اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

؟؟؟- قصة قصيرة// مارتن كورش تمرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مارتن كورش تمرس

 

عرض صفحة الكاتب

؟؟؟- قصة قصيرة

مارتن كورش تمرس

محامي وقاص

 

في أحيان كثيرة تأخذ ظاهرة معرفة شاب من بين أقرانه، كنه قضية أو ظاهرة ما إلى ركوب صهوة جواد التحري من أجل معرفته عن كثب. شيء ما سمع أو قرأ عنه أو رآه  أو أحسَّ به أو… لكنه قد يصادف أرضاً وعرة فيخشى على جواده من الكبوة. بل قد تظهر علامات إستفهام عديدة على الطريق بدلاً من علامات المرور الإرشادية؟؟؟ يتردد أو يحتار ولا يعرف كيف يصل إليه أو يسأل أحداً ما عنه. أكيد أنه شيء مهم وإلا لما سعى شابٌ رزين، مؤدب، خلوق ومتميزٌ بأخلاقه الحميدة لمعرفته عن قرب. شيء يريد معرفة كنهه بوضوح ودون لبس! لأنه يشعر بأنه عنصر مهم يدخل في مقومات بناء حياته.

تبدو هذه الحالة واضحة بين جيل الشباب الذين يعتبرون مَن سبقوهم هم قدوة لهم لذلك عندما يشبون تكثر وتتنوع أسئلتهم؟ سؤال لطالما بحث الواحد منهم عن الإجابة له! سؤالٌ مهم لم يأت ضمن أسئلة الإمتحان في حصة درس من دروس المنهج الدراسي لمرحلة دراسية معينة.

دعوني أفصح أكثر.. أنه سؤال عن موضوع مصيري يخص ولازال جيل الشباب، ترى الواحد منهم في كل سنة ينمو فيها متنقلاً عبر المراحل الدراسية وهو يريد معرفته عن كثب، لكن من الصعب في بيئة شرقية أن يسال الواحد من الشباب عن أجوبة لأسئلة في مواضيع لا يُسمح الإفصاح عنها على الملأ.

سؤال راود ( نينوايا) منذ أيام الدراسة في المرحلة المتوسطة، ليظل في فكره وهو ينتقل إلى المرحلة الإعدادية إلى أن دخل المرحلة الجامعية، ليحصل على مقعد في كلية علم النفس/ جامعة المستنصرية في العاصمة بغداد. كان سعيداً بهذا القبول لأنه كان يضن أنه من السهل أن يجد جواباً لسؤاله. في أول أسبوع من بداية دوام الطلبة في الجامعة، تقدم بكل جرأة وأفصح عما في داخله فسأل بادئ ذي بدء البعض من زملائه. لكن الخجل حجب عنه الأجوبة! ثم سأل المدرسين الجامعيين. أندهش عندما سمع ما لم يتوقع أن يسمعه! قال له معظمهم:

     ما لك تبحث عن شيء يخصك عند أناس لا يعيرون له أهمية.

قرر أن يعلق جوابه الذي كتبه على ورقة، على لوحة إعلانات الكلية. كتب في الإعلان ما يلي: أنا أسألكم أيها المدرسين والمعيدين وأصحاب الشهادات إضافة إلى زملائي الطلاب وزميلاتي الطالبات، عن أمر يُقرب ولا يُبعد ويجمع ولا يفرق ويوحد ولا يقسم ويربط ولا يفصم ويطعم ولا يفطم.

لكن لم يرد أيُّ أحد على سؤاله، إلى أن تم رفعه من اللوحة بعد مرور إسبوع كاملٍ على إعلانه.

ثم فكر أن يخرج بسؤاله إلى خارج حدود حرم الجامعة ويطرحه على أناس عديدين ومختلفين في معتقداتهم وثقافاتهم ومهنهم وخبراتهم في الحياة.. أخذ يسأل كل من يصادفه على الطريق أو على متن باص نقل الركاب أو حتى الجالسين في مقهى أو يتسوقون في محل بيع الخضراوات أو المأكولات المعلبة أو محل بيع الألبسة.. لكن دون أن يسأل شخصاً حتى لو كان عنده الجواب! ألا وهو القصاب! بائع لحم الخرفان أو الأبقار المذبوحة! منطلقاً من مبدأ عرفه من خلال بحثه ألا وهو (لا علاقة بين السكين والقلب.)

كل من كان يسأله ما كان يجد عنده الجواب المقنع، بل منهم مَن كان يؤجل الجواب ومنهم مَن كان يُجيب بعلامة تعجب! ومنهم من كان يجيب بعلامة عينٍ تنظر الريبة والشك دون أن يجيب! معظم الذين سألهم هم معلمون أو مدرسون أو مهندسون أو محامون. أو بائع خضرة أو عتَّال أو عسكري أو شرطي أو خادمة أو مربية أطفال أو موظفة حكومية أو معلمة أو..

