اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• هل من تغيير في السياسات التحالفية للإسلام السياسي؟!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

هل من تغيير في السياسات التحالفية

للإسلام السياسي؟!

 

لم تدخل النهضة كما لم يدخل العدالة والتنمية في كل من تونس والمغرب في تحالفات برلمانية إلا لأنهما عاجزان عن توفير الأغلبية الضرورية للاستفراد بالسلطة.. وهذا واحد من النتائج الايجابية لنظام التمثيل النسبي في الانتخابات

هل هناك تغيير في السياسات التحالفية للإسلام السياسي في بلادنا العربية؟

ينطلق هذا السؤال من تجربتين جديدتين، تكررتا على التوالي.

التجربة الأولى هي تجربة تونس، حيث، وبعد فوزه بالموقع الأول في أحزاب المجلس الوطني التأسيسي، بادر حزب النهضة الإسلامي، برئاسة راشد الغنوشي، إلى مد يد التحالف نحو حزبين يساريين، هما «المؤتمر من أجل الجمهورية» برئاسة المنصف المرزوقي، و«التكتل من أجل العمل والحريات» برئاسة مصطفى بن جعفر، على أن يتولى الأخير رئاسة المجلس، و«المؤتمر» رئاسة الدولة، ويتولى أحد قادة حزب النهضة رئاسة الحكومة.

التجربة الثانية هي تجربة المغرب، إذ فاز حزب العدالة والتنمية بما يقارب ربع مقاعد مجلس النواب، فمد هو الأخير يد التحالف نحو أحزاب أخرى، في مقدمها الأحزاب اليسارية الثلاثة المؤتلفة في «الكتلة الديمقراطية»، وتضم «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» و«حزب التقدم والاشتراكية».

هاتان الخطوتان في تونس والمغرب لفتتا نظر المراقبين، والمحللين والمؤرخين. إذ اعتادت الحياة الحزبية والسياسية في البلدان العربية على صيغة ذات طابع تاريخي تقول إن الإخوان المسلمين لا يتحالفون سياسيا مع الآخرين. وهم وإن دخلوا أحيانا أطراً وطنية، فلأسباب مؤقتة وتكتيكية قاهرة إلا أنهم سرعان ما يخرجون من هذا الإطار نحو الانفراد بالموقف أو بالقرار.

ينطبق هذا التوصيف، على سبيل المثال، على الحركة الإسلامية في الأردن، التي تنتمي إلى إطار أحزاب الحركة الوطنية في البلاد، ثم، وعند لحظة الحقيقة، تنسل منفردة نحو القصر، للدخول في صفقة سياسية ما، بمعزل عن باقي أطراف الإطار، أو تتخذ قراراً منفرداً بشأن مسألة إستراتيجية معينة، كالموقف من الانتخابات أو من إسقاط حكومة أو سحب الثقة من وزير أو غيره.

كذلك انطبق هذا التوصيف على حركة حماس في فلسطين حين فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي. صحيح أنها عرضت على فصائل المقاومة الدخول معها في ائتلاف حكومي، لكن الصحيح أيضاً أن حماس أصرت على أن يتبنى هذا الائتلاف برنامجها هي، ورفضت الدخول في برنامج مشترك، ما دعا الأطراف المرشحة لدخول الحكومة إلى الاعتذار، فتشكلت حكومة هنية الأولى، وكل أعضائها من حركة حماس

يرفض بعض المحللين القول بتغيير ما لدى الإسلام السياسي بشأن التحالفات. ويعزون موافقة إسلاميي تونس والمغرب على التحالف مع أطراف أخرى إلى أن نتائج الانتخابات لم تمنحهم الأغلبية المطلوبة كي ينفردوا بالسلطة وبالقرار. ولولا تحالف النهضة مع الحزبين اليساريين لما أمكن لها أن تتولى رئاسة الحكومة وأن تفوز هذه الحكومة بالثقة البرلمانية. والأمر ذاته ينطبق على العدالة والتنمية الذي لم يفز بأكثر من ربع مقاعد المجلس النيابي، بل إن عدد مقاعده (107) يساوي تماما مجموع مقاعد الكتلة الديمقراطية الثلاثية (107 مقاعد هي الأخرى). وهو أمر يعني أنه كان بإمكان «المؤتمر» و«التكتل» في تونس أن ينسجا تحالفات بدون النهضة وأن يوفرا الأكثرية مما يضع النهضة في مربع المعارضة ويدفع باليسار إلى كراسي المسؤولية. كما كان بإمكان الكتلة الديمقراطية هي الأخرى أن تحل محل النهضة في رئاسة الحكومة إن هي لجأت إلى المناورات والبيع والشراء واللف والدوران، وإن هي تخلت عن مصداقيتها أمام جماهيرها.

