اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• من يتحمل مسؤولية تعثر مسيرة الرجوع إلى «اليرموك» -//- معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

من يتحمل مسؤولية تعثر مسيرة الرجوع إلى «اليرموك»

ولمصلحة من تحويله إلى خط قتال وفرض الحصار عليه؟

معتصم حمادة

الحرية: النداء الذي أطلقته فصائل م.ت.ف، صباح الأربعاء في 19/12/2012، تدعو فيه المهجرين من أبناء اليرموك العودة إلى مخيمهم، ورفض الأمر الواقع الذي حاول البعض فرضه عليهم، بتحويلهم إلى نازحين ومهجرين على بعد بضعة أمتار من منازلهم.. هذا النداء لقي تجاوبا واسعا في أيامه الأولى، فاندفعت العائلات تحمل معها ما أخرجته من ملابس وأغطية، تحاول الرجوع والاستقرار في المخيم.

وتشكلت في هذا السياق الهيئة الوطنية الأهلية الفلسطينية، وأخذت على عاتقها مسؤولية إعادة الحياة الطبيعية إلى المخيم، وشكلت لنفسها في هذا السياق مجموعة من لجان الاختصاص، لتعنى كل واحدة منها بجانب من جوانب الاستقرار، كما تشكلت في الأحياء عشر لجان أهلية، تتولى كل منها إدارة الشأن العام في قاطعها. غير أن هذا كله اصطدم بأمرين كبيرين، تبين أنه بدون حلهما سيتحول المخيم إلى خط قتال، وسيتعرض للخراب والدمار، مما سيضطر من عاد إليه من سكانه، الهجرة مرة أخرى بحثا عن ملاذ آمن تتوفر فيه عناصر الاستقرار.

المسلحون في المخيم

الأمر الأول، الذي عطل على السكان العودة إلى مخيمهم، هو تواجد عناصر مسلحة فيه تابعة للمعارضة. ومع أن بيان «الجيش الحر»، الذي أعلن فيه إنهاء مهمته في المخيم، أشار إلى تسليم أمر المخيم إلى «الأخوة الفلسطينيين» إلا أن هذه العبارة المطاطة، كما بدا، أتاحت لمسلحي المعارضة من الفلسطينيين من البقاء فيه: دون أن يكون لهذا التواجد ما يبرره عسكريا، أو أمنيا، أو سياسيا.

* فعلى الصعيد السياسي توافقت فصائل م.ت.ف، منذ اللحظة الأولى على النأي بالنفس عن أحداث سوريا، مع موقف ثابت لصالح سوريا آمنة ومستقرة ومزدهرة، تستعيد ماضيها الناشط، وتبني مستقبلها المشرق. هذا النأي بالنفس عن الحدث السوري الكبير ترى فيه فصائل م.ت.ف. مصلحة فلسطينية وطنية عليا، لأن الزج بالوضع الفلسطيني في الحدث السوري، لن يطال الحالة الفلسطينية في سوريا وحدها، بل سيطال مجمل الوضع الفلسطيني، في سوريا وفي غيرها. فالوجود الفلسطيني في سوريا هو جزء لا يتجزأ من الوجود الوطني الفلسطيني في كافة مناطقه، وبالتالي سوف يتحمل هذا الوجود الوطني أعباء الزج بالحالة السورية، وهذا لن يكون إلا على حساب القضية الوطنية الفلسطينية وأولوياتها المتمثلة في التصدي للاحتلال والاستيطان، والدفاع عن حق العودة، والمصالح الإنسانية للاجئين. فضلاً عن أن أي تدخل فلسطيني في الحالة السورية لن يكون مفهوما من أي من الأطراف الإقليمية والدولية. وسوف يعكس نفسه على العلاقات العربية ـ الفلسطينية خاصة وأن العرب هم أنفسهم غير موحدين في النظر إلى الملف السوري.

بالمقابل لن يكون هذا الزج لمصلحة سوريا نفسها، إذ أية مصلحة لسوريا أن يزيد التدخل الفلسطيني نار الأزمة اشتعالا، خاصة وأن الزج بالحالة الفلسطينية لن يتخذ اتجاها موحدا، بل سيتوزع بين من يؤيد المعارضة ومن يؤيد الدولة وبالتالي سيزداد العبء على العاتق السوري وفضلاً عن تمزيق النسيج الفلسطيني في سوريا، بين اتجاهين سياسيين متعارضين يتحاوران بالرصاص والدم. وبالتالي ماهي المصلحة الفلسطينية أن ينتقل حوار الرصاص هذا إلى البيت الفلسطيني؟، في الوقت الذي يدعو فيه الفلسطينيون إلى وقف فوري للنزيف السوري والخروج من الأزمة التي تعانيها الشقيقة سوريا.

