اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• كيف يصار للجامعات العراقية ان تتبوأ مراكز الصدارة بين الجامعات العالمية؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

أ. د. محمد الربيعي

كيف يصار للجامعات العراقية ان تتبوأ مراكز الصدارة بين الجامعات العالمية؟

 

يعاني التعليم العالي في العراق من عدد كبير من المشاكل والصعوبات التي تعيق من تطوره وتقدمه بحيث لم يمكن له ان يواكب التطور العالمي الحاصل في مختلف مجالات المعرفة والتدريب والتعليم والتعلم والبحث العلمي، ولعل اهم هذه الصعوبات لا تكمن في عدم توفر الاموال او بسبب انعدام الخبرة وضعف الموارد البشرية والتراكيب التحتية بالرغم من اهميتها الكبيرة، بل في ضعف قدرات قيادات التعليم العالي على وضع الخطط الصائبة للاصلاح والتجديد التربوي وبالدرجة الاهم في ضعف وتخلف النظام التربوي المدرسي، والذي لابد من اتخاذ خطوات جدية لاصلاحه ولنا عودة للحديث حول ازمة هذا النظام في المستقبل. فبالرغم من النيات الحسنة والطموحات الكبيرة والرغبات والتصريحات المثيرة المبشرة بمستقبل زاهر والتي لا تمت في كثير منها بصلة للواقع الحالي الذي تعيشه الجامعات العراقية وبمستوى التطور المعرفي للفرد العراقي، يبقى التعليم العالي متخلفا كبقية القطاعات الانتاجية والخدمية  للاقتصاد العراقي بالمقارنة بما وصلته بعض بلدان المنطقة وبلدان العالم الاخرى ناهيك عما وصله التعليم العالي في البلدان الغربية المتطورة.

لقد اصبح للتعليم العالي اهمية قصوى منذ ان بدات دول العالم تركز على عامل المعرفة  انتاجا وتوزيعا واستخداما لتوليد القيمة والثروة المضافة للاقتصاد الوطني. واصبح من المعروف ان انتاج واستثمار المعرفة من خلال البحث والتطوير وتوظيف العلوم والتكنولوجيا يؤدي الى نمو اقتصادي يفوق النموذج التنموي التقليدي القائم على رأس المال والموارد الطبيعية. ولذلك ليس من الغريب ان ترى الدول تتسابق من اجل ان تحرز جامعاتها ومؤسساتها التربوية قصب السوق وان تتبوأ اعلى المستويات كأشارة لقوة الاقتصاد وللطموحات العالية بالتصدر. ولقد كنت قد كتبت مقالة حول اهمية هذا التوجه و مزايا الجامعات العالمية المتطورة والمتضمنة للجودة العالية للتعليم والتفوق في البحث العلمي ونشر المعرفة والمساهمات المتميزة في الثقافة والعلوم والحياة المدنية للمجتمع، ووضعت في هذه المقالة المعايير والاسس التي تستند عليها الجداول العلمية لتحديد مستويات الجامعات العالمية. ويبدو ان اهمية التميز والارتقاء بمستوى الجامعات العراقية الى مصاف الجامعات العالمية وجعلها تتبوأ درجة عالية ولربما مستحيلة في جداول المستويات اذا اخذنا الضروف التي تمر بها هذه الجامعات ومستويات اداءها الواطئ قد اصبح من احدى اهداف ومشاغل المسؤولين العراقيين. لذلك من المهم الاطلاع على مقالتي السابقة والموسومة " هل يحتاج العراق الى جامعة من الطراز العالمي؟ "(1) وللافادة فأني ارفق الواصل الالكتروني لها في اسفل هذه المقالة التي ارتأيت منها تقديم توضيح لجداول مستويات الجامعات املا ان لا تكون هذه الدعوات والتصريحات مجرد فورة مرتبطة باهداف سياسية واعلامية ذاتية بل تعبر عن رغبة صادقة.

