اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثقوب سوداء فوق العراق -//- د. يوسف شيت

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

ثقوب سوداء فوق العراق

د. يوسف شيت

الثقوب السوداء,كما هو معروف,مادة تشكل غالبية الكون وذات جاذبية قوية ,بحيث تجذب كلّ شيئ,حتى الفوتونات الضوئية رغم سرعتها الهائلة . لذلك فهذه الثقوب تحجب عنا وحتى عن علماء الفضاء الأشعة الآتية من الكثير من النجوم , وتصرفها هذا ليس ديمقراطيا , فهي تريد إلتهام كلّ شيئ , مثل أي رأسمالي عندنا أو في أي نظام رأسمالي "ديمقراطي" وما أكثرها عندما يجذب الرأسماليون أموال الشعب وفق دستور بصمه الشعب بالعشرة ! والذي يحاول التغيير , ولو جزئيا , حتى ولو كان رأسماليا ,أي يمسّ الربح المقدّس , فمصيره الهلاك ! مثلا , وليس حصرا , حاول الرئيس الأمريكي المغدور جون كندي أن ينظر الى النجوم بشكل آخر ربما يستطيع تحرير جزء من ضوئها من شرّ الثقب الأسود  . ولكن بقدرة قادر إلتهمه الثقب الأسود في تمّوز 1963 . وعندما ترشّح أخاه روبرت كندي  عن الحزب الديمقراطي , وكان فوزه مؤكّد , وحلف بإنّه سيجد قاتل الرئيس كندي ويسير بنفس الطريق , فكان مصيره أن إلتهمه الثقب الأسود الأمريكي , وحرمّ الشعب الأمريكي من رؤية ما هو أكثر مكتوب لهم في الدستور . وحتى في السويد , أغتيل رئيس وزرائها أولوف بالما في شباط عام 1986 , وكان رئيسا للحزب الإشتراكي الديمقراطي ومن المعارضين المعروفين للحرب العدوانية الأمريكية على فيتنام عندما كان وزيرا لخارجية السويد بين 1969-1976  ولا يزال التحقيق جاريا , رغم معرفة مرتكبي الجريمة . وكذلك أغتيلت وزيرة الخارجية السويدية السيدة أنّا ليند في سبتمبر عام 2003 طعنا بالسكين, حينها كان اليسار السويدي في الحكم  الذي عارض التدخل العسكري الأمريكي الى العراق . وجاء إغتيال الوزيرة بعد تلبية دعوتها من قبل المنظمات والأحزاب الديمقراطية العراقية وألقت خطابا في الجالية العراقية وبحضور المواطنين السويديين في مدينة مالمو عكست سياسة حكومتها المناهضة للحرب ضدّ العراق . وقبل وفاتها بقليل قالت : "إنه إغتيال سياسي". هكذا إلتهمها هي الأخرى ثقب أسود أجنبي .

أمّا في العراق , وبما أنّ الثقب الأسود أعيد تشكيله في 2003 وأصبح عدّة ثقوب , شابة وعمّدها بريمر بأسماء معروفة , فهذا شيعي وهذا سنّي وهذا كردي وهذا عربي وهذا مسلم وهذا مسيحي ووو , و أخذت تلتهم كلّ شيئ وبسرعة كبيرة تختلف عن نظيراتها فوق دول الأخرى , لكي تسمن وتستطيع المقارعة فيما بينها بدون أن تعير للدستور أية أهمية . لقد حجبت هذه الثقوب عن العراق حتى بصيص نجم بعيد, وحجبت عنه حتى المال , ولو لشراء ناظور ليتطلّع إلى هذا البصيص .