* أما على الصعيد العسكري، فلا صحة للقول إن مخيم اليرموك يشكل موقعا استراتيجيا ورأس حربة في أي عمل عسكري تقوم به المعارضة المسلحة يستهدف دمشق. فالخرائط العسكرية تؤكد أن المخيم واحد من هذه المناطق الجنوبية، والتي يمكن تجاوزها في أية معارك قادمة [لا نتمناها على الإطلاق].

وبالتالي إن التواجد العسكري في المخيم، لا يجد ما يبرره في إطار أية استراتيجية أو خطة عسكرية أو قتالية قد يشير إليها البعض. وموقعه إلى جانب حيي التضامن والحجر الأسود وغيرهما لا يعني أنه يجب أن يكون بالضرورة جزءا من خطة قتالية.

والدليل على ذلك أن المعارضة المسلحة أعلنت فيما مضى ما أطلقت عليه معركة حسم دمشق دون أن يكون المخيم جزءا من هذه المعركة بل بقي محايدا، تعطلت فيه الحياة لفترة قصيرة امتدت لأيام، ثم عاد إلى حياته الطبيعية، ملاذا آمنا، لسكانه، وللنازحين إليه من فلسطينيين وسوريين وعرب. وقد قدم تجربة متقدمة في القدرة على استقبال النازحين، عبر فيها عن روحه القومية، مؤكدا أن النأي بالنفس لا يعني تجاهل الجانب الإنساني من واجباته. وبالتالي فإن لا مبرر مقنعا يستطيع أن يفسر تواجد المسلحين في اليرموك. خاصة وأن الطرف الآخر، أي الجهات الرسمية لا تملك مشروعا لدخول المخيم وتحويله إلى منطقة عسكرية. وقد أثبتت الأحداث أن المخيم، بقي خارج خطط الطرفين، رغم ما تعرض له أحياناً من آثار القتال في المناطق المجاورة ما أودى بحياة المئات من أبنائه، دون أن يبرر هذا (أيضاً) أن يتجاوز، في ردات الفعل، سياسة النأي بالنفس عن الحدث السوري الكبير.

* أما على الصعيد الأمني فإن المخيم لا يحتاج إلى قوة شرطية تدير شؤونه وبالتالي لا يحتاج لمسلحين فيه، لا لإدارة شؤونه الداخلية ولا لما يسمى «الدفاع عنه». فلقد عرف المخيم كيف «يدافع عن نفسه» من خلال موقفه المحايد، الإيجابي، حين رفض الانجرار إلى القتال، لكنه في الوقت نفسه لعب دوره الوطني والقومي والإنساني في استقبال النازحين، دون السؤال عن جنسيتهم، أو آرائهم وأهوائهم السياسية.

التواجد العسكري عند مدخل المخيم

هذا التواجد لم ينشأ مع دخول المسلحين إلى المخيم، بل هو سابق عليه. لكن وجود مسلحين داخل المخيم، وتواجد عسكري نظامي عند مداخله، خلق حالة جديدة.

* تحول جزء مهم من المخيم، خاصة مدخله الرئيسي ومداخله الغربية المطلة على شارع الثلاثين إلى خط قتال بين الطرفين ما جعل من هذه المنطقة السكنية (وهي تعج بمئات المنازل) منطقة قتال، اضطر أهلها (بعد أن عاد بعضهم) الهجرة مرة أخرى، أو فشل الآخرون في العودة إلى منازلهم لوقوعها في مرمى النيران. في هذه المنطقة سقط شهداء برصاص القنص، وبالقصف المدفعي، وبالاشتباكات المتنقلة. هؤلاء الشهداء هم سكان إما رفضوا النزوح وتمسكوا بمنازلهم، لعلمهم أن النزوح معناه تدمير المنزل ـ وإما عادوا إلى منازلهم ليستشهدوا على أعتابها، ولسنا معنيين هنا بمحاكمة أي من الطرفين، لكننا هنا معنيون بالدعوة إلى عدم تحويل المخيم إلى خط قتال، إذ لمصلحة من يكون المخيم خط تماس بين المتقاتلين، خاصة وأنه قتال محاور ثانية، سقفها العسكري تبادل إطلاق نار، وتعطيل الحياة في الأحياء تحت النيران. ولمصلحة من تدمير هذه المنازل والمحال التجارية وتحويل الأجزاء الغربية من المخيم إلى دمار شامل.

فضلاً عن ذلك فإن القتال، على محاور المخيم الأخرى، كمدخله، ومخارجه الشرقية [باتجاه حي التضامن] عطل حركة العائدين، وأغلق باب المخيم بالنار والرصاص، وحول أحياء بأكملها، عند قاطعه الشرقي [شارع فلسطين وجواره] إلى مناطق مهجورة، سقط فيها شهداء أبرياء، جريمتهم أنهم حاولوا العودة إلى منازلهم.

* وفي إطار الصراع بين الجانبين، اتخذت أحياناً إجراءات بدت وكأنها أمنية، لكن نتائجها أصابت السكان في الصميم. فبدعوى منع المواد التموينية، كالخضار والخبز وغيره عن «الجيش الحر» داخل المخيم، أقيمت عند بواباته، ومداخله حواجز تمنع السيارات والشاحنات، وحتى العابرين مشيا من نقل المواد التموينية إلى المخيم.

