اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تداعيات الاستفتاء في إقليم كردستان العراق// مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

تداعيات الاستفتاء في إقليم كردستان العراق

مصطفى محمد غريب

 

منذ أن أعلن السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان عن نية الإقليم في أجراء استفتاء الشعب الكردي بخصوص الاستقلال وإقامة الدولة الكردية هذا الإعلان دفع العشرات إلى إظهار مواقفهم المختلفة من حق تقرير المصير أو حقوق القوميات،  أولئك الذين يؤيدون حق الشعوب في تقرير مصيرها وأولئك الذين يحملون العداء والكراهية وبالضد مع حقوق القوميات ومن حق تقرير المصير، وبما أن القضية الكردية في العراق لها تاريخ طويل في الصراع مع الحكومات المركزية المتعاقبة على السلطة وفي مقدمتها النظام الدكتاتوري الذي حمل العداء التاريخي وفق أيديولوجية شوفينية مبنية على القهر والإرهاب والتنكر لحقوق القوميات بما فيها حقوق الكرد الطبيعية في العراق وما كانت اتفاقية 11 آذار 1970 والحكم الذاتي إلا نتيجة النضال الطويل بما فيه الصراع المسلح الذي خاضته القوى الوطنية الديمقراطية والكرد والشعب العراقي لكن سرعان ما تراجع النظام الدكتاتوري والتف على الحكم الذاتي ليجعله حسنة من حسناته ثم شله ومؤسساته حتى صار أحد المؤسسات الحزبية التابعة البعيدة عن مصالح الشعب الكردي.

لقد كانت التحولات التي حدثت بعد انتفاضة 1991 على الوضع السياسي والجغرافي وكذلك بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 كبيرة وأثرت هذه التطورات والتحولات على الوضع بشكل عام من بينها الوضع السياسي في كردستان العراقي وبخاصة بعد أن سحب النظام أجهزته الأمنية ودوائره الرسمية وَخَضع لقرار الحضر الجوي الذي حدد خط ( 36 ) وبهذا أصبح الوضع في الإقليم يختلف عن السابق حيث تحرر من سطوة سلطة حزب البعث العراقي ومركزية النظام، ومنذ الانتخابات الأولى التي تم التلاعب بها بتأكيد السيد مسعود البرزاني بدأت عملية استقلالية المؤسسات بما فيها تطبيق الحكم الذاتي الحقيقي والانتقال إلى مفهوم الفيدرالية التي أقرت بعد سقوط النظام في الدستور الدائم الأول ونص الدستور على الدولة الاتحادية والتعددية السياسية والبرلمانية وانتقال السلطة بشكل سلمي، أي بالمعنى الكامل نهاية المركزية التي كان الرئيس هو الأول والأخير في اتخاذ القرارات حتى بوجود برلمان أو مجلس أعيان أو مجلس تشريعي، فالرئيس متى لا يرضى أو " يزعل!!" يحل كل شيء بدعوى مصلحة البلاد، لكن التغيرات التي حدثت بعد الاتفاق على تنفيذ الدستور لم تبشر بالخير بسبب تراجع أحزاب ومنظمات الإسلام السياسي حول تطبيق الدستور والانتقال إلى مرحلة جديدة، من بينها  تبني نهج المحاصصة الطائفية والحزبية الذي أنتج مشاكل وأزمات وخلافات لا تحصى ومن بينها الخلاف بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم إضافة إلى مشاكل أخرى من بينها تسليم ثلث البلاد إلى داعش الإرهاب وقيام الحرب المستعرة وغيرها من القضايا التي أصبحت تحتاج إلى إصلاح حقيقي شامل، وبغض النظر على جميع القضايا فقد برزت قضايا الخلاف مع الإقليم بعدم دفع 17% حصة الإقليم من الميزانية ثم بعد استخراج النفط في الإقليم والاتفاق مع الشركات الأجنبية بتسويق  النفط بدون الرجوع والتشاور مع الحكومة المركزية...الخ ومن القضايا المعلقة عدم تطبيق المادة (140)  من الدستور الذي نصت حول المناطق المشتركة والقيام بالاستفتاء  في كركوك وغيرها.

