اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• مع هذا الاقتراح.....

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

    مع هذا الاقتراح.....

 

لقد سبق لنا، أن وجهنا انتقادات لبعض سياسات رئيس الحكومة سلام فياض. ففككنا، استراتيجيته لبناء الدولة الفلسطينية، وأبرزنا ما فيها من أوهام سياسية، خاصة الوهم بإمكانية بناء البنية التحتية للدولة المستقلة، في ظل الاحتلال. كذلك توقفنا أمام سياسته الاقتصادية، وسجلنا عليها الكثير من الملاحظات، بما في ذلك عدم خدمتها بالقدر الكافي للشرائح الدنيا، ومراعاتها لاشتراطات الجهات المانحة، وتوصيفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، على حساب مصالح الفئات الدنيا في الضفة والقطاع. كما أدنا، ذهابه إلى مؤتمر هرتسيليا في الوقت الذي كانت فيه الحالة الفلسطينية، قد أعلنت مقاطعتها للجانب الإسرائيلي. واعتبرنا مشاركته في هرتسيليا انتهاكا فظا لموقف الإجماع الفلسطيني. ودعونا اللجنة التنفيذية لمساءلته ومحاسبته على موقفه هذا، باعتبارها المرجعية السياسية العليا، خاصة في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني، المعني بمساءلة الحكومة ومحاسبتها على أدائها.

في الوقت نفسه كانت الجبهة الديمقراطية ممثلة في الحكومة الفلسطينية برئاسة فياض، وتتولى فيها الرفيقة ماجدة المصري، عضو المكتب السياسي للجبهة، حقيبة الشؤون الاجتماعية. وبسياسة يسارية، علمية، ورزينة، ودقيقة، تعاونا مع فياض، حيث التقينا على مبدأ التعاون، خاصة في مجالات دعم الفئات الفقيرة والعاطلين عن العمل، والعائلات المنكوبة بالعدوان الإسرائيلي، إلى جانب ابتداع مشاريع وبرامج رعاية اجتماعية، كلها وردت في خطة عمل الوزارة  كما قدمتها الوزيرة المصري إلى الحكومة. وهكذا مارسنا سياسة مسؤولة جادة، وبعيدا عن الحرد - وهو شكل من أشكال عدم النضج السياسي - جمعنا فيها الأضداد، في منطق جدلي علمي صحيح، انطلاقا من قناعة بضرورة تحمل المسؤولية الوطنية أمام المجتمع الفلسطيني، وأداء الدور المطلوب أداؤه. وفي الوقت نفسه، انتقاد صريح ومباشر، لكل ما هو خارج عن قناعتنا ورؤيتنا السياسية. ونعتقد أن مراجعة للدور الذي لعبته الجبهة الديمقراطية في حكومة فياض من خلال الوزيرة المصري، وللدور الذي لعبته الجبهة الديمقراطية «نحو» حكومة فياض من موقع المساءلة، كان دورا ناجحا باعتراف القريب قبل البعيد، دون أن نتناسى، تلك الأصوات، التي لم تعرف في رؤيتها للحالة الفلسطينية سوى السلبيات، والتي لم تجد والحال هكذا، سوى لغة التهجم والتحامل، دون أن تقدم بديلا، لأنها لا تملك أساسا، مثل هذا البديل.

• • •

نقدم هذا الكلام، للدخول في قضية أثارها سلام فياض مؤخرا، حين أعاد الرئيس عباس تكليفه بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة. فإلى جانب مشاوراته مع القوى والفصائل، ومؤسسات المجتمع المدني في الضفة الفلسطينية، تقدم من حركة حماس بمبادرة دعاها فيها إلى المشاركة في حكومته الجديدة، (مقابل حل حكومة هنية) وفقا لرؤية تحاول أن تنهي الانقسام ضمن حدود معينة هي الحدود الممكنة حاليا، وبحيث لا يدخل فياض، في حقل الألغام، الذي دخله الحوار الثنائي بين فتح وحماس، في الجولات الأخيرة، نعني به الملف الأمني وكيفية إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية وغير حزبية، وبمرجعية سياسية، هي وزارة الداخلية في الحكومة.

