اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هلْ الأبٌ؟- قصة قصيرة// مارتن كورش تمرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مارتن كورش تمرس

 

عرض صفحة الكاتب 

هلْ الأبٌ؟-  قصة قصيرة

مارتن كورش تمرس

محامي وقاص

 

كان السيد (مَعْسِيَا) يعمل مراقب عمال التنظيف في مؤسسة كهرباء دبس. رَبُّ عائلة متكونة من ستة أولاد إضافة إلى أمهم. أصبح والدهم يفكر بشأنهم وهو يراقبُهم سعيدًا كيف يكبرون وتطول قاماتهم وهم يحققون النجاح في دراستهم. قالَ في إحدى المرَّات لزوجته:

 

كبروا ليكبر همهم معهم.

كُنْ لهم أبًا وقائدًا.

فكرتُ أن أكون لهم كما يكون الـ(كابتن) لأعضاء فريقه.

عين الصواب يا زوجي العزيز.

أتذكر أيام الطفولة كيف كان المعلم يحكي لنا أمثالًا وقصصًا لكي نقدر أن نعتمد على أنفسنا ونحن نحقق النجاح في دراستنا.

كذلك كانت المعلمة تفعل معنا.

أتذكر الأستاذ (ناجي حمادي الدوري) مدير الْمَدْرَسَةِ الإبتدائية، كيف كان يتحدثُ معنا نحن الطلاب كل يوم خميس من الأسبوع حيث يرُفع العلم العراقي أثناء الإصطفاف الصباحي، قائلًا: " لكل مدرسة طلاب وطالبات، يتلقون فيها العلم والمعرفة ولهم مدير يسمى: نَاظِرُ الْمَدْرَسَةِ.. للعشيرة رجالها ونسائها وشيبها وشبابها، شيخ يدير شؤونها ويقضي في حقوقها وواجبات أفرادها.. لكل عائلة أبناء وبنات لهم والدين يعملان ليل نهار من أجل راحتهم وإلى جانبه أمهم.. لكل فريق رياضي رئيس يسمى الـ(كابتن).. لكل دجاجة فراغها تحبهم، تُطعمهم وتحميهم."

إذَنْ يا زوجي العزيز عليكَ أن تسأل نفسكَ: " هل أنا يا ترى رئيس فريق له خبرة في قيادة فريق كل أعضائه هم أبنائي وبناتي الذين أخذتُ على عاتقي تربيتهم وتعليمهم؟ هدفي أن أجعل منهم أعضاءًا نافعين في مجتمع يبغي التقدم والرقي."

أتمنى من الله أن أكون لأولادي ولي أمرٍ ناجح، حتى أقدر أن أقودَهم في كل مباراتهم في الحياة ضدَّ فريق صعوبات الزمن.

أيها الـ(كابتن) ما دمتَ قد وافقت أن تكون لفلذات أكبادنا رئيس فريق ناجح، إذَنْ خذ ورقة وقلمًا واِبدأ في الحال بتسجيل أسماءهم حتى يعرف كل واحدٍ منهم مركزه في الفريق. عليكَ أن لا تفكر في النتيجة في أول مباراة لفريقكَ الفتي هذا لأن المسؤولية هي أكبر منها. لا تنس أن تَضَعَ نُصْبَ عَيْنَيْكَ المواظبة على تدريبهم حتى تجعل منهم فريقًا مستعدًا في مواجهة فريق صعوبات الزمن، قد تخوض بهم مباراة تجريبية أمام فريق من فرق كرة السلة ربما يتحقق لهم الفوز أو الخسارة لكن تبقى النتيجة لا تهبط من عزيمتهم لأنكَ تعرفُ كيف تُقوي معنوياتهم. لكن تبقى مباراتهم مع فريق صعوبات الزمن هي المباراة المهمة والمصيرية! إنها مباراة  دوري القمة للأشبال الهواة من أجل الحصول على كأس البطولة في نهاية كل عام إلى أن يبلغ أعضاء فريقكَ سن البلوغ. ستعرف أنكَ تفعل الصواب وأنتَ على رأس الفريق. أكيد بعد كل مباراة رياضية هناك نتيجة! دعكَ منها! لأن رئيس أي فريق الـ(كابتن) لا يهدفُ في تعليق أقدام أعضاء فريقه الكرة في شباكِ الفريق الخصم بل في بناء فريق أعضائه هم فلذات أكبادنا. أكيد ستعرف من خلال عدة مباريات مَن هم اللاعبين الأساسيين؟ مَن هو الهدَّاف؟ مَن هو اللاعب المميز؟ مَن يستحق من بينهم كي يخلفكَ في قيادتهم أثناء غيابكَ؟ عندئذٍ تقدر أن تجعل منهم لاعبين موهويين يجذبون أنظار الجمهور.