سؤال مهم لكن لا جواب يبدو في دائرة السمع بل لم يجرأُ أحد من هؤلاء ويقدم جواباً! لأن معظم هؤلاء لا يصدق في علاقاته أو تعاملاته بل قد لا يصدق مع زوجته! لذلك تشوهت أية علاقة إنسانية في أي مجتمع شرقي!

لم ييأس (نينوايا) فكر أن يعود إلى المدرسة الأولى التي تعلم فيها النطق بأول الكلمات التي بنت أواصر البنوة مع الأبوة والأمومة، أنها مدرسة البيت التي الأم معلمة والأب مرشدٌ، منهما يتعلم فيها الأولاد كل ما يمت إلى المحبة بصلةٍ وثيقة.

قرر أن يفتح ألبوم صور حفل زفاف والديه، لعله من خلال الصور يجد جواباً لسؤاله! أخذ يُقلب صفحات الألبوم وهو يشاهد صورة تلو الأخرى، كأنه يعيش قصة حب وهو يتذكر جدته النائمة على رجاء القيامة التي حكت له قصة حب والديه، كيف وافقت إبنها في حبه من إمرأة لم تعرفها ولم تراها! لتكون لـ (نينوايا) أُمًّا، أستطاعت أن تعطي والده حباً جماً ليعيشا كلاهما تحت كنفه دون أن تؤثر ظروف الحياة على مسار حياتهما، سواء أكانت سياسية أو إقتصادية. ليقف الحب قوياً في عرين قلبين أصحابهما وِلِدَ (نينوايا).

من خلال مشاهدته لتلكم الصور عرف عن كثبٍ العلاقة الحميمة بين والديَّه. مع ذلك كان يخجل أن يسأل عنه منهما خاصة والدته الإنسانة الأمية، التي وِلِدت في قرية (باتاس) أيام حياة نيافة المطران (مار يوسف خنانيشو) تلك المرأة المحبة والمضحية والمربية الفاضلة التي ربَّت أولادها على محبة الرب يسوع المسيح "له كل المجد" لا تُفَوِّت عليهم حضور مراسيم القداس الالهي في كنيسة مار قرداغ، ساهرة على راحتهم ودون أن يغمض لها جفنٌ إلى أن ينام آخر واحد منهم.

قال في نفسه كيف سأحصل على جوابٍ لسؤالي وأنا أخجل أن أطرحه بشكل واضح؟ على الأقل عليَّ أن أسميه وأنا أطرحه! لذلك قرر أن يطرحه على كل الأصدقاء الإفتراضيين! عبر مواقع شبكات الانترنت أو مواقع التواصل الإجتماعي. لكنه حزن عندما وجد ما يشوه صورته حتى من قبل بعض الشبان!

قرر أن يذهب للبحث عنه في مكتبات شارع المتنبي. وجد العديد من الكتب القديمة والحديثة والمجلات المعروضة للبيع على الرصيف. بينما هو في خضم البحث وقعت أنظاره على كتاب من بينها فحمله وأخذ يتصفحه بإهتمام بينما البائع لا يعير للمشتري أية أهمية وهو قد أعطى لسيجارته كل الإهتمام. وضعه على جنب وهكذا غيره إلى أن إختار مجموعة من الكتب والروايات لمؤلفين مختلفين من الشرق ومن الغرب، إشتراها وأخذها إلى بيته، بدأ بمطالعتها. لم يجد فيها جواباً لسؤاله! بينما هو منشغل بتصفحها شعرت أمه به فسألته:

     ما الذي يقلقك يا فلذة كبدي؟

دون أية مقدمات سألها:

     ما هو الحب يا ماما؟

     أن تكون نقي القلب، طيب الروح وخفيف المعشر.

     يعني مثلك؟! بل مثل كل شخص يحمل (قلبا نقيا).

     أين تعلمتِ مثل هذا الكلام يا ماما؟

     من مزامير النبي داود ونشيد الأنشاد والجامعة والعهد الجديد، بل من الكتاب المقدس.

     لكنك يا أمي الحنون لا تقرئين ولا تكتبين!

     أنا مشاهدة مواظبة للفضائيات المسيحية. أشاهد، أسمع وأفهم... ها أنا أشرح لك يا بني ما تعلمته.

إقتنى (نينوايا) نسخة من الكتاب المقدس من مكتبة الكنيسة وهمَّ وفتح وقرأ لي/ لكَ/ لكِ/ لكم، ما يلي:

" لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. يوحنا15: 13".

يا كل أولياء الأمور. في الوطن وفي المهجر. علموا أولادكم الحب الحقيقي، من خلال علاقة كل زوجٍ بزوجته. أنها مسألة تخص البناء البيتي. تخص أفلاذ أكبادكم.. أنها مسألة الحب التي تكلل حياة العديدين من أبنائنا وبناتنا بإكليل الـ(برَّاخ).

من مجموعتي القصصية (أقرأ لك قصة) الصادرة عام ٢٠١١

المحامي والقاص

مارتن كورش تمرس لولو

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.