في عام 2003 نشر اول جدول يحدد مستويات الجامعات العالمية من قبل معهد التعليم العالي لجامعة شنغهاي جايو تونغ والذي اعتمد مؤشرات اكاديمية وبحثية بضمنها المستوى النوعي للتعليم وللتدريسين ونتائج البحث العلمي وحجم الجامعة وعدد الجوائز العلمية كجائزة نوبل التي احرزها اعضاء الجامعة. وتوجد جداول اخرى اهمها جدول جريدة التايمس وجدول ويبومتركس وجدول تايوان لترتيب البحوث العلمية في الجامعات البحثية والجدول الامريكي لاحسن الكليات والجامعات في العالم.

 وبترقيم تسلسل الجامعات بدأت مرحلة التنافس من اجل تحقيق الصدارة في الاداء التربوي والعلمي واحراز مستوى رقمي ضمن العشرين او المائة احسن جامعة عالمية مما ادى الى انقسام معرفي و"طبقي" بين الجامعات. ولكي ندرك مدى صعوبة احراز مركز متقدم لجامعة ما في اية جدول من هذه الجداول لابد من العلم بأن ذلك يتطلب ازاحة جامعة اخرى من موقعها، وبما ان الجامعات كلها تتنافس على هذه المواقع نستدل على الصعوبة البالغة والتي تصل الى حد الاستحالة للجامعات الناشئة في البلدان النامية.

والجدول ادناه يوضح معايير التقييم التي تتبعها 3 من هذه الجداول:

النسبة المئوية للمؤشر

مؤشرات التقييم

نظام التدرج

10%

 

20%

20%

 

20%

20%

10%

جودة التعليم

مستوى اعضاء هيئة التدريس

      - الجوائز التقديرية

      - عدد الباحثين من المستوى العالي العالمي

مخارج البحث العلمي

      - عدد البحوث في مجلة Nature/Science       

      - عدد البحوث المشار لها في  Citation Index  

حجم الجامعة

 

جدول جامعة شنغهاي جايو تونغ

40%

10%

20%

5%

5%

20%

تقييم شامل للجامعة من قبل اساتذة عالميين

نسبة تشغيل الخريجين

جودة التدريس

عدد الطلبة من خارج البلد

عدد الاساتذة العالميين من خارج البلد

جودة البحث العلمي ومعدل Citations  لكل عضو هيئة تدريس

جدول الملحق التربوي لصحيفة التايمس البريطانية

 

10%

10%

 

10%

10%

10%

 

20%

10%

10%

10%

مخارج البحث العلمي

     - عدد البحوث في السنوات الاحدى عشر الاخيرة

     - عدد البحوث في السنة الاخيرة

درجة تأثيرالبحوث

     - عدد  Citations في السنوات الاحدى عشر الاخيرة

      - عدد Citations في السنتين الاخيرتين

      - معدل Citations في السنوات الاحدى عشر الاخيرة

جودة البحوث

      - مستوى Citation Index  في السنتين الاخيرتين

      - عدد البحوث العالية الاشارة لها خلال العشر سنوات الاخيرة

      - عدد البحوث في المجلات ذات القيمة العالية

      - عدد المواضيع العلمية التي تصدرت بها الجامعة

 

جدول الاداء البحثي للجامعات البحثية - تايوان

 

يظهر لنا من هذا الجدول صعوبة الحصول على موقع متقدم للجامعة الناشئة او تلك التي تقدم على اجراءات من شأنها ان ترفع المستوى الاكاديمي والبحثي للجامعة طالما ان هذه الاجراءات لم تتحقق الا في السنوات الاخيرة فالانتاج العلمي والتقدم الاكاديمي لا تظهر نتائجه الا بعد سنوات طوال من الانتاجية العالية نوعيا وكميا. ان ظهور هذه السلالم لتحديد مستويات الجامعات قد ادى الى زيادة التنافسية والى عدد من الاجراءات على مختلف الانشطة الاكاديمية منها:

1.     على صعيد البحث العلمي: زيادة في الانتاج العلمي والنوعية والاشارة للمصدر citations ، مكافأة الباحث الذي ينشر في مجلات مرموقة علميا، تشجيع النشر في مجلات باللغة الانكليزية، وضع اهداف خاصة بكل عضو هيئة تدريس وبكل قسم علمي.

2.     على صعيد التنظيم الجامعي: الاندماج وتوحيد الجامعات والمؤسسات والاقسام العلمية.