أن الحديث والتصريحات من قبل قادة الإقليم كثيرة لكن المهم ما فيها هي التأكيد على حق تقرير المصير وإقامة الدولة الكردية وتنوعت التصريحات وتناقضت مع بعضها أحياناً وهناك ضبابية في الطرح،  فلحد هذه اللحظة هي تأكيدات لا تفصح عن خطط ملموسة

 1 ــــ ما هو الطريق لقيام الدولة الكردية في ظروف العراق الحالية؟

 2 ــــ هل هناك وجود إمكانية ذاتية موضوعية داخلياً وخارجياً لتحقيق هذا الهدف؟

 3 ــــ ماذا يعني الاستفتاء وبخاصة في كركوك؟ الذي ضج البعض منه وكأنه الانفصال الفوري أو قيام الدولة الكردية بين ليلة وضحاها؟ لهذا أشار البلاغ الصادر من ل/م للحزب الشيوعي العراقي 28/4/2017 حول موضوعة الاستفتاء " يطرح أيضاً موضوع الاستفتاء فيها، وإن لم تحدد وجهته بعد، وفي أي المناطق سوف يجرى؟ ويبقى مؤسفا أن تثار قضايا خلافية ويجري تأجيجها، فيما لا تزال مناطق في المحافظة محتلة من قبل داعش!.

بعد المقدمة المختصرة عما آل عليه الوضع السياسي في إحدى القضايا التي هي محور النقاش والخلاف وهي قضية العلاقة مع الإقليم والكرد والكيانات الأخرى، نحاول استبيان موضوعة الاستفتاء معتمدين على ما جاء من تصريحات من قبل السيد رئيس الإقليم والبعض من المسؤولين والأضداد التي تخالف وتتضادد مع حق تقرير المصير وتعلله بشتى الحجج المخادعة وتخفي عدائها لحقوق القوميات الأخرى تحت طائلة، الدين الإسلامي أو المصالح الوطنية والوحدة التاريخية ووحدة تراب الوطن، لقد جاء الإعلان عن الاستفتاء في الإقليم والمناطق المختلف عليها التي تتكون إضافة للكرد قوميات وأعراق أخرى (لم يفصح إي مسؤول في الإقليم عن آليات وعناصر الاستفتاء في هذه المناطق) ، وقد يكون الاستفتاء في كركوك أو المناطق التي تشملها المادة (140) على لسان رئيس الإقليم لغرض معرفة رأي الشعب الكردي وتفويضه للقوى السياسية التي تقود السلطة في الإقليم، ولم نسمع أو نقرأ بان الاستفتاء يعني الانفصال الفوري وإقامة الدولة الكردية فور انتهاء الاستفتاء والإطلاع على النتائج وفي هذا الصدد قد أكد هوشيار زيباري رئيس الهيئة المشرفة على الاستفتاء في إقليم كردستان كما بثته الفضائية السومرية أن "الاستفتاء ممارسة ديمقراطية وحاجة كردستانية، يهدف إلى تخويل القيادة الكردية وإعطائها تفويضا شعبيا بشأن مستقبله وحق تقرير المصير وتكوين دولة" وتابع زيباري أن "الاستفتاء عملية إدارية فنية، وتختلف عن بناء الدولة، لان البناء لديه مقومات أخرى تتبع عملية الاستفتاء بفترة زمنية".، وهنا ممكن التساؤل مادام الأمر هو تخويل القيادة بشأن مستقبل الإقليم 1 ـــ كم سيستغرق الوقت ومتى سيكون القرار ؟ 2 ـــ كيف هي الأوضاع الحالية بشكل عام وخاص في  العراق ؟ 3 ـــ هل هناك دراية كافية بمواقف دول الجوار التي لها نفس المشكلة؟ 4 ـــ  هل هناك تفهم دقيق من قبل الجامعة العربية والدول العربية لان العراق عضواً فيها 5 ــــ ألا يجب إعادة تأهيل البرلمان في الإقليم وانتخاب رئاسة جديدة له بعد التطورات الأخيرة وبعد أن أصبح شبه مشلول في اتخاذ أي تشريع لمصلحة العملية السياسية ومصلحة الإقليم 6 ـــ التدقيق في الوضع الدولي بشكل عام إضافة إلى  مجلس الأمن والأمم المتحدة! .

عند ذلك سنفهم ماذا يعني الاستفتاء ونعتبره عملية طبيعية إذا لم تستغل من قبل البعض من ضيقي الأفق القومي أو الشوفينيين الذين يعادون أي كلمة تعني حق الشعوب والقوميات في مبدأ حق تقرير المصير، كما أشار محمد حاجي المستشار السياسي لرئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني وهو دليل على النية في التعاون مع الحكومة المركزية إلى "أن يتم تكليف مفوضية الانتخابات لتقوم خلال مدة وجيزة باستكمال استعداداتها لإجراء الاستفتاء" هذا التكليف والتعاون قد يسد الطريق أمام التقولات والإشاعات حول الاستفتاء، وتوقع محمد حاجي "أنه سيتم في آب القادم من العام الحالي" وأضاف محمد حاجي "ضرورة جعل مسألة الاستفتاء الشعبي مسألة وطنية بعيداً عن المزايدات والشعارات السياسية، وأنه لا يمكن استخدام قضية الاستفتاء لتغطية المشاكل والأزمات السياسية والمالية بغرض المزايدة السياسية" وهو رأي صائب لان البعض من القوى بدأت  تتنكر حتى للدولة الاتحادية.

