اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• العامل الذاتي قبل نتائج الانتخابات -//- معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

العامل الذاتي قبل نتائج الانتخابات

معتصم حمادة

حتى اللحظة لم تنجح الرهانات الفلسطينية على عزل تحالف نتنياهو – ليبرمان، واستبعادهما من رئاسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

فردّاً على نداء إبراهيم صرصور (من القائمة العربية الموحدة) إقامة ائتلاف بين اللوائح العربية، وقوائم الوسط واليسار ويمين الوسط (لبيد + يحيموفيتش + ليفني+ ميرتس) رد لبيد، في موقف صارخ، إذ رفض أي تحالف مع القوائم العربية. وذريعته في ذلك أنه لا يرغب في ائتلاف مع أطراف تؤيد «الإرهاب»، في إشارة إلى النائب العربية في «التجمع» حنين الزعبي التي أثارت مشاركتها في «سفن الحرية» لفك الحصار عن القطاع ردود فعل صاخبة وهو جاء في الأوساط الصهيونية بحيث تمت الدعوة لفصلها من الكنيست، كما حاولت لجنة الانتخابات حرمانها من الترشح لمقعدها في الكنيست، لولا قرار معاكس من المحكمة العليا في إسرائيل.

كذلك لم تنجح رهانات القيادات السياسية في رام الله، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في استبعاد نتنياهو باعتباره الطرف المعطل لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. فقد وجهت م.ت.ف. وجامعة الدول العربية نداء مزدوجاً. في شقه الأول إلى الناخبين الفلسطينيين العرب، للمساهمة الفاعلة في الانتخابات، بما يعزز موقع الكتل العربية في أية تركيبة حكومية قادمة (خاصة إذا ما فازت هذه الكتل بخمسة عشر مقعداً على سبيل المثال) في شقة الثاني إلى المجتمع الإسرائيلي لحجب أصواته عن نتنياهو، ودعم الأطراف الأخرى باعتبارها أكثر استعداداً للعودة إلى المفاوضات.

ما ظهر مؤخراً أن لبيد، الذي رفض مدّ يدَه إلى الكتل العربية، ويفضل أن يمدها إلى نتنياهو، تتكون سياسته من تناقضين صارخين:

فهو، في السياسة الداخلية يحاول أن يلعب دور الوسط أو يسار الوسط، أو حتى اليسار. في تبنيه مطالب تظاهرات الاحتجاج التي عمت إسرائيل وطالبت بالعدالة الاجتماعية في السياسات الاقتصادية للحكومة. ومن راجع لائحة مطالب المحتجين، والمعتصمين، ومن ضمنهم لبيد وجماعته، لاحظ أنها تذهب في مطالبها مشواراً بعيداً في الضمانات الصحية والاجتماعية وحقوق الفقراء ومحدودي الدخل والمهمشين، ومناطق التطوير، وكذلك الفئات الوسطى. كما أفردت بنداً خاصاً للمرأة العاملة، لدعم موقعها الاجتماعي كأن تتمتع بإجازة أمومة لمدة سنة كاملة.

طبعاً هذه المطالب وتبني لبيد وجماعته لها (حزب «هناك مستقبل») هي التي مكنت هذا الحزب الوليد، من الاستئثار بـ 19 مقعداً، و أن يكون الحزب الثاني في الاصطفاف البرلماني في الكنيست.

في السياسة الخارجية، كان من الصعب علينا أن نجد فارقاً مهماً بين برنامج نتنياهو، وبرنامج لبيد.

فالاثنان يتفقان على بقاء الاحتلال لمدينة القدس الشرقية وضمها إلى «القدس الغربية»، تحت اسم القدس الموحدة عاصمة إسرائيل.

والاثنان متفقان على ضرورة توسيع الاستيطان بما يلبي ـ كما قال ـ الحاجات الطبيعية للزيادة السكانية للمستوطنين في الضفة الفلسطينية.

والإثنان متفقان على رفض الانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران (67) والإصرار على «تبادل الأرض»، بما يخدم ـ كما يقال أيضاً ـ المصالح الأمنية لإسرائيل.

والإثنان يربطان بين أي حل شامل ونهائي مع الفلسطينيين وبين المصالح الأمنية الإسرائيلية. وهذا أمر يفتح على العديد من المطالب الإسرائيلية لابتلاع المزيد من الأرض الفلسطينية وللمس بعلامات السيادة في الدولة الفلسطينية المستقلة.

