كـتـاب ألموقع

الأمية المنتشرة بين الفتيات في العراق.. ريف الكوت أنموذجاً// انتصار الميالي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

انتصار الميالي

 

عرض صفحة الكاتبة

الأمية المنتشرة بين الفتيات في العراق.. ريف الكوت أنموذجاً

انتصار الميالي

 

تؤكد مؤشرات التعليم للجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط إن“عدد تاركي المدارس الابتدائية تجاوز 131 ألف و649 تلميذ وتلميذة في نهاية 2018  في جميع محافظات العراق، عدا إقليم كردستان، وتشكل الإناث 47,5 في المائة من نسبة المتسربين، رغم تمسك البنات المعهود بمقاعد الدراسة، خلافا للذكور الراغبين في الإفلات من الالتزام بالقوانين المدرسية”.

 

ولو بحثنا في الأسباب الرئيسية لترك الفتيات التعليم أو حرمانهن منه، لوجدنا إن هناك أسباب اقتصادية واجتماعية تتعلق بالأسرة كالفقر وضعف الإمكانيات المادية والعادات والتقاليد والتمييز بين الجنسين، وأسباب تربوية مرتبطة بالإهمال الحكومي وتدهور القطاع التربوي والتعليمي وأسباب قانونية تتعلق بضعف تطبيق إلزامية التعليم العراقي وانعدام البرامج التي تساهم في تذليل كافة المعوقات.

 

لمعرفة تفاصيل بيانات الوزارة التي أشارت بوضوح الى ان ترك التعليم منتشر بين الإناث أكثر من الأولاد، توجهت إلى قضاء الحي في محافظة واسط بغية التعرّف على الأسباب التي تؤدي الى ترك مقاعد الدراسة وأسباب التي دفعت بهن خارج المدرسة أو حرمانهن منها.

 

تركت (و.ك ) مواليد 1981، الدراسة بسبب عمل والدتها في البيع والشراء لإعالة الأسرة وجميع أخوتها الذكور حيث يستمرون في مدارسهم ولم يتركو التعليم. أجبرت(و.ك) على ترك الدراسة لتأخذ مكان والدتها في عمل المنزل، ولازالت تحلم في أكمال دراستها والحصول على شهادة وعمل يجعلها متمكنة ومستقلة اقتصادياً. أما (غ. و) مواليد 1996، فأجبرت على ترك المدرسة بعمر مبكر بسبب العادات والتقاليد، ومن ثم تم تزويجها في سن 16 وتتمنى لو إن الظروف كانت أفضل لتستطيع أكمال دراستها. تركت (أ.ع ) مواليد 1986، الدراسة بعد قبولها في جامعة الرمادي كلية التربية ، لكن منعتها العائلة من مواصلة الدراسة خارج المحافظة "تزوجت بتأثير من العائلة، وحتى اليوم اشعر بالندم بسبب هذا الموضوع لضياع مستقبلي الذي كنت احلم به". وهناك الى جانب ذلك فتيات لم يدخلن المدرسة نهائياً مثل (ر.ع) وهي من أسرة فقيرة، لم تدخل الى المدرسة مع شقيقاتها الثلاث بسبب أحوال الأسرة الاقتصادية المعدومة.

 

تقول التربوية سناء تركي وهي معلمة في إحدى المدارس قرية (العلكاية): تعود أسباب انتشار الأمية في محافظة واسط وفي ريفها تحديداً،الى الأعراف العشائرية والتقاليد التي تجعل الأهل يرفضون ذهاب بناتهم إلى المدارس ويتم تزويجهن في عمر مبكر من الأقارب. وتشكل قلة المدارس وبعدها عن أماكن السكن والمدارس المختلطة في الريف سبب آخر من تلك التي تحول دون مواصلة التعليم بين الفتيات. ويضاف الى ذلك عدم وجود صفوف وكوادر خاصة بمحو الأمية، علماً أن نسبة الأمية وغالبيتها بين الفتيات في ريف المحافظة، تصل الى 45%.

 

ان حرمان الفتيات من التعليم يعود من جانب آخر الى تداخل الصلاحيات بين مديرية التربية والمحافظة ولجنة التربية والتعليم في مجلس النواب، وذلك بسبب ضعف اصدار الأوامر والقرارات الإدارية فيما يتعلق ببناء مدارس حديثة أو توفير كوادر تدريسية أو توزيع التجهيزات المدرسية. ان التعليم في أبنية طينية أو مدارس الكرفانات ناهيك عن قلة التجهيزات المدرسية، الذي يشكل كل ذلك عبئاً على الأهالي لشراء مستلزمات الدراسة للفتيات، ويحرمن تالياً من إكمال مرحلة الابتدائية، أو الاستمرار بالتعليم الثانوي من قبل العوائل بسبب عدم وجود مدارس ثانوية خاصة بالبنات في الأرياف.وهذا سبب آخر من أسباب منع البنات من مواصلة التعليم حيث لا تقبل العائلات ذهاب الفتيات لإكمال مرحلة الأعدادية خارج القرى .

تحت وطأة العوز والحرمان والعادات والتقاليد والإهمال الحكومي تفقد الفتيات الريفيات في العراق حقهن في التعليم والذي يعتبر هدر للطاقة البشرية، إذ يتطلب الإسراع في وضع الكثير من الخطط والمعالجات التي تساهم في انتشال الفتيات من الضياع بسبب عدم تمتعهن بحقهن في التعليم. ويعد حرمان الفتيات من التعليم خطرا يهدد العملية التعليمية في العراق ومستقبل الفتيات في المناطق الريفية والفقيرة تحديداً، ذلك انه يزيد من معدلات الأمية والجهل بالإضافة إلى انتشار ظواهر أكثر خطورة مثل زواج القاصرات وكثرة المشاكل الاجتماعية التي يسببها العنف والحرمان والتمييز داخل الأسرة، مما يخلف الكثير من الآثار السلبية ( النفسية والصحية ) على حياة الفتيات.

 

*كتبت هذه القصة ضمن مشروع لمنظمة أنترنيوز لتدريب الصحفيين حول كتابة وإنتاج القصص الصحفية عن القضايا الحساسة المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) في العراق.