3.     على صعيد المناهج: الانسجام والتناسق مع النموذج الاوربي او الامريكي، تفضيل المواضيع العلمية والبايوطبية، غلق الاقسام ذات الفعاليات والنتائج السلبية خصوصا الاقسام الانسانية، نمو عالي للدراسات العليا نسبة للدراسات الاولية، زيادة نسبة الاساتذة الى الطلاب، تحسين جودة التعليم.

4.     على صعيد الطلبة: اغراء المتفوقين، منح مقاعد دراسية مغرية للمتفوقين والموهوبين، زيادة الفعاليات العالمية والتبادل العلمي، فتح مكاتب لاغراء وقبول الطلبة الاجانب.

5.     على صعيد هيئة التدريس: اغراء العلماء والباحثين المتفوقين وذوي القابليات، ايجاد اساليب جديدة لتنظيم العقود لصالح المتعاقد، زيادة الرواتب تماشيا مع السوق، مكافأة المتفوق، تشخيص العناصر ضعيفة الانتاجية، مساعدة الباحثين المتميزين من التفرغ لعملهم البحثي وعدم اغراقهم في مهام التدريس والادارة.

6.     على صعيد السمعة والتسويق: تسويق فعال وعلاقات خارجية واسعة، اعتبار الجامعة كشركة تجارية من ناحية التسويق، اعلانات في ارقى المجلات العلمية، زيادة العلاقات العالمية والحلفاء العالميين. 

من هذا نرى بأن الاتجاه العالمي نحو الحصول على التصدر في سلالم الجودة قد لا يلائم بدرجة كبيرة وضع الجامعات العراقية التي تعيش في واقع سياسي واجتماعي واقتصادي يختلف كثيرا عما هو عليه في الدول المتطورة ولا يمكن لها بالدخول في سوق المنافسة الا في ظل استقلالية تامة وادارة كفوءة وحازمة وامكانيات مادية هائلة. وسوق المنافسة قد يعرض المنافس لخطر الفشل كما هوعليه لاحتمالات النجاح وهذا يتطلب محاسبة صارمة لقيادات الجامعة التي تفشل في تحقيق رسالتها واهدافها. هل يمكن ان يحدث مثل هذا في بلد كالعراق؟  هذا لا يمنع ابدا ان تصبح جامعة عراقية ضمن افضل 500 جامعة في العالم ولكني ليس من الصحيح ان يكون هذا هدفا بحد ذاته فالجامعات لا تتقدم بطلب المنافسة للحصول على موقع عالي وانما تصل الى هذه المواقع المتقدمة نتيجة عدة عوامل اهمها العمل المثابر ولسنين عديدة في اعداد مواطنين أكفاء مؤهلين علميا ومهنيا تأهيلاً عاليا وتطوير طرق التدريس وزيادة امكانيات التشغيل والادماج المهني للخريجين ونوعية مخارج البحث العلمي.       

وتؤكد هذه الجداول ما اعتقد به بأن جامعاتنا لن تحصل على اي موقع متقدم الا بعد فترة لا تقل عن 10 سنوات من العمل المثابر لرفع جودة التدريس والبحث بوسائل مجربة ومتفق عليها عالميا وبضمنها:

1.     توفير التخصيصات المالية الضرورية لتوفير الكادر التدريسي عالي القدرة والمنشأت المختبرية والابنية الحديثة وبمعدل لا يقل عن 500 مليون دولار لكل جامعة.

2.     تحقيق الاصلاح الشامل لمنظومة التعليم العالي بحيث تتوضح رؤية ورسالة الجامعات وأهدافها الاستراتيجية بحيث يمكن لها من مواجهة الطلب المتزايد على التعليم العالي وفي نفس الوقت برفع جودته وحصول الجامعات على الاعتماد الدولي. وان يكون هذا الاصلاح قادرا على تضيق الفجوة بين الجامعات العراقية وبين جامعات العالم المتقدم لكي تستطيع منافستها واخذ مكانها في سلم الجودة. كما يتطلب تحقيق الاصلاح حرصا صارما على تطبيق مبادئه وتجنب الاختزالية والرؤية التجزيئية والحذر من الوقوع تحت طائلة الشعارات السياسية.