حتى أن المحال التجارية [محلات بيع الخضار، البقالة وغيرها] فرغت من بضائعها، ولم تنجح في توفير البدائل، وأمام شح المواد التموينية، بل وأمام اختفاء هذه المواد اضطر بعض من عادوا إلى النزوح ثانية، ومشكلتهم هذه المرة لقمة العيش وحليب الأطفال. لم تكن المشكلة في توفر المال لشراء هذا المواد، بل في الحواجز التي منعت عن الناس لقمة عيشهم.

الدوائر المعنية وواجباتها

يضاف إلى الجانب الأمني العسكري الذي يعطل مسيرة الرجوع إلى المخيم، جوانب أخرى لا تقل أهمية هي توفير الجهات المعنية لحاجات المخيم من المواد الضرورية كالدقيق والمازوت والخميرة [وهي المواد الضرورية لإنتاج الخبز] وهي مواد تملكها الدوائر الرسمية، وإذا كانت مشكلة هذه الدوائر، في تخوفها من أن يصادر «الجيش الحر» آلياتها إن هي دخلت المخيم تحمل هذه المواد، فإن الهيئة الوطنية ولجانها المختصة على استعداد لتوفير وسائط نقل بديلة، مثلاً كأن تتوقف وسائط النقل الرسمية عند مدخل المخيم [البطيخة] وتتولى شاحنات وخزانات صغيرة نقل المواد إلى الأفران داخل المخيم. كذلك يفتقر المخيم إلى حاجاته من الغاز [بأي حق تباع قارورة الغاز بحوالي ثلاث آلاف ليرة في السوق الموازية وسعرها الرسمي لا يتجاوز الأربعمائة ليرة] والكاز وباقي المحروقات. وهذا كله يضعف إرادة الرجوع إلى المخيم، كما يضعف إرادة الصمود لدى من رجعوا.

توافق فلسطيني عام

مثل هذه الأجواء عكست نفسها توتراً في الوضع الفلسطيني، لأن استمرار الحال على ما هو عليه سيعني ترك المخيم لمصيره، وبالتالي تعريضه لمخاطر لا تحصى، في مقدمها خطر الدمار والخراب وهجرة سكانه منه، وتعريض الحالة الشعبية الفلسطينية في سوريا لشتات جديد. فاليرموك أكبر من مخيم، هو قضية بحد ذاتها، ومعالجة وضعه يندرج في معالجة القضية الوطنية الفلسطينية.

في هذا السياق التقت الفصائل الفلسطينية على اختلاف اتجاهاتها، وعبر اجتماعات مطولة اتفقت على النقاط التالية:

* تأكيد النأي بالنفس عن الحدث السوري مع موقف يدعو لعودة الاستقرار والازدهار لسوريا.

* سحب المسلحين من المخيم، وتحييده باعتباره منطقة أمان واستقرار.

* وقف كل أشكال القنص والقصف على المخيم، وعدم تحويله إلى خط تماس، وبما يفسح في المجال للأهالي للعودة إلى منازلهم في أحيائه كافة.

* تسهيل دخول المواد التموينية والحياتية إلى المخيم، وتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها في توفير حاجات المخيم.

دور للقيادة الفلسطينية

الجديد في الموقف كما اتخذته الفصائل الفلسطينية هو دعوة القيادة الفلسطينية في رام الله، وقادة الفصائل في الخارج [نايف حواتمه هو الوحيد من بين فصائل م.ت.ف. الذي مازال مقيما في دمشق]. التحرك على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، لمساعدة الفصائل على التحرك بالاتجاهات المختلفة لضمان استعادة المخيم وإعادة سكانه إليه.

فثمة من يعتقد [وهو لا يخفي اعتقاده هذا بل يصرح به] أن الجهات الممولة للمعارضة المسلحة هي الأقدر على الضغط على هذه المعارضة لتغادر المخيم، وثمة من يعتقد [وهو لا يخفي اعتقاده هذا بل يصرح به] أن بعض قادة الفصائل بإمكانهم أن يتحركوا باتجاه بعض العواصم العربية والإقليمية [كتركيا مثلاً] للضغط على المسلحين لمغادرة المخيم.

أي، باختصار، يفترض أن يكون اجتماع الفصائل الفلسطينية [يومي 7و8/1/2013] قد فتح الباب لتحركات محلية وعربية ودولية لإنقاذ مخيم اليرموك وإعادة الحياة إليه.

مخيم اليرموك يقف عند مفترق طرق. والعامل الحاسم في إنقاذه، هو في عودة سكانه إليه. وهم بدأوا يعودون، لكن الأمر يحتاج إلى خطوات تعجل من هذه العودة وتوفر عناصر الاستقرار لمن عادوا.#

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.