبنه الوحيد يسوع المسيح"له كل المجد" ليمنح بصلبه لكل الأجيال من بعد آدم وحواء أن يعيشوا في زمن النعمة الذي لم يكن في العهد القديم ولا في لوحي الحجر اللذين كتبهما الله باصبعه ومنحهما للنبي موسى (ثُمَّ أَعْطَى مُوسَى عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ: لَوْحَيْ حَجَرٍ مَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبعِ اللهِ.)"سفر الخروج31: 18".

 

لم يهدف الله من عملية الخلق إلى العقوبة، بل إلى الحماية من خطط الشيطان. لذلك عندما جاءت العقوبة لم تكن قاتلة، بل أكتنفتها الرحمة وقد سبقها العدل. وقعت المعصية من أبونا آدم! بعد أن ترك الله وسارا خلف الشيطان اللابس كسوة الحية، فأكل من شجرة معرفة الخير والشر. كانت النتيجة هي سقوط أبوينا، ففقدا حياة العيش في الجنة بعد أن رأى كل منهما جسد الآخر لذلك كان لابد من خروجهما منها ليطيعا غرائز الجسد. لو بقيا فيها لما كان سيقدران على التكاثر وإنجاب الذرية لأن هذا كان لا يكون إلا بإتصال جنسي وهذا مستحيل أن يكون في الجنة (لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ.)"مرقس12: 25" لذلك كانت ولادة يسوع إلهية لأنه الذي وضع أسس الجنة التي كان فيها أبوينا.

 

أن عدم إنصياع أبونا لوصية الله قد سمحا للشيطان أن يفعل فعلته ويغويهما حتى دخلا إختباراً، لتأتي العقوبة بحقهما مع ثالثهما ألا وهو الشيطان. أن الله عارف بالغيب لكنه يسمح للتجربة أن تمر دون أن يسمح للشيطان أن يتحكم بمصير المخلصين بدم الحمل.

 

أمر الله بإخراج أبوينا من الجنة فكانت في إنتظارهما على الأرض عقوبات تكميلية         ( وقَالَ لآدَمَ:  لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ.)"سفر التكوين3: 17". اذا نقدر أن نقول أن عدم مغفرة الله لأبوينا ذنبهما هو تحصيل حاصل لخطيئة أرتكبها كلاهما وكان لابد أن تقع العقوبة بحقهما وحق الشيطان الذي أغواهما ليكونا جميعا على الأرض. الأرض التي غدا الشيطان سيدها، لكن الله لم يترك أبوينا ولا ذريتهما على الرغم من أننا نعيش الصراع (وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ.)"سفر التكوين3: 15" جيلا بعد جيل دون أن يتركنا الله وحيدين بل هيأ حماية إلهية بمجيء الرب يسوع المسيح"له كل المجد" الفادي المخلص(لكِنْ بِنِعْمَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنْ نَخْلُصَ كَمَا أُولئِكَ أَيْضًا».) "أعمال الرسل15: 11" الذي أعطانا أن نعيش في زمن النعمة.

 

أن عدم مسامحة الله لأبوينا لا يعني البتة بأنه حرمهما من نعمة الخلاص، بل أغدق بها علينا بسفك دم ابنه يسوع المسيح"له كل المجد" الذي نلنا على يديه المثقوبتين المغفرة الالهية منذ آدم وإلى يوم مجيء الرب ثانية (وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.) "لوقا21: 27".

 

أن ما حدث مع أبونا آدم في جنة عدن كان خطيئة وجب علاجها وفق قانون أعده الله كان لا بد من تطبيقه عليهما في زمن التشريع الذي شمل كل أبناء شعب الله. نقرأ ما حدث مع شاؤل ( فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: لاَ أَرْجعُ مَعَكَ لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ، فَرَفَضَكَ الرَّبُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ.) "1صموئيل15: 26". نرى هذا أيضاً في قصة داود (هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ. لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ.) "2صموئيل12: 11 و12". اذا لم تقف قوة التشريع إلا بقوة المسيا يسوع المسيح"له كل المجد" الذي جاء بالنعمة.

 

اذا لم يغفر الله لأبوينا في نفس وقت إرتكاب خطيأتهما فهذا لا يعني أن الله لم يسامحهما إلى أبد الآبدين، أولاً لأن لله أوقاته وثانياً وجود خطة الفداء التي نفذت على يدي ربنا المثقوبتين، حيث جاء الرب بزمن النعمة، النعمة التي (وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا.) "رومية5: 20". نفهم من أعداد إصحاحات الكتاب المقدس المتواترة بشكل مفهوم لا لبس عليها، أن الله مُحبٌ لنا (كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي.) "يوحنا15: 9".

 

أن الناموس قد طبق والعقوبة قد نزلت لكن الخلاص باق يغدق الله به علينا نحن الخطاة في زمن نعمته (لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا.)"يوحنا1: 17". ليس لنا إلا أن نسأل الله أن يغفر الله لنا ذنوبنا وخطايانا ويغفر لأبوينا آدم و حواء خطيأتهما. يا رب أستجب. آمين

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.