اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من هو الضعيف؟!// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

من هو الضعيف؟!

معتصم حمادة

فلسطين

 

السلطة الفلسطينية بإستراتجيتها وسياستها العقيمة هي الضعيفة أما الحالة الفلسطينية بصمود شعبها ونضالات أسراها وإنتفاضة شبابها وبطولات مقاومتها فهي قوية .. وقوية جداً

إستبق إعلام الرئيس محمود عباس خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة. فادعى بداية أن عباس سوف يفجر في خطابه «قنبلة» أمام الرأي العام العالمي. ثم تراجع إعلام الرئيس عباس خطوة إلى الوراء حين عاد وقال أن الخطاب سوف يحمل في طياته مفاجآت سياسية. ولما تبين، بعد ذلك، أن الخطاب كان عادياً، بل ربما أقل من العادي، لم يحمل جديداً، بقدر ما حمل مواقف تراجعت عما كان عباس قد أعلنه في خطاب العام الماضي، حاول في أكثر من حديث صحفي أن يبرر هذا التراجع في الموقف السياسي، وهذا الهبوط في نبرة الخطاب وصياغاته، وخلوه من أية خطوة عملية توحي بأن الحالة الفلسطينية مقبلة على إخراج نفسها من حالة الجمود، وفقدان البوصلة، خاصة لدى القيادة الرسمية، فلم يجد أفضل من التذرع بضعف الحالة العربية وبإنشغال العرب عن القضية الفلسطينية في همومهم المحلية، مستخلصاً أن الضعف العربي إنعكس ضعفاً فلسطينياً. وكرر أكثر من مرة «إننا ضعاف»، الأمر الذي آثار إنتباه المراقبين،  فضلاً عن أنه آثار دهشتهم.

فالربط بين ضعف الحالة الفلسطينية، وضعف الحالة العربية، يبشر ـــ للأسف، بأن الحالة الفلسطينية لن تبرأ من ضعفها قريباً، لأن كل المؤشرات تشير إلى أن الحالة العربية سوف تعاني مطولاً لتخرج من أزماتها، ما يعني، بكلمة مختصرة وكأن الأفق بات مسدوداً أمام الفلسطينيين، وما عليهم سوى التسليم بالأمر الواقع. لذلك عاد الرئيس عباس وأكد على إلتزامه إتفاقات أوسلو مع الجانب الإسرائيلي، وعاد وأكد إلتزامه الحل السياسي والدبلوماسي، أي المفاوضات خياراً وحيداً مع الجانب الإسرائيلي، ولذلك أيضاً أكد إستعداده للقاء نتنياهو في موسكو [لقاء غير مشروط لا بوقف الإستيطان ولا بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى]. ولذلك أكد تمسكه بالمبادرة الفرنسية، رغم كل ما يشوبها من غموض، ورغم إعترافه أن الأميركيين يعملون على إفراغ هذه المبادرة من أية إيجابية قد تكون لصالح الفلسطينيين، ولذلك (أيضاً) لم يحدد موعداً للتقدم بشكاوى لمجلس الأمن   بشأن الإستيطان، خوفاً من الإصطدام بالفيتو الأميركي، وكذلك تجاهل قضية الأسرى الفلسطينيين الذين يخوضون معركة الإمعاء الخاوية والصمود الأسطوري في وجه الجلاد الإسرائيلي وقوانينه النازية. ولذلك، أخيراً، وليس آخراً، عزف مطولاً على وتر «الضعف». حتى يعفي نفسه من أية مسؤولة، دون أن يقول لنا، وللرأي العام الفلسطيني، «لماذا وصلت بنا الحالة الفلسطينية إلى هذا المستوى من الضعف؟».

*      *      *

• عام 2014 لم تكن الحالة الفلسطينية ضعيفة. بل خاضت في قطاع غزة، كما في الضفة الفلسطينية معركة صمود بطولية في مواجهة حملة «الجرف الصامد» الدموية.

وإعترفت وسائل إعلام العدو ومراكز دراسته بأن الفلسطينيين، بمقاومتهم وصمودهم، قضوا على خرافة الردع الإسرائيلية. وإلى جانب المقاومة، خاض الوفد الفلسطيني الموحد، في القاهرة، معركة المفاوضات غير المباشرة في وجه الوفد الإسرائيلي، وإستند الوفد الوحد، إلى صلابة الموقف الشعبي، وصلابة موقف المقاومة وقدرتها على التصدي للعدوان، وتكبيده الخسائر الباهظة رغم فداحة التضحيات التي قدمها الصامدون من أهل القطاع والضفة. ومن خلف ظهر الوفد، أطل الرئيس عباس ليعلن، دون شروط، الإلتزام الفلسطيني بوقف إطلاق النار، مما أدى إلى تبديد التضحيات والصمود النضالي والعودة بالوضع في القطاع إلى نقطة الصفر، وعلى القاعدة التي أرادها العدوان الإسرائيلي «التهدئة مقابل التهدئة»، وليس كما يطالب الوفد الموحد «التهدئة مقابل فك الحصار عن القطاع».

