اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

خطاب الصلف.. و«الوضوح»// محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

 

عرض صفحة الكاتب

خطاب الصلف.. و«الوضوح»

محمد السهلي

كاتب فلسطيني

 

قبل أن يلقي ترامب بخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ،كان قد أوضح بشكل عملي سياسات إدارته تجاه الجميع، وكنا نحن الفلسطينيين في مقدمة من أصابتهم عدائية هذه السياسات. لذلك، لم يأت مضمون الخطاب بأي جديد .. وكما توقعنا.

 

هذا لا يعني أن يمر ماقاله بدون بحث، وخاصة أنه يؤكد أننا أمام سياسة أميركية راسخة ، وأن صخب ترامب وانفعالاته لا تدل على الإطلاق أن في مواقفة ارتجالاً مبنياً على ردات فعل ظرفية ومؤقتة، وأن الصلف والغطرسة في مضمون الخطاب ولهجة المتحدث لا ينفصلان عن الآليات التي اعتمدتها إدارة ترامب لتنفيذ سياساتها، والتي جوهرها التهديد والابتزاز.

 

وعلى سوء الخطاب، ربما كان  في وضوح مقاصده إشارة تنبيه لمن يتوهم أن هناك منتصف طريق يمكن أن يلتقي عنده مع هذه السياسات.

ما يزال الرئيس ترامب يردد بأنه  حريص على «تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وهذا أحد العناوين البارزة والمتكررة في تصريحات فريق إدارته بشأن «صفقة العصر». وعندما أعلن اعترافه بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها وحاصر الأونروا، كان يقدم تعريف إدارته الخاص لمضمون «السلام» الذي يسعى لفرضه.

 

ولم تعتمد هذه الإدارة آلية الخطوات المتدحرجة لتطبيق خطتها كي ترقب ردات الفعل على كل خطوة، بل لمراكمة الوقائع على الأرض. وأول من التقط هذا الهدف كانت حكومة نتنياهو، فنشطت في التطبيق بدءاَ من القدس. ورأت أن الفرصة باتت مناسبة كي تعيد تشكيل خريطة الضفة الفلسطينية بشطرها إلى نصفين وعزل القدس عنهما. ومن هذه الزاوية تعتزم حكومة نتنياهو هدم تجمع الخان الأحمر الفلسطيني وتهجير سكانه. وحفزها الموقف الأميركي من قضية اللاجئين الفلسطينيين وتقديم تعريف آخر للاجئ الفلسطيني كي تصدر وثيقة رسمية عبر وزارة الخارجية الإسرائيلية تتطابق مع الموقف الأميركي في هذا الشأن. وهذا يعني أن إسرائيل في معرض تطبيق سياسات عملية تمس مستقبل الأونروا ووظيفتها كما حددتها الأمم المتحدة.

 

وبخصوص الاستيطان، رافقت تل أبيب تنشيط توسيعه بإصدار رزمة من القوانين تسعى لشرعنة جميع البؤر الاستيطانية ، وإلى جانب هذا مدت حكومة نتنياهو تطبيقات «قانون يهودية الدولة» إلى القدس الشرقية من خلال استصدار محاكم الاحتلال قرارات لصالح تثبيت ملكية المستوطن لأي عقار حوله نزاع قضائي مع صاحبه الفلسطيني، فقط لأنه يهودي.

بذلك انتقلت عملية التسوية من الحديث عن وجود شريك فلسطيني في الحل، إلى تطبيقات أميركية ـ إسرائيلية استثنت الشريك المفترض، ووضعته أمام خيارين: إما القبول بما يجري ويصادق عليه ،أو مواصلة تلقي العقوبات، مع استمرار خطوات التطبيق.

 

وعدم وجود «جديد» في خطاب ترامب هو تأكيد لتل أبيب  أن ما تبقى في الجعبة الأميركية هو امتداد لما خرج منها حول القضية الفلسطينية، وأنها تستطيع مواصلة تطبيقاتها للمواقف الأميركية ذات الصلة، وهذه إحدى الأوراق التي سيعمل نتنياهو على استثمارها في الانتخابات القادمة، وخاصة أن المعارضة الإسرائيلية لم تجد في المواقف الأميركية  حول القدس واللاجئين ما يتعاكس مع سياساتها تجاه هاتين القضيتين. لذلك من الوهم افتراض أن عقدة التسوية محصورة في حكومة نتنياهو.

