اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• يا لهذا الحل العادل والمتفق عليه!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

يا لهذا الحل العادل والمتفق عليه!

 

بعدما فشلت اللجنة الرباعية في الوصول إلى اتفاق على دعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لاستئناف المفاوضات وجدت لجنة المتابعة العربية نفسها أمام خيار واحد وحيد، هو الذهاب إلى الأمم المتحدة، للطلب إليها الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، بحدود الرابع من حزيران 67، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة! ولو أدى ذلك إلى الصدام مع الفيتو الأميركي. الولايات المتحدة كانت ترغب، كما بات معلوماً، بالمقايضة بين الدعوة إلى المفاوضات على أساس حدود حزيران 67 وبين الاعتراف بيهودية إسرائيل. لكن الاعتراض الروسي عطل على واشنطن هذا المسعى الخبيث والخطير، فانتهت الرباعية إلى ما انتهت إليه. ومع أن لجنة المتابعة العربية وجدت نفسها أمام الخيار الوحيد، خيار الذهاب إلى الأمم المتحدة، ومع ذلك نقول حسناً فعلت حين أصرت على هذا الخيار، علما أنه ليس خياراً بسيطاً، ولن يكون مجرد نزهة تقوم بها الدبلوماسية العربية في أروقة الأمم المتحدة، بل سيكون معركة دبلوماسية من الطراز الأول. طرفها الأول العرب، ملتفين حول فلسطين. وطرفها الثاني الأميركيون، وتقف خلفهم إسرائيل وتحت حمايتهم. وبالتالي بات على العرب وعلى الفلسطينيين أن يخوضوا المعركة هذه المرة على المكشوف. فالمعركة ليست فقط مع إسرائيل. بل هي أولا وقبل كل شيء مع الولايات المتحدة. ومن أراد النصر للحقوق الفلسطينية عليه أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار. أي بتعبير آخر، علينا ألا نسير على خطى السادات، الذي توقف عن محاربة إسرائيل (ليس فقط عسكرياً بل وكذلك سياسياً) واختار بدلاً من ذلك الاستلام لها بذريعة أنه غير قادر على محاربة أميركا، التي تصدت له نيابة عن إسرائيل بل علينا أن نأخذ الحكمة الناصرية (وإن لم يكن عبد الناصر قد عمل هو بهذه الحكمة كما يجب) القائلة بأن الحرب هي مع إسرائيل ومع من هم وراء إسرائيل. وكخلاصة نقول علينا لنحتل مقعدنا في الأمم المتحدة كدولة معترف بها مستقلة بحدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، أن نخوض المعركة ضد إسرائيل وضد من هم وراء إسرائيل.

***

غير أن البيان الذي صدر في ختام أعمال لجنة المتابعة العربية حمل بين سطوره لغماً كبيراً كنا نتمنى ألا يرد على الإطلاق. فقد تحدث البيان في إشارة منه إلى اللاجئين الفلسطينيين عن «حل عادل ومتفق عليه». هذه العبارة مأخوذة حرفياً من المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002؛ بناء على اقتراح من ولي العهد السعودي (آنذاك) الأمير عبد الله بن عبد العزيز. ولي العهد صار ملكاً، والرئيس المصري غادرنا، هو وفريق عمله، إلى السجن. أما الرئيس التونسي فقد غادر إلى منفاه، هرباً من غضب الشارع. واليمن تعيش انقساماً سياسياً خطيراً، وكذلك تعيش سوريا إرهاصات لحالة جديدة سوف تشهدها البلاد بالضرورة. والحراك اجتاح البحرين، ووصل إلى المملكة السعودية نفسها. وآلة الحرب الشرسة تطحن عظام أبناء الشعب الليبي، كما شهدت الجزائر والمغرب حراكات سياسية مهمة وذات تأثير. الشيء ذاته تشهده العاصمة الأردنية عمان. بينما لا زال لبنان يبحث عن استقراره واستقرار نفوس أبنائه. والعراق هو، هو، شهد متغيرات دراماتيكية منذ ولادة المبادرة العربية حتى الآن. وبما نسيناً الصومال وجزر القمر ودول الخليج، وكل منها قصته وقضيته معروفة. كل هذا التغيير، والمبادرة العربية لم تتغير حتى الآن. بل استقرت على ما هي عليه. بينما، وقد ارتفع السقف العربي، بفعل الدور الذي أخذ الشارع يلعبه، في صنع القرار وإعادة صياغة النظام والدولة، يفترض أن يرتفع سقف المبادرة العربية، عبر تطويرها بحيث لا نقايض بين الدولة الفلسطينية وبين التخلي عن حق العودة للاجئين. فالدولة حق، وحق العودة حق وطني هو أيضاً، لا يحق لا لقمة عربية، ولا لأي زعيم أو قائد أو رئيس أو ملك أن يتخلى عن هذا الحق. ولقد سبق وأن شرحنا المعاني الخطيرة للعبارة الخاصة باللاجئين الواردة في المبادرة العربية. نذكر أنها لم تأت إطلاقا على ذكر حق العودة، وأنها صيغت كما اعترف النائب السابق لرئيس وزراء الأردن، مروان المعشر بالصيغة التي هي عليها لطمأنة الإسرائيليين بأن العرب تخلوا عن حق العودة للاجئين وأن المستقبل اليهودي لإسرائيل سوف يكون آمنا. لاحظوا اللعبة التي يلعبها المسؤولون العرب: هم من جهة ضد الاعتراف بيهودية إسرائيل، وهم من جهة أخرى على استعداد لإسقاط حق العودة إلى مناطق 48، حتى لا تغرق إسرائيل بالعنصر الفلسطيني العربي وتفقد صفتها كدولة يهودية.

