كـتـاب ألموقع

• أصدقاء بشار

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جودت هوشيار

مقالات اخرى للكاتب

أصدقاء بشار

 

فى الوقت الذى تعارض فيه موسكو و طهران و بغداد ، التدخل الأجنبى فى الشأن الداخلى السورى كذبا و رياءا ، فأنها لا تتورع عن التدخل  السافر و المستتر  فى الشأن الداخلى السورى فى محاولة يائسة لأنقاذ النظام الآيل للسقوط .عن طريق  تقديم كل أشكال  الدعم اليه و بضمنها الدعم العسكرى و الأقتصادى و اللوجستى ..

 

 

التدخل الروسى : تخطيط و توجيه و قيادة

تؤكد جريدة ( الفيجارو ) الفرنسية  و صول عدد كبير من المستشارين العسكريين الروس و عملاء المخابرات الروسية الى سوريا فى الأشهر الأخيرة ، حيث تم توزيعهم على وحدات الجيش و أجهزة المخابرات و بعض الوزارات فى دمشق. و المهمة الرئيسية لهؤلاء الروس ، هى التأثير على تطورات الأزمة الشاملة الناجمة عن القمع الوحشى للأنتفاضة الشعبية التى تهدد نظام بشار الأسد بالسقوط .

و نقلت الجريدة عن رجل اعمال فرنسى من اصل سورى له صلات قوية بقيادة المخابرات السورية ،قوله ان بشار الأسد لا يتخذ اجراءا من دون  موافقة الروس  . و حسب تأكيد هذا الرجل  فأن موسكو اشترطت على بشار لقاء  تأييدها له ،  عدم القيام بارتكاب مجزرة مماثلة ، لمجزرة حماه فى عام  ، 1982 ، عندما قتلت قوات حافظ الأسد ، حوالى (15000) شخص معظمهم من أنصار الأخوان المسلمين ، الذين كانوا قد انتفضوا ضد حكم حافظ الأسد .

كما تطالب موسكو أيضا ، اعادة فتح محطة التنصت الروسية  فى جبل قاسيون . و هذا الطلب تحديدا كان احد المحاورالرئيسية خلال مباحثات بشار الأسد مع وزير الخارجية الروسى سيرغيه لافروف و مدير المخابرات الروسية ميخائيل فرادكوف . و اضافة الى ذلك  فقد حاول المبعوثان الروسيان اقناع الأسد بضرورة أجراء اصلاحات (ديمقراطية ) بالسرعة الممكنة .رغم ان المعارضة السورية لا تثق بوعود بشار و لا بأصلاحاته المزعومة   و ترفض التفاوض معه ، لأن من شأن ذلك أعطاء النظام المزيد من الوقت لقمع الأنتفاضة الشعبية .لذا فأن المعارضة مصرة على ضرورة تنحى بشار عن السلطة .

و يعتقد بعض المحللين السياسيين الروس المتفائلين ،  ان موسكو يمكنها محاولة  السيطرة على عملية أقصاء بشار عن السلطة بشكل سلمى  و الأنتقال المنظم الى نظام جديد من دون بشار و بالأستناد الى الحرس القديم المؤيد لعائلة الأسد . و لكن اتصالات السفارة الروسية فى دمشق بزعماء المعارضة من اجل بحث هذا الأحتمال  لم تسفر عن اى نتائج لحد الآن .

ثمة شكوك حول قيام موسكو بتجهيز سوريا  بمدافع مضادة للطائرات ، كما تم مؤخرا توقيع عقد لبيع 36طائرة من نوع yak-130  الى سوريا بقيمة 550 مليون دولار و بالدفع الآجل .

 و لم يقتصر التعاون السورى -  الروسى على المجال العسكرى ، بل ان عددا من الخبراء الروس منهمكون الآن فى اعداد " مشروع اعادة تنظيم حزب البعث " الذى يتضمن تقديم المال  و مواقع فى السلطة لزعماء الحزب الجديد الذى يراد تشكيله  ، ليكون قوة تتمتع بالمال و النفوذ  و بديلا عن الحزب القديم عندما يعلن بشار شكليا الأنتقال الى النظام الحزبى التعددى .