• عام 2015 لم تكن الحالة الفلسطينية ضعيفة. إجتمعت في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية (5/3/2015) وصاغت سلسلة من قرارات الإجماع الوطني التي تعبر عن عناصر القوة بيد م.ت.ف، وبيد الحالة الشعبية الفلسطينية. أقرت وقف التنسيق الأمني مع الإحتلال الإسرائيلي، حتى لا تتحول السلطة إلى وكيل له في «ضبط» الحالة الأمنية في مناطقها. كما أقرت مقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، حتى لا تبقى المناطق المحتلة سوقاً إستعمارية لدى الإحتلال لتصريف منتجاته، والإستعاضة عنها بالإنتاج المحلي أو الخارجي. كما أقرت دعم وتعزيز الإنتفاضة الشعبية في وجه الإحتلال والإستيطان، كذلك أقرت تدويل القضية الفلسطينية، وملفاتها المختلفة أمام مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية، ومحكمة لاهاي، ومجلس حقوق الإنسان، حتى أن إسرائيل إستشعرت خطورة هذه القرارات، وبدأت ترسم خطط التحرك المضاد. القيادة الرسمية، برئاسة محمود عباس، عطلت [ولا نقول ماطلت] تنفيذ هذه القرارات، وحاولت أن تدخل في مساومات رخيصة مع سلطات الإحتلال، بشأن إعادة الإعتبار لإتفاقات أوسلو، لكنها تلقت من سلطات الإحتلال أكثر من صفعة، مثلت إهانة كبرى لسمعتها الوطنية، حين رفضت سلطات الإحتلال كل الإقتراحات وأصرت على إبقاء الحال على ما هو عليه، ومع ذلك بقيت السلطة تلتزم، من جانب واحد، كما إعترف الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة، إتفاقات أوسلو، وطوت قرارات المجلس المركزي جانباً، وإبتلعت الإهانة تلو الإهانة، ثم خرجت على الرأي العام تتحدث عن حالة الضعف التي تدعي أننا نشكوها.

 • عام 2015/2016 لم تكن الحالة الفلسطينية ضعيفة، ففي الأول من تشرين الأول (إكتوبر)  فجر الشباب الفلسطيني إنتفاضته الباسلة، التي يمكن أن تشكل المقدمة الضرورية للإنتفاضة الشعبية الشاملة. الإنتفاضة الشبابية، على عفويتها، إستقطبت الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي. وأربكت سلطات الإحتلال. كما أبرزت هذه الإنتفاضة إرادة الصمود لدى الجيل الجديد المولود ما بعد إتفاق أوسلو، وهو الجيل الذي راهنت الدوائر الإسرائيلية والأميركية بالتعاون مع دوائر السلطة على إبعاده عن الهم السياسي والهم النضالي، و«تحريره» من أية قيم نضالية وكفاحية ووطنية لصالح قيم الإستهلاك ومجاراة الصيحات العالمية في المظهر والثقافة وسواها.

الإنتفاضة الشبابية شكلت مفاجأة وعنصر قوة جديداً في صفوف الحالة الفلسطينية. السلطة من جانبها أصمت أذنيها عن الدعوات الملحة لتشكيل قيادة وطنية للإنتفاضة، تعبيراً عن إنعقاد الإجماع الوطني على خيار الإنتفاضة والمقاومة بديلاً لبرنامج أوسلو، وعلى طريق تنفيذ قرارات المجلس المركزي. السلطة أيضاً عمدت إلى تعزيز تعاونها الأمني مع سلطات الإحتلال في مواجهة الإنتفاضة حتى أنها إتهمت من البعض أنها باتت سلطة لحدية. وبدلاً من أن تكون خطة السلطة دعم الإنتفاضة الشبابية كانت خطتها محاصرة هذه الإنتفاضة وتطويقها وخنقها ثم وأدها. وبالتالي القضاء على أحد عناصر القوة الفلسطينية في وجه الإحتلال.

*      *     *

السلطة، وليست الحالة الفلسطينية، هي الضعيفة.

• ضعيفة لأنها تصر على الإذعان لقيود أوسلو وبروتوكول باريس الإقتصادي، والتعاون الأمني مع الإحتلال والتبعية لإقتصاد إسرائيل والإرتباط به.

• ضعيفة لأنها تراهن على عملية تفاوضية نفقت منذ زمن، وإهترأت جثتها، وتعتقد أن الرهان الفرنسي من شأنه أن يعيد الحياة إلى الجثث الميتة.

• ضعيفة لأنها ألقت جانباً بسلاح الوحدة الداخلية والوطنية المستندة إلى الوحدة البرنامجية، خاصة قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية.

• ضعيفة لأنها فقدت ثقة الشارع بها، وبسياستها وإستراتيجيتها، وبرامجها الإقتصادية الإجتماعية.

• ضعيفة لأنها سلطة ينخرها الفساد السياسي والإداري والمالي وتقوم على مبدأ التفرد والمحاباة والزبائنية والفئوية والولاءات الشخصية.

أما الحالة الفلسطينية فهي قوية، وما صمود الشعب في الضفة والقطاع، بمقاومته الباسلة، ونضالات أسراه الأبطال، وإنتفاضة شبابه، والروح الوطنية التي تعتمل في صفوفه، إلا بعض من علامات هذه القوة

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.