اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

اللعب الضائع .. والوقت الحرج// محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

اللعب الضائع .. والوقت الحرج

محمد السهلي

فلسطين

 

حتى لو كان الاهتمام الأميركي في التسوية في أوجه ، فليس هناك ما تقدمه واشنطن للفلسطينيين

حتى أشد المتفائلين، لم يكن يتوقع أن تصدر نتائج ملموسة من لقاء الرئيس عباس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مؤخرا في العاصمة الأردنية عمان.

فعلى أجندة الوزير الأميركي اهتمامات كثيرة ليس من بينها ما له علاقة بالوضع المتفجر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا من زاوية تكرار ما كان طرحه منذ شهر  تشرين الثاني الماضي بخصوص الانتفاضة الشبابية، وخلاصة موقفه الدعوة إلى احتوائها وإجهاضها.

والأهم من كل ذلك أن التطورات المتسارعة في الضفة والقدس، تحتاج جهدا فلسطينيا جماعيا لدفع هذه التطورات باتجاه مسار يفتح على تحقيق أهدافها الانتفاضة في الحرية والاستقلال، ولذلك يأتي اللقاء المذكور خارج السياق، باستثناء ما تم ذكره عن الجهد الأميركي ــ الإسرائيلي لوأد الانتفاضة، ودون ذلك فإن مسألة التسوية خارج التداول منذ وقت طويل.

في الفترة التي تم فيها اللقاء بين الرئيس عباس والوزير كيري، كان الجهد الأميركي منصبا تجاه الوضع في سورية من زاوية بحثت تنفيذ وقف إطلاق النار الذي تم التوافق حوله ما بين موسكو وواشنطن. وهو في هذا الخصوص (كيري) يبحث مع الأطراف الإقليمية ذات الصلة بالأزمة في سورية ما تم التوافق حوله مع موسكو، وليس من اهتماماته بحث الوضع على سكة التسوية المعطلة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ولكن، حتى لو كان الاهتمام الأميركي في التسوية في أوجه كما كان في محطات وظروف سابقة، مالذي يتوقعه المفاوض الفلسطيني من واشنطن بعد كل هذا المسار الطويل من المفاوضات منذ توقيع اتفاق أوسلو حتى اليوم؟ فالموقف الأميركي من التسوية وأسسها يقوم على محددات واضحة أعلنها بنفسه.

والحديث الأميركي المتكرر عن «حل الدولتين» لم يغيّب أن المسار الذي عملت عليه واشنطن لا يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، ولن تقوم هذه الدولة وفق المحددات الأميركية المعلنة على خطوط الرابع من حزيران /يونيو، بل في داخلها وفق مبدأ تبادل الأراضي الذي قبله المفاوض الفلسطيني مرارا ورفضه بشكل قاطع المجلس الفلسطيني المركزي في اجتماعه في آذار/مارس من العام الماضي.

عدا عن ذلك، توقفت واشنطن منذ وقت طويل عن التدخل في مسار التسوية، والمرة الأخيرة التي حصل فيها ذلك، كان في صيف العام 2000 في (كامب ديفيد2)، وكان واضحا الانحياز الذي عبر عنه آنذاك الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون لصالح الرؤية الإسرائيلية في التسوية. وكل ما جرى في مسار التسوية منذ بدئها، يؤكد أن لاشيء جديا لصالح حقوق الشعب الفلسطيني في جعبة الإدارات الأميركية التي تعاقبت منذ ذلك الوقت. هذا هو الاستخلاص الذي خرج به الاجتماع المشترك ما بين اللجنة التنفيذية وقادة القوى والفصائل قبيل انطلاق المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة في العام 2011. وهو نفسه ما تكرر عبر رزمة من قرارات المجلس الفلسطيني المركزي العام الماضي.

السؤال إذن؛ ما هي وظيفة اللقاء مع الوزير الأميركي جون كيري. الجانب الأميركي يعرف تماماً أن المؤسسات الوطنية الفلسطينية الائتلافية اتخذت رزمة من القرارات من بينها تفعيل عضوية فلسطين في مؤسسات الأمم المتحدة وخاصة الجنائية الدولية، وأعلنت واشنطن موقفها التحذيري من مغبة القيام بذلك ملوحة بضغوط سياسية ومالية ضد السلطة. وكذلك فعل بنيامين نتنياهو.