الروس يعتقدون انهم قادرون على قيادة المرحلة الأنتقالية . حيث اعطوا التعليمات اللازمة بهذا الصدد الى الجنرالات السوريين حول أستبدال النظام الشمولى بنظام تعددى زائف . و يعتقد بعض المحللين السياسيين الروس ،  بان من المرجح ان يكون حث الجنرالات العلويين على القيام بانقلاب عسكرى عندما تصدر اليهم الأوامر بذلك ، هو الأحتمال الأنسب ، مع الأخذ بنظر الأعتبار التجربتين التونسية و المصرية .

 

التدخل الأيرانى : تنظيم فرق ( كوماندوز ) من مرتزقة حزب الله اللبنانى

منذ فترة و الأعلام الغربى يتحدث عن نقل حوالى (15000) من عناصر الحرس الثورى الأيرانى عن طريق الجو الى سوريا . و أعتقد أن من غير المحتمل ظهور هذه العناصرعلانية فى المواجهات اليومية بين قوات القمع السورية  و المحتجين العزل ، بسبب ( حاجز اللغة ) الذى سيفضح هويتهم الحقيقية  و لكى لا يكون هذا الظهور المكشوف ، مبررا للتدخل العسكرى الغربى او التركى  لدعم النتفاضة الشعبية . و تفيد المعلومات المتسربة من داخل سوريا ، بأن  العسكريين الأيرانيين،  الذين لا يعرف عددهم على وجه الدقة قد وصلوا الى سوريا منذ الأيام الأولى للأنتفاضة و ان عددا  منهم  يعملون  بصفة مدربين و مستشارين لقوات النظام ، و بعضهم الآخر قناصين  يطلقون النار من داخل او من فوق البنايات على المتظاهرين و قسم ثالث متخصص فى تعذيب المعتقلين و أنتزاع الأعترافات منهم حول تنظيمات المعارضة فى الداخل .غير أن المهمة الأساسية للقسم الأهم و الأخطر منهم هى تشكيل و تدريب و قيادة قوات " الكوماندوز " المؤلفة من مقاتلى حزب الله اللبنانى ، الذين يعرفون طبيعة المناطق السورية التى يتواجدون فيها و لا يصعب عليهم كشف تكتيكات المعارضة . هذه الفرق تقوم بكل لأعمال القذرة التىتطلب منها سواء بالأشتراك الفعلى المباشر فى  قمع  المحتجين أو التجسس عليهم أو  تنظيم " مجاميع معارضة  كاذبة ".  لغرض تشتيت  المعارضة من الداخل .

ومن جهة أخرى يقوم العسكريون الأيرانيون ، ممن لهم خبرة فى حرب العصابات  بملاحقة  عناصر الجيش السورى الحر والمنتفضين المدنيين ،  عند لجوئهم الى المناطق الجبلية و نصب الكمائن لهم و أرشاد الطائرات الحربية الى أماكن تواجد هم .

ان أندحار النظام البعثى  السورى يشكل كارثة حقيقية للنظام الأيرانى ، لأن هذا الأندحار لايعنى فقط  خسارة الحليف الرئيسى فى المنطقة ، بل يعنى أيضا  أنحسارالنفوذ الأيرانى عن سوريا و لبنان.

 

التدخل العراقى : طهران تأمر و بغداد تنفذ

ثمة شبه اجماع بين القوى السياسية العراقية بأن النظامين السورى و الأيرانى  كانا وراء معظم العمليات الأرهابية التى حدثت  فى العراق طوال السنوات الماضية بشكل مباشر أو عن طريق تقديم الدعم المتعدد الأوجه لعناصر تنظيم " القاعدة " و أرسالهم الى داخل العراق لتنفيذ عملياتهم الدموية  .