فياض، بخبرته السياسية، يدرك أنه لا يستطيع أن يحل العقد التي فشلت حوارات فتح وحماس أن تحلها. وبالتالي فإن إمكانية أن يلعب دورا مؤثرا يتجاوز دور فتح في الضغط على حماس، إمكانية مستبعدة. غير أن فياض، من جهة أخرى، حاول أن يفتح في جدار الانقسام ثغرة يحاول من خلالها أن ينفذ إلى شكل من أشكال إنهاء الانقسام، بحيث يعيد توحيد ما يمكن توحيده، ويبقى ما لا يمكن توحيده إلى وقت لاحق. أي إلى ما بعد تنظيم انتخابات محلية، وتشريعية ورئاسية جديدة، تأتي إلى السلطة برئيس جديد، وبمجلس تشريعي جديد، وبحكومة جديدة. ووفقا للقانون، تتولى الحكومة «المنتخبة» إعادة بناء الأجهزة دون الخضوع لحسابات حزبية فصائلية تقوم على مبدأ المحاصصة. فإذا كان الحوار الثنائي بين فتح وحماس قد فشل في «توزيع الحصص»، فإن الانتخابات الشاملة، والعودة إلى الشارع الفلسطيني، عملية ديمقراطية، من شأنها أن تعطي لكل طرف ما يستحقه من التأييد الجماهيري، وأن تعكس هذا التأييد في مقاعد المجلس التشريعي، واستتباعا في تمثيل هذه الكتلة البرلمانية أو تلك في الحكومة الجديدة،  وهو ما يضع حدا لسياسة الاختناق التي تعيشها الحالة الفلسطينية حاليا في ظل حكومتين، تمارسان دورهما، دون أية مساءلة من المجلس التشريعي المشلول والمعطل. والانتخابات جسر للعبور نحو إنهاء الانقسام، بإشراك المجتمع الفلسطيني، صاحب الرأي وصاحب شعار: «الشعب يريد إنهاء الانقسام».

• • •

ردود حماس على اقتراح فياض كانت متباينة. فبعض مصادرها أبدى ارتياحه المبدئي للاقتراح ووعد بدراسته بجدية. البعض الآخر وصف الاقتراح بأنه «غير جدي» ورأى أنه لو قدم عن طريق فتح لامتلك قوة أكبر، واحتوى مصداقية أعمق. البعض الثالث رأى في اقتراح فياض مجرد مناورة ليس إلا، هدفها إحراج حركة حماس. وهذا الخليط من المواقف سياسة مدروسة هدفها «إعلان الموقف وضده» بحيث يبقى هامش المناورة والالتفاف مفتوحا أمام أصحابه، لكنه في نهاية المطاف يشير إلى أن الرفض هو الجواب الحقيقي. وواضح تماما أن ثمة أطرافا في الحالة الفلسطينية تراهن على أن التطورات الإقليمية والعربية ستعود عليها بالفائدة، لذلك تراها ترفض أية مبادرة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بأدوات فلسطينية أي أن هذه الأطراف مازالت تراهن على العامل الخارجي، باعتباره العنصر الرئيسي في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفقا لمصالحها الفئوية. لكن هذه الأطراف تتجاهل، أو تتناسى، أن تغليب العامل الخارجي على العامل الداخلي من شأنه أن يضعف العامل الداخلي وأن يضعف الحالة الفلسطينية وأن يحولها إلى ورقة بيد الأطراف الخارجية المرشحة للتدخل في شؤون البيت الفلسطيني. ويخطئ من يعتقد أن التدخل الخارجي سيكون محايدا، هو سيكون منحازا، أولا وقبل كل شيء، لمصالحه هو، وليس لمصالح أي طرف فلسطيني. بعدها وبمسافات طويلة، تأتي حسابات الأطراف الفلسطينية «الحليفة» له. لكن بعد أن تكون القضايا الدسمة والأرباح الوفيرة قد ذهبت لصالح الآخرين وخارج إطار البيت الفلسطيني وعلى حسابه.

لذا نقول إن خلافنا السياسي مع فياض لا يمنعنا من القول إنه أصاب في دعوته إلى حكومة وحدة شراكة وطنية يقوم على عاتقها بشكل رئيسي فتح الباب لإنهاء الانقسام عبر تنظيم انتخابات عامة، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، تعيد إنتاج الرئاسة والمجلس التشريعي والحكومة الفلسطينية وتحت سقف هذه المؤسسات المنتخبة في عملية ديمقراطية، نزيهة، وشفافة وتحت رقابة القضاء والمجتمع المدني. يعاد بناء المؤسسات وتوحيدها، ويعاد ترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة الاستحقاقات القادمة. مع التأكيد أن المرجعية السياسية لهذه العملية، هي إعلان القاهرة (2005) ووثيقة الوفاق الوطني (2006) وحوارات القاهرة (آذار/مارس 2009).

فهل تجد دعوة فياض صداها الإيجابي لدى حماس؟ 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.