اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

شميران مروكل تحصل على شهادة معهد الفنون الجميلة بدرجة امتياز// انتصار الميالي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

شميران مروكل تحصل على شهادة معهد الفنون الجميلة بدرجة امتياز

انتصار الميالي

 

بعد خمس سنوات من الدراسة تحصل شميران مروكل على شهادة معهد الفنون الجميلة بدرجة امتياز باختصاص الرسم في القسم التشكيلي وبمعدل 91، خمس سنوات لم تخلو من الصعوبات والتحديات الكثيرة، بدأت بالتقديم للدراسة في الوقت شبه الضائع عندما اخبرنا ابن الجيران ألبرت بأن غدا الأربعاء سيكون أخر يوم في التقديم ترددت كثيراً بعدها لملمت الأوراق الثبوتية المتوفرة وحملت نفسي للسفر الى بغداد علّي احصل على فرصتي في أكمال الدراسة وفي المجال الذي أحببته لنفسي وهو الرسم، وتوجهت الى مقر رابطة المرأة العراقية، المنظمة التي من خلالها دخلت عالم الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق المرأة والطفل يملئني بريق من الأمل وسط تشجيع الصديقات والأصدقاء والرفاق المقربين من حولي ومضيت انا والزميلة نضال توما التي تطوعت لمرافقتي نحو المعهد لكي أجرب حظي في التقديم، كان كل شيء مربك ونحن ننتظر مجيء الكادر الاداري للمعهد، كنت أفضل الموجودين من حيث الاستعداد النفسي لمواجهة مصيري وساعدت البعض في الإجابة على بعض استفساراتهن بشأن الأوراق المطلوبة وجاء دوري في التقديم  وقدمت أوراقي بعد انتظار يملئه القلق، كان تنقصني بعض الوثائق التي تتطلب مني العودة الى محافظة النجف لإكمالها، وأتممت استمارة التقديم وبقية الأمور والإجراءات حتى العودة في الأسبوع القادم لغرض الاختبار.

وبعد مرور أسبوع عدت الى بغداد وساعدني في الوصول الى معهد الفنون الجميلة المسائي للبنات ابن الجيران ادوارد الذي تحمل معي مشقة الطريق والازدحامات لغرض أجراء المقابلة والاختبار وتم الاختبار وكان الكادر المشرف فرحا ومتفائلا بإمكانياتي في الرسم، لكن هناك مشكلة وهي ان المقابلة ستؤجل الى الأسبوع الذي يليه وهذا سيكلفني مخاطر السفر والطريق قبل المال، فتشجعت وتحدثت الى احد الأساتذة الذي كان وقورا وفي خصاله التربوية ماجعلني أتحدث إليه والذي علمت بعدها انه الأستاذ ناصر خانة رئيس القسم آنذاك ،وأخبرته انني من محافظة خارج بغداد ولا استطيع السفر فترات متكررة فقال لي انتظري قد نجد عددا يمكننا من خلاله اجراء صف للمقابلة وفعلا وبعد ساعة تم اجراء المقابلة عندما توفر العدد الكافي من المتقدمات للدراسة من اللواتي أكملن كافة إجراءات التقديم والاختبار، وها انا اجتاز المرحلة الأساسية في التقديم وبعد مرور أسبوعين علمت بأنني على رأس قائمة المقبولين للدراسة في القسم التشكيلي فرحت كثيرا، وأصبح الأمر واقعا حقيقيا وأنني مقبلة على حياة جديدة حياة مختلفة وسط التزاماتي العديدة حياة أخرى تستحق المضي قدما.

لم تتوانى شميران مروكل عن تشجيعي واحتضاني منذ اللحظات الأولى التي سبقت التقديم والقبول في الدراسة وتكفلت بإقامتي وتوفير الأمان لي وفتحت لي بيتها وجعلتني واحدة من أسرتها الكبيرة العابرة للطوائف والمسميات الضيقة كانت الأسرة والوطن، لم اشعر يوما بما يسمى (الهوم سك) بل ألفت الحياة معها وشعرت بالانتماء لهذه العائلة الأصيلة التي لم تبخل علي بكل شيء حتى أنهم أطلقوا علي اسم انتصار البيلاتية نسبة إلى لقب العائلة البيلاتي، كانوا عائلتي الثانية التي نسيت معهم معنى الغربة والابتعاد عن الأهل، عشت معهم الفرح والحزن والنجاح وكل الظروف التي تمر بها البلاد، كان الاستعداد للعام الدراسي الأول أكثر تعقيدا من حيث توفير المستلزمات والزي المدرسي الذي رافقتني في تجهيزاته العزيزة صوفي تلك الصديقة الحنون الصامتة والتي لم تقصر في مساعدتي ببداية مشواري الدراسي، ومضى العام الدراسي الأول بكل صعوباته ومشقاته وهمومه والتي كان أسوأها خطوط النقل وكيف تعاني حتى تحصل على سائق يمكنه ان يكون صادقا وأمينا على سلامة الطالبات قادرا على تحمل صعوبات الطريق معهن، لم استطع الاستمرار مع الخط الأول بسبب جشعه وحبه للمال قبل انعدام حرصه على من ينقلهم وهنا لاأنسى موقف الرفيق احمد جويعد الذي تحمل نقلي الى المعهد طول الشهرين الاخيريين من العام الدراسي الأول والذي اجتزته بتفوق عالٍ، تلاها العام الدراسي الثاني والثالث وإيثار الرفيق ابونبيل الذي تحمل نقلنا انا وزميلاتي طوال عامين متتاليين رغم الازدحامات والأوضاع الأمنية والأمطار وغرق بغداد وكل الصعوبات اليومية فقد كان أمينا مخلصا معنا كبناته وأخواته، كنت في الأعوام الثلاث احصل على درجة الأولى في قسمي الدراسي وكنت فرحة بتقدمي في الدراسة الى جانب جهدي المتواصل في العمل الانساني ودفاعي المستمر عن حقوق المرأة والمشاركة في الحركات الاحتجاجية والمطلبية، ومضيت في طريق أكمال مشواري الذي لم يخلو من الدور المميز الذي تلعبه شميران مروكل وهي تمنحني كل الحياة الآمنة حتى أكمل دراستي وبتفوق وكانت في كل عام تهددني كأم تحرص على مستقبل بناتها، بأنها لن تقبل بنجاح دون درجة عالية وكنت اخجل ان اخذلها نظرا لالتزاماتي الكثيرة في الدفاع عن حقوق الانسان وقضايا المرأة والصحافة وهموم الناس والبلد التي لاتنتهي.