أعتاد رئيس الوزراء العراقى  نورى المالكى على أطلاق التصريحات المخالفة للواقع للتستر على حقائق  الأمور  .و ربما المرة الوحيدة التى لم يجاف فيها المالكى الحقيقة كانت ، حين أتهم  النظام السورى بالضلوع فى العمليات الأرهابيةالكبرى فى العراق . و لكن ثورات الربيع العربى أدخلت الرعب الى قلب الماكى ، أضافة الى التقريع الشديد الذى تلقاه من  النظام الأيرانى ،مما  جعله يغير موقفه الى النقيض تماما. أى من الأتهام الصريح  للنظام السورى  الى التعاون الوثيق معه فى المجالات العسكرية و الأقتصادية . و لا نذيع سرا اذا قلنا ، أن النظام البعثى الفاشى هو الجدار الذى يحتمى به المالكى اليوم ،  بعد ان وجد نفسه و نظامه معزولا عن المحيط العربى ، كما أن خشيته من قيام نظام أسلامى فى سوريا ، سرق النوم من عينيه .

أننا اليوم امام أستقطاب واضح فى المنطقة . فثمة "  محور دمشق-  بغداد –طهران "  . فى مقابل تكتل عربى كبير – بضم معظم الدول العربية -  يخشى الخطر الداهم القادم من طهران ، خاصة بعد أن صرح مسؤول أيرانى رفيع المستوى ، بأن العراق و لبنان تابعان ذليلان لنظام الملالى فى طهران .لذا فأن أرسال  عدة آلاف من مقاتلى ميليشيا ما يسمى جيش المهدى -  الأيرانى المنشأ و التدريب و التمويل و التسليح  و التوجيه -  الى سوريا بعلم و مساعدة حكومة المالكى  ، للأشتراك فى قمع الشعب الثائر المطالب بالحرية . لم يكن مفاجأة لأحد ، بعد أن  أصبح العراق لقمة سائغة لنظام الملالى ، نتيجة لأكبرحماقة ترتكبها الأدارة الأميركية فى السنوات الأخيرة . حيث سلمت مقاليد الأمور فى العراق و بمحض أرادتها الى الطابور الأيرانى الخامس.

و قد كشفت و ثيقة سرية تعاونا بين بغداد و طهران  للألتفاف على العقوبات الأقتصادية المفروضة على سوريا و لأنقاذ الأسد . و جاء فى الوثيقة التابعة لوزارة شؤون رئاسة الجمهورية السورية و نشرتها صحيفة " هارتس " الأسرائيلية ،أنه تم الأتفاق على  بحث أمكانية الأسراع بتنشيط التعاون الثلاثى السورى العراقى الأيرانى ، لا سيما ما يتعلق بخط الغاز من ايران الى البحر المتوسط عبر سورية ، و خط النقل البرى عبر العراق و كذلك النقل السككى ، و تم التطرق الى أمكانية فتح خط جوى عبر أجواء العراق بعد أنسحاب القوات الأميركية من العراق .

كما و كشفت الوثيقة السورية ، التى ذكرت الصحيفة أنها سربت بعد عملية القرصنة التى تعرض لها البريد الألكترونى لمكتب الرئيس السورى مؤخرا ، ان طهران خصصت مليار دولار لأستيراد سلع سورية لمساعدة نظام الرئيس السورى على التغلب على العقوبت النفطية و المصرفية التى فرضت عليه

و كان مدير عام صندوق دعم الصادرات السورية ، أيهاب أسمندر ، قل فى وقت سابق ، أن " العراق يستورد يوميا من سوريا بقيمة ( 25) مليون دولار ، ما يصل الى مليار دولار كل (40 ) يوما ، متباهيا بقدرة النظام على  أيجاد حلول ( خلاقة ) للالتفاف على العقوبات الأقتصادية الدولية ".

و على هذا النحو نرى  مدى  كذب و نفاق أصدقاء بشار، حين يطالبون الآخرين بعدم التدخل فى الشأن الداخلى السورى ، و هم أول من ينتهك هذا المبدأ بشكل صارخ سرا و علانية أمام المجتمع الدولى .

ان تقديم الدعم للطغاة لسفك دماء رعاياها  هو أسوأ و أفظع أنواع التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى .

 و نحن نعيش اليوم فى عالم يتعذر فيه أخفاء الجرائم المرتكبة بحق الشعوب ،  و مهما تفنن الفاعلون فى التستر عليها ، فأنها ستنكشف ان عاجلا ام آجلا . و سيندحر الحلف الثلاثى الشرير فى منطقتنا و أن غدا لناظره قريب .

 

جودت هوشيار

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.