لا تنسي يا زوجتي العزيزة أن عملي هو الإشراف على عمال التنظيف، لا تفوتني مباراة كُرَة القَدَمِ لفريق منتخب دبس، أُراقبُ تحركات أعضاء الفريق بل أنا معجبٌ بالكابتن (عوني يوأَو) وهو يقود فريقه من فوز إلى آخر. لا يتأخر عن دعم أعضاء الفريق براتبه الشهري، لا يبخل عليهم من وقته. سأطلب منه أن يعطيني بعض الإرشادات في عملية قيادة الفريق لعلي أستفيد منها في قيادة أولادنا.

لا تتأخر عن طلب مشورته وإن كان أصغر سنًّا مِنكَ.

إستطاع السيد (مَعْسِيَا) من قيادة أولاده بكل جدارة. اِلتحق إثنان منهم بفريق الْمَدْرَسَةِ  الإبتدائية في مدينة دبس، واِثنتان من بناته الثلاث أصبحا في فريق كرة الطائرة في متوسطة دبس المختلطة، أما ولديه الصغيرين، الذكر والأنثى، أصبح كلاهما يرافقان أَشقائهما لمشاهدة مباراتهم.

 

لم يكتف والدهم بمشاهدة قيادة الكابتن (عوني) لمباراة كُرَة القَدَمِ مع الفريق الخصم، بل أصبح يتابع عملية تدريبه الفريق لكي يقف على كل صغيرة وكبيرة في عملية القيادة. أصبح مطمئنًّا من ناحية فلذات كبده وهم يصغون لكل إرشاداته. مرت السنون وهو يخرج بفريقه من كل مباراة مع فريق صعوبات الزمن منتصرًا، كما يحقق الكابتن (عوني) الفوز لفريق منتخب دبس لكُرَة القَدَمِ في معظم مبارياته. كأنهما قائدان محنكان يمتطيان صهوة جوادين وهما منطلقان بهما نحو الهدف.

 

أكملَ أولاد السيد (مَعْسِيَا) دراستهم الجامعية. تخرجت أولهم من كلية التمريض، تم تعيينها في مستوصف مؤسسة كهرباء دبس. أما الثانية فقد تخرجتْ من كلية التربية الرياضية، تم تعيينها في ثانوية دبس المختلطة، أما الثالثة فقد تخرجتْ من كلية العلوم قسم علم الأحياء الـ(بيولوجي) تم تعيينها مع شقيقيها في مؤسسة نفط الشمال، أما سادسهم فقد تبوأ بعد تخرجه وظيفة مهندس كهربائي في مؤسسة كهرباء دبس. أحيل والدهم السيد (مَعْسِيَا) على التقاعد بعد أن وصل بفريقه إلى القمة وحصل على كأس الدوري.

 

قد يسأل أحد القرَّاء الأعزاء عن العلاقة بين مهنة التنظيف وبين لعبة كُرَة القَدَمِ أو بين وظيفة المشرف على عمال التنظيف وبين الـ(كابتن) لفريق كُرَة القَدَمِ؟ سأدع السيد (مَعْسِيَا) يجيب: "تعلمت من الكابتن (عوني) ما لم أتعلمه من أي ولي أمرٍ! خاصة يوم اِلتحق إثنان من أبنائي بفريق الْمَدْرَسَةِ الإبتدائية، واإلتحقتْ إثنتان من بناتي الثلاث بفريق كرة الطائرة في المدرسة المتوسطة، حيث كنتُ أرى فيهم سعادتي."

 

عرفَ يومها الكابتن (عوني) الذي يقيم اليوم في دولة كندا منذ سنين، كيف يساعد ويدعم أولياء الأمور في مدينة دبس الذين وضعوا أولادهم تحت أمرته يقودهم في فريق كُرَة القَدَمِ، لم يتأخر عن تدريبهم حتى تمكن من تحقيق الفوز في معظم مباريات الفريق على إثْرِ ذلك حققَ واحدٍ من أبناء السيد (مَعْسِيَا) مع أشقائه بقيادة والدهم، هدفَ النصر في مرمى فريق صعوبات الزمن.

 

المحامي والقاص

مارتن كورش تمرس لولو

 

ملاحظة: القصة مقتطفة من مجموعتي القصصية "القلوب عندما تسافر" التي صدرت عام 2003

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.