فتسيبي ليفني ترأست الوفد الإسرائيلي في المفاوضات ما بعد مؤتمر أنابوليس ورفضت الخوض في قضايا القدس والحدود، وقدمت في حينها خرائط للضفة الفلسطينية ترسم المصالح الأمنية الاسرائيلية. وحديثها هذه الأيام عن «حل الدولتين» مجرد محاولة للإعلان عن حضورها  في المشهد السياسي كمعارضة.

المهم فيما سبق أن الخطة الأميركية شديدة الوضوح، ولا مكان فيها لتجسيد الحقوق الفلسطينية. وهذا هو أساس اتحاد الموقفين الأميركي والإسرائيلي حول «الحل الإقليمي». وبالتالي، لا يوجد ما يمكن أن ينتظره الفلسطينيون من هذا الحل. ولذلك ، الطريق الوحيد أمامهم تدويل قضيتهم وحقوقهم.

 

إن هجوم ترامب وإدارته على الأمم المتحدة ومؤسساتها يكشف بوضوح أن تدويل القضية الفلسطينية يتعاكس مع أهداف «صفقة العصر»، ولا تريد هذه الإدارة أن يتكرر ما حصل خريف العام 2012 عندما اعترفت الأمم المتحدة بفلسطين دولة تحت الاحتلال بحدود 4 حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفتحت لها باب الانتساب لعضوية مؤسساتها. ولذلك، تمارس أشد الضغوط على الدول الأعضاء كي لا تتفاعل إيجاباً مع أي مسعى فلسطيني في هذا الاتجاه.

وكانت قضية تدويل القضية الفلسطينية من أبرز القضايا التي قررها المجلس المركزي الفلسطيني في دورتيه السابعة والعشرين والثامنة والعشرين، إلى جانب إطلاق المقاومة الشعبية الفلسطينية بعدما قرر المجلس وجوب القطع مع اتفاق أوسلو وقيوده الأمنية والاقتصادية والسياسية. هذا هو أساس السياسة الفلسطينية البديلة التي يمكن أن تعيد الحالة الفلسطينية إلى دائرة الفعل والمبادرة وتوقف تدهور أوضاعها.

 

وعشية إلقاء الرئيس عباس خطابه أمام الجمعية العامة، يمكن القول إن تطبيق قرارات المجلس المركزي بدورتيه المذكورتين والمجلس الوطني هو الموقف الفعلي القادر على مواجهة «صفقة العصر» ومقاومتها، وهو اللغة الوحيدة التي يدرك المجتمع الدولي من خلالها أن الإجماع الوطني الفلسطيني انتقل من اتخاذ القرار إلى الفعل.

 

لقد اكتسب خطاب الرئيس عباس خريف العام 2012 قوته الحقيقية من اختتامه بتقديم طلب الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وقوته الآن يمكن أن تأتي في حال تم تقديم طلب العضوية العاملة لها، إلى جانب جميع الإجراءات الملحة مثل تحكيم «الجنائية الدولية» حول جرائم الاحتلال في الاستيطان وهدم البيوت والتهجير والتطهير العرقي الذي يمارسه على وقع سياسات إدارة ترامب تجاه الحقوق الفلسطينية، وطلب الحماية  للشعب الفلسطيني في موجهة هذه الجرائم.

وبخصوص الخطة الأميركية و«الحل الإقليمي»، ثمة اجراءات ملحة يفترض تطبيقها بدءاً من القطع الفعلي مع بقايا أوسلو، والسياسات التي جاءت به، وإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري بديلا عن الرهانات الفاشلة التي  لم تنتج سوى الكوارث على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

 

مواجهة أخطار «صفقة العصر» تتطلب خطوات عملية تراكم عناصر القوة الفلسطينية في مواجهة الخطوات المتدحرجة للمشروع الأميركي ـ الإسرائيلي، التي إن تركت على «غاربها» لن تبقي لنا شيئاً.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.