التصريحات العنجهية غير المسؤولة تطلق كيفما اتفق لخدمة أغراض مبيتة هدفها غير سليم وفي النهاية لا تُقرب وجهات النظر ولا تخدم حل المشكلة بل تفاقم استمرارها وتطورها نحو الأسوأ، ومثلما المواقف والتصريحات غير الدقيقة لا تفرق بين الآني والمستقبلي بالقفز على الواقع إن كان دون دراية أو دراية تلحق أضراراً بمبدأ حق تقرير المصير وحقوق القوميات فهي في الوقت نفسه تتقارب مع  المواقف والتصريحات المضادة المعادية لحق تقرير المصير وحقوق القوميات، لهذا نعتقد أن استمرار التهويش بدون التوضيح ما المقصود من الاستفتاء في الوقت الحالي دون التطرق إلى تلك القضايا التي تحتاج لظروف ذاتية وموضوعية مضر بالعملية، وعندما يتحقق نجاح الاستفتاء بدون منغصات أو مشاكل جديدة سوف نستشرف المستقبل والإمكانيات التي تساعد على تحقيق الهدف المنشود من الاستفتاء، ولهذا نجد أن التصريحات والمواقف المتشنجة لن تخدم العلاقات التاريخية ليس بين العرب والكرد فحسب بل بين جميع المكونات الأخرى التي تشكل الشعب العراقي (البعض من ضيقي الأفق يصاب بالهستريا عند ذكر علاقات تاريخية) . وما دام مبدأ حق تقرير المصير يمنح الحق في تحصيل الحقوق القومية بما فيها الاستقلال وتكوين الدول فلا داعي للتهديد والوعيد وخلط الأوراق، قد لا نتفق مع التصريحات التي أطلقها البعض من قيادات الإقليم وبخاصة في خلط الآني والمستقبلي لكننا نتفق مع رأي السيد مسرور البرزاني "نحن نريد أن يكون لنا أفضل العلاقات مع العراق، وقد بدأنا محادثات مع الأطراف السياسية والحكومة العراقية حول كيفية إنجاز هذه العملية والسير نحو الاستقلال بالتفاهم والحوار بعيداً عن العنف " نعم الحوار هو عين الصواب لأنه يؤدي إلى تقارب وجهات النظر بعيداً عن العنف والعنف المسلح الذي دمر العراق خلال الحقب السابقة ومازال يدمر الجميع بدون استثناء وجميعنا على مساس مع النتائج الدموية التي أحدثها الإرهاب والحرب مع داعش منذ حوالي (14) عاماً، كما نحن على يقين بما تقوم به الميليشيات الطائفية المسلحة من العنف والاغتيال والخطف وهو لا يختلف إلا بالشكل مع الإرهاب فالمآسي التي خلفتها وتخلفها هذه الميليشيات والتنظيمات الطائفية لا تقل أذية وفواجع عن الإرهاب وفلول النظام السابق وفي المقدمة داعش الإرهاب.

إن الاستفتاء بدون أي تطيّر عملية حضارية يجب ليس العمل على إنجاحها فحسب بل السعي الجاد مستقبلاً للقيام بالاستفتاء والتعداد السكاني في جميع أنحاء البلاد، لأننا يجب أن نعرف نتيجة التعداد السكاني من اجل التخطيط العلمي بعد التخلص من داعش والميليشيات الطائفية المسلحة والمافيا المنظمة والفساد المستشري في كل مرافق البلاد وبناء الدولة المدنية الفيدرالية الديمقراطية التعددية، الاستفتاء في الإقليم بداية الطريق لعملية ديمقراطية شاملة إذا ما جرى التعاون والتفاهم حولها بدون التشكيك أو التطيّر منها، وبتصورنا أنها لن تؤدي فوراً وحالاً للانفصال والاستقلال وقيام الدولة الكردية التي هي أمل عشرات ملايين من الكرد في العراق وإيران وتركيا وسوريا وأينما تواجدوا في بقاع العالم، فالعملية الأخيرة تحتاج إلى الدراية بالظروف والتأكد من القوى في العامل الذاتي والعامل الموضوعي مع قناعتنا وثقتنا برأي الشعب الكردي في ما بعد الاستفتاء.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.