وهكذا، يلعب لبيد دوره «كيساري» في الشأن الإسرائيلي الداخلي، ويستعيد موقعه كيمين في الشأن الإسرائيلي الخارجي. ولعل هذا ما دفع نتنياهو لإغراء لبيد بوزارة الخارجية، مادام الطرفان (نتيناهو ولبيد) يعزفان اللحن نفسه في القضايا التفاوضية، وينظران من الزاوية نفسها – تقريباً وإلى حد كبير – إلى مستقبل الحل مع الجانب الفلسطيني.

وبدوره ذهب أفيغدور ليبرمان، بعيداً في اللعبة، حين أسهم في إغراء لبيد، فلم يظهر غضبه لأن شريكه في الائتلاف قرر نزع وزارة الخارجية عنه، إذ علق ليبرمان أن وزارة الخارجية ليست حكراً على حزب واحد، وأنه ليس ضد أن تسند إلى لبيد. وبذلك يكون نتنياهو – ليبرمان، قد لعبا اللعبة الضرورية لاختراق القوى التي كانت محسوبة على المعارضة، وانتزاع الطرف الأقوى في هذه المعارضة لصالح ائتلاف قد يتراوح تعداد نوابه ما بين 65 و 77 نائباً – هذا رهن بالقدرة على بناء الائتلافات وحبكها مع الأطراف الصهيونية المرشحة لدخول الحكومة.

ليست هي المرة الأولى التي يراهن فيها بعض الفلسطينيين على نتائج للانتخابات الإسرائيلية تسهم في حل الأزمة التفاوضية. وليست هي المرة الأولى التي يفشل فيها الرهان. ففي مرة سابقة راهن سري نسيبة (وكان حاملاً لحقيبة القدس في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية) على الانتخابات الإسرائيلية ولوح للناخب الإسرائيلي باستعداد المفاوض الفلسطيني للتخلي عن حق العودة إلى الديار والممتلكات في مناطق 48 إذا ما تم التصويت لحزب العمل بقيادة زعيمه الموصوف بالفشل شمعون بيريس. لوح نسيبة بالتخلي عن حق العودة، وأحرق هذه الورقة، أما شمعون بيريس فلم يفز في الانتخابات.

لسنا ضد مبدأ توجيه النداء إلى الإسرائيلي ليختار الأطراف الأقل تشدداً. ليست هذه هي القضية. القضية هي في الإستراتيجية الفلسطينية وقدرتها على التأثير على الناخب الإسرائيلي وقدرتها بالمقابل في الاستفادة من نتائج الانتخابات.

أجمعت وكالات الأنباء أن القضية الفلسطينية غابت عن اهتمامات الناخب الإسرائيلي، لماذا؟ لأنها لا تهدد أمنه واستقراره واقتصاده. مناطق تحت الاحتلال، تعيش حالة هدوء، توفر لإسرائيل سوقاً استهلاكية شديدة الأهمية.

ولماذا يهتم الإسرائيلي بالقضية الفلسطينية ما لم تكن صداعاً يومياً يدق له رأسه بألف مطرقة ومطرقة. إن الإسرائيلي سيبدي اهتماماً بالقضية الفلسطينية حين تنجح هذه القضية في جذب اهتمامه. وأثبتت التجارب أن المقاومة بكل أشكالها هي العامل الوحيد الذي نجح في جذب انتباه الإسرائيلي إلى أوضاع المناطق الفلسطينية تحت الاحتلال.

عندما يسقط لجيش الاحتلال قتلى وجرحى، وحين تتحول حياة المستوطنين إلى كابوس، وحين يصبح السفر على الطرق الالتفافية مغامرة ومخاطرة غير محسوبتين، عندها تستعيد القضية الفلسطينية موقعها في اهتمامات الإسرائيلي. لذلك يتوجب التأكيد أن العامل الذاتي الفلسطيني، هو وحده العامل الذي بإمكانه أن يغير معادلة العلاقة مع الجانب الإسرائيلي.

وليس الرهان على لبيد (ببرنامجه اليميني للحل مع الفلسطينيين) ولا مع ليفني (التي فاوضت طويلاً لكسب الوقت على حساب الجانب الفلسطيني) ولا يحيموفيتش التي تتقاطع مواقفها إلى حد بعيد مع مواقف نتنياهو ولبيد وغيرهما.

وإلى حين أن ينتصب العامل الذاتي الفلسطيني في وجه الإسرائيلي، سيبقى الرهان على تغيير ملموس في الخارطة الحزبية والسياسية الإسرائيلية مجرد رهان خاسر.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.