اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• رياح مصر تهبُّ على رام الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

    رياح مصر تهبُّ  على رام الله

 

 عندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتشرت في أجواء بعض العواصم العربية حالة من القلق، حتى أنّ الرئيس المصري حسني مبارك لم يتردد في إطلاق نداء إلى الولايات المتحدة يدعوها فيه إلى التدخل سريعاً قبل أن تمتد نيران الانتفاضة خارج حدود الضفة الغربية وقطاع غزة ـ على حدّ قوله.

الآن، اختلفت الأدوار. فالانتفاضة صارت مصرية، وتداعياتها بَدَتْ ملامحها واضحة على الجسم الفلسطيني. فمحمود الزهار (حماس) أعلن موقفاً محايداً مما يجري في القاهرة، مُتجاهلاً دور شركائه المصريين في حركة الإخوان المسلمين في الأحداث الدائرة. والقوى الفلسطينية المعارضة - كالجبهة الديموقراطية - أعلنت انحيازها لمصلحة المطالب الشعبيّة المصريّة، وفاءً منها للعلاقة التي تربطها بالأحزاب والقوى والتيارات اليساريّة والوطنيّة المصريّة. وحدهُ محمود عباس يبقى صامتاً، وإن كان قد أَجرى سلسلة اتصالات مع الرئيس مبارك "يطمئن" فيها على الوضع لديه.

ولا يحتاج الأمر إلى جهدٍ مميّز للتعرف على تداعيات الحالة المصريّة على الأوضاع الفلسطينيّة. فالقاهرة، إلى جانب كونها تمسك بمفتاح قطاع غزّة [جغرافيّاً وسياسيّاً ـ ولهذا حديث آخر] فإنّها تُشكّل في الوقت نفسه الركيزة الأساسيّة لعلاقات الفريق الفلسطيني المفاوض مع الجانبين الإسرائيلي والأميركي ولعلاقاته الإقليميّة، كما تلعب دوراً رئيسيّاً في "إسداء النصيحة"- للمفاوض الفلسطيني عند كل منعطف أو استحقاق، وكثيراً ما تدخلت القيادة المصريّة، وعلى رأسها حسني مبارك، لدى الإسرائيليين والأميركيين (خاصّة)، ولدى الأطراف المعنية بالعمليّة السياسيّة في الشرق الأوسط (عامّة)، إمّا لتخفيف الضغط عن المفاوض الفلسطيني، أو للوصول إلى تسويات في المواقف المُعقدّة، أو لإخراج العمليّة السياسيّة من المآزق العديدة التي وقعت فيها. بل وأحياناً قدّمت قيادة مبارك دعماً للمفاوض الفلسطيني في بعض المحطات، منها على سبيل المثال، رهن استئناف المفاوضات بوقف الاستيطان.

رحيل مبارك، والذي باتَ مؤكدّاً، وعدم ظهور ملامح القيادة المصريّة الجديدة، أمران يقلقان القيادة الفلسطينيّة في رام الله. كما يقلقها، في الوقت نفسهُ، أنّه حتّى لو استعادت القاهرة دورها نفسه في العلاقة مع الملف الفلسطيني، فإنّ الوقائع تقول إنها تحتاج بالضرورة إلى وقت غير قصير كي تفعل ذلك، تُعيد خلاله ترتيب البيت المصري أولاً، وهو الذي يشهد، على يد الانتفاضة تغييرات لم تتضح حتّى الآن حدودها النهائيّة. وهي فرصة للجانبين الأميركي والإسرائيلي للضغط على رام الله للانخراط في مفاوضات، بَدَأ ليبرمان، مدعوماً من نتنياهو، وموفاز، وباراك، يرسم سقفها، فلا تتجاوز نتائجها "الدولة ذات الحدود المؤقتة"، تجسيداً لمشروع "اتفاق الإطار" الذي دَعَت له واشنطن.  

من جانب آخر، تُدرك قيادة رام الله أنَّ الشارع الفلسطيني ليس "مُحصّناً" ضد عدوى الانتفاضة، كما حاول البعض أن يتخيّل، بل إنّ هذه العدوى التي امتدت نحو تونس، ومصر، وربما عواصم أُخرى، انطلقتْ أساساً من الضفة والقطاع، ليس تحت تأثير معاناة اقتصاديّة، بل في سياق اختمار حالة شعبيّة مقاومة للاحتلال والاستيطان. ومع أن نتائج الانتفاضتين الأولى والثانية اصابت الشارع الفلسطيني بخيبة أمل، إلاّ أنّ ما حققّته انتفاضة تونس، وما تُحققه انتفاضة مصر، من شأنه أن يُعيد الاقتناع إلى الشارع الفلسطيني بعقم المفاوضات مع الإسرائيليين، وبأهميّة دور المقاومة الشعبيّة في حسم الصراع مع العدوّ بحيثُ لا يبقى الوجود الإسرائيلي يُشكّل "احتلالاً ذا خمس نجوم".

هذا كله يضع القيادة الفلسطينية أمام سلسلة من خيارات، لا نعتقد أّنّها تملك الكثير من الوقت لتنتقي واحداً منها، ترى فيه الخيار الأفضل، بما يصون مصالح شعبها، كما يصون موقعها على رأس الحالة الفلسطينية. ولعلّ الوصول إلى هذا الخيار يتطلب وقفة فلسطينية، تراجع المسار السياسي بأكمله، وتُعيد النظر في الإستراتيجيّة المُعتَمَدة لمصلحة إستراتيجيّة بديلة، تنهض مع أجواء النهوض العربي بملامحه المصريّة والتونسيّة. إلاّ إذا أصّرت القيادة السياسيّة الفلسطينيّة على ربط مصيرها بمصير مبارك.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.