العام الدراسي الرابع والخامس كانا عامي التخصص في مجال الرسم وعامي المواجهة مع منظومة الفساد في المؤسسة التربوية والتخبط والأوامر التي لاتخدم التعليم وتبتعد عن معايير التطور، لم أتنصل فيها عن دوري في محاربة الفساد وتوعية زميلاتي بعدم السكوت على الخطأ لأن مردوده سيكون على حساب المعهد وتاريخه الطويل وعلى الأجيال القادمة، كانت التداعيات كثيرة من جلسات تحقيق ومحاسبة وتهديد وترهيب ووعيد لكنني لم أتهاون عن رسالتي في محاربة الفساد ولم أهمل دراستي، كنت أضاعف جهدي كي أتصدى لكل الممارسات التي تحاول ان تعيق مسيرتي الدراسية وهاهي السنوات الخمس مرت كحكايات بلدي اليومية رغم صعوباتها ومرارتها وحلاوتها، لا يمكنني ان أنسى أساتذتي ودورهم في صقل مواهبنا وأستاذاتي اللواتي كن مهنيات في عملهن، ولن أنسى تشجيع أسرة البيلاتي واهتمامهم الكبير وأولهم الأم والإنسانة شميران التي منحتني فرصة العمر والعم خوشابا سولاقا الذي كان يواصل تشجيعي وتسميتي (جيزكا) أي (الشرارة) وعائلة صديقتي رجاء ضاحي العبيدي التي كانت زميلة دراستي وأختي القريبة جدا والزميلة ميادة تلك الإنسانة الملاك التي ورغم صغر سنها كانت أنموذج للفتاة الشابة الواعية والصبورة والمصممة المبدعة، لن أنسى عائلة العزيزة نضال توما ومواقفها النبيلة وعائلتي الثالثة في رابطة المرأة العراقية المتمثلة بزميلاتي العزيزات جميعاً دون استثناء، والبيت الكبير الحزب الشيوعي العراقي وكل الرفيقات والرفاق الذين كنت أرى فرحهم وتشجيعهم المتواصل لي، لن أنسى الروح التي كانت تسكنني وترافقني في كل خطوة وتحرص على منحي المزيد من القوة والإصرار، ولا يفوتني الأخ (محمد) آخر سائق كان معنا طوال العاميين الأخيرين من سنوات المعهد والذي تحمل معنا مخاطر الطريق وسوء الأوضاع الأمنية والتحقيقات ومشاكل المسؤولين، وزميلاتي في القسم التشكيلي والأقسام الأخرى اللواتي ورغم قيود الزمن التي فرضت على المرأة العراقية كن جميلات بطيبتهن العراقية الأصيلة، لم اشعر معهن يوماً بالطائفية التي يفوح بها متنفذي السلطة وأذنابهم وأبواقهم الرخيصة.

وانا اطوي مرحلة مهمة من حياتي اختلط فيها الفرح بالنجاح والحزن لفراق زميلاتي مع الشوق لبناية المعهد التي تحتاج الى الكثير من الاهتمام والديمومة لتواصل احتضان الأجيال القادمة والتي استطاعت ان تحتضننا طوال خمس سنوات، المعهد الذي حاولنا قدر استطاعتنا بالتبرعات مرة وبالتطوع مرة للاهتمام به وتحسين أوضاعه من حيث توفير بعض المستلزمات وتصليح الكهرباء وتجميل المظهر، ها هي السنوات الخمس تنطوي وانا احمل منها العديد من الصور والذكريات التي لن تتكرر.

 

اشكر كل الذين قاموا على تشجيعي وعملوا على مساندتي والوقوف معي طوال الخمس سنوات الماضية والى أسرتي أمي وأبي وأخوتي الذين منحوني الفرصة في تقرير مصيري واختيار الدراسة التي أحبها، والشكر إلى الأرواح التي رحلت وتركت ذكرى طيبة لا يمكن ان تنسيني مؤازرتهم لي لأكمل الدراسة، والشكر الكبير الكبير للعزيزة شميران مروكل التي تستحق ان امنحها شهادة تخرجي من معهد الفنون الجميلة المسائي للبنات وبدرجة امتياز، نعم انا درست وكافحت وتحملت كل التحديات والصعوبات التي واجهتني لكنني لولا وجودها بجانبي ومساندتها العظيمة لي لما استطعت من أكمال مشواري ونيل هذه الشهادة وبتفوق، لقد كنت احمل الارادة الكافية والكثير من الصبر والإصرار، إلا أن وجود شميران مروكل كان هو المحور الأساسي في مسيرتي الدراسية، نعم لقد كنت نعمَّ الأم والوطن بدرجة امتياز.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.