إنّ التكالب على سرقة المال العام أصبح لايطاق . ًصحيح إنّ لإعلام العراقي , وأحيانا الأجنبي ,يشير الى بعض السرقات ولكن بدون الغوص في الأعماق , بإستثناء قناة البغدادية التي يتحدث فيها الشهود على شاشتها بوثائق وبأرقام مرعبة تدمي القلوب , لا لشيئ , بل لكون الملايين من العراقيين يعيشون حالة فقر مدقع في مدن وقرى ذات بيئة ملوثّة لاتتوفر فيها الشروط الصحية وخدماتها سيئة , حتى لو توفّرت .

بعد أن أعلن عن موعد إنتخاب مجالس المحافظات , وبعدها بأشهر ياتي موعد الإنتخابات البرلمانية , إشتدت المنافسة الغير الشريفة بين أقطاب الحكم المؤيدين والمعارضين , وربما هذا مصطلح غريب , فهو في الحكم وهو معارض , ويحاول المعارض الزعل والجلوس خارج الحكومة لتبادر الحكومة الى تهميشه  لتبدأ جولة جديدة من السب والشتائم في السرّ والعلن , وخاصة في أروقة مجلس النوّاب , وتبادل الإتهامات حول من يرعى الإرهاب ومن يسعى لتنفيذ أجندات خارجية  , ولكن الملفت للنظر فإنّ المتخاصمين لايثيرون قضايا السرقات , فأيّ إتفاق هذا غير متفق عليه وغير شريف!

وما أن بدأت مطالبة الناس بحقوقهم في الخدمات والتعيين ورفع المظالم , حتى هرعت الكتل "المعارضة- المشاركة في دفة الحكم " وعصابات القاعدة والبعث الى الدخول بينها ورفع شعارات سياسية وإستفزازية وعلم النظام السابق لإعطاء التظاهر طابعا طائفيا. وبدلا من قيام الحكومة بدور إيجابي في تلقي المطاليب المشروعة ووضع حلول لها ,حتى بادرت الى قذف الإتهامات يمينا وشمالا . وليس هذا فقط بل قام حزب رئيس الوزراء ومن يقف معه بإخراج مظاهرات طائفية معادية ومؤيدة للحكومة , حتى أصبح الوضع السياسي أكثر تعقيدا وفات أوان الحل المعقول وظهرت من جديد بوادر حرب أهلية والتي جاءت على لسان بعض قادة المظاهرات من أصحاب المحاصصة الطائفية قابلتها تهديدات من الطرف الآخر . فأين منطق العقل في هذا؟

وكلما إقترب موعد الإنتخابات , كلما زادت المهاترات والسب والشتم بالسرّ والعلن , وخاصة في أروقة البرلمان الذي تشرّع تحت قبّته القوانين العراقية!!! والأخطر من ذلك بدأت حملة الإغتيالات بين المرشحين , يا لها من إنتخابات ديقراطية!!!

كلّ هذا يحدث والإرهاب يعصف بأرواح الناس بدون رحمة , والكتل الحاكمة منشغلة في الحملة الإنتخابية , ويظهر مرشحيها على شاشات الفضائيات المدفوعة الثمن الباهض من حكّام مجالس المحافضات لتبرئة أنفسهم من الفشل في تنفيذ الوعود الإنتخابية السابقة بحجة عدم تعاون الحكومة المركزية وقلة الصلاحيات , وتبادل الإتهامات في التقصير بالعمل داخل المحافظة الواحدة . وكلّ ما يرونه هو عبارة عن كعكة يتسابقون للوصول إليها بكل وسيلة . فهم يتسابقون لإعادة إنتاج الفساد والإرهاب والفشل . فأي أناس أنتم وما هي عجينتكم ؟ هذا هو الوجه المعتم للعراق .

أمّا الوجه المضيئ هو إدراك الجماهير لخطورة الوضع الذي نسجه الحكّام , وهي تنظر الى ضرورة التغيير بعد أن تغيّرت آرائها في طريقة إدارة البلد . ولكن , وفي كلّ الأحوال تحتاج الناس الى آلية فعالة لإحداث التغيير لتصل الى النّور تدريجيا وتتخلّص من الثقب الأسود الجاثم على صدرها .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.