***

كلامنا هذه المرة يكتسب بعداً جديداً في وجود الأمين العام نبيل العربي على رأس الجامعة العربية. فقد كان هذا الدبلوماسي الماهر قاضياً في محكمة لاهاي الدولية، وأثناء ولايته فيها تقدم الفلسطينيون عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن جدار الفصل والضم العنصري. ولقد انتهت المحكمة آنذاك، وبدور ملموس للعربي، إلى الحكم بلا شرعية «الجدار»، وضرورة تفكيكه، وإعادة الأرض التي يشيد عليها إلى أصحابها، والتعويض لهم عما لحق بهم من إضرار، وكذلك التعويض لحوالي 230 ألف فلسطيني حجزتهم إسرائيل خلف الجدار، في قسمه العربي، وفصلت بينهم وبين أملاكهم وإخوانهم وأهلهم في القاطع الشرقي من الجدار، في الضفة الفلسطينية. وإذا كان هذا القرار مهما (لا يقلل من أهميته تقاعس المفاوض الفلسطيني عن متابعة تنفيذه)، فالمهم أيضاً ما جاء في القرار من بنود أخرى. يقول القرار المطول الصادر عن محكمة لاهاي الدولية أن القرار 181 لم ينفذ حتى الآن، وأن تنفيذه رهن بتطبيق الشق الثاني منه، أي قيام الدولة الفلسطينية فوق 44.5% من أراضي فلسطين الانتدابية. ويحمل القرار المجتمع الدولي مسؤولية التقاعس عن تنفيذ الشق الثاني من القرار. ويقول القرار أيضاً أن قيام دولتين، بموجب القرار 181 لا يجيز لأي منهما أن تلجأ إلى القوة، أو أية أساليب أخرى، لتعيد تنظيم التوازن الديمغرافي تحت سلطتها، في إشارة فائقة إلى الإرهاب الذي لجأت له العصابات الصهيونية تحت سقف الكيان الصهيوني الوليد، لتهجير آلاف اللاجئين الفلسطينيين من ديارهم وتشريدهم بعيداً عن وطنهم وأملاكهم. وبالتالي يعتبر القرار عودة هؤلاء اللاجئين بموجب القرار 194 إلى ديارهم وممتلكاتهم استكمالاً للقرار 181، وضرورة قانونية وسياسية للوصول إلى سلام في المنطقة.

«رداً منه على الإدعاء الإسرائيلي بأن تشييد الجدار بسبب رد الهجمات الفلسطينية على إسرائيل ومستوطناتها في الضفة الفلسطينية».

من هنا وعلى قاعدة هذا القرار المهم والمهم جداً والمستند إلى القوانين الدولية، والصادر عن أعلى سلطة قانونية عالمية، ننظر إلى الوزير نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية باعتباره يحمل إرثا غنياً، بات جزءاً من تاريخه، وجزءاً من انجازاته التي من حقه أن يفتخر بها. وهذا يفترض، حفاظاً على هذا التاريخ، وصوناً لهذه الانجازات، أن يتدخل الوزير العربي، وأن يدفع باتجاه تعديل المبادرة العربية للسلام.

عامل آخر، يدعو إلى إعادة النظر بالمبادرة العربية، إضافة للعوامل السابقة وخاصة التمسك بحق اللاجئين في العودة إلى الديار والممتلكات:

لقد مضى على ولادة المبادرة العربية أكثر من تسع سنوات وهي معروضة للبيع في الأسواق الإسرائيلية دون أن تجد من يشتريها. وواضح أن القيادات الإسرائيلية على اختلاف اتجاهاتها، أخذت من المبادرة ما تريد وحاولت أن تستغلها، في غير محلها، حين دعت إلى تطبيع العلاقات العربية ـ الإسرائيلية بذريعة اللقاء لأجل دراسة المبادرة والتعرف على بنودها، وتوفير إجابات عربية للأسئلة الإسرائيلية. بل زادت السياسة الإسرائيلية تعنتاً على يد بنيامين نتنياهو الذي دعا إلى «الحل الاقتصادي» للصراع مع الفلسطينيين، ثم وافق على «دولة» فلسطينية تقوم على ما يتبقى من الضفة بعد ما يقتطع هو منها ما يراه ضرورياً ـ حسب إدعائه ـ لأمن إسرائيلي وسلامتها، وبما يؤمن لها حدوداً ويمكن الدفاع عنها.

أي بتعبير آخر، فشلت المبادرة العربية، رغم تخفيض السقف العربي في نيل رضى قادة إسرائيل وموافقتهم، وقبولهم بالحل العربي «الرسمي» للصراع: دولة فلسطينية مقابل التخلي عن حق العودة للاجئين.

مسألة أخرى ندعو أصحاب المبادرة العربي لعدم تجاهلها هي تجربة ذكرى النكبة ودروسها هذا العام. لقد عبر اللاجئون الفلسطينيون بالدم رفضهم كل الحلول البديلة لحق العودة. وما جرى في يوم النكبة عند خطوط التماس مع العدو رسالة بليغة لما سوف يكون عليه الوضع. إن تجرأ أحد ما، ووجد في نفسه الشجاعة ليوقع متنازلاً عن حق اللاجئين في العودة.

أولاً وأخراً، تبقى الكرة في مرمى الوزير نبيل العربي، والرهان على دور مميز يلعبه على راس الجامعة العربية رهان كبير، أحد مداخله إعادة النظر بالبند الخاص بقضية اللاجئين في المبادرة العربية.

 


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.