وعندما اتخذت المؤسسات الوطنية قراراتها في تصويب العملية السياسية والعلاقة مع الاحتلال، كانت تعرف الصدى الذي ستلقاه قراراتها في كل من واشنطن وتل أبيب. وقلنا في حينها إن مواجهة الضغوط هذه تبدأ في المضي قدما باتجاه تنفيذ هذه القرارات. وقد أكدت تجربة العام 2012 صحة هذا الاستخلاص، عندما تجاوز الجانب الفلسطيني جميع التهديدات والتحذيرات وتابع مسعاه باتجاه ترقية وضع فلسطين والاعتراف بها دولة تحت الاحتلال على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، ونجح في ذلك.

والسبب في هذا النجاح يعود إلى توافر الإرادة السياسية الجماعية لتحقيق هذا الهدف، وأدى توافر هذه الإرادة إلى استنهاض الموقف الدولي والحصول على تأييد غالبية عظمى من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقبل ذلك انعكس توافر هذه الإرادة الجماعية إيجابا على الحالة الشعبية والسياسية الفلسطينية وتجلى ذلك بوضوح في حركة الشارع الفلسطيني التي قدمت بزخمها دعما ميدانيا للمسعى الفلسطيني السياسي والديبلوماسي.

ما حصل في ذلك العام استند إلى الإمكانات الذاتية للحالة الفلسطينية سياسيا وشعبيا. واليوم تتضاعف هذه الإمكانات مع اندلاع الانتفاضة الشبابية في الضفة والقدس بما يوفر فرصة تاريخية أمام الفلسطينيين كي يتقدموا بمسار نضالهم لتجسيد حقوقهم الوطنية خطوات واسعة نحو الأمام.

المشكلة اليوم بعدم اكتمال الشرط الذي أنجح المسعى الفلسطيني والمقصود توافر الإرادة السياسية لدى القيادة الرسمية الفلسطينية. فلا يزال الرهان على جدوى الدور الأميركي في التسوية قائما. على الرغم مما ذكرنا من أن الإدارة الأميركية ليس في وارد الاهتمام بالموضوع ولديها اهتمامات إقليمية ودولية تحوز على هذا الاهتمام، إلى جانب ذلك فإن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة تستقطب جهود واهتمامات الحزبين الكبيرين هناك. ولطالما تم تأجيل الحسم في ملف كبرى بانتظار نتائج هذه الانتخابات، فكيف الأمر بموضوعة التسوية ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

الحلقة المتممة في الموضوع تتصل بمواقف حكومة نتنياهو من هذه المسألة وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن حدد معالم الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو قال بوضوح عبر خطته «السلام الاقتصادي» إن أكثر ما ينبغي أن يتوقعه الفلسطينيون من إسرائيل هو تقديم وصفات اقتصادية دون الاقتراب من فك قيود أوسلو الأمنية والاقتصادية والإدارية.

وما يتعلق بالدولة فالمسألة بحسب نتنياهو لا تتجاوز مفهوم الحكم الذاتي بما يخص إدارة الشؤون اليومية وإبقاء ملف الأمن والاقتصاد والحدود بيد تل أبيب حصرا دون مشاركة أي طرف ثالث.

بعد ذلك، يتضح ان السؤال الصحيح هو ماذا يريد جون كيري من المفاوض الفلسطيني. والوزير كان واضحا في هذا المجال عندما ركز على ضرورة قيام نتنياهو ببعض التقديمات الشكلية للفلسطينيين مقابل إعادة الهدوء للشارع الفلسطيني، أي إخماد الانتفاضة. وهو هدف أميركي ــ إسرائيلي مشترك. والمطلوب من السلطة الفلسطينية أن تدخل مباشرة على هذا الخط، وكان التنسيق الأمني مع الاحتلال في أوجه منذ اندلعت الانتفاضة، إلا أن كلا من واشنطن وتل أبيب تريد موقفا أكثر مباشرة على صعيد الميدان كي يتأمن تحقيق هدفها تجاه الانتفاضة وإعادة الحالة الفلسطينية إلى وصفها «الساكن».

تسكين الحالة الفلسطينية مجددا تطرحه واشنطن في هذه المرحلة بدون ثمن يذكر، على عكس ما كانت تفعله في عقود سابقة عندما كانت ترفع يافطة تزخر بالعناوين الكبيرة مثل الدولة الفلسطينية المستقلة، والرخاء الاقتصادي، و«السلام العادل».

المشهد واضح تماما والكل يتحرك لتحقيق مصالحه؛ فيما يبقى السؤال في هذا الموضوع برسم الحالة الفلسطينية جمعاء.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.