الملاحظ كذلك أن التحالفات التي ينسجها الإسلام السياسي في تونس والمغرب، هي تحالفات مع القوى اليسارية بشكل رئيس «لأنه يدرك أن الحجم الثاني في البرلمان تحتله قوى اليسار، وهي لو عملت دوما على توحيد جهودها لاحتلت الموقع الأول في الخارطة السياسية والحزبية، وتحت سقف البرلمان».

إذن، كما يقول هؤلاء الخبراء والمراقبون، تتعلق المسألة بموازين القوى ليس إلا. أي أن قانون الانتخابات الذي اعتمد في تونس واعتمد في المغرب (رغم التباين بينهما) هو الذي لعب الدور الأبرز في تقوية موقع هذا الحزب أو ذاك، وحال، في الوقت نفسه دون أن يتمكن حزب واحد من أن يستفرد بالأغلبية لوحده، أي حال دون أن يتمكن حزب واحد من أن يستفرد بالقرار السياسي دون مشاركة الآخرين. فنظام التمثيل النسبي الذي اعتمد في المغرب وتونس، حال دون أن يحقق حزب واحد ما يمكنه من تشكيل الحكومة منفرداً، مما اضطره بالمقابل إلى البحث عن تحالفات مع الأطراف الأقوى، وأثبتت التجربة أن الأطراف الأقوى، في تونس، كما في المغرب، إلى جانب الإسلام السياسي هي قوى اليسار.

ما جرى في فلسطين، وفي الأردن، أن قانون الانتخابات الذي يعطي للدائرة الواحدة الدور الأبرز في تقرير النتائج، هو الذي مكن الإسلاميين من التفلت من ضرورات التحالفات الملزمة. فنظام الدوائر، (الأكثرية والأقلية ولو كان الفارق صوت واحد) نظام متخلف استبدادي، غير ديمقراطي يشطب أصوات الأغلبية، لصالح الأقلية. لأنه، في ظله، تكون حصة الأحزاب غير الفائزة من الأصوات، ما يزيد (مجتمعة) على حصة الحزب الفائز، لكن نظام الأكثرية والأقلية يشطب (عملياً) الأكثرية، لصالح الأقلية.

هذا ما أثبتته تجربة فلسطين حيث لم تنل حماس أكثر من 43% من الأصوات، بينما نال الآخرون مجتمعين 57%، ومع ذلك فازت هي بالأغلبية البرلمانية.

وهذا ما وقع مع قوى اليسار في لبنان، التي حازت، متفرقة، وفي الدوائر المختلفة على حوالي 400 ألف صوت، تناثرت هباء، لأن النظام اللبناني، يقوم على مبدأ الأكثرية والأقلية وليس نظام التمثيل النسبي.

التمثيل النسبي في تونس والمغرب، أعطى كل حزب من الأصوات ما يساوي نفوذه الجماهيري، وأعطاه بالمقابل، حصة من المقاعد ما يساوي هذه الأصوات وهذا النفوذ، لذلك صارعت القوى اليسارية، في الحوار الوطني الفلسطيني الشامل، لاعتماد نظام التمثيل النسبي في الانتخابات التشريعية والبلدية، ولذلك، وفي السياق، صارعت بعض التيارات ضد هذا المشروع وأًصرت على النظام المختلط، بحيث تجري الانتخابات وفق نظام الدوائر، على عدد من مقاعد المجلس، ووفق نظام التمثيل النسبي على باقي المقاعد. وإن كانت الفصائل قد خطت إلى الأمام حين اعتمدت في ورقة المصالحة ما نسبته 75% من مقاعد «التشريعي» وفق نظام التمثيل النسبي، والباقي (25%) وفق الدوائر، فإن المصلحة الوطنية تقتضي مواصلة الصراع لاعتماد النسبية الكاملة في الانتخابات كافة لأنها أكثر عدالة، ولأنها في الوقت نفسه تفتح الباب لإدماج الإسلام السياسي في الحياة السياسة للبلاد، من موقع التحالف وليس من موقع التفرد.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.