3.     تحديد اهداف ووظائف التعليم العالي على المستوى العالمي بحيث تصبح مؤسساته ليس فقط كمراكز للتعليم و التأهيل انما أيضاً مراكز للبحث العلمي ولخدمة البيئة و مراكز للاكتشاف والاختراع والابداع لتطوير العلم والتكنولوجيا العالمية.

4.     تنمية قدرات اعضاء هيئات التدريس وقابلياتهم على اتخاذ القرار وحل المشاكل وتمكينهم من الاتصال المستمر بالعالم الخارجي وتوفير الوسائل الضرورية لتطوير الكفاءات التدريسية والمهنية. هذا علما ان دراسات حديثة في الجامعات الامريكية لاسباب عدم كفاءة التدريس اظهرت ان السبب لايكمن في الاعداد الكبيرة للطلاب وليس في قلة خبرة اعضاء هيئات التدريس او عبئ العمل التدريسي، انما السبب الرئيسي هو ان اعضاء هيئات التدريس لم يّعدوا اساسا للتدريس. ويصدق هذا النقد على مؤسسات التعليم العالي في العراق.

5.     منح عقود لاساتذه من مستوى عالمي عراقيين او عرب او غيرهم بحيث يتم استقطابهم بتوفير المغريات من رواتب ومكافأت ومختبرات حديثة.

6.     توفير القيادات المتدربة والخبيرة لادارة الجامعات بكفاءة عالية بعد منحها استقلاليتها الادارية والاكاديمية. ويمكن الاستعانة بقيادات اكاديمية من الجامعات العالمية المتطورة في المراحل الاولى في حالة عدم توفر قيادات مؤهلة تأهيلا عالميا وعلى معرفة واسعة بطرق الادارة الجامعية العالمية.

7.     تشجيع البحث العلمي المعتمد على التعاون المشترك مع علماء جامعات العالم المتقدمة واعتماد مبدا عدم وجود فروق بين العلم الذي يخدم حاجات العراق والذي يخدم التقدم العلمي العالمي مما يحتم تخصيص ما لا يقل عن مائة مليون دولار سنويا لاجراء بحوث نوعية صالحة للنشر في ارقى المجلات العالمية. 

8.     التحول من التعليم الى التعلم والتأكيد على نشاط الطالب وانتاجاته من خلال اعادة انتاج معارف الاخرين وابتكار اخرى جديدة بحيث يتمكن الطالب خلال عملية التعلم من امتلاك مهارات وظيفية وفنية وإنتاجية وإشرافية وإحترافية.

9.     اعداد وتطوير البنية التحتية للتعليم بصورة عامة وللجامعات بصورة خاصة وذلك لتقديم افضل الخدمات لطلبتها.

10.                    توفير الحوافز الضرورية من أجل تشجيع حسن الأداء والجودة لتنمية قدرات الطلبة والاستجابة لحاجيات التنمية الاكاديمية والعلمية وبضمنها المتابعة والتقييم.

11.                    عدم السماح لهيمنة الشعارات والإنشائية، واغراق مشاريع الاصلاح في تفاصيل جزئية شكلية وتجنب التطرق للنقاط الأساسية كما لاحظناه في مؤتمر اصلاح التعليم العالي الذي انعقد مؤخرا في بغداد.

12.                    توفير معلومات وتقيمات علمية عن واقع التعليم العالي تعتمد على دراسات يوفرها كل قسم علمي وفي كل جامعة عن الواقع التدريسي والبحثي للقسم وتتضمن جرد شامل للقوى البشرية والبنى التحتية وتحليل للقوة والضعف والفرص والتهديدات (سوات) التي يتعرض لها القسم. وتقدم هذه المعلومات والتقيمات الى لجنة خارجية عالمية لدراستها ورفع توصياتها الى لجنة اخرى داخلية وطنية لكي تقوم باعداد تقرير متكامل الى مؤتمر وطني يشارك فيه اصحاب القرار السياسي ليتم اقرارمشروع خطة وطنية شاملة للتعليم العالي من قبل الوزارة والحكومة واقرارها من قبل البرلمان.

(1)      http://www.akhbaar.org/wesima_articles/articles-20080719-50459.html

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.