اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• قراءة أخرى في بيان المجلس المركزي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

 قراءة أخرى في بيان المجلس المركزي

 

أمران لفتا انتباهنا في البيان الختامي للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية (18/3/2011).

مواقف إيجابية وجميلة وردت في بيان المجلس المركزي، شوهتها وطغت عليها مواقف سلبية، من بينها الموقف من قضية حق العودة، واستمرار الرهان على «المبادرة العربية»، في وقت تشهد فيه الحالة العربية متغيرات عاصفة

• الأمر الأول أن العنوان الخاص بفقرة «اللاجئين» تحدث عن حقهم في «العودة إلى ديارهم التي هجروا منها وفق القرار 194». لصالح عبارة أخرى هي «حل عادل متفق عليه».

• الأمر الثاني أن نص الفقرة حول ما يسمى بالحل العادل استند إلى ما جاء في «مبادرة السلام العربية». هي الأخرى تتحدث عن «حل عادل متفق عليه».

1) في الأمر الأول، علمنا أن لجنة الصياغة أدرجت في النص العبارة ذاتها، كما وردت في عنوان الفقرة، أي العودة إلى الديار التي هجروا منها منذ العام 1948. وأن البيان حين عرض على مكتب الرئيس، تعرض للشطب والتعديل، فأصبح النص يتحدث عن «الحل العادل المتفق عليه». وواضح أن المقصود بـ«المتفق عليه» أي المتفق عليه مع الجانب الإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات. وهذا يعني، بكل بساطة إشراك الجانب الإسرائيلي بتقرير مصير اللاجئين، كما يعني تجاوز القرار 194، الذي يتحدث بوضوح لا لبس فيه عن العودة إلى الديار والممتلكات. ويعني في الختام البحث عن حل بديل، صيغت مسودته في وثيقة «جنيف ـ البحر الميت» والتي تتحدث عن توفير مكان سكن دائم للاجئ الفلسطيني. وكل المؤشرات، والعديد من المصادر، تؤكد أن هذه الوثيقة ستشكل أساسا للحل بين المتفاوضين، منقوصا منها, ما يمكن أن تقرأه إسرائيل إلزاما لها. أي أن إسرائيل ترفض أن تتحمل أية مسؤوليات سياسية أو قانونية أو أخلاقية عن تهجير اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي ترفض أن تلتزم بأي حل يشركها في تحمل هذه المسؤوليات، هذا من جانب. من جانب آخر، فإننا نقرأ تسلل القلم الرئاسي (أو من هو قريب منه ويتمتع بالنفوذ) إلى مسودة البيان، الذي عهد إلى لجنة صياغة بكتابته، وشطب هنا وشطب هناك، وإضافة هنا وإضافة هناك،.. نقرأ في هذا مقدمة لمصداقية ما جاء في بيان المجلس المركزي من مواقف وإعلانات والتزامات. كما نقرأ حقيقة القواعد التي تحكم العلاقات بين الأطراف السياسية في م.ت.ف. فحين يعطي طرف معين لنفسه الحق في تجاوز الجميع، وتحميل بيان المجلس موقفه هو من قضية شديدة الأهمية كقضية اللاجئين وحقهم في العودة، دون العودة إلى المجلس، أفرادا ومنظمات، فمعنى ذلك أن المؤسسة مازالت تفتقر إلى الحد الأدنى من العلاقات الديمقراطية، وأن الفرد مازال يحل نفسه محل المؤسسة، يقرر نيابة عنها، وبالضد عن إرادتها، يجيرها لصالح سياسته ومواقفه، مستخفا بكل ردود الفعل، وبالعلاقات الداخلية، ولو أدى ذلك إلى توتير هذه العلاقات؟ خطورة هذا الأمر أن الرئيس عباس استهل كلمته في افتتاح أعمال المجلس عن ضرورة الاستجابة لنداءات الشارع في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وأبدى استعداده للذهاب إلى غزة للاتفاق مع حماس على حكومة وحدة وطنية..

فكيف يستقيم الحديث عن إنهاء الانقسام، وعن الوحدة الوطنية، وفي الوقت نفسه لا تحترم العلاقات الجبهوية، داخل المجلس المركزي، ويتم التلاعب بالبيان من خلف ظهر أعضائه، ومن دون علمهم؟.

يبقى السؤال الأخير: ترى من قرر، في المؤسسة الفلسطينية إسقاط حق العودة إلى الديار والممتلكات، لصالح حل متفق عليه مع إسرائيل سقفه وثيقة «جنيف ـ البحر الميت». ومن يمثل المؤسسة الفلسطينية حقا بشأن اللاجئين، القلم الذي تلاعب ببيان المجلس المركزي، أم البيان الذي وزعه زكريا الأغا، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضو اللجنة التنفيذية في م.ت.ف.، ورئيس دائرة اللاجئين، يدعو فيه إلى جمع مليون توقيع من اللاجئين لإعلان تمسكهم بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها. وكيف يستقيم الصيف والشتاء، داخل اللجنة المركزية لحركة فتح (موقف مكتب الرئيس وموقف الأغا) وداخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحيث يصدر المجلس المركزي بيان عن حل عادل متفق عليه مع إسرائيل ويدعو، بالمقابل الآغا، اللاجئين إلى إعلان التمسك بحق العودة إلى الديار والممتلكات ورفض كل الحلول والسيناريوهات البديلة؟.

* * *

2) الأمر الثاني أن أصحاب «الحل العادل المتفق عليه» يبحثون لأنفسهم عن غطاء سياسي يمرر لهم مواقفهم فلا يجدون سوى «مبادرة السلام العربية» التي تبناها نظام عربي، في بيروت، بدأت أعمدته الرئيسية تتهاوى كما هو واضح. وإلا فكيف نفسر هذا التغيير الكبير الذي طال مصر، وتونس، ويدق أبواب باقي العواصم العربية بيد عملاقة. كيف ينسجم البيان مع نفسه، في الحديث عن تحركات الشباب، وأهمية دور الشباب في الإصلاح والتغيير، ولا يرى، في الوقت نفسه، هذا التغيير الكبير في المنطقة العربية. ولا يرى التغيير الكبير في داخل جامعة  الدول العربية التي باتت تضطر للجوء إلى مجلس الأمن الدولي ضد رئيس دولة عربية في صراع مع القوى المعارضة في بلده (بغض النظر عن موقفنا منه أو من معارضته ـ المقصود أن في هذا الموقف جديدا لابد أن نقرأه بغض النظر عن تفسيرنا لهذا الجديد وبغض النظر عن موقفنا منه). إن التغطي بمبادرة السلام العربية في هذا الوقت بالذات، وفي ظل المتغيرات الحاصلة والقادمة والمنتظرة، إنما يدل على حالة من الجمود السياسي، وفشل في قراءة الحاضر والمستقبل، أو لنقل، تعامي عن قراءة الحاضر والمستقبل، لأن هذه القراءة تفترض التجاوب مع المتغيرات، وفي مقدمة خطوات هذا التجاوب، طي صفحة المفاوضات العقيمة مع الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة وضع الأمور في نصابها الصحيح، وانتهاج سياسة جديدة، لا توفر الظروف لهذا الاحتلال لأن يبقى مقيما، هانئا، مستريحا، على الأرض الفلسطينية المحتلة، منفلت اليدين في ممارساته، ومقابل تقييد الحالة الفلسطينية بالتزامات وردت في اتفاقات، لم يعد الاحتلال يلتزم بها، طواها وأودعها مستودعاته، واستعاد بدلا منها إستراتيجيته الخاصة به، وحلوله الخاصة به، وكلها تقوم على نسف الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

* * *

لقد وردت في بيان المجلس المركزي عبارات جميلة، في أكثر من مكان، تتعلق بالمفاوضات وشروط استئنافها، وبفك الحصار عن قطاع غزة، وبقضية الأسرى وعوائل الشهداء، والحقوق الإنسانية للاجئين في الدول العربية، لكن كل هذا الجمال (بمعناه السياسي) تشوهه عبارات وردت هنا وهناك، تضعف درجة جماله، وتغطي عليه. أما كان يجب الحديث عن الفيتو الأميركي بلغة انتقادية أكثر وضوحا، تضع السياسة الأميركية في مكانها الصحيح، وتنزع عن أصحابها صفة «الراعي النزيه» للمفاوضات؟

أما كان يجب تجاوز هذا الخط الأحمر الذي لا يرى في المقاومة الشعبية سوى جانبها السلمي، وكأننا نخجل أن نكون مقاومين للاحتلال بكل صنوف المقاومة المشروعة دوليا؟.

وأخيرا، وليس آخرا، ما قيمة هذا الجمال حين يضحي البيان (ولا أقول المجلس المركزي بأعضائه والقوى السياسية الممثلة فيه) بحق اللاجئين في العودة؟

حقا إن عبرة ما جاء في بيان المجلس المركزي، هي في تنفيذ قراراته. ونحن على موعد مع الدورة القادمة للمجلس، بعد ثلاثة أشهر، لنراجع معا ما تم وما لم